"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

16‏/1‏/2009

مترجم الاحتلال - 9: على كف العفريت !

بقلم: عشتار العراقية

درجات الثقة أو التصاريح الأمنية التي يمنحها الجيش الأمريكي للمترجمين ثلاث :

سري للغاية - وتمنح عادة لقلة تعد على الأصابع من المترجمين العرب او العراقيين الحاصلين على الجنسية الأمريكية والذين ينالون اقصى الثقة كونهم مواطنين أمريكان وقادمين من الولايات المتحدة ، و يعهد اليهم بترجمة الوثائق السرية للغاية، او للعمل في أماكن تتداول مثل هذه الوثائق وحيث تكون في متناول ايديهم.

والسري- وهؤلاء هم القادمون أيضا من الخارج، ومعظمهم من العرب الذين يتقدمون لاعلانات وظائف الترجمة. ولايشترط أن يكونوا حاصلين على الجنسية الأمريكية . ومعيار الثقة هنا هو انهم يقيمون بشكل دائم في القواعد، ويمكنهم ترجمة او الاطلاع على وثائق سرية. (ولكن ليست للغاية).

الأقل ثقة - هم المترجمون العراقيون (المحليون) الذين يقيمون في المنطقة (الحمراء)، وحتى لو أقاموا لعدة أشهر في القواعد فهم في النهاية يزورون أهاليهم في الإجازات. ويخشى الجيش الأمريكي ان يكون لهم صلات بالمقاومة ، او ربما يغلطون في الثرثرة حول تحركات القوات وغير ذلك. وهؤلاء علاوة على الترجمة ، قد يطلب منهم كتابة تقارير استخباراتية حول المناطق التي يعيشون فيها (ولهذا يسمي الواحد منهم نفسه "مستشار ثقافي وسياسي وعسكري")، او ترجمة مقالات الصحف بما يبين اتجاه الرأي العام العراقي في كل المجالات : سياسية وثقافية ودينية وحتى رياضية.

ورغم كل هذه الإحتياطات، تحدث الاختراقات . مثل هذه القصة التي نشرت في موقع الصحافة الحرة الكندية (ضمن عشرات المواقع ) في 23 آيار 2008 تحت عنوان (السجن لمترجم للجيش لتجسسه)

(حكم على مترجم متعاقد مع الجيش الأمريكي اليوم بالسجن 10 سنوات لحيازته وثائق خاصة بالدفاع القومي واستخدام هوية مزيفة للحصول على جنسية امريكية وللوصول الى وثائق عسكرية سرية. وقد اصدرت المحكمة ايضا امرا بنزع الجنسية الامريكية عنه على اساس ادانته بالحصول على الجنسية بوثائق زائفة.

و في 14 شباط 2007 اعترف المتهم الذي مازالت هويته وإسمه الحقيقيان غير معروفين فهو يستخدم اسماء عديدة بضمنها : عبد الحكيم نور، و ابو حكيم، و نور الدين المالكي و المالكي نور والمالك نور الدين.وكان قد اعترف بحصوله بشكل غير قانوني على وثائق سرية وكذلك استخدامه هوية زائفة. وقد ادار التحقيقات معه قسم مكافحة الارهاب في الاف بي أي.

في آب 2003 استخدم المتهم هوية زائفة للتقدم لوظيفة مترجم عربي مع شركة تايتان ثم استخدم نفس الهوية الزائفة للحصول على تصريح أمني درجة(سري) ثم (بالغ السرية) . ونتيجة لذلك وخلال عمله في العراق حصل المتهم على وثائق سرية من الجيش الأمريكي . وقد انتدب للعمل في قسم الاستخبارات في الفرقة المحمولة جوا 82 في معسكر التقدم، وهناك نقل من الكومبيوتر وثائق سرية عديدة منها خطة الجيش لضرب مواقع المتمردين في كانون الثاني 2004 وكذلك خطط الجيش لحماية الحجاج العراقيين المسافرين الى السعودية للحج في كانون الثاني 2004. وخلال انتدابه للعمل في قاعدة عسكرية قرب النجف صور المتهم خارطة سرية تبين طرق القوات الأمريكية خلال معركة النجف في آب 2004 والتي تكبد فيها الجيش الأمريكي والعراقي خسائر كبيرة .

