"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

4‏/1‏/2011

منتزه الجادرية وكونشرتو البيانو في مدينة الصدر- 2

ترجمة وتعليق : عشتار العراقية

تركناكم هنا في الجزء الأول ، وأهل الجادرية يعيشون أحلاما وردية وفوشيا وقرمزية . والآن بعد سنتين يكتب ارنيستو لوندونيو من واشنطن بوست في 3 كانون الثاني 2011.

بعد ماتركنا الشباب الراكض نحو التغيير يلعب بالماي اللي أمر بترايوس ان تملأ به البحيرة التي أحالها الإحتلال خرابا.

عادت البحيرة يابسة وارضا يبابا بعد أكثر من سنتين بشوية. بل أن المكان اصبح أنقاضا والمراجيح اللي صوروا بها الاطفال لزوم الدعاية والبروباغندا اصبحت مجرد كومة من الحديد الملتوي، والمكائن المائية ولا ادري ماذا مما يتطلبه تشغيل ماء الشطف على الدرج مال أم عماد، توقفت بسبب احتياجها الى قطع غيار.

هسة هذا الصحفي المشاغب اللي كتب هذا التقرير اللاحق يقول أن قادة الجيش تسلموا 5 بلايين دولار لمشاريع حيوية في العراق وافغانستان ولكنها استخدمت استخداما عشوائيا في مشاريع مثل مشروع بحيرة الجادرية وهو ليس سوى سراب خادع للايهام بالتقدم والانجاز الأمريكي - يعني (وهاي ملاحظة من عشتار العراقية اللي تترجم لكم هذا التقرير بتصرف) مثل سلايد صور الدعاية المنشورة هنا والتي عنوانها -(عودة بغداد الى الحياة الطبيعية) واذا تفرجت على الصور تشوف ان حياتنا الطبيعية هي : بناتنا يرقصن الهجع في البارات الليلية واكشاك الدعارة، وهي اشتغال طفل عمره 12 سنة في محل ميكانيكي لإعالة عائلته، وأطفال العراق يلعبون مع جنود الغزاة، وطفلتان تحملان قدورا لملئها بالماء من مكان ما، لانعدام المياه في البيوت، وعلى الصورة تعليق ان البنتين تلعبان في الشارع. وهكذا.
وبدلا من أن يستخدم قادة جيش الغزاة الأموال في مشاريع صغيرة مفيدة ، صرفوها في مشاريع ذات طابع استعراضي وفائدة غير منظورة.

اللفتنانت كولونيل دنيس يتس المسوءول عن المنطقة التي فيها البحيرة والمنتزه . يقول انه لم يكن مرتاحا لفكرة صرف مليون دولار ووقت رجاله الثمين على هذا المشروع في حين ان بغداد كانت ميدان قتال ماتزال.

وقد كلف الضابط يتس ورجاله بإعادة إحياء المنتزه في ربيع 2008 يقول عن ذلك "كانت البحيرة خالية من المياه والمطاعم والاكشاك القديمة مهجورة ومنهوبة . كانت هناك حفر في الاسفلت بسبب سقوط الصواريخ والهاون.

وكانت المعارك ماتزال على اشدها بين المليشيات والقوات العراقية في بغداد وكانت عشرات الصواريخ تتساقط على المنطقة الخضراء"

يقول في وصف الحالة "كان منظرنا مثل نيرون يعزف الموسيقى في حين روما تحترق"


يقول يتس "كانت الدعاية في تلك الأيام هي - العودة الى الحياة الطبيعية - وكان احياء المنتزه يعني خطوة كبيرة في هذا الاتجاه"

وكان المنتزه وفي قلبه البحيرة قد افتتح قبل الاحتلال بشهرين ، ولكن بعد الإحتلال اقفل وأهمل وكانت هيئة السياحة التي يرأسها حزب اسلامي تنفر من فكرة ايجاد ملتقى للعشاق والرومانسية على بحيرة في بغداد ، ولهذا اهمل المنتزه حتى تحول الى انقاض. وهكذا فإن الضابط الأمريكي يعتبر أن احياء المشروع تضييع للوقت والمال لأن المسيطرين على الحكومة سوف يغلقونه ويهملونه مرة أخرى.

بعد افتتاح المشروع في صيف 2008 استمر سنة واحدة وكان الناس يرتادونه مع أطفالهم ، ولكن في ربيع 2009 قطعت الكهرباء عن المشروع و توقفت مضخات الماء عن العمل وجفت البحيرة. ويقول نائب مدير المنتزه محمود العاني ان المضخات هي روح المنتزه وبدونها يموت. وقال ان المسؤولين الأمريكان حاولوا معه ليوقع في خريف 2008 وثيقة تقر بمسؤوليته في الابقاء على المنتزه فعالا ولكنه رفض لأن الحكومة العراقية لم تلعب اي دور في اعادة اعمار المنتزه.

