"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

28‏/8‏/2009

سر إختفاء الأمريكان الثلاثة على الحدود الإيرانية العراقية

بقلم : عشتار العراقية

سمعنا في الأخبار أن ثلاثة سياح متجولين (على الأقدام) أمريكان كانوا يمارسون هوايتهم قرب الحدود العراقية الإيرانية من جهة أحمد آوة في السليمانية، وفجأة وجدوا حراس الحدود الايرانيين يلقون القبض عليهم ويقتادونهم الى طهران.

مر هذا الخبر مرور الكرام، أولا لأن مثل هذه الأشياء تحدث في أحسن العوائل، وثانيا لأن تفجيرات بغداد غطت على هذا الحدث الصغير.
ولكن .. فجأة أثار انتباهي، أن احد هؤلاء هو نفس الصحفي شين بوير الذي ترجمت له المقالتين المنشورتين على مدونتي غار عشتار، اولهما حول صناعة شيوخ العشائر المتأمركين ، هنا (رابط للمقالة ورابط للصور الخاصة بها)


والآخر حول الفرقة القذرة التي يقودها المالكي، هنا

وهكذا بدأت في التفتيش. اتضح ان بوير هذا هو صحفي ومصور يعمل في كريستيان ساينس مونيتور وذي نيشن وصحف اخرى ويقيم منذ فترة في سوريا ويجيد العربية جيدا ويعرف المنطقة وقد سبق له العمل في دارفور، وأن الآخرين اللذين كانا معه هم : سارة شورد وهي حبيبته وتقيم معه وهي تدرس الانجليزية للعراقيين (مما يعني انها ايضا تعرف شيئا من العربية) وتزعم انها صحفية غير انه ليس لها سوى مقالة او اثنتين على المواقع الانترنيتية، والثالث هو جوشوا فتال وهو أمريكي من أب عراقي (مما يعني انه على الأقل يجيد شيئا من العربية)، ويزعم انه صحفي في حين انه ليس لديه سوى مقالة او اثنتين في المواقع الالكترونية. وكان هناك رابع هو شون مكفيسل يعرف نفسه بأنه من دعاة الفوضوية (anarchism وهو المبدأ الذي ينص على ان جميع اشكال الحكم غير ضرورية ومستبدة ويجب الغاؤها) وقد قضى فترة طويلة في البلقان وكتب كتابا عن ذلك . وقصته هذا عجيبة فقد تخلف عن رحلة اصدقائه هؤلاء الى منطقة أحمد آوة في السليمانية والتي توغلوا منها الى ايران ، وبقي في الفندق بحجة اصابته بالبرد يتصل بهم بين حين وآخر ويطمئنن عليهم حتى تلقى آخر اتصال منهم يقولون فيه ان حرسا ايرانيين يطوقونهم. عندها اتصل هذا بالسفارة الامريكية في بغداد التي ارسلت اليه من ينتشله من فندقه في السليمانية بعد ان ترك حقائب اصدقائه وراءه!! أليس شيئا غريبا؟ حين يواجه اصحابه هذا المصير ويترك حقائبهم في حين انها يجب ان تكون مثله في عهدة السفارة؟ ولكن ليس هذا كل مافي القصة من غرائب. تابعوا معي فإنها مشوقة بحق.

المهم أن السفارة تكتمت على شون هذا الذي هاتف جدته في الولايات المتحدة وطلب منه الا تفتح فمها بأية معلومات عنه، ومسح صفحته من الفيسبوك. والسفارة الان تقول لمن يسأل عنه "انه لم يعد داخل العراق".

نعود الى البداية.

التقى الأمريكان الاربعة في سوريا، واتفقوا على قضاء اجازة (تجوال على الاقدام) في شمال العراق، وهكذا دخلوا المنطقة عن طريق تركيا عند زاخو في يوم 28 تموز وفي اليوم التالي ذهبوا الى اربيل. يتضح من القصة ان السلطات الكردية في الشمال لا تطالب من يدخل العراق عن طريقها من الأمريكان بأية فيزا مسبقة وانما تمنحها لهم في المطار أو مناطق الحدود ، وهي فيزا لا تصلح لبقية العراق. ولكن سلطات العصابة الكردية تحث الضيوف الأمريكان ان يسجلوا مع اقرب سفارة او قنصلية امريكية (بدلا من ان يسجلوا في أقرب دائرة اقامة عراقية) !! يبدو – والله أعلم - ان شمال العراق ولاية أمريكية واحنا ماندري!!