في ايلول 2005 استرجع الاف بي آي هذه الوثائق اثناء تفتيش شقته في بروكلين. واحدى الوثائق لم تذكر لأنها مازالت سرية. ويقول المسؤولون انهم وجدوا رسالة الكترونية واتصالات مع مخبر عراقي للجيش الأمريكي اسمه كفاح. كما وجدوا اتصالات له مع شيوخ عشائر قيل انهم كانوا يرشونه
وعلق المدعي العام بينتون كامبيل على الحكم "اولئك الذين يعرضون الخطط العسكرية والاستخبارات للخطر سوف يجابهون بتحقيق ومحاكمة شديدين" )

وهذه قصة اهديها للمتعاونين مع الإحتلال ، فالحكم لمدة عشر سنوات كان لتهمة حيازة صور وثائق وخرائط (التهمة في الحقيقة اخراج وثائق الى خارج مكانها بدون تصريح) ولم تثبت عليه تهمة التخابر او التجسس، لأنه لم يمسك متلبسا بتسليم الاوراق للمقاومة او لأي شخص أو جهة لأن الوثائق وجدوها في شقته في امريكا. ولكن من الأدلة التي استعانوا بها انه اتصل بعراقيين (كانوا عملاء مثله وليسوا حتى معادين للأمريكان). طبعا قدم للمحكمة وحوكم لأنه أمريكي الجنسية (ولو كان غير ذلك لانتهى في غوانتنامو)، وتهمة الاتصال (مجرد بالايميل والتليفون) مع عراقيين اعتبرت دليلا كافيا على الادانة. هذه القصة اهديها بالأخص للمترجم الذي ارسل لي رسالة يسأل فيها "اين في الدستور مكتوب ان التعاون مع الأمريكان خيانة؟" تعتقد كم سنة كان القضاء الأمريكي سيحكم على هذا المواطن لو وجدوه يعمل ويقيم في معسكر المقاومة ؟ إن التخابر والتعاون مع العدو والعمل لديه وقبض أجر منه، هو خيانة في كل الدول وفي كل القوانين منذ بدء التاريخ.
مثل هذه القصص تزيد من شكوك الجيش الأمريكي من أي عراقي حتى لو خرج من جلده ليثبت جدارته بالثقة.

يقول المترجم فراس انه حضر يوما اجتماعا قال فيه ضابط الامن الاقليمي للامريكان حديثي الوصول الى العراق انه ليس هناك عراقي يمكن الوثوق به.(نيويركر – الكاتب جورج باكر)
في أحد المواقع يعلق احد المترجمين السابقين على هذا الموضوع بقوله "عملت مترجما في الجيش الأمريكي ومع كل المساعدات التي نقدمها يطلق علينا الجنود احيانا وصف ارهابيين او مجرمين. وكأننا لسنا جزءا من الوحدة التي نعمل فيها."

ويقول انه مهندس كيميائي في الأصل وانه قرر ترك العمل بسبب التهديد الذي يصله من المقاومة ولأنه شبع من البهذلة في القواعد الأمريكية.

والجيش الأمريكي لايركن للمترجمين المحليين وهم الذين يحوزون ادنى درجات التصاريح الأمنية، ويعمل طوال الوقت على الحرص منهم ومراقبتهم حتى بدون ان يعرفوا ذلك . استمعوا الى هذه القصة التي نشرت في صحيفة الشرق الاوسط

(يقول نشأت «كان معنا مترجم عراقي محلي هو في الاصل مدرس لغة انجليزية في احدى مدارس بغداد بجانب الكرخ، وخلال مداهمة للوحدة الاميركية التي كان يعمل معها لبيت عائلة عراقية، حيث وجدوا اكثر من بندقية كلاشنكوف في البيت ووجه الاتهام لابن العائلة وكان عمره لا يتجاوز الثامنة عشر. وهنا حاول المترجم العراقي مساعدته وبدأ يدلي بحديث غير الذي كان يقوله الشاب المتحمس الذي كان يشتم الاحتلال. لم ندر بان قائد المجموعة الاميركية كان يسجل نص الحديث كاملا ليتم اسماعه الى مترجم عربي غير عراقي قام بترجمة الحديث بالضبط، وجاءت الترجمة الصحيحة مغايرة تماما لما قاله المترجم الذي ادَّعى ان لغته الانجليزية محدودة ولم يستطع الترجمة حرفيا، لكن هذا لم يقنع قائد الوحدة التي كنا فيها، مما ادى الى اعتقال المترجم وحتى اليوم لا نعرف نحن او عائلته أي شيء عن مصيره").

ويخضع المترجم العراقي الى اختبار الكذب كل ستة شهور. وهناك قصة حول موضوع اختبار الكذب هذا :

(في يوم من اواخر 2004 ، حاول ليث الذي كان يعمل في مؤسسة (المنحة القومية للديمقراطية NED ) المستحيل للعمل في السفارة الأمريكية وقد نجح في المقابلة في المنطقة الخضراء ودعي لاختبار الكذب. بعد ان ربط بالماكنة، بدأت الاسئلة "هل كذبت في حياتك على عائلتك؟ هل تعرف اي متمرد؟ وعند بعض الأسئلة فكر كثيرا قبل أن يجيب ، وحين انتهى الاختبار، دعا فني الجهاز ، المسؤول الأمني وصرخ في ليث "هل تعتقد انه يمكنك ان تتحايل على الولايات المتحدة ؟ من ارسلك ؟ " وهرع به الى باب الخروج حيث هدده الفني بأنه سيبلغ المسؤولين في مؤسسة المنحة القومية للديمقراطية ليطردوه- صحيفة نيويوركر)

مع أن الخبراء المختصين لا يعتبرون اختبار الكذب مما يعول عليه، لأن ردود أفعال الأشخاص تختلف في الأوقات العصيبة ، او لمجرد ربطهم بآلة. انظروا مثلا حال المريض من شدة تفصد العرق وسرعة النبض لمجرد ربطه بآلة رسم القلب او رسم الدماغ.

ويقول ضابط الجيش بول فولينو من ولاية اوهيو "لدينا دائما هذا الخوف من ان يسربوا القضايا الامنية العملياتية . نريد ان نثق بهم ولكن الحرص واجب"- صحيفة ساينس كريستيان مونيتور

وقد نشر موقع بريس تي في presstv.com قصة غريبة تتهم الجيش الأمريكي بقتل المترجمين الذين يكونوا قد اطلعوا على معلومات سرية يخشى من تسريبها. ويعزى لمصدر استندت عليه الصحيفة قوله ان مقتل العديد من المترجمين بعد خروجهم من المنطقة الخضراء في انفجار سيارات، يثير الريبة خاصة ان مثل هذا التكتيك ليس غريبا او جديدا على الجيش الأمريكي. وأنه حالما يطلع اي مترجم على وثائق سرية ، يتحول الى خطر يدرج على قائمة القتل الأمريكية.

**

ومن اجل اثبات الإخلاص يبذل المترجمون كل الجهد، ويتبرعون بكل انواع المساعدة . كانوا مثلا يقدمون النصح والاستشارة بدون ان يطلبها الأمريكان منهم . ويقول فراس (مقالة betrayed بقلم جورج باكر) ان بريمر ومستشاريه الامريكان كانوا لايستمعون الا الى المنفيين الطائفيين القادمين معهم من الخارج الذين لايعرفون الشعب العراقي ، ويهملون سؤال المترجمين الذين عاشوا في العراق كل هذه السنوات ويعرفون كل شيء، ويفسر ذلك بالقول "ربما كانوا مهتمين بابلاغ واشنطن ما تريد ان تسمعه وليس الحقائق" ويقول ان الوضع تغير فيما بعد حين حلت السفارة الامريكية محل سلطة الائتلاف المؤقتة ، حيث جاء الدبلوماسيون المحنكون وبدأوا يعطون فراس والمحليين الاخرين خاصة من الخدمة الخارجية سلطة اكبر ويشجعونهم على كتابة تقارير يرسلون بعضها الى واشنطن.

ولكن ظلت الريبة قائمة مع ذلك ، وكان يمنع المترجمون من الاقتراب من صالة الالعاب الرياضية (الجيم) والمطعم القريب من السفارة ، ويمنعون من دخول سوق الجيش PX واذا ارادوا شراء نظارة او ملابس داخلية او اي شيء، يطلبون من أمريكي شراءها لهم.

يقول علي "جاء الناس الى الامريكان بوجوه صادقة وولاء كامل ولكنهم منذ البداية لم يثقوا بنا"
ويبدو ان الحب بين المتعاونين والأمريكان من جانب واحد فقط .اسمعوا هذه القصة:

"هل تعتقد ان الامريكان محتلون وليسوا محررين للعراق؟ قل هذا لذلك المترجم العراقي المصاب الذي حين احس انه على وشك الموت ناشد القائد الأمريكي ان ينتزع قلبه ويدفنه في امريكا" – من كتاب "لحظة الحقيقة في العراق " بقلم مايكل يون.
**

ومن جانب المحبوب فإن اكثر أسباب الشكوك طرافة بالنسبة لي هو ماحدث لأخينا المترجم الكردي البيشمركة سامان كريم احمد، والذي رفض طلبه للاقامة الدائمة في أمريكا (ولا ادري لماذا يلجأ بيشمركة وكردي الى امريكا ، ولا ينعم بكردستانه الآمنة خاصة أن الأكراد يحبون الأمريكان ولا يعتبرون من يتعاون معهم خائنا، بل بطلا).

في 23 مارس 2008 ، نشر ضابط المارينز ترينت غبسون رسالة يعدد حسنات سامان وكيف خدمهم بالغالي والنفيس ، وانه حسب توصية من الجنرال ديفد بترايوس، استطاع سامان ان يهاجر الى الولايات المتحدة ضمن أول خمسين مترجما عراقيا وافغانيا حصلوا على تأشيرة بموجب برنامج خاص. ولكنه بعد ذلك وفي شهر شباط 2008 رفضت الجهات المعنية طلبه للاقامة الدائمة . ليش ؟؟ هذا هو الطريف في الموضوع. السبب هو انه كان عضوا في قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني وكانت ادارة الهجرة الامريكية قد وضعت هذا الحزب على لائحة "المنظمات الارهابية" بسبب سعي الحزب للاطاحة بحكومة عراقية شرعية (أيام صدام حسين) وحسب النص في قانون ادارة الهجرة "ساعدت هذه ا لقوات على القيام بهجمات واسعة النطاق واثارة تمرد ضد نظام صدام حسين خاصة أثناء الحرب الايرانية العراقية وعملية عاصفة الصحراء وعملية تحرير العراق "

وتعتبر ادارة الهجرة ان القيام بمثل هذه العمليات ضد حكومة قائمة يعتبر حائلا لقبول الشخص في الولايات المتحدة . اي انه غير حائز على الثقة .

شيء غريب أليس كذلك ؟ مع ان الأكراد الان حلفاء واصدقاء وفد حزام، وأن نظام صدام حسين كان عدوا تسعى امريكا نفسها للاطاحة به وقد نجحت بمساعدة هؤلاء الخونة .

ولكن هذا يبين لكم ان الخائن يظل خائنا ، لا يثق به أحد حتى من استخدمه، حتى لو كانت التوصية به آتية من بترايوس.

نفهم الآن اسباب العراقيل التي وضعتها الولايات المتحدة ومازالت تضعها أمام لجوء عملائها الصغار اليها. من يخون وطنه الأم، يسهل عليه خيانة وطنه بالتبني.

ولكن هناك أسباب أخرى تحول دون قبول اعداد كبيرة من المتعاونين في الولايات المتحدة . وهذا سيكون موضوع الحلقة الاخيرة غدا .





هناك تعليقان (2):

  1. (على كف عفريت)
    "السبب هو انه كان عضوا في قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني وكانت ادارة الهجرة الامريكية قد وضعت هذا الحزب على لائحة "المنظمات الارهابية" بسبب سعي الحزب للاطاحة بحكومة عراقية شرعية (أيام صدام حسين)"
    ومن هنا يتبين لنا أعزائي الاطفال ان الحزب الديمقراطي الكردستاني هو منظمة ارهابية.
    يحاول الاطاحة بحكومة عراقية شرعية .... لا.. ...دقيقة ...نظام صدام حسين يهدد الامن العالمي ( كولن باول/مجلس الامن – شباط 2003)......ها يابا ..شحچينا ؟ مو گلتلكم زيبق؟..تچييه يمنه يروح يسره , تچييه يسره يروح يمنه........ليش هذاك الرجٌال مچان يعرف شنو اللي ديصير......والله لو اچيلكم سوالف اللي صادفته ..لا اخللي شعركم ايشيٌب وبعد ما ينفعى اي صبغ شعر! آني معليٌيه باصحاب عيون الخُضرأشگد ايشوفون امريكا خضره...آني رجٌال عيوني سوده.

    عشتورة....ما گلتيلي وصلتچ الرسالة ؟ لو صادروها بالطريق .... الله يخليچ گوليلي حتى اذا مصادريها احسب حسابي و أشلع!! ها صُدگ محچيتلچ على قصة ذاك الرجٌال ويه الهجرة الفرنسيه.....ذكريني بعدين احچيلچيا...هسة نعست اريد اروح أنام.


    عراق- يعيش بالزريبة الامريكية

    ردحذف