"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

15‏/4‏/2012

تنشيط الأذهان في قضية كوفان - 5

الجزء الرابع هنا
تحقيق: عشتار العراقية
في هذا الجزء سوف أعيد نشر مقالة مهمة جدا، كان قد ترجمها قاريء من قراء موقع (دورية العراق) مستخدما اسم "الكندي". والمقالة مشهورة بعنوان (الرجل الذي باع الحرب) بقلم: جيمس بامفورد ومكتوبة بإسلوب رائق وعذب ومثير مثل فيلم بوليسي مشوق.
المقالة الأصلية هنا
الروابط الذي وجدت فيه المقالة المترجمة بعد احتجاب (دورية العراق) هنا وهنا.
بسبب طول المقالة فإني سوف اضطر لتقسيمها الى أجزاء أيضا، لكنكم لن تندموا على قراءتها، ولن تعتبروا وقتكم ضائعا.
**
بقلم: جيمس بامفورد
ترجمة: الكندي (خصيصا لدورية العراق)
قادت الطريق المفضية إلى حرب العراق إلى أماكن غير متوقعة. إحدى هذه الاماكن كان فندقا أنيقا تحتضنه سلسلة بارات التعري وبيوت الدعارة التي خصصت لإرضاء الأجانب في مدينة بتايا على خليج تايلند .
 في 17 ديسمبر 2001 م وفي غرفة صغيرة وعلى صوت اصطدام أمواج المد، ربط موظف وكالة المخابرات الأمريكية CIA القطب الكهربائي المعدني بإصبع السبابة وخاتم في يد رجل مستغرق في التفكير يجلس على كرسي مبطن ذو مسند . بعدها مد الموظف صماما بلاستيكيا أسودا و سميكا و مطويا كآلة الأكورديون الموسيقية حول صدر الرجل و صماما آخر حول بطنه، أخيرا لف قطعة سميكة حول شريان الرجل العضدي من أعلى ذراعه.
 كان هذا الرجل الموصل لجهاز كشف الكذب هوالعراقي عدنان إحسان سعيد الحيدري ، البالغ من العمر43 عاما والذي فر من بلاده كردستان وقرر الآن إسقاط نظام صدام حسين . لساعات ، وخلال ما كان الجهاز يطبع خطوطا دقيقة على طيات من الأوراق البيانية كان الحيدري يفتري قصة ملغومة .
 وبالإجابة بنعم أو لا على سلسلة من الأسئلة، أصر على تكرار أنه كان مهندسا مدنيا ساعد رجال صدام على دفن أطنان من الأسلحة النووية والكيميائية و الحيوية بسرية تامة. واستنادا إلى رواية الحيدري فإن هذه الأسلحة غير الشرعية قد دفنت في آبار خفية تحت الأرض مخبأة في فلل خاصة ومخفية حتى تحت مستشفى صدام حسين أكبر مؤسسة طبية في بغداد .

لقد كان أمرا تافها وفظيعا ذلك الدليل الذي كانت إدارة بوش تبحث عنه. و لو كانت الاتهامات صحيحة لأعطت البيت الأبيض سببا مقنعا لغزو العراق وإسقاط صدام . لهذا السبب أوفد البنتاجون خبيرا في جهاز كشف الكذب من وكالة المخابرات الأمريكية CIA إلى بتايا، وذلك لاستجواب الحيدري واثبات بشكل نهائي أن صدام كان يخزن أسلحة الدمار الشامل سرا .
 كان هناك فقط مشكلةُ واحدة: هو أن الأمر كله كان عبارة عن كذبة. فبعد مراجعة القُمَمِ الحادّةِ والوديان العميقةِ على مخططِ جهاز كشف الكذبَ، استنتج ضابطَ المخابرات بأنّ الحيدري قد لفق القصة كاملة، على ما يبدو، على أمل ضمان الحصول على التأشيرة.

كان يمكن أن تنتهي القصة المفبركة إلى هذه النقطة، حكاية اللاجىءِ السياسيِ الذي يحاولُ شق طريقِه إلى حياة أفضل ,لكن كون أن القصّةَ لم تكن حقيقيةَ لا بعني بأنّها لا يُمْكن الاستفادة منها. فالحيدري، في الحقيقة، كَانَ نتاج عملية سرية جزء منها جاسوسية وآخر حملة إعلامية .مموّلة من قبل وكالة المخابرات المركزيةِ ووزارة الدفاع الأمريكيةِ لغرض واضحِ وهو تسويق حرب للعالم. والرجل الذي كَانَ لِفترة طويلة مسئولا عن التسويق لهذه الحرب كَانَ شخصا سرّيا وغامضا مِنْ مؤسسةِ واشنطن، يسَمّى جون رندون .

جون رندون
  رندون هذا كان رجلا يَمْلأُ حاجة، قلة من الناسِ يجيدونها في هذا الزمن.. فقبل شهرين من إخضاع الحيدري لاختبار كشف الكذب، منحته وزارة الدفاع الأمريكية سرَّاً 16 مليون دولار كعقد لاستهداف العراق وخصوم آخرين بالدعايةِ.
 كأحد أقوى الناسِ في واشنطن، فإن رندون يعتبر زعيما في الحقلِ الإستراتيجي المعروف بإدارةِ الوعي، أو مُعَالَجَة المعلوماتِ والتلاعب بها.، وصولا إلى وسائل الإعلام الإخبارية للوُصُول إلى النتيجة المنشودة وراء هذا التلاعب. من خلال شركته،  مجموعة رندون ، حصد رندون الملايينَ مِنْ عقودِ حكوميةِ منذ 1991، عندما استأجرته وكالة المخابرات المركزيةِ للمُسَاعَدَة في تهيئة الظروف لإزالةِ صدام حسين مِنْ الحكم.
 ولقد استطاع رندون باستخدام قدرته و سلطته غير العادية في جمّعَ مجموعة المعارضين المعاديين لِصدام، أسمَاهم هو شخصياً-- المؤتمر الوطني العراقي -- وعَملَ على رعايتهم إعلاميِا وكان مستشارا كبيرِا لهم للعمل على تأسيس انتفاضة ضدّ صدام. تماما كما لو أنّ الرّئيس جون كندي كَانَ قد أوكل عملية خليج الخنازيرَ إلى شركةِ العلاقات العامةَ والإعلان المملوكة لوالتر ج. تومسون .
"إنهم متحفظون حول ما يَعملونَ"، هكذا يَعلق كيفن ماكولي ، المحرّر في الصحيفة الإقتصادية والتجارية O'Dwyer's PR Daily اليومية، ثم يكمل قائلا: إنها أنشطة سرية وغامضة.
بالرغم من أن رندون يُنكرُ أيّ تدخّل مباشر مَع الحيدري فإن هذا الهارب كَانَ آخر من تم إطلاقه في عالم الحرب الإعلامية السرية بواسطة رندون. 
ففي عمليةِ وجّهتْ مِن قِبل أحمد الجلبي – وهو الرجلُ الذي ساعده رندون على الظهور كزعيم للمؤتمر الوطنيِ العراقي –تم إحضار الحيدري الهارب إلى تايلند، حيث كوّمَ في غرفة فندقِ لأيامِ مَع ناطق بلسانِ المجموعةَ، يدعى زاب سثنا.
إن هذا الحزب يقوم بتدرّيب َالمعارضين بشكل دوري على رواية قصصِهم الكاذبة ، و يُجهّزُهم لإمتحاناتِ جهاز كشف الكذبِ، و سثنا كَانَ بالتأكيد مناسبا لهذه المهمّةِ - حيث حَصلَ على تدريبه في فَنِّ الدعايةِ في مجموعةِ رندون.
طبقاً لفرانسيس بروك رجل المؤتمر الوطني العراقي في واشنطن وموظف سابق في مجموعة رندون ، فإن هدف عمليةِ الرندون كَانَ بسيطَا وهو : الضْغطُ على الولايات المتّحدةُ لمُهَاجَمَة العراق وإسقاط صدام حسين.
 بينما عادَ مسؤولُ وكالة المخابرات المركزيةَ بالطائرة إلى واشنطن بمخطّطاتِ كاشفِ الكذب الفاشلةِ في حقيبتِه، لم يتردد الجلبي و سثنا, حيث رَفعا سماعة الهاتف، واستدعيا صحفيين اثنين من الذين لديهم تاريخ طويل في مساعدة المؤتمر الوطني العراقي على الترُوّيجُ لقضاياه , وعرِضا عليهما معلومات حصرية عن أسلحة الدمار الشامل المرعبة لصدام حسين.

ولضمان النشر حول العالم ِ، إتّصلَ سثنا، ببول موران الصحفي المستقلّ الأسترالي الذي عَملَ كثيراً لهيئة الإذاعة الأسترالية. "أعتقد أني عِنْدي شّيء سَتُهتَمّ ُ به"، هكذا خاطب سثنا بول موران الذي كَانَ يعِيشُ في البحرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق