"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

25‏/7‏/2014

العشائر العراقية من وجهة نظر عسكرية أمريكية -1

غارعشتار
المقدمة هنا 
بقلم: المقدم مايكل آيزنشتات
ترجمة عشتار العراقية
  معلومات انثروبولوجية للجنود: ماهي العشيرة؟
العشيرة هي شكل من أشكال الهوية السياسية القائمة على أساس  نسب مشترك. وهي ليست بالضرورة مجموعة النسب، حيث أن فروع العشيرة  قد تخلق علاقات قرابة زائفة أو تغير هويتها القبلية أو الانتماءات لأسباب  سياسية أو اقتصادية، أو أمنية. والعشائر قد تكون ايضا من تكوين طائفي او عرقي مختلط.  وبالتالي، فإن عشائر شمر والجبور مثلا  في العراق لها فروع سنية وشيعية، بينما المنتمون الى قبائل كاشكاي في إيران يتحدرون من  اصول تركية وفارسية وعربية وكردية ولاك، ولوري، وغجر.
ليس هناك  قبيلة "نمطية" فالقبائل قد تضم  قواعد متنوعة للقرابة، والهيكلية، وأنواع من السلطة السياسية، وأنماط الحياة (المستقرة وشبه الرحل، والرحل)، والتي قد تتأثر بالأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسات الحكومية. وهكذا، على سبيل المثال، تميل القبائل العربية من شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وشمال أفريقيا، على الأقل تقليديا، لتكون مجموعات متعادلة نسبيا وغير هرمية  تفتقر إلى هيكل قيادة متطورة، في حين أن القبائل التركية من سهوب آسيا الوسطى تميل إلى أن تكون هرمية و شديدة المركزية يحكمها مشايخ أقوياء.
على الرغم من  المساواة نسبيا في أيديولوجية القبلية العربية ، ولكن، في الواقع، يوجد تفاوت كبير في المكانة والسلطة والثروة داخل القبيلة الواحدة وبين القبائل.  مثلا  تميل الأسر التي تنتمي الى القبائل المستقرة القوية ويأتي منها الشيوخ الى تشكيل نسب مهيمن افضل حالا واكثر نفوذا من الاسر الاخرى في العشيرة. . اما القبائل البدوية ذات الأصل"المشترك" فهي محط استهانة من قبل تلك القبائل
ذات المنشأ "النبيل"، في حين أن القبائل المستقرة القوية (الأكبر عددا) تنظر باستصغار الى القبائل المستقرة الضعيفة.(الأقل عددا).

القيم والمعالجات والنظام في العشائر العراقية
تظل القيم القبلية متأصلة بعمق في المجتمع العراقي وكان لها تأثير عميق على الأعراف الاجتماعية العراقية والثقافة السياسية. (هذه الملاحظة تنطبق على بقية العالم العربي أيضا.) وتشمل هذه القيم: الأهمية الكبيرة للتضامن الجمعي ('العصبية)، والذي ينعكس في الولاء للأسرة والعشيرة، والقبيلة، إلى جانب رغبة قوية للحفاظ على استقلالية القبيلة أمام القبائل الأخرى، والجماعات غير القبلية، والسلطات؛ ومن القيم أيضا الشرف الفردي والجماعي، والشرف الجنسي (العرض)، والمقصود به عفة نساء العائلة؛ والرجولة (المروة)، والتي تنعكس في المزايا الشخصية مثل الشجاعة والولاء، والكرم، والضيافة؛ والفخر بالنسب .

وتشمل المعالجات القبلية الصراع التقليدي بين الأفراد والمجموعات مثل الثأر، فضلا عن آليات  تنظيم وتسوية مثل هذه النزاعات وهي: وقف إطلاق النار(عطوة)، الدية (الفصل)، واتفاق السلام (الصلحة).
وتجرى هذه العمليات وفقا للقانون القبلي ( العرف)، تمييزا له عن الشريعة (الإسلامية) أو القانون المدني، ويتم تطبيقه بشكل رئيسي في المدن والقرى الريفية وبعض المناطق الحضرية، على الرغم من أنه ليس واضحا الى أي مدى يطبق العرف العشائري في العراق اليوم.
تنظيميا، تتكون قبائل العراق من مجموعات قرابة متداخلة (شبه هرمية). وهناك الآلاف من العشائر، ومئات من القبائل، واكثر من عشرين اتحادات قبلية في العراق اليوم، ولكل منها   شيخها. (اعترف نظام صدام حسين  رسميا بحوالي 7،380 شيخ عشيرة.) وقد تختلف المصطلحات المستخدمة لوصف مجموعات القرابة ومعانيها حسب القبيلة أو المنطقة، ومع ذلك، فإن رجال القبائل في كثير من الأحيان يختلفون حول الأنساب القبلية، والعلاقات، والتسميات، مما يعقد جهود الغرباء لفهم علاقات وآليات، وسياسات القبائل.

وقد تسبب انهيار سلطة الحكومة المركزية  وتفاقم العنف السياسي والطائفي في أعقاب عملية حرية العراق (يقصد الحرب على العراق) في أن يلوذ الكثير من العراقيين بالأسرة أو القبيلة أو الطائفة أو الجماعة العرقية للحصول على الدعم في مواجهة التحديات اليومية المعاشة في عراق ما بعد صدام. ونتيجة لذلك، برزت الهويات القبلية بروزا كبيرا في العراق في السنوات الأخيرة. ولكن مع ذلك، سيكون من الخطأ المبالغة في التشديد على دور القبائل أو اعتبار القبيلة هي العامل المركزي التنظيمي في المجتمع العراقي اليوم.  فأجزاء كبيرة من العراق يسكنها سكان غادروا النظام القبلي أو لاينتمون اليه اصلا.  والهوية القبلية غالبا ما تتنافس مع ، وتتضاءل أمام اشكال اخرى للهوية (الطائفة والعرق، والطبقة، أو التوجه الأيديولوجي). وعلاوة على ذلك، أدى زوال النظام القديم إلى صعود قوى اجتماعية جديدة وجهات فاعلة في العراق وخاصة الحركات الإسلامية، والميليشيات، والأحزاب، والتي تلعب دورا متزايد الأهمية في السياسة العراقية. ومن جهة اخرى فإن الأحداث الأخيرة في محافظة الأنبار، تثبت أنه في ظل ظروف معينة، مازالت القبائل تلعب دورا حاسما.
 لايوجد على الأقل في النصوص المتاحة صورة مفصلة ومحدثة للنظام القبلي في العراق. ويستند معظم ما هو معروف عن ذلك على عدد قليل جدا من الدراسات التي أجريت منذ أكثر من نصف قرن،
وتملأ الثغرات في المعلومات المقدمة في كثير من الأحيان  عن طريق استدلالات مستمدة من  الدراسات الحديثة التي أجريت في الدول العربية المجاورة. في حين أن هناك عددا من خلاصات مفيدة عن قبائل العراق  قام بها باحثون عراقيون، وهذه هي إلى حد كبير كتالوجات القبائل وأفرعها، ومشايخها وهي في حاجة ماسة إلى التحديث. أخيرا، لم يكن هناك أي جهد منهجي لتقييم أثر العنف وسياسات التحالف و الحكومة العراقية على القبائل وحالة العلاقات بين الجماعات القبلية وغير القبلية في المجتمع العراقي. وآمل أن تشكل هذه المقالة خطوة أولى متواضعة في هذا الاتجاه.
++
الحلقة الثانية هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق