"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

9‏/6‏/2010

هل دمرت امريكا العراق لحماية ايران ؟ - 3

الجزء الأول
الجزء الثاني

الراس المدبر: زلماي خليل زاد

ترجمة : عشتار العراقية
اذا اردت ان ترى كيف تعمل السياسة الامريكية ، اتبع مسيرة زلماي خليل زاد لأنه احد معماريها الرئيسيين. اليكم تسلسل الاحداث:
1988
ايران تخرج من الحرب العراقية الايرانية مهيضة الجناحين واسوأ من حال العراق حتى انها توافق الى وقف اطلاق النار وكان زلماي خليلزاد في حينها "مسؤول مكتب تخطيط السياسة التابع لوزارة الخارجية الامريكية" حينها كتب ورقة للرئيس القادم بوش الاب يدعو فيها الى (تقوية ايران واحتواء العراق) .
1989
ينشر زلماي مقالة في لوس انجيلس تايمز بعنوان "مستقبل ايران كقطعة شطرنج او قوة في الخليج" يقول فيها مايلي :
"لقد دمر العراق الايرانيين في نهاية الحرب وقد أسروا حوالي نصف الدبابات الايرانية والاسلحة والمدفعية وقد اجبر النصر العراقي ايران على تقبل وقف اطلاق النار الذي قارنه خميني بتجرع السم. العراق الآن قوة مهيمنة ولديه 45 فرقة عركتها الحرب مقابل 12 فرقة ايرانية كما ان لديها نسبة اكبر من الدبابات والطائرات . طهران تبحث عن طرق للتغلب على نقصها الاستراتيجي والحصول على درجة من الحماية ضد العراق. ان المزيد من الضعف الايراني لن يكون عامل استقرار ولكنه سيزيد من هيمنة العراق على الخليج مما يجعل ايران اكثر عرضة للتأثير السوفيتي. ومن الواضح ان خليلزاد يفضل ان تكون ايران هي القوة الكبرى في الخليج وليس مجرد قطعة شطرنج ومن الواضح انه لم يكن يحب ان يكون العراق قويا بازاء ايران.
1990
يصبح خليلزاد مساعدا لوزير الدفاع لشؤون التخطيط السياسي وهو منصب سوف يشغله الى 1992 ، وهذا يعني انه كان في عام 1991 في ذات المنصب وهي السنة التي شنت في امريكا الحرب على العراق.
1991- حرب الخليج
امريكا تدمر البنى التحتية العراقية العسكرية والمدنية ثم تفرض حصارا شاملا مات فيه نصف مليون طفل (اكثر ممن مات في هيروشيما) وكان هذا اكبر من جرم العراق (غزو دويلة الكويت) وحتى لو قبلنا بالقصة الرسمية حول ما حدث ولكن ماذا كانت النتيجة من الناحية الجيوبولتيكية ؟ كانت امريكا (تقوي ايران وتحتوي العراق) بالضبط كما نصح خليلزاد.
1992
في مقالة افتتاحية في الواشنطن بوست بعنوان (سلحوا أهل البوسنة) كتب خليلزاد يقول بانه ينبغي تسليح مسلمي البوسنة وان الستراتيجية الافغانية - الاعتماد على الدول الاسلامية لتسليح وتدريب المجاهدين ينبغي ان تتبع هنا. وقد فعلت الولايات المتحدة بالضبط هذا الذي اقترحه. وكما بين تحقيق اجرته حكومة هولندة فإن المخابرات العسكرية الامريكية نسقت مع ايران لاستيراد الاف من المجاهدين الاجانب الى البوسنة وقد حارب هؤلاء دفاعا عن مسلمي البوسنة .
2003
تعاونت ايران بشدة مع الغزو الامريكي للعراق (في نفس الوقت الذي كانت تكيل الاتهامات للامريكان لصرف الانتباه) وقد اتخذت امريكا الاجراء العسكري في غزو العراق لتقوية النظام الايراني . وكان الشخص المسؤول عن العمليات الامريكية في العراق وافغانستان هو خليل زاد.
2005
زلماي خليلزاد وهو الان السفير الامريكي في العراق يدعو الى انسحاب القوات الامريكية في السنة التالية حتى وهو يلاحظ النفوذ الايراني كما وصفه "يعمل على تحقيق هدفه طويل الامد لتأسيس هيمنة اقليمية"
هل ترى ايها القاريء مما جاء اعلاه اي تضارب في السياسة الداعمة لايران ؟ وانا ايضا لا ارى ذلك .
اشير الى ان زبجنيو برجنسكي مستشار الامن القومي في ادارة كارتر كان مرشد خليلزاد حين كان كلاهما في هيئة تدريس جامعة كولومبيا. وكما رأينا فيما سلف أن برجنسكي هو الذي ابتكر سياسة دعم (الارهاب) الاسلامي في افغانستان 1979 وكذلك سياسة تسليح السعودية .

وهكذا فإن التحجج بأن الولايات المتحدة ليس لديها سياسة عامة لرعاية الارهاب الاسلامي في اسيا يصبح سخيفا . اضافة الى انه من الجدير الاشارة الى انه اذا كان رعاية الارهاب الاسلامي في آسيا هو سياسة امريكية فإن العراق كان اذن عائقا لتحقيقه لأنه كان دولة علمانية. وكان قوة اقليمية مؤثرة . وهكذا يمكن تفسير حرب الخليج في 1991 والاخيرة في 2003 ضد العراق على انها عملية ازالة شوكة في خاصرة ستراتيجية تشجيع الارهاب الاسلامي.

كان العراق عائقا امام سياسة امريكا في تشجيع الارهاب ولهذا شنت حرب الخليج

ذكرنا آنفا أنه في 1988 بعد حرب طويلة امتدت لثمانية اعوام خرجت ايران محطمة اقتصاديا وقد قبلت وقف اطلاق النار على مضض. في تلك السنة ، عين الجنرال نورمان شوارتسكوف الذي سيدير الحرب بعد ثلاث سنوات في 1991 ، ليرأس القيادة المركزية الامريكية او ما تسمى السينتكوم . ماهي السينتكوم ؟
ان قائد السينتكوم يشرف على كل الانشطة العسكرية الامريكية في 19 دولة في الشرق الاوسط وافريقيا والخليج العربي.
يقول ميلتون فيورست في كتابه (قصور من رمال) أن "شوارتسكوف حوّر القيادة المركزية التي اقيمت عام 1983 لمكافحة الخطر السوفيتي ، من اجل مجابهة العراقيين الان ، وقد كان مؤمنا بأن العراق هو العدو الحقيقي في المنطقة "
هل يبدو غريبا ان تحول امريكا القيادة المركزية في 1988 لاستهداف العراق؟ حيث ان سينتكوم مركز قيادة هائل جدا والاتحاد السوفيتي كان مايزال موجودا. واكثر من هذا ان السينتكوم كانت قد تأسست "لمكافحة الخطر السوفيتي" نعم ولكن الخطر السوفيتي لمن؟ الإجابة على هذا السؤال تزيل اي غموض في سبب كون العراق الهدف الجديد.

وكما اوضحت نيويورك تايمز في 1988:
"اصل السينتكوم يعود الى 1979 حين اطيح بشاه ايران واضطربت بلاده بسبب الثورة الاسلامية . من اجل توفير قدرة عسكرية لدعم سياسة الرئيس كارتر في الخليج (عام 1980) تأسست قوة النشر السريع المشتركة وكانت مقدمة للسينتكوم . كان بول كيلي هو قائدها الاول وطلب منه رسم خطط للدفاع عن ايران ضد غزو سوفيتي"- نيويورك تايمز 22 تموز 1988

من الواضح مما تقدم ان الولايات المتحدة اقامت السينتكوم بشكل واضح للدفاع عن ايران الخميني فور وصوله الى الحكم في 1979. أليس هذا يتفق مع فكرة ان الخميني كان عميلا امريكيا؟ وماذا ايضا يتفق مع هذه النظرية ؟ ان يصبح العراق الهدف الجديد للسنتكوم في 1988 فور انتصاره على ايران .
اذكركم الان عما كان على المحك في المنطقة "هل يسود النظام البعثي العراقي العلماني ؟ أم شيعية الخميني المتطرفة ؟"
اذا كان هذا هو الموجود على المحك يكون اذن دعم ايران منذ 1979 دعما لصعود الاسلاميين كقوة رئيسية سوف تهيمن على الشرق الاوسط. وهكذا حين اعادت امريكا توجيه القيادة المركزية لتحمي ايران من العراق ، كانت تحمي صعود الاسلاميين وحين دمرت امريكا العراق في 1991 كانت تحقق ذلك ايضا.
زعم البعض (بضمنهم الجنرال نفسه) ان نورمان شوارتسكوف هو الذي اتى بفكرة اعادة توجيه القيادة المركزية (سينتكوم) ضد العراق ، ولكنه كان يتبع الأوامر . لقد كان مسؤولا عن تطبيق هذه السياسة وايضا في ادارة حرب الخليج ضد العراق. ومن الواضح انه كان للجنرال عدة استخدامات فقد كان هو الذي يحضر دبلوماسيا لهذه الحرب ايضا.

  الحلقة الرابعة (هنا) - كيف أمرت الولايات المتحدة الكويت لاستفزاز العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق