"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

9‏/6‏/2010

هل دمرت امريكا العراق لحماية ايران ؟ -1

مقدمة هذا الموضوع ومعلومات عن الكاتب هنا

ترجمة عشتار العراقية

فرضية سياسة الولايات المتحدة المؤيدة للتطرف الاسلامي

يقول الكاتب ان تبادل الشتائم والفاظ الكراهية بين حكام ايران وامريكا لاينبغي ان يؤخذ على محمل الجد ففي السياسة ليس من الضروري ان تتطابق الاقوال مع الافعال. والمفروض لمعرفة اتجاهات السياسة هو مراقبة التطبيق على الأرض ولمصلحة من تصب نتائج الأفعال.

طالما ان العداوة المفترضة بين امريكا وايران تعود الى 1979 فمن المهم ان نعلم انه في الثمانينات كانت الولايات المتحدة قد خلقت ومولت حركة (الجهاد) في افغانستان والقصد منها مهاجمة الاتحاد السوفيتي الذي يحادد افغانستان. والرجل الذي اخترع هذه الستراتيجية هو زبجنيو بيرجنسكي مستشار الامن القومي في حكومة جيمي كارتر. ومؤخرا (2005) ادلى بحديث لصحيفة Le Nouvel Observateur تفاخر فيه أن خلق المجاهدين في افغانستان كان مقصودا تماما والهدف منه توليد صراع على الحدود السوفيتية . وفيما يلي مقاطع من الحوار:

الصحيفة - يقول روبرت غيتس مدير السي آي أي السابق في مذكراته : بدأت اجهزة المخابرات الامريكية قبل ستة اشهر من الغزو السوفيتي في دعم المجاهدين . في ذلك الوقت كنت المستشار القومي للرئيس كارتر ، وهكذا انت لعبت دورا في هذا الشأن . هل تؤكد هذه المقولة؟

برجنسكس : نعم حسب الرواية الرسمية ان دعم السي آي أي للمجاهدين بدأ في 1980 اي بعد غزو السوفيت لأفغانستان في 24 كانون الاول 1979 ولكن الواقع الذي ظل سرا حتى اليوم مختلف تماما : لقد بدأ الدعم في 3 تموز 1979 حين وقع الرئيس كارتر اول امر للدعم السري للمعارضة ضد النظام الموالي للسوفيت في كابل. وفي نفس اليوم كتبت مذكرة للرئيس اوضحت فيها ان هذا الدعم في نظري سيؤدي الى تدخل عسكري سوفيتي.

ويبدو ان المحاور من الصحيفة الفرنسية قد اصابه الذهول فيسأل : ولكن الا تشعر بالندم لأنك ساعدت في اعداد (ارهابيي المستقبل) بالسلاح والنصيحة ؟

برجنسكي: ماهو اهم لتاريخ العالم ؟ طالبان ام انهيار الامبراطورية السوفيتية؟ هل الاهم هو بعض الرؤوس الحارة الاسلامية او تحرير اوربا الوسطى ونهاية الحرب الباردة ؟

الصحيفة : "بعض الرؤوس الحارة" ؟ ولكن يقال الان مرارا وتكرارا ان الاصولية الاسلامية تمثل تهديدا لكل العالم ...

برجنسكي " هراء !

**

يقال ان جيمي كارتر وبرجنسكي وروبرت غيتس كانوا يحاولون اعطاء السوفيت فيتنامهم : اي صراع مضن لا يمكن ان يخرجوا منه منتصرين . الاختلاف بين السوفيت وامريكا في قضية افغانستان والفيتنام هو مايلي:

امريكا ذهبت الى فيتنام بإرادتها في حين أن الاتحاد السوفيتي لم يطلب (ارهابيين اسلاميين) على حدوده.
الشعب الفيتنامي دعم الثوار الذين حاربوا الولايات المتحدة في حين أن المعارضة الافغانية كانت مصنوعة في الخارج من قبل الولايات المتحدة
فيتنام بعيدة جدا عن امريكا في حين ان افغانستان على حدود السوفيت

إذن نجح الامريكان في خلق حركة متطرفة اسلامية على حدود السوفيت الذين خشوا ان تمتد الى جمهورياتهم الاسلامية المحاددة .

في هذه الاثناء بدأ كارتر وبرجنسكي في بناء القدرة العسكرية السعودية والتي تابعها ريغان ايضا حتى اصبحت السعودية اكبر مستفيد من مبيعات السلاح الامريكي في كل العالم . وقبل سنوات من بدء حرب الخليج في 1991 كانت السعودية قد بنت قواعد ببلايين الدولارات على المواصفات الامريكية من اجل ان يملأها في يوم قادم الجنود الأمريكان. السعودية كما هو معروف تتبع حكما اسلاميا متشددا ، فلماذا تريد الولايات المتحدة تسليحها حتى اسنانها بترسانة رهيبة من العتاد؟ وقد بدأ هذا التسليح في الايام الاخيرة لحكم شاه ايران وقبل قدوم الخميني .

اذن لدينا في عام 1979 ثلاثة احداث :

خلق ورعاية تطرف اسلامي في افغانستان
تسليح السعودية ذات الحكم الاسلامي المتشدد
مجيء الخوميني وحكومة اسلامية الى ايران

واذا كان الفعلان الأولان برعاية امريكية ، هل نستنتج ان الخوميني كان ايضا عميلا امريكيا؟

يقول جاريد اسرائيل في (موقعه ملابس الامبراطور) ان الصفوة الحاكمة الامريكية عملت بحماسة لتشجيع التطرف الاسلامي في اسيا من اجل قلقلة دول آسيا الكبيرة : روسيا والصين والهند وهي القوى الكبرى المتنافسة مع الهيمنة الامريكية . وهذه السياسة ناجحة لأن كل هذه البلدان لديها سكان مسلمون في داخلها وعلى حدودها من الجانبين . ويقول جاريد اسرائيل ان (الارهاب الاسلامي) ليس نتيجة جانبية للسياسة الخارجية الامريكية وانما هي هدفها الرئيسي.

هل هو على حق؟

كما رأينا في اعلاه ان حكام امريكا اعترفوا ان جاريد اسرائيل على حق في قضية افغانستان . لنرى ما اذا كان على حق في عموم مزاعمه ، يمكننا ان نضع فرضيته قيد الاختبار. وليس هناك اختبار افضل من النظر الى سياسة امريكا الخارجية تجاه العراق وايران . وعند تأمل هذه السياسة اما سنخرج بنتائج سخيفة ومفارقات عجيبة او سوف نستطيع تفسير كل شيء. لماذا ؟ لأن الصراع بين هذين البلدين كان ينظر اليه دائما باعتباره عنصرا حاسما لنجاح او فشل الحكومات الاسلامية في الشرق الاوسط او كما وضحها ميلتون فيورست بقوله :" الموضوع الذي على المحك هنا هو من سوف ينتصر ويسود في العراق وربما في الشرق الاوسط : بعثية صدام العلمانية (رغم قسوتها) أم تطرف شيعية الخوميني " - M.Viorst من كتابه قصور الرمال : بحث العرب عن عالم حديث" نشر في 1994

اذا كان هذا هو الذي على المحك، فإن دعم ايران منذ 1979 يعني دعم التطرف الاسلامي كقوة رئيسية يراد لها ان تسود في الشرق الاوسط. وحين اعادت الولايات المتحدة توجيه القيادة المركزية CENTCOM لحماية ايران من العراق، اذن كانت تحمي نمو التطرف لاسلامي، وحين دمرت امريكا العراق في حرب الخليج فقد كانت تحقق نفس الهدف.

الجزء الثاني (هنا) وموضوعه : كيف أرادت الولايات المتحدة من ايران ابتلاع العراق!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق