"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

25‏/5‏/2011

سينثيا ماكيني من ليبيا: "التدخل الإنساني" لصواريخ كروز!

هذه المرأة الشجاعة سينثيا ماكيني، عضوة الكونغرس السابقة (1993-2003) ذهبت الى ليبيا لإبداء اعتراضها على قصف الناتو "الرحيم" لمدينة طرابلس. كنا في الغار قد أشرنا هنا الى موقفها الشجاع أمام دونالد رامسفيلد حين سألته عن سبب تجديد عقود شركة داينكورب المتهمة بالتجارة بالنساء والأطفال.

بقلم سنثيا ماكيني Cynthia McKinney

ترجمة عشتار العراقية

عندما كنت في لجنة العلاقات الدولية لمجلس النواب من 1993 الى 2003 اصبح من الواضح لي ان منظمة الناتو (منظمة معاهدة شمال الاطلسي) هي منظمة خارج زمانها الصحيح. تأسست في 1945 عند نهاية الحرب العالمية الثانية، من قبل الولايات المتحدة ردا على الاتحاد السوفيتي كدولة شيوعية. كان الناتو الضمانة الامريكية لاستمرار الهيمنة الرأسمالية على اقتصاديات اوربا وآسيا وأفريقيا. كما كان الضمانة لاستمرار سياسات الابرتهايد العالمية.

الناتو هو حلف أمني جماعي تتعهد دوله الأعضاء ان اي اعتداء على دولة منه يعني عدوانا على جميع الاعضاء. كان رد فعل  الاتحاد السوفيتي انشاء حلف وارشو الذي يشكل حاجزا حديديا لحماية الاتحاد السوفيتي اذا هاجمه او احدى الدول السائرة في فلكه حلف الناتو. وهكذا انقسم العالم الى كتل تسببت في (الحرب الباردة)

هؤلاء (المحاربون الباردون) مازالوا ينظرون الى العالم في هذا  الإطار ، لايستطيعون تجاوز (الصين الشيوعية) و (الامبراطورية السوفيتية مقطعة الاوصال) كأعداء للولايات المتحدة ينبغي مجابهة تحركاتهم في اي مكان في العالم. وكان انهيار الاتحاد السوفيتي فرصة لبسط الهيمنة الامريكية على المناطق التي كانت تقع تحت التأثير الروسي.

مع هذه الخلفية ، كانت ضربات صواريخ الناتو على طرابلس ليلة امس غير مفهومة. طرابلس  منطقة مدنية يسكنها حوالي 2 مليون من البشر ، وقد قصفت امس من 22 - 25 مرة في الليلة الفائتة، مما تسبب في اهتزاز أساسات الفندق الذي أقيم فيه وتناثر زجاج نوافذه.
 
تركت غرفتي في فندق ريكسيس النصر وتمشيت خارجه وانا اشم رائحة القنابل المتفجرة. كان هناك مواطنون في كل مكان يختلطون بالصحفيين الاجانب من كل انحاء العالم. ونحن نقف كان هناك المزيد من الغارات على المدينة . تحولت زرقة السماء الى ومضات حمراء مع انفجارات صواريخ الناتو. كنت استطيع تذوق الغبار الكثيف الذي حركته القنابل المتفجرة. جال في خاطري فورا قذائف اليورانيوم التي قيل انها استخدمت هنا مع الفوسفور الأبيض. ماهو ياترى تأثير ذلك على السكان المدنيين؟

هرولت من الفندق نساء يحملن اطفالا وانشغل آخرون في غسيل الغبار عن اعينهم، ومع اصوات صفارات الانذار ، وسيارات الاسعاف ، انطلقت ابواق سيارات يعبر اصحابها عن تحديهم للقنابل. لعلعت دفقات من اطلاقات البنادق في كل مكان حولي. واذاعت قناة يورونيوز لقطات من المستشفيات الليبية والممرضات والاطباء ينشدون تحديا حتى وهم يعالجون المصابين في آخر حملات الصدمة والرعب التي يطلقها الناتو. فجأة امتلأت الشوارع حول الفندق بالجموع الهادرة بالهتافات . لا استطيع ان اعرف عدد من كان راجلا او راكبا. داخل الفندق تقدمت مني امرأة ليبية تحمل طفلا وسألتني : لماذا يفعلون ذلك بنا؟
 

مهما كانت الأهداف العسكرية من ذلك  الهجوم (وانا والكثير مثلي يتساءلون عن القيمة العسكرية لهذه الهجمات) فإن الحقيقة تظل ان الهجمات الجوية تشن ضد مدينة رئيسية مليئة بمئات الالاف من المدنيين.
 
كما تساءلت ايضا اذا كان اي من السياسيين الذين صادقوا على الهجمات الجوية هذه قد كانوا في يوم من الايام في الطرف المتلقي للقنابل الموجهة بالليزر والحاملة لليورانيوم المنضب؟ هل شاهدوا مرة الدمار الذي تخلفه هذه الأسلحة على المدينة وسكانها؟ ربما لو كانوا هناك لما سمحوا بمثل هذه الهجمات على السكان المدنيين.

أنا على يقين من ان الناتو لن يكون بهذا الاستهتار بالحياة الانسانية لو كان الهجوم على مدينة غربية كبيرة . وبالتأكيد انا على يقين انهم لن يهاجموا المدن الغربية. الناتو (مثل امريكا وحلفائها) لايهاجم الا الفقراء والعالم الثالث.
 
شعرت بالرعب لعلمي ان حلفاء الناتو (الثوار) في ليبيا قد قاموا بشنق وذبح مواطنين ليبيين سمر البشرة لأن الاعلام الامريكي وصفهم بأنهم (مرتزقة سود) جلبوا من أفريقيا. الآن اخبروني ، من فضلكم اخبروني. كيف يمكنكم انتزاع السود من أفريقيا؟ تقول الصحافة ان الأمريكان شعروا بالمفاجأة لرؤية اناس سود البشرة في أفريقيا !!

من سيكون مسؤولا عن الارواح التي ازهقت في حمام الدم هذا لمواطنين ليبيين سمر الوجوه؟

وهذا يعيدني الى سؤال تلك السيدة : لماذا يفعلون هذا بنا؟ بصراحة لم استطع ان اقدم لها جوابا شافيا. لماذا؟

مانعلمه واضح تماما: ما خبرته الليلة الماضية لم يكن (تدخلا انسانيا) .

البعض يقولون ان السبب هو النفط. اعتبرني كثيرة الشك ولكن علي ان اتساءل لماذا هذه الحملة البحرية والبرية والجوية للناتو والولايات  المتحدة والتي تكلف بلايين الدولارات ضد دولة صغيرة نسبيا من دول شمال افريقيا ، وعلينا ان نصدق ان كل هذا دفاع عن الديمقراطية ؟

مارأيته من طوابير للحصول على الوقود ليس "تدخلا انسانيا" ، حظر شراء الدواء للمستشفيات ليس "تدخلا انسانيا" . اكثر شيء يثير الحزن هو اني لا استطيع ان اقدم تفسيرا مقنعا حول سبب ارعاب الناس بقنابل الناتو ولكن من الواضح الان ان الناتو قد تجاوز خطوط تفويضه وكذب حول نواياه وهو مذنب بجريمة القتل العشوائي .. كل ذلك باسم "التدخل الانساني". أين الكونغرس والرئيس يتجاوز سلطاته في شن الحروب؟ أين  "ضمير الكونغرس"؟

 لإولئك الذين يعارضون تحذير ديك تشيني للاستعداد لحرب خلال الجيل القادم، أرجوكم ساندوا اي شخص يوقف هذا الجنون. ارجوكم تنظموا وصوتوا للسلام . يحتاج الناس حول العالم ان يقفوا وقفة واحدة ويعلنوا رفضهم . الليبيون لا يحتاجون الى مدافع سمتيات الناتو ولا قنابه الذكية ولا صواريخ كروز ولا اليورانيوم المنضب حتى يسووا خلافاتهم. نحتاج الى فضح   "التدخل الانساني" في شمس الحقيقة الساطعة.

اوقفوا قصف أفريقيا وفقراء العالم.

+++

يمكن التواصل مع سينثيا على بريدها الألكتروني hq2600@gmail.com ، أنا شخصيا سوف أبعث اليها هذه الترجمة وأساندها في موقفها، وأتمنى أن يكتب لها أصدقاء الغار على سبيل الدعم. إن الوقوف ضد العدوان الخارجي ليس بالضرورة تأييدا للقذافي، وموقفي واضح  عبرت عنه هنا وهو انه قد حان أوان مغادرته العرش بعد 40 سنة، وفسح المجال أمام رؤى وآفاق جديدة تصنعها أجيال ليبيا الشابة، ولكن (الثورة) فقدت شرعيتها لدى استعانتها بالناتو وبكل مخابرات الغرب ضد بلادهم. نفس الدور الذي قام به (ثوار البنتاغون) الذين يحكمون العراق  الآن. كان نتيجة جريمة خيانتهم هو تشرذم العراق واختفاؤه من الخارطة العربية، وإذلال شعبه وإفقارهم وتسليم مقدراتهم لقراصنة الغرب الإستعماري.

بعض ما نشر في الغار عن (ثورة ليبيا) :

هنا - هنا - هنا - هنا -هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا -هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا - هنا -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق