"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

2‏/6‏/2010

تل ابيب لا تحب كلمة (الحرية) وواشنطن تكره كلمة (السلام) ! جزء 3

الجزء الأول هنا

الجزء الثاني هنا

الاستاذة والمحامية والناشطة الأمريكية فاي وليامز تستكمل روايتها لما حدث على ظهر السفينة العراقية (ابن خلدون) التي سميت (السلام) في رحلتها لكسر الحصار على العراق وكانت قد بدأت رحلتها من الجزائر في 6 كانون الاول 1990 وعلى متنها اكثر من 200 امرأة من دول مختلفة ، ووصلت ميناء البصرة في 14 كانون الثاني 1991 وتعرضت السفينة لهجوم الاسطول الامريكي وأسرها.

الذريعة المعلنة للهجوم على السفينة هو احتمال كونها محملة بالاسلحة والبضائع المحرمة ، وتعرف السلطات المعنية ان هذه الذريعة كاذبة تماما فهي تعرف مسبقا ان السفينة قد تعرضت الى التفتيش من قبل سلطات الامن المصرية ولم تعثر على اية اسلحة .

فضلا عن السكر كانت حمولة السفينة أصنافا متنوعة من الأغذية لاستخدامنا ، والاغذية حملناها لتكون هديتنا الى البصرة . اما بالنسبة لادعاء خرق الحصار التجاري فهذه التهمة باطلة ايضا لسببين : الاول ان الغذاء والدواء لايشملهما قرار الحصار الاقتصادي. وفي الواقع لو شمل الحصار الاقتصادي مادتي الغذاء والدواء فسيكون خرقا للقانون الدولي .

ثانيا : قرار الحصار الاقتصادي يشمل المواد التجارية بينما حمولة السفينة كانت من التبرعات ولم يكن الهدف منها القيام بأية عملية تجارية .

رغم ذلك ابلغنا قائد العملية انه لن يسمح لنا بأخذ السكر ولم يذكر اية مادة اخرى . طلب منا اختيار احد ثلاثة بدائل:

1- العودة الى الجزائر، اي نقطة بداية رحلتنا
2- ان نؤخذ بالقوة الى احد الموانيء التي يختارونها
3- نوافق على الذهاب مخفورين الى ميناء الفجيرة في دولة الامارات العربية .

اخترنا البديل الثالث.

مع ذلك لم يسمح لنا بمواصلة السير. بقينا في الايام التالية في عرض البحر في مكان الهجوم علينا - دون اية اوامر اخرى من الاسطول الذي استمر في حصاره لنا . وبناء على طلبنا تم اخلاء سيدتين مريضتين لاخذهما الى المستشفى، بينما تجاهلوا بقية طلباتنا للتزود بالادوية . طلبنا التزود بالماء اذ واجهنا شحة المياه في السفينة ، فلم نلق منهم اي تعاطف ، وتجاهلوا طلبنا.

بعد بقائنا في البحر مدة (15) يوما ، تسلمنا اخيرا الامر بمواصلة الرحلة . ابلغونا ان السفينة ستؤخذ الى عمان . وصلنا الى منطقة الانتظار في مسقط. لم يسمح لنا بدخول الميناء اذ لم يطلب احد الإذن اللازم بذلك .

تباحثنا فيما بيننا عما سنفعله، وقررنا الاتصال بأحد السفراء العرب في مسقط. استطعنا الاتصال هاتفيا بعدة سفراء . بعد فترة ، جاء زورق وعلى متنه خمسة او ستة من سفراء الدول ، وصعدوا الى السفينة (في مكان آخر من الكتاب نعلم ان السفراء هم السفير العراقي وسفيرالجزائر والقائم بالإعمال التونسي والسودان واليمن والاردن ) هالهم الحال الذي رأوا فيه السفينة واصابات النساء . الظاهر ان السلطات الامريكية قد خدعتهم فتصوروا عدم وجود اصابات بين الركاب.

وقد ابلغتهم السفارة الامريكية ان ليس بمقدورنا مواصلة الرحلة الا بعد تفريغ كل الحمولة من السكر والأغذية على ان لايبقى على متن السفينة الا الكمية الكافية من المواد الغذائية لاستخدامنا . ثم تغيرت الاوامر بطريقة غامضة وصارت اكثر تشددا عما كانت عليه في اليوم الأول لأسرنا.

ناقشنا المشكلة وقررنا التبرع بالحمولة . وقد تعهد السفراء بايصال الاغذية الى السودان، لتؤدي الغرض الانساني من جمعها نظرا لكون هذا البلد يعاني من المجاعة.

بعد حصولنا على الموافقة ، ابحرنا باتجاه البصرة ووصلنا اليها يوم 14 كانون الثاني 1991 . بدأت الحرب بعدها بأقل من 48 ساعة . ونظرا لقلق السلطات العراقية على سلامتنا ،

وحرصا منهم على ضرورة مغادرتنا العراق قبل موعد الانذار النهائي الذي حدده الرئيس بوش لبدء الحرب. أقلعنا (تقصد العرب والأجانب) بالطائرة في تلك الليلة . في الصباح الباكر من يوم 15 كانون الثاني وصلنا الى عمان في الاردن ومن ثم الى تونس.

من تونس اخذت الطائرة للعودة الى الولايات المتحدة وفي 16 كانون الثاني سقطت اولى القنابل على الشعب العراقي قبل وصولي الى واشنطن.

لن تكون حياتي بعدها كما كانت من قبل. اذ ترسخت قناعتي ان الحرب جريمة كائنا من كان من يبادر الى اطلاق النار . سوف اواصل الدعوة لمهاجمة الحرب اينما وقعت في العالم وسوف اعمل للسلام العادل للجميع.

(نشرت في واشنطن بوست في 31 آب 1991)

هناك تعليق واحد:

  1. ونحن معك سنواصل هذه الدعوات على كل الحروب التي تنافي الإنسانية بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء

    ردحذف