هذا استطراد على أية حال. نرجع الى القصة الأصلية.


بعد أن قضى الاصدقاء في اربيل ليلة واحدة ذهبوا بالحافلة الى السليمانية . في 30 تموز اجروا كابينة في منتجع أحمد آوة على الحدود العراقية الايرانية ، ولكن كما يبدو انهم سجلوا باسماء مزيفة !! لأن السلطات الكردية حين روت جانبها من القصة قالت ان اسماء الاشخاص الأربعة هي : شون ماكسويل وجوشوا ستيل وسارة شورت وشين باور. يمكن ان نقول ان تغير اسمي عائلتي سارة وشين قد يكون مسألة اختلاف في النطق من قبل المسؤولين الأكراد ولكن من اين اتى اسم ستيل وماكسويل ؟ اذا كان ماكسويل تحريف لكلمة ماكفيسل ، فهذا يعني شيئا واحدا انهم حتى لم يسجلوا اسماءهم في اي سجل في الإقليم الكردي وتعريفهم جرى شفهيا سواء في المطار او في الفندق في اربيل او عند استئجار الكابينة في أحمد آوة بالسليمانية. شلون وضع فالتون.. مو ؟

وليس فقط في الشمال ، ولكن دعوني استطرد في معلومة اخرى اوصلها الينا الصحفي شين بوير في مقالة كتبها في 9 شباط 2009 عن دخوله فندق الرشيد في المنطقة الخضراء يقول فيها "اجد فندق الرشيد، ادخل غرفة التفتيش بمحتويات جيوبي في يد وجواز سفري وهويتي الصحفية باليد الاخرى. يصيح مقاول امني من بيرو "امريكي. لا تفتشه" يطن جهاز الكشف وأنا أمر به، ويتنحى الحرس العراقيون جانبا." علما ان هذا الامريكي الذي لايفتش لم يكن دبلوماسيا او من الجيش وانما مجرد شخص ما يمتاز بأنه أمريكي. تصوروا أن يحدث هذا في بلاد تشكو من اضطراب الأمن فيها !! ويسرح ويمرح فيها اكثر من 100 الف مرتزق أمريكي مستعد لقتل أمه من اجل المال. أتمنى أن اعرف من وضع هذه الأعراف والقوانين في العراق!! وهل هي من شروط السيادة التي صدعتم بها رؤوسنا؟

ولكن لنرجع الى قصتنا، دعونا نقرأ بيانا كتبه ونشره الصديق الرابع شون ماكفيسل حول اختفاء اصدقائه الثلاثة :

"أكتب هذا البيان لمساعدة الناس في معرفة ماحدث لاصدقائي الثلاثة ، شين بوير وسارة شورد و جوش فتال الذين فقدوا على الحدود الايرانية العراقية . كنت صديقا قديما لشين وسارة منذ سنوات، وتعرفت مؤخرا بجوش وهو صديق قديم لشين . شين هو طالب لغة وصحفي حر، وسارة مدرسة لغة انجليزية وجوش ينظم رحلات طلابية . وكلنا كنا قد كتبنا مقالات حول رحلاتنا وكلنا نتشارك باحترام عميق لثقافات الشرق الاوسط.

في أواخر تموز قرر اربعتنا السفر من دمشق في سوريا الى كردستان العراق لقضاء اجازة قصيرة. كان على سارة ان تعود الى العمل خلال اسبوع. في حين يبدو الذهاب الى ذلك المكان غريبا للامريكان ولكن المنطقة الكردية فعلا جميلة وآمنة. ومنذ ان حصل الاكراد على الحكم الذاتي في 1992 ، لم يؤذ اي امريكي هناك. ومدينة السليمانية لها شعبية متزايدة مع السياح، وقد اخبرنا صديق لنا انها اجمل منطقة رآها في العالم.

وصلنا السليمانية في ليل 29 تموز وبقينا في فندق (ميوان) . وتمشينا حول المدينة في اليوم التالي وسألنا عددا من الناس : سائقي الاجرة وموظفي الفندق والناس في الشارع عن الاماكن الجبلية الجيدة في المنطقة وكل واحد من هؤلاء اوصانا بزيارة مكان يسمى احمد آوة. ولكن لم يذكر لنا اي واحد منهم ان احمد آوة يقع قرب الحدود الايرانية . في الواقع على جدار فندقنا كانت هناك ثلاثة صور لسياح يقفون قرب شلالات احمد آوة.

بدت منطقة أحمد آوة الاختيار الواضح للتمتع بجمال الطبيعة حول السليمانية بعيدا عن اية اخطار. على اية حال ربما لم يكن واضحا للناس الذين شجعونا على زيارة احمد آوة اننا كنا نقصد التجوال على الأقدام وليس مجرد زيارة الشلالات.

ليس هناك دليل سياحي في كردستان العراق ولم تكن احمد آوة على الخرائط التي كنا نحملها. وكان احساسي – وقد اتضح خطأوه – ان احمد آوة تقع شمال غرب السليمانية في اتجاه بحيرة دوكان ومنتج دوكان، وهي منطقة مناظر طبيعية اخرى كنا نفكر في زيارتها خلال الرحلة . في مساء 30 تموز، انطلق شين وسارة وجوش باتجاه احمد آوة مع النية للتخييم هناك. وقد تخلفت في الفندق لأني شعرت بأعراض برد وأردت ان ارتاح تلك الليلة لاستأنف نشاطي باكرا. اشتريت بطاقة سيم عراقية لهاتفي المحمول لأتأكد من التواصل مع اصدقائي وايجاد مكانهم في اليوم التالي (بشرط ان يكون في المنطقة اشارة ، ولحسن الحظ كانت هناك اشارة).

تحدثت مع شين تلك الامسية مرتين ، فقد اتصلت به حوالي الساعة 8 مساء وقال لي ان التاكسي اوصلهم لتوهم قرب شارع مطاعم في احمد آوة. بعد ساعتين اخبرني بانهم تتبعوا طريقا من منطقة المطاعم الى الشلالات ، وسوف يتابعون نفس الطريق لاقامة المخيم. في يوم 31 تموز ، استيقظت باحساس افضل وقررت اللحاق بأصدقائي. في حوالي 11.30 تحدثت مع شين فقال لي ان الجو كان لطيفا طوال الليل وانهم استيقظوا مبكرا واستأنفوا السير على نفس الطريق. كان يبدو على شين الهدوء والرضا والسعادة لوجوده في بيئة جميلة ولم يشر ابدا الى اي خطر. اني على يقين من انهم لم يكن لديهم اي فكرة عن قربهم من الحدود الايرانية والا ماكانوا قد مضوا في ذلك الاتجاه. وقد اعلمني شين انهم يخططون للعودة الفورية وفكر ان علينا ان نلتقي قرب الشلالات.

ارسلت الى شين رسالتين نصيتين واحدة في الساعة 12.50 والاخرى في الساعة 1.22 بعد الظهر ولم يرد عليهما. في الساعة 1.33 استلمت نداء من شين اخبرني انهم اعتقلوا وان علي ان اتصل بالسفارة.

آمل من الناس تفهم ان وجود اصدقائي في المنطقة كان كما هو في الواقع: خطأ بسيط ومؤسف جدا."

هل كان صادقا في بيانه هذا ؟ على الأقل ليس في جملة انه لم يحذرهم اي واحد في شمال العراق عن قرب أحمد آوة من الحدود الايرانية، فهاهو محمد من فندق ميوان يقول لشبكة سي ان ان انه نصح المجموعة اكثر من مرة الا يذهبوا الى احمد أوة لأنها غير آمنة للامريكان وهي قريبة جدا من الحدود الايرانية.

السكان هناك يقولون انهم من المنطقة ولكن لا يخاطرون بالذهاب ابعد من شلالات احمد اوة لأن الارض بعدها جبلية وصعبة الاختراق وعلى جانبها منطقة الغام ارضية.

وهاهو متحدث أمني كردي يخبر سي ان ان ان الشرطة حذرت الامريكان يوم الجمعة من الاقتراب من الحدود. وهاهو المتحدث نفسه او غيره ولكن اسمه بيشرو احمد يخبر البي بي سي ان "شرطة السياحة في المنطقة طلبت منهم الا يتسلقوا الجبال لأن الحدود الايرانية قريبة جدا" ويضيف انهم "تجاوزوا الحدود رغم التحذيرات"

غادر مكفيسل الفندق في الساعة 4.30 مساء وطلب من محمد في الفندق ان يهتم بحقائب اصدقائه وانه غير راجع ويقول محمد ان قوى امن السليمانية اخذت الحقائب من الفندق فيما بعد.

تقول وسائل الاعلام الايرانية ان الثلاثة اعتقلوا لاجتيازهم الحدود بشكل غير شرعي في يوم 31 تموز في الساعة 1.30 بعد الظهر تقريبا بتوقيت العراق. وتقول المصادر الايرانية ان حرس الحدود حذروهم مسبقا من عبور الحدود ولكن الثلاثة تجاهلوا تحذيراتهم.

في المكالمة الهاتفية التي استطاع شين ان يخبر بها شون انهم اعتقلوا، يقال في بعض الاخبار انه قال له "يحيطوننا حراس لا يتكلمون العربية او الكردية" مما يعني ان شين يعرف شيئا عن الكردية على الأقل ليستطيع التأكد من اللغة التي تحدث بها الحراس لم تكن الكردية. ولكن التساؤل ايضا يطرأ على الذهن : معقولة حراس حدود ايرانيون على حدود الاكراد ولا يعرفون اللغة الكردية .؟

أثارت قصة شون ماكفيسل فضول سيدة امريكية لها مدونة – مثلي- فتتبعت خيوط شون بموضوع اسمته "قصة شون ماكفيسل المثيرة للفضول" تقول ان أول ما جلب انتباهها هو اختلاف اسمه في عدة اخبار فهو:

طالب دكتوراه في جامعة واشنطن اسمه شون ميكفيسل حسب موقع سياتل نيوز في 2/8/2009
وهو شون غابريل من كاليفورنيا حسب نيويورك تايمز في 1/8/2009ثم هو شون غابريل ميكفيسل حسب الاخبار التي نشرت لاحقا في نيويورك تايمز ايضا

ثم اتضح ان شون ميكفيسل هومؤلف كتاب اسمه Suffled how it Gush وهو يوميات فوضوي امريكي في البلقان وقد نشر في 1 تموز 2009 ومنشور على موقع امازون للكتب ومعه نبذة عن المؤلف تقول "شون يعيش بين بورتلاند واوريغون وزغرب وكرواتيا يعمل كمصمم شبكات انترنيت ومدرس لغة انجليزية . وقد قضى عدة سنوات في البلقان وقرر ان يكتب هذا الكتاب بسبب الارتباك الشديد وعدم الفهم الذي يعانيه اصدقاؤه في الوطن حول هذه المنطقة".

وحسب جدته كان شون مكفيسل يتعلم العربية .

المشكلة في كل هؤلاء الامريكان الأربعة انه (صدف) ان جميعهم من اليهود ، واحدهم على الأقل وهو جوش (جوشوا) فتال هو صهيوني متحمس ويقول في صفحته في الفيسبوك انه ينحدر من ناجين من المحرقة النازية ، وانه يريد ان يعلم الناس حول الهولوكوست وانه يستطيع ان يترجم من العبرية الى الانجليزية . ويكتب في مواقع يهودية .

وقد فاز بالكتابة في برنامج اسمه (اكتب من اجل اسرائيل) وهو برنامج مكثف يستمر سنتين يتدرب خلالها مجموعة منتقاة من طلبة الثانية ليصبحوا دعاة لاسرائيل في الصحف. والبرنامج يوفر للمتدربين معلومات حول اسرائيل والصهيونية والصراع العربي الاسرائيلي ويمكنهم من ان يكونوا خير دعاة من خلال الكتابة والاعلام بشكل عام . ويدير البرنامج ويدرس فيه شخصيات بارزة في الاعلام والجيش والادارة الاسرائيلية.

ولكن الشيء الغريب والمضحك أن المواقع الصهيونية بادرت لإنكار ان جوش فتال الذي اعتقل داخل ايران هو نفسه الذي يكتب من اجل اسرائيل وان القضية هي تشابه اسماء ! ومعهم حق .. يبدو ان اسم "فتال" من الاسماء الشائعة في امريكا ، وان كثيرا من "الفتالين" هناك لديهم ابناء يسمونهم جوش وكلهم رغبة في العودة الى جذورهم العراقية!!

وفي الصحف المحلية في اوريغون ان جوش فتال كان من بنسلفانيا وانه كان منسقا في مركز ابحاث حول الطاقة المستدامة ويقول احد افراد عائلته انه ترك المركز منذ شهر وكان يخطط للذهاب الى الهند. وقد كتب فتال في صفحته على الفيسبوك في 17 تموز انه ذاهب الى دمشق وانه يخطط للذهاب الى كردستان .. ثم كتب انه ذاهب للاتصال بجذوره في بلاد دجلة والفرات وان " العراق في ذهني".
والآن تعالوا نستعرض بعض مايثير التساؤل:

1- وجدت معدات المخيمات وحقيبتا ظهر تعود الى الامريكيين الثلاثة المختفين قرب شلالات أحمد آوة. ومن الطبيعي ، اذا رغب السياح في ممارسة هواية التجوال على الأقدام وقد تأخذ اليوم كله ان يأخذوا حقائب الظهر على الأقل ، أليس كذلك ؟

"ذكر مسؤول في اقليم كردستان مساء الجمعة ان ثلاثة سياح اجتازوا الحدود باتجاه ايران انطلاقا من منطقة احمد آوه المشهورة بمناظرها الطبيعية حاملين حقائب على ظهورهم".وتابع ان "قوة من حرس حدود اقليم كردستان عثرت على الحقائب متروكة بمواجهة احدى نقاط حرس الحدود الايرانيين" مشيرا الى احتمال ان يكونوا "تعرضوا للاستجواب او التوقيف". غريبة أليس كذلك ؟ لماذا لم يتحرز الايرانيون على الحقائب اذا كانت أمامهم فربما يكون في دلائل على "تجسس" هؤلاء؟ لدينا الان حقائب تركت مهملة في فندق وحقائب تركت على الحدود !!

2- موقع أصوات العراق وشبكة اياندة الايرانية للاخبار وكذلك قناة العالم الفضائية الايرانية نقلوا عن العميد انور حاج عمر من شرطة حلبجة في شمال العراق يوم الأحد (بعد يومين من الاعتقال) قوله أن الاشخاص الثلاثة كانوا جواسيسا يعملون لدى السي آي أي. قال بالحرف الواحد "هؤلاء جواسيس لدى السي آي أي وقد اعتقلوا قرب منتجع أحمد آوة" . بعد ذلك أنكر حاج عمر هذه الأقوال وقال لم اقلها ابدا. والله كاكة حاج عمر على نياته، كأن التجسس للسي آي أي، عيب او جريمة لا سمح الله، ألا يعرف انها يمكن ان تجعل المرء رئيسا للاقليم او للجمهورية حتى ؟3- قالت حكومة الإقليم أن الامريكي الرابع شون غابريل ماكسويل (مرة اخرى الاسم الخطأ) لم يرافق الثلاثة وانه بقي في السليمانية بسبب مرضه، في حين قال تلفزيون طهران الرسمي أن الاشخاص الذين وصلوا الحدود كانوا أربعة وقد حذرهم حرس الحدود من اجتيازها، ولكنهم تجاهلوا التحذير الا رابعهم لم يعبر معهم الحدود وعاد أدراجه، وهكذا اعتقل الاخرون!4- قال المسؤولون الاكراد ان مروحيات وهمرات امريكية انتشرت في مدينة حلبجة للبحث عن الامريكان بعد ان تم التبليغ بفقدهم ولكن غادرت هذه الآليات بعد أن تأكد وقوعهم بأيدي الايرانيين. في حين قال الايرانيون ان طيارات امريكية بدون طيار حلقت فوق المنطقة ليومين على التوالي.5- اضافة الى صبغة شون ماكفيسل الفوضوية، فإن جوش فتال (الذي زعم ماكفيسل انه لا يعرفه سابقا) يعيش في يوجين – اوريغون وهي وطن الفوضويين لابسي الاقنعة السوداء الذين استخدموا العنف والتخريب وقطع الطرق في التظاهر ضد اجتماع منظمة التجارة العالمية في سياتل 1999 . وقد تصدت الشرطة لهم مما عرف فيما بعد بمعركة سياتل. حسنا هل ذكرت لكم ان ماكفيسل يعيش في سياتل؟ يقول عمدة يوجين السابق جيم توري ان المدينة هي "عاصمة الفوضويين في الولايات المتحدة" .

ماذا لدينا هنا؟ تذكروا اني افكر معكم بصوت عال ولم اتوصل الى اي نتيجة حتى الآن.

لدينا اربعة امريكان يهود يعرفون العربية الى حد ما واثنان منهم لهم علاقة ما بالتظاهرات العنيفة و بالفوضوية، واحدهما متحمس للصهيونية. وللعجب انهم التقوا في سوريا حيث يعيش اثنان منهم. وقرروا السفر الى شمال العراق للترويح عن النفس. كان الاقليم مقبلا على انتخابات ، وكانت هناك تظاهرات معارضة في طهران اثر انتخابات مثيرة للجدل.

أحدهم صحفي مصور كتب عدة تحقيقات عن العراق وهو بمعية الجيش الأمريكي (صحفي مرافق للجيش) ولكن التحقيقات لم تكن في صالح حكومة الاحتلال في العراق.

اي ان الصحفي على معرفة وثيقة بمجريات الأمور في العراق ويستطيع أن يحصل على المعلومات من مصادرها، وانه يعرف أن التجول على الحدود العراقية الايرانية ليس نزهة الأغبياء. والآخر شون مكفيسل يعرف ذلك ايضا فهو ليس غرا فقد عاش في البلقان وكتب كتابا عن تجربته في منطقة الحرب تلك. والمرأة بينهم وهي سارة شورد تدرّس طلبة عراقيين في دمشق وتعرف ظروف العراق جيدا. وجوش فتال عراقي الاصل ولابد انه يعلم شيئا عن المنطقة ايضا. كيف تواجد هؤلاء الاربعة في سوريا؟

ثم كيف بدلا من السفر من سوريا الى شمال العراق ، ذهبوا الى تركيا ودخلوا من هناك.

واذا كانت الرغبة هي التجوال والتنزه بين الجبال، ألم يكن في سوريا جبال؟ أليست تركيا أم الجبال؟

ثم تضارب الأقوال في اخبارهم ، فيه الكثير من الغرابة. أليس كذلك ؟ كما ان مسألة ترك حقائبهم وراءهم تثير التعجب. فهناك حقائب متروكة على الحدود !! لماذا لم يلتقطها من اعتقلهم؟ هل تركوا حقائبهم ريثما يعبروا الحدود ؟ وكذلك الحقائب التي تركها خلفه الرابع الذي زعم المرض وقال انه بقي في الفندق. لماذا هرب بجلده حتى دون ان يأخذ حقائب زملائه؟ مما كان يخشى وهو في الأمان داخل "كردستان" ؟؟

ولكن أكثر المسائل اثارة للريبة هي التالية:

حين زعم شون ميكفسل المرض في الفندق كما يقول في بيانه وأنه صحا في اليوم التالي وهاتف زملائه صباحا فوجدهم يتوغلون في السير بين الجبال، وقالوا له ان يلحق بهم بعد أن يعودوا من تجوالهم، وهكذا ظل يهاتفهم بين حين وآخر ليطمئن عليهم.

في هذه المسألة ماهو غير طبيعي؟ الأربعة كانوا متفقين على السياحة على الاقدام بين الجبال. احدهم يمرض فيظل في الفندق في حين ينطلق الاخرون للتخييم حتى الصباح في مكان اقرب الى نقطة الانطلاق. كان من الطبيعي اذن ان يهاتفه الاصدقاء حالما ينبلج الصباح للاطمئنان على حاله، ولمعرفة متى يمكنه اللحاق بهم، وربما انتظاره حتى يفعل. ولكن هذا لم يحصل. ماحصل عكس ذلك : هو الذي هاتفهم في منتصف النهار، فوجد انهم فعلا انطلقوا في سياحتهم وطلبوا منه الا يلحق بهم الا بعد ان يرجعوا الى المخيم!!

اذن استطيع التخمين – وكما سيفعل اي قاريء فطن – الى ان الاخ ميكفسل كان (الناطور) الذي يتابع تحركاتهم عبر الهاتف ويحمي ظهورهم، حتى تلقى الأمر منهم بالاتصال بالسفارة بعد أن تمكنوا من مهاتفته وهم بين ايدي الايرانيين . شيء عجيب آخر . أليس كذلك ؟
علاقتهم بسوريا تحيرني.. كيف انطلقوا منها!! هل سوريا فالتون هي الاخرى ؟ هل هم خلية اسرائيلية؟ وهل اسرائيل من الغباء بحيث ترسل عملاء يهودا مكشوفين للعبث في ايران؟

خلية امريكية ؟

هل تم اختطافهم داخل الأراضي العراقية؟ ومن هنا هذا الذعر وترك الحقائب؟ ثم سلموا للايرانيين؟ أم انهم ذهبوا الى الحدود قاصدين (استخطافهم) ومن هنا تركوا الحقائب وراءهم؟

لماذا استخطافهم؟ لإثارة قضية (اختطاف مدنيين أمريكان ) ضد ايران.

هل لسوريا علاقة بهؤلاء؟ هل هم اسباب غضب العراق من سوريا ؟ هل انقلبت سوريا على ايران؟ أم ان ايران انقلبت على سوريا؟
أم ان المسألة تلفيق قضيتين تثيران غضب العالم على ايران وسوريا في وقت واحد: ايران تختطف ثلاثة شباب امريكان ابرياء، وسوريا تحتضن ارهابيين عراقيين !!

هل قصتهم عادية وسخيفة وتافهة وأنا اضخمها بما لا تحتمل؟ ربما .. ولكن اعذروني .. هناك هذا الحدس الذي لايخطيء كثيرا. ثم أني لا يمكن أن اصدق ان هناك شيئا عاديا يحدث في هذه المتاهة التي اسمها العراق وماحوله!

هذه القصة فيها – سواء في احداثها او في هويات اشخاصها- كل مستلزمات التوتر في المنطقة ، فهناك في عناصرها : سوريا – ايران – امريكا- يهود – كردستان . فهل يمكن ان تكون مجرد قصة طارئة؟

فكروا معي بصوت عال. تذكروا اني لم اقدم لكم اجابات وانما مجرد اسئلة.
+++
متابعة
وقعت الان في يدي معلومات اخرى عن شين بوير، فحين كتبت الموضوع أعلاه، كانت المصادر تقول انه كان يريد أن يغطي انتخابات كردستان ولكن الصحف او المواقع التي يتعامل معها لم توافق. الآن هناك اقوال لواحدة اسمها ساندي كلوز وهي رئيسة (New American Media) وهي التي منحته التمويل للقيام ببعض تحقيقاته في المنطقة ، وهي بالمناسبة شبكة اعلامية تهتم بالاثنيات والأقليات وتضم حوالي 700 منفذ اعلامي اثني. يقول الخبر الذي نشره موقع هفنجتون بوست :

"الصحفي الحر شين بوير كان يخطط لتغطية الانتخابات في المنطقة الكردية في شمال العراق. وتقول المديرة التنفيذية لخدمة اخبار الباسيفيك ساندي كلوز التي كلفته بتغطية انتخابات كردستان انها لا تعتقد انه كان ينوي الذهاب الى ايران. وتضيف انه ابلغها في رسالة الكترونية انه يريد "ان يعيش الحالة (في كردستان) ويأتي بأفكار لقصص اكثر عمقا" وقد كتب لها في الرسالة يقول "ان كردستان قصة كبيرة في العراق الان. انا ذاهب الى كردستان؟؟"

تعليق عشتاري: هذه معلومة مهمة تضاف الى القصة ، وهي معرفة السلطات الكردية بوجوده كصحفي سيغطي الانتخابات ولابد ان يجري بعض التنسيق بينهم وبينه. فلماذا وصف على انه سائح ومتسلق جبال الخ الخ؟
++

متابعة 2

في مقالة له بعنوان "اول يوم في بغداد" وهي تصف اول زيارة له لبغداد ، ويبدو انه زارها بالطائرة من مطار دمشق حتى مطار بغداد في اواخر كانون الثاني 2009 ، يقول، هناك لقطتان تثيران الانتباه اولهما لاعلاقة لها باختفائه ولكنها تؤشر للاوضاع في العراق:

1- في مكتب الخطوط الجوية العراقية في مطار دمشق ، اخترق الصف رجل تبدو عليه مظاهر العظمة ويحمل بيده مجموعة جوازات وقال للموظف "نحن اصدقاء السيستاني" . نظر اليه الموظف في عينيه وقال له "وفر قولك هذا لهناك. هنا كل شيء رسمي" ، فتخاذل الرجل وعاد الى آخر الصف.

اللقطة الثانية مهمة ويقول فيها

2- يقول له الرجل الذي التقطه في المطار ويسميه كريم وهو ليس اسمه ويسكن قريبا من بيت وزير الداخلية. يصفه الكاتب بانه (my fixer ) اي الشخص الذي سيرتب له كل شيء ، يقول له انه مازال بعض الناس يريدون قتل الامريكان ، وينصحه بانه من الان فصاعدا سيدعي انه الماني من اصل لبناني واسمه شامل بدلا من شين "لغتك العربية تبدو لبنانية وشكلك لبناني" ويقول الكاتب مع نفسه "الحمد لله صبغت شعري باللون الاسود".

الفقرة الأخيرة تعني مايلي:

1- انه رتب مع احد ما من داخل العراق قبل وصوله الى العراق، ان يرافقه ويتنقل به بسيارته ، ويعلمه مايجب ان يفعله حيث كان ينتظره في المطار. فهل هذا يعني انه لم يدخل مع اصدقائه شمال العراق في رحلة اختفائهم عشوائيا وان شخصا ما (fixer) كان ينتظرهم ايضا؟

2- ايضا الفقرة تعني ان هناك اشخاصا في العراق يمكنهم ان (يرتبوا) اي شيء للأجانب مقابل المال حتى مساعدتهم على اتخاذ شخصيات غير شخصياتهم واسماء غير اسمائهم.

3- لماذا صبغ الصحفي شين شعره قبل الوصول الى العراق؟

هناك 7 تعليقات:

  1. تحليل يستند الي وقائع غير مبرمجة ، انما يخلص إلى نتائج قد تقع في دائرة القرينة العلميًة كون الصحافي والمصور : Shane Bauer لهُ إمتيازات إستثنائية لدى الجيش الامريكي، ويسطيع الوصول الي آي نقطة آو معلومة ، كما آنًّه يحظى بإمتيازات خاصة من قبل الكثير من مراكز الابحاث والدراسات الاستراتيجيًة ناهيك عن كونهُ يهودي متخصص في شؤن المنطقة العربيًة وشمال آفريقيا. والسيدة عشتار قدمت جملة آسئلة هي بحاجة إلى الكثير من التفسيرات، لكنها خلصت في جملة إستنتاجات توحي آن وجود الاربعة في المناطق المحاذية لإران إنما يدخل في مخطط مسبق يجعل منهم سبب لإفتعال آزمة في المنطقة المثقلة بالازمات . والركيزة في ذلك هو وجودهم في سوريا وتحركهم من هناك يبعث علي الكثير من علامات الاستفهام .
    حسن الطائي
    صحافي عراقي

    ردحذف
  2. كما قلت اني قدمت بعض الأسئلة ولم اجب عليها. إن مايحركني في انتقاء المواضيع التي احاول التحقيق فيها، هو مواكبتها بعض الاحداث الكبيرة، فأحيانا تتوارى وقائع صغيرة قد تكون او لا تكون لها علاقة ولكن من المهم التحقيق فيها. ثم ان وجود تناقضات في سرد الوقائع من قبل عدة جهات يثير فضولي فأوجه مجساتي اليها.

    شكرا على متابعتك اخي حسن وشكرا على إثراء الموضوع برأيك.

    ردحذف
  3. طلب من عشتار ان تتجه الى تحليل مايحصل للمهاجرين العراقيين في امريكا ,وسوف تعلمين مدى الذل الذي وصلو اليه وانت خير من يكتب وينبه ارجوك اكتبي للناس عن احولهم لكي لاتتورط بالذهاب الى ارض الكوابيس والاوهام

    ردحذف
  4. أخي غير معرف الذي تريدني ان اكتب عن احوال المهاجرين الى امريكا. لقد سبق ان كتبت حول مصير المترجمين الذين منحتهم امريكا تأشيرات دخول والمعاناة التي يعانونها. واذا كان هؤلاء (المتعاونين) و(الاصدقاء) و(الذين ضحوا بوطنهم وبشرفهم من اجل امريكا) يلاقون هذه المعاناة، فما بالك بالناس العاديين من المهاجرين؟

    ردحذف
  5. ابو ذر العربي1 أكتوبر 2011 في 7:52 م

    انا لست خبيرا ولكن عندي
    حساسية من كل اجنبي يدخل ارض العروبة والاسلام
    اولا ان كل اجنبي قادر بفعل دولته وجهاز مخابراته ان يغطي نفسة باي غطاء يريد وان يغير اسمة وشكلة ويدعي انه جاء للاستمتاع بالطبيعة والفردوس المفقود في بلاده وهذا كله يسمى "عدة الشغل"
    ولكن يبدو ان المهمه التي كلفوا بها هي استطلاعية بالدرجة الاولى للتعرف على اجراءات الدول التي دخلوها بالضبط للاستفادة من هذه الاجراءات في حال تكليف مجموعات اخرى بمهمات اخطر
    ودليل ذلك انهم هم سلموا انفسهم لايران وهناك في ايران لديهم ضباط اتصال ايرانيين يعملون لصالحهم تم الاتصال بهم من طرق اخرى لاختبار كفاءة الشبكات الاستخبارية فجميع الدول التي مروا بها
    واعتقد ان المجال لا يتسع لطرح جميع التحليلات لانني ساستمع للمزيد عن عائلة ريما كاتز ومهماتها واختراقاتها للعرب واجهزتهم ومثل ما قال المثل من "دهنو قليلو" وشكرا

    ردحذف
  6. ابو ذر العربي1 أكتوبر 2011 في 10:05 م

    روابط ريتا كاتز لم تفتح معي لا اعرف لماذا

    ردحذف
  7. ابو ذر .. معذرة للازعاج. الان وضعت لك الروابط في الموضوع في الصفحة الاولى حول جنسية والد جوش فتال (بين قوسين حين الحديث عن ريتا كاتز) .

    ردحذف