"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

23‏/8‏/2009

فرقة الموت التي يقودها المالكي !!


بعد أن قمت بترجمة الموضوع وهو طويل، اكتشفت ان المترجم كهلان القيسي قد ترجم جزءا منه ووعد بترجمة المتبقي فيما بعد. وسوف انشر في رسالة خاصة صور الفرقة القذرة كما نشرها متفاخرا في منتديات عديدة احد المنتمين اليها وهو كردي كما يبدو .

بقلم شين بوير

نشرت في موقع ذي نيشن الالكتروني في 3 حزيران 2009 ونشرت في الصحيفة الورقية في 22 حزيران

ترجمة عشتار العراقية

الضوء يتلاشى من سماء بغداد المتربة بينما كان حسن محسن يعيد تمثيل ماحدث لعائلته في ذلك الصيف. كنا نقف في حوش بيته الكونكريتي، واطفاله يراقبوننا بهدوء وزوجته تديح حلقات كبيرة من العجين ثم تلطمه في جدران فرن مشتعل. يسير نحو ابنته التي يصل طولها الى ثلاثة اقدام ويشد رأسها مثل بطيخة، ويتظاهر بأنه يربط يديها خلف ظهرها ثم يقوم بحركة من يوجه مسدسا على رأسها. "ازاحوا عصابة عيني ووجهوا المسدس الى راسها وقالوا "اما تخبرنا اين الزيداوي او نقتل ابنتك"

وتقول ام حسن وهي تطل من باب المطبخ "دخلوا بيتنا واخذوا كل ماارادوه ، لم ار احدا يفعل مافعلوه"

وكما يروي حسن ، حدث ذلك في ليلة هادئة في 10 حزيران 2008 في مدينة الصدر، حيث يعييش اكثر من 2 مليون من فقراء الشيعة في العراق، حين ظهرت المروحية فوق المنزل وفجروا الباب الخارجي وكادت تحرق اصغر ابنائه النائم. قبل ان يعي حسن مايحدث وجد نفسه على الارض مربوط اليدين وكيس على رأسه، وحوله ثمانية رجال يوجهون بنادقهم المحشوة والجاهزة اليه.

في البداية لم يستطع ان يميز اذا كان الجنود عراقيين ام امريكان. ويقول انه عرف نفسه باعتباره عريف شرطة وقدم هويته قبل ان ينتزعوا مسدسه ويدفعوه الى الارض. لم يكن الرجال يتحركون مثل القوات العراقية التي يعرفها. كانوا يشبهون ابناء وطنه ويتكلمون مثلهم، ولكن كانت ازياؤهم امريكية الطراز ويحملون اسلحة امريكية ومناظير ليلية. اتهموه بأنه قائد ميليشيا محلية ، جيش المهدي، قبل ان يسحلوه الى الخارج وهم يخبرون زوجته ان امره "انتهى" ، ولكن قبل ان يغادروا كشفوا عن هويتهم "نحن ا لقوات الخاصة ، الفرقة القذرة".


قوات العمليات الخاصة العراقية واختصارها ISOF قد تكون اكبر قوات خاصة بنتها الولايات المتحدة وهي حرة من الكثير من التقييدات التي تلجأ اليها معظم الحكومات للجم مثل هذه القوات الفتاكة. وقد بدأ المشروع في صحاري الاردن فور استيلاء الامريكان على بغداد في نيسان 2003. هناك قام اصحاب البيريهات الخضر اي القوات الخاصة الامريكية بتدريب شباب عراقي بسن 18 سنة بدون اية خبرة عسكرية سابقة. وكانت النتيجة فرقة تعتبر حلم البيريهات الخضر. وحدة عمليات سرية فتاكة من الصفوة ، مسلحة باسلحة امريكية وسوف تعمل لسنوات طويلة تحت القيادة الامريكية ولن تخضع للمساءلة من قبل الوزارات العراقية او الاجراءات السياسية الاعتيادية. وتبعا لسجلات الكونغرس، توسعت القوات العراقية الخاصة الى تسع كتائب تمتد الى اربع قواعد في انحاء العراق. بحلول شهر كانون الاول سوف تكتمل كل منها بخلية مخابراتية خاصة بها والتي سوف تعمل بشكل مستقل عن بقية شبكات المخابرات العراقية . والعدد الكلي للقوات الخاصة العراقية حوالي 4564 مما يجعلها بحجم القوات الخاصة الامريكية في العراق. وتشير سجلات الكونغرس بان النية مضاعفة القوات الخاصة في السنوات القليلة القادمة.


وطبقا للكولونيل المتقاعد روجر كارستينز، فإن القوات الخاصة الامريكية "تقوم ببناء اقوى قوة خاصة في المنطقة" في 2008 كارستينز وكان في حينها كبير خبراء مركز الامن الامريكي الجديد وكان مستشارا لقوات مكافحة الارهاب الوطنية العراقية ، وقد ساعد في وضع قوانين مكافحة الارهاب التي تحكم القوات العراقية الخاصة.

يقول ضاحكا "كل مايريده هؤلاء الشباب هو الخروج لقتل الاشرار طوال اليوم. انهم ساخنون . انهم مثلنا تماما . فنحن الذين دربناهم. يشبهوننا ويستخدمون نفس اسلحتنا ويمشون مثل الامريكان".

حين بدأت القوات الخاصة الامريكية في النقل البطيء للقوات الخاصة العراقية الى السيطرة العراقية في نيسان 2007، لم يضعوا الفرقة تحت امرة وزارة الدفاع او الداخلية وهي الجهات الطبيعية لضم مثل هذه القوات في كل انحاء العالم. ولكن بدلا من ذلك ضغط الأمريكان على الحكومة العراقية لخلق مكتب جديد بمستوى وزارة يسمى مكتب مكافحة الارهاب. بعد تأسيس هذا المكتب بتوجيه من رئيس الوزراء نوري المالكي ، اصبح متصلا به مباشرة يأخذ الأوامر منه وحسب قرار تأسيسه ليس لمجلس النواب سلطة عليه ولا ينبغي ان يعرف عن مهماته الا القليل. وقد أشرف على المكتب بشكل كبير قادة القوات الخاصة الامريكية مثل كارستينز الذي يقول ان تسلسل القيادة المستقل "قد يكون الهيكل المثالي" لقوات مكافحة الارهاب في كل انحاء العالم.

ورغم ان القوة تحت امرة الحكومة العراقية رسميا ولكن الادراك الشعبي في بغداد هو ان الفرقة القذرة هي فرغ عراقي سري في الجيش الامريكي. وهذه القراءة ليست بعيدة عن الحقيقة. فمازالت القوات الخاصة الامريكية مرتبطة بشكل وثيق بكل مستوى في القوات الخاصة العراقية من التخطيط الى التنفيذ للمهمات الى تحديد التكتيكات والسياسة. وطبقا للجنرال سميون ترومبيتاس قائد فريق انتقال قوة مكافحة الارهاب الوطنية العراقية ، وهي جزء من القيادة الامريكية المسؤولة لنقل السيطرة على القوات الخاصة العراقية الى الحكومة العراقية ، فإن القوات الخاصة الامريكية تستمر في رفد القوات العراقية بالمستشارين في كل مستوى من تسلسل القيادة".

في كانونالثاني 2008 بدأت القوات الخاصة الامريكية في السماح لقادة القوات الخاصة العراقية وباقي الرتب في المشاركة بالمهمات معهم. وبدئا من الصيف الماضي، حين هوجمت عائلة حسن – بدأت القوات الخاصة العراقية في القيام بالمهام وحدها بدون المستشارين الامريكان في مدينة الصدر حيث تحظر الاتفاقات السياسية دخول الامريكان اليها. وقد طفت على السطح اتهامات بانتهاكات حقوق الانسان والقتل والاعتقالات بدوافع سياسية بضمنها الهجوم على رئيس جدامعة واعتقال سياسيين معارضين.

يقول بيتر هارلنج كبير محللي الشرق الاوسط في مجموعة الازمات الدولية ان الحكومة الامريكية ركزت على تخريج "اكبر قدر ممكن من الرجال المسلحين وبأسرع وقت ممكن. ولم يكن هناك نواة لبناء المحاسبة والمساءلة والرقابة لمنع الانتهاكات. كانت المسألة بناء قدرات بدون مراقبة يمكن ان تمنع بعض الوحدات من التحول الى عملاء يعملون لصالح بعض السياسيين".

في مدينة الصدر ، معارضة الحكومة العراقية والاحتلال الامريكية قوية ولم يعد هناك حضور للميليشيات ولكن صور مقتدى الصدر ملصقة على الجدران الكونكريتية التي بناها الامريكان وفي كل أذان تدعو الجوامع الى انسحاب العدو سريعا. هناك تستخدم القوات الخاصة العراقية سياسة العقاب الجماعي ، الهادف لتخويف واخضاع المدنيين ، كما يقول حسن الربيعي وهو عضو صدري في لجنة الامن والدفاع في البرلمان. "انهم يرهبون احياء كاملة من اجل اعتقال شخص واحد يعتقدون انه ارهابي. لابد ان يتوقف هذا "

لم يقم مستشارو القوات الخاصة الامريكية بأي استجابة لاتهامات الانتهاكات. لم تدفع توسلات المدنيين والاحتجاجات الجماهيرية وشكاوي قادة الجيش العراقي حول تصرفات القوات الخاصة ولا دعاوي اعضاء البرلمان لحل القوات ، الحكومة الامريكية لتعيد النظر في القوة التي خلقوها. بل بالعكس يزعم المستشارون الامريكان ان هذه المطالبات ذات دوافع سياسية . يقول كارستنز "ان العدو يحاول ان يسيء اليهم ، وليس لأنهم عملوا اي شيء قذر"

في نفس ليلة مداهمة منزل حسن محسن، قتل حيدر العيبي (26 سنة) برصاصة في رأسه. تقول عائلته انه لم يكن هناك اي تحذير. اخبروني كيف وقع ذلك اثناء تناول الشاي على ارض غرفة المعيشة، والمؤثثة فقط بمساند من الاسفنج وصور الامام الحسين. تبكي امرأة في ركن الغرفة بصوت عال، ويكاد طفل ابنها القتيل يختفي تحت طيات ملابسها السوداء.

يقول فاضل العيبي ان العائلة قامت من نومها مفزوعة في منتصف الليل بسبب انفجار قريب . هرول اخوه حيدر الى السطح ليرى ماذا حدث وتلقى رصاصة حالا من السطح المجاور. وحين حاول فاضل واخوه حسين ووالده عباس سحب حيدر الى الطابق السفلي ، تم اطلاق النار عليهم ايضا. وهكذا ظل حيدر ميتا لمدة ساعتين على السطح في حين عائلته تبكي مذعورة وهم يرون اشعة الليزر الحمراء المنطلقة من مناظير البنادق الآلية ، تتراقص على زجاج شبابيكهم. يقول حسين "كان لدينا –انا وحيدر - امتحان في اليوم التالي في الجامعة . لم نكن نظن ان يموت اخي بهذا الشكل".

في نفس الوقت من تلك الليلة تقريبا وفي آخر الشارع قال قائد الشرطة احمد شبلي بأن الفرقة اطلقت النار عليه. ويضيء بفانوس كيروسين ثقبي رصاصتين في منزله. ويقول ان الرجال الذين اندفعوا بعد كسر بابه الخارجي اطلقوا على انفسهم الفرقة القذرة وكانوا يحملون اسلحة امريكية وليس كلاشينكوفات وبي كي سي كما تفعل الشرطة الوطنية. وحين دخلوا اطلقوا النار مباشرة "لم تكن اطلاقات انذار وانما اطلقواعلي لقتلي وانا اهبط على الارض. كان الأمر وكأننا ارهابيون درجة اولى. " ويضيف ا نهم اطلقوا النار مرة اخرى على والده (63 سنة) فأصابوه في اعلى ساقه ، ووجهوا البنادق على رأس ابنه الصغير واجبروا زوجته على تفتيش الغرفة للبحث عن السلاح الرسمي الذي كان قد تركه في العمل.

وقد اخذوا احمد واخاه الى ضواحي المدينة مع حسن حيث صفوهم مع رجال آخرين في الظلام . ويعزز حسن قصته بابراز شكوى رسمية قدمها قائد عسكري محلي اسمه مصطفى صباح يونس متهما "فرقة مسلحة مجهولة" بدخول المنطقة واعتقاله.
في هذه الأثناء ، هرع الجيش العراقي عند سماع اطلاق النار وحسب حسين العيبي تم اطلاق النار على هؤلاء الجنود ايضا. وقال لي ان الجنود سحبوا حيدر من السطح واخذوه الى المستشفى . في الطريق يقول فاضل ، اوقفت الفرقة القذرة العربة وسأل احدهم مقدم في الجيش العراقي اسمه ابو راجي اين يتجهون. وطبقا لفاضل قال راجي لمحدثه "هذا طالب كلية ولم يكن لديه شأن بأي شيء وقد اطلقتم عليه النار بتهور" وكان جواب رجل الفرقة القذرة بأن ضرب راجي قائلا "استدر وعد ادراجك او سنطلق النار عليه وعليك ايضا"
في جنازة حيدر، طلب فاضل من راجي ان يشهد "انت ممثل الحكومة وقد رأيت الواقعة ورأيت ان اخي لم يكن بيده سلاحا" ويقول فاضل ان المقدم رفض قائلا "هذه هي الفرقة القذرة ونحن نخاف منهم . حين نراهم نتراجع . اذا شهدت ضدهم سوف اقتل في اليوم الثاني. انهم يقتلون ولا احد يحاسبهم لأنهم ينتمون الى الامريكان"


وقد رأيت نفس الخوف وعدم الثقة التي ابداها راجي امام القوة الخاصة العراقية ، في نفوس افراد من الجيش العراقي ، يقول الكولونيل يحيى رسول عبد الله ، وهو قائد الكتيبة الثالثة من اللواء الثاني والاربعين في مدينة نصر "احيانا نشعر بالدهشة حين تدخل القوات الخاصة . حيث تحدث اشياء سيئة ، بعضهم يسرق وبعضهم ينتهك النساء . اننا نعاني من هذه المشكلة".

وقائع عمليات سابقة للفرقة الخاصة العراقية التي سمعتها في بغداد توحي بان الامريكان قد يكونون على علم وموافقة للعنف ضد المدنيين. في الأعظمية ، وصف موظفان في مستشفى المجابهة مع الفرقة الخاصة في عام 2006. وطبقا للشاهدين، ان النقيب حسام من الفرقة الخاصة العراقية أطلق بندقيته الالية في مستشفى النعمان بعد ان رأى جثة رئيسه الذي مات تحت رعاية المستشفى. وكان هناك ضابط امريكي بلحية حمراء يقف يراقب صامتا. وطبقا لاحد الشاهدين، طالب الضابط العراقي بشهادة موت قائده مهددا الموظفين "سأعذبكم سأقتلكم سأقتل كل اهل الاعظمية" اذا لم يستجيبوا لطلبه . يقول الشهود ان افراد القوات الخاصة الثمانية الذين دخلوا المستشفى كانوا يقودون مركبات همرات التي يستخدمها الامريكان والقوات الخاصة العراقية فقط.

رئيس مشروع القوات الخاصة العراقية من الجانب الامريكي هو الجنرال ترومبيتاس من فريق انتقال مكافحة الارهاب الوطنية العراقية . وهو رجل طويل له شارب شائب وجبين مغضن، وقد قضى ترومبيتاس سبع سنوات من خدمته العسكرية البالغة اكثر من ثلاثين سنة ، في تدريب قوات خاصة في كولومبيا والسلفادور ودول اخرى. في 23 شباط اخذني في جولة في المنطقة الرابعة وهي قاعدة امريكية عراقية مشتركة قرب مطار بغداد الدولي حيث تدرب القوات الخاصة الامريكية القوات الخاصة العراقية. وبينما كنا نغادر المروحية ابتسم ابتسامة صبيانية وقال انه رغم عمله الطويل مع قوات خاصة في مختلف انحاء العالم ولكن الرجال الذين سألتقي بهم هم "الأفضل".

يقول ترومبيتاس انه "فخور جدا بما فعله في السلفادور" ولكنه يتحاشى الاشارة الى ان القوات الخاصة التي دربت هناك من قبل الامريكان في بدايات الثمانينات كانت مسؤولة عن تشكيل فرق موت قتلت اكثر من 59 الف من السكان المدنيين المتهمين بالتعاطف مع المقاومة.
وفي غواتيمالا حدث نفس الشيء. حيث تحولت القوات الخاصة التي دربتها الولايات المتحدة في منتصف الستينيات الى فرق موت ساهمت في قتل حوالي 140 الف مدني. في بداية التسعينيات دربت القوات الخاصة الامريكية وعملت عن قرب مع وحدة شرطة كولومبية خاصة وكانت هذه الفرقة متهمة بتنفيذ بعض الجرائم التي التي شاركت فيها لوس بيبيس وهي فرقة موت اصبحت فيما بعد وحتى الآن المنظمة الرئيسية الرديفة للجيش (خدم ترومبيتاس في السلفادور من 1989-1990 وفي كولومبيا من 2003 – 2005 بعد ان ارتكبت تلك الجرائم).


يقول مارك باودن مؤلف كتاب (اسقاط الصقر الاسود) و (قتل بابلو) وهو كتاب حول ملك المخدرات الكولومبي بابلو ايسكوبار من قبل السي آي اي و القوات الخاصة الامريكية. "تتفكك المعايير حين لايكون الامريكان مع القوات الخاصة المحلية ويمكن ان تتحول هذه القوات الى فرق موت وهو ما اظنه قد حدث في كولومبيا." ويقول باودن ان التكتيكات التي يتدربون عليها في كل دولة هي نفسها "انهم يعلمون نفس انواع المهارات. ويستخدمون نفس المعدات"

كتب ترومبيتاس في المدونة الرسمية لوزارة الدفاع الامريكية بان مهمات التدريب في امريكا اللاتينية يمكن نقلها وتطبيقها الى حد كبير في العراق، بل ان القوات الخاصة السلفادورية قد ساهمت في تدريب القوات الخاصة العراقية . ويقول لي "انه عالم تحالف. كلما عملوا معا مدة اطول ، اصبحوا متشابهين ، وعندما نتشارك بنفس القيم والتجارب مع جيوش اخرى فإننا نجعلها متشابهة"

يأخذني ترومبيتاس الى مبنى مستودع حيث كان افراد القوات الخاصة العراقية في انتظارنا ومعظمهم يرتدي اقنعة سوداء. يقودني الى معرض خاص لمعداتهم الامريكية من بنادق آلية و بنادق قناصة ومعدات رؤية ليلية وازياء الصحراء الفضفاضة التي تجعل الجنود يبدون وكأنهم دببة.ويأخذني الى منصة تطل على منزل مزيف مليء ببوسترات لنساء ضخمات الصدور يوجهن مسدسات ، وبعض رجال حقيقيين يرتدون ملابس "ارهابيين" (ادفع نصف عمري واعرف ماهي ملابس الارهابيين ؟ هل يقصد بها الملابس العربية ؟" وكوفيات تغطي اوجههم وطفل في العاشرة يلعب دور رهينة.

وبينما نقف في منطقة المراقبة، تقتحم باب، وبعد دقيقة من اطلاق النار المتواصل ، يخرج افراد القوة الخاصة مع "الارهابيين" والطفل و بوستر لشرير (على طراز الثمانينيات) يرتدي جاكت جينز ويحمل امرأة رهينة. وكان هناك اكثر من عشرين ثقب رصاص في جبهته. قال ترومبيتاس وهو يبتسم بفخر "انظر الى هذه المهارة في التصويب".

يذكر ترومبيتاس قضية حقوق الانسان قبل ان ابادر بذلك . اكد لي ان القوات الخاصة الامريكية تأخذ الاتهامات بانتهاكات حقوق الانسان على محمل الجد، وانه سرح عراقيين اثنين بعد اتهامهما بتعذيب سجين، منذ ان تسلم القيادة في آب السنة الماضية. ولكنه لم يشأ ان يعلق على قضايا محددة. وقد اثرت مسألة المحاسبة وذكرت قضية موثقة اثارت زوبعة في البرلمان العراقي : في آب داهمت القوات الخاصة العراقية مجمعا حكوميا في ديالى وكما قيل بدعم من مروحيات اباتشي الامريكية . واعتقلوا عضوا في الحزب الاسلامي العراقي (السني) كما اعتقلوا رئيس جامعة سنيا وقتلوا سكرتيرا واصابوا اربعة حراس مسلحين خلال الليل.

ماأن خربجت كلمة (ديالى ) من فمي حتى بدأ الجنود والضباط الأمريكان الواقفون حولنا في الاعتراض بعصبية وقفز المترجم قائلا "من اجل سمعة القوات العراقية الخاصة ارجوكم اسكتوا عن هذا الحديث".

يقول عبد الكريم السامرائي وهو عضو في الائتلاف الحاكم و عضو في لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب، بأن ماحدث في ديالى كان واحدا من مؤشرات عديدة على نية رئيس الوزراء السيئة ومايخطط له فيما يتعلق بالقوات العراقية الخاصة. يقول السامرائي "يخشى السياسيون ان تستخدم هذه القوة لاهداف سياسية. ففي رد فعله على غضب اعضاء من المجلس حول اعتقال سياسيين من قبل القوات الخاصة، انكر المالكي (ويفترض به ان يعرف ويصادق على كل مهمات هذه القوات) معرفته بمهمة ديالى . ويثير هذا الادعاء الكثير من الاسئلة المهمة . اذا كان الرجل المسؤول عن القوات العراقية الخاصة لا علم له بمهامها ، اذن من هو المسؤول عن القوة ؟ هل كان المالكي يكذب لتغطية حقيقة انه يستخدم هذه القوة لغايات سياسية؟أم هل أن الأمريكان هم الذين يحركون هذه القوات؟

كانت واقعة ديالى هي اول قضية معلنة عن اعتقالات بدوافع سياسية. في كانون الاول اعتقلت القوات الخاصة حوالي 35 مسؤولا في وزارة الداخلية ممن كانوا يعارضون حزب الدعوة ، حزب المالكي. وفي مارس الماضي اعتقلت القوات الخاصة على الاقل احد قادة مجالس الصحوات الذين طالما عارض المالكي وجودها.

يقول مايكل نايتس وهو زميل في معهد واشنطن ورئيس برنامجه الخاص بالعراق ان حكومة المالكي قد طورت "ثقافة السيطرة المباشرة" ويزور نايتس العراق بانتظام ولديه صلات مباشرة مع مخابرات البلاد. يقول ان المسؤولين عن القوات الخاصة العراقية في المستوى الاقليمي هم "اشخاص موالون للمالكي او اقاربه وقد تم اختيارهم شخصيا"

ويقول نايتس ان المالكي كما يفترض له ان يصادق على او يرفض المهمات التي تأتي اليه ولكنه احيانا "يؤكد صلاحيته كقائد عام ويأمر القوات الخاصة بفعل شيء اوالامتناع عن فعل شيء" ويثير نايتس احتمال ان تتحول القوات الخاصة الى فرقة الموت الخاصة بالمالكي "رئيس الوزراء يبحث عن اعادة انتخاب، وليس هناك تقييدات على قدرته استهداف خصومه السياسيين كما كانت حكومته قد فعلته مع الصدريين منذ سنوات".

السامرائي مع اعضاء اخرين في البرلمان يدعون الى حل مكتب مكافحة الارهاب. يقول انه ليس هناك اساس قانوني للواء مسلح يتواجد خارج سيطرة وزارة الداخلية او الدفاع. "ان الناس خائفون من وجود منظمة لها هذه القدرات الرهيبة ويشرف عليها رئيس الوزراء"
ويشعر عضو البرلمان حسن الربيعي بالقلق من العلاقة الوثيقة بين القوات العراقية الخاصة والامريكان. "اذا غادر الامريكان العراق، فإن هذه هي القوات الاخيرة التي سوف يتركونها خلفهم" ويخشى ان تحول هذه القوة الغاشمة والسرية والمرتبطة بالامريكان ، العراق الى "قاعدة عسكرية في المنطقة" بالسماح للولايات المتحدة استمرار ادارة مهام داخل العراق تحت غطاء القوات العراقية الخاصة "لقد اصبحوا بديلا عن الامريكان".


وقد صرح الرئيس اوباما بأنه ينوي زيادة الاعتماد على القوات الخاصة الامريكية وحقيقة تعيين وزير الدفاع الامريكي روبرت غتيس لستانلي ماك كريستال قائدا في افغانستان يشير الى انه عند وعده. فمن 2003 الى 2008 رأس ماك كريستال قيادة عمليات القوات الخاصة المشتركة والتي تشرف على القوات السرية في الجيش ومسؤولة عن تدريب قوات خاصة في الخارج. كما كان ماك كريستال قائدا للقوات الخاصة الامريكية في العراق لخمس سنوات، خلال ذلك الوقت وحسب صحيفة وول ستريت جورنال قاد "وحدات متخصصة في حرب العصابات بضمنها تدريب قوات محلية"

وفي مايس 2008 قال غيتس "ان انسحابنا المتوقع من العراق لايعني نهاية مهمة قواتنا الخاصة ". ولم يتحدث غيتس في الموضوع منذ تنصيب اوباما ، ولكن الاخير يقول انه سوف يمأسس قدرات الحرب غير النظامية ، ويشدد البيت الأبيض على الحاجة الى "خلق قدرة فاعلة لتدريب وتسليح وتقديم الاستشارة لقوات امنية اجنبية حتى يكون الحلفاء المحليون اكثر استعدادا لمجابهة التهديدات ضد مصالحنا ومصالحهم"
يقول باودن ان مصطلح "حلفاء محليين" يستخدم عادة للاشارة الى العمليات السرية. "ان قيادة العمليات الخاصة الامريكية تقيم علاقات مع قوات خاصة في دول اخرى لانها تعطي للولايات المتحدة الفرصة للتدخل العسكري بطريقة سرية. ان العملية السرية المثالية هي تلك التي تقوم بها قوات محلية" .


وأنا اقف على المهبط في المنطقة الرابعة مع ترومبيتاس في انتظار مروحيتنا للعودة بنا الى المنطقة الخضراء، اسأله حتى متى تستمر علاقة الولايات المتحدة بالقوات الخاصة العراقية. يقول "ان القوات الخاصة هي خاصة لاننا نحافظ على علاقة مع قوات اجنبية . جزء من ستراتيجيتنا الميدانية هي الحفاظ على علاقة مع تلك الوحدات المهمة لأمن المنطقة والعالم" وفيما حلقت مروحيتنا في سماء تغطيها غيوم خفيفة قال وهو يختار كلماته بعناية "ستكون لنا علاقة فاعلة لفترة طويلة" ---

هناك تعليق واحد:

  1. قراتُ التقرير المترجم للسيد شانَ باور في صحيفة اليموند الشهريًة الطبعة الالمانيًة نقلا عن المهد الوطني الامريكي للبحوث والدراسات، وقد تفاجئتُ من فداحة الحالة الماساويًة التي يعيشها العراقيين تحت نير قواة تسمي نفسها بالقواة القذرة ؟ تُرى هل العراق آو الامريكيين بحاجة الي قواة قذرة لبناء حكم ديمقراطي؟ آم آنً المفهوم عكس المصداق. نشكر السيدة عشتار علي دورها في توصيل المعلومة عن الحالة في العراق، عبر ترجمتها لكثير من المقالات والنصوص المهمة عن الوضع الماساوي العراقي
    حسن الطائي
    صحافي عراقي

    ردحذف