من مبلغ الخمسة بلايين لإعمار العراق وافغانستان التي تسلمها قادة الجيش خصص للعراق 3.8 بليون دولار ولكنها ضاعت في مثل هذه المشاريع التي لم يتابعها أحد مثلا اقيمت الكثير من الملاعب في انحاء بغداد ولكنها نهبت ودمرت.

ويقول تقرير محاسبي ان هذه المشاريع اما توقفت بسبب الاهمال او انها لم توضع موضع التنفيذ. على سبيل المثال إقامة مسرح الكونسيرت في الهواء الطلق في مدينة الصدر (خطية شكد محتاجين يسمعون كونشيرتو البيانو) والذي تكلف 250 الف دولار لم يدشن او يبدأ ابدا لأن المسؤولين المحليين والسكان كانوا يعتبرون المنطقة مقدسة ولا يسمحون بعروض موسيقية في الهواء الطلق. قال حسان الزيرجاوي وهو من كبار السن في مدينة الصدر والذي يعيش عبر الشارع من المكان المقترح "نحن لا نسمح بالرقص والغناء في مكان مفتوح"

يقول الميجور جنرال مارك هرتلنج انه اصيب بالصدمة حين كلف بمهام في شمال العراق في اواخر 2007 من طريقة صرف أموال برنامج طواريء القادة العسكريين (وهو برنامج مثل المخصصات الاجتماعية مال ضخامة الرئيس ودولة الرئيس) يقول ان المشاريع التي صرفوا عليها لا معنى لها واكثر الأموال ذهبت الى الشيوخ وكبار رؤساء العشائر الذين جعلوا الأمريكان مضحكة ومسخرة وقشمرة لأنهم اخذوا أموالهم بوعود تحقيق اشياء يعرفون انهم لايستطيعون تحقيقها (مثل كونشرتو البيانو مال مدينة الصدر) ولكن كان هناك ضغط على القادة العسكريين من البنتاغون لصرف المزيد من النقود "المطلوب كان صرف النقود على أي شيء. والقائد الذي لايصرف مخصصاته نسبة الى القادة الآخرين يعتبر فاشلا."

والميجور عنده حكمة عميقة حيث يقول "اذا رميت اموالك في أماكن لم يتم تأمينها فهي مثل رمي اللحم وسط ضباع واسود. النتيجة ستكون اقتتالا بينهم على من يحصل على الحصة الأكبر"

وقد سربت وكيليكيس في برقيات السفارات الأمريكية مؤخرا وثيقة تتحدث عن حالة مثل هذه. خلال اعتقال متمرد مشتبه به ، وجدت القوات الأمريكية في بيته اموالا يبدو انه أخذها من الامريكيين باعتباره مقاولا. وهناك اربع حالات اكتشفها المفتش الخاص لإعادة اعمار العراق تدين عسكريين امريكان بسرقة أموال البرنامج بسبب انعدام الرقابة . وهناك عشرات الحالات والقضايا على هذا النمط. ويقول المفتش العام " جريان الأموال في حقائب بهذه الطريقة اصبح إغراءا لايمكن مقاومته".

هناك حالات اكملت القوات الأمريكية مشاريع معينة ولكن جرى نهبها بعد أن سلمت للحكومة مثل فندق قرب مطار بغداد، ومحطات كهرباء.

فرجال الحكومة العراقية بدأوا ينظرون الى اموال برنامج القادة هذا باعتباره تمويلا بديلا عن الاجراءات البيروقراطية الحكومية.

وبعد أن استلمت وزارة الخارجية الأمريكية الحكم في العراق من وزارة الدفاع ، قررت الوزارة اعادة احياء منتزه الجادرية فصبت فيه رة أخرى مبلغ 177 الف دولار لشراء مضخة مياه جديدة ومعدات لرفع المياه من النهر، وتنقيتها. وساهمت الحكومة العراقية بمبلغ 207 الف دولار لتحسينات اخرى.

ما ادري ليش مصرين على صرف كل هاي الفلوس على منتزه واحد. وفي نفس الوقت يقول العاني وهو نائب مدير المنتزه انه متشائم ويرى أن الاموال الجديدة سوف لن تعيد احياء المنتزه مرة اخرى . لأن المضخات تحتاج الى كهرباء والكهرباء تحتاج الى ماء ، والماء في دجلة ودجلة عليه سدود ، والسدود عند الكاكا، والكاكا محتاج دولة والدولة تحتاج ... الى آخر القصة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق