"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

16‏/3‏/2010

إنفراد: كيف تكون صحفيا وجاسوسا دون أن تعلم أو ربما تعلم !

روبرت يانغ بيلتون
 بقلم عشتار العراقية

في عام 2008 تقدم مغامران يعملان في مجال الصحافة والاعلام وهما ايسون جوردان وكان يعمل سابقا مديرا في شبكة سي إن إن للاخبار، وروبرت يانغ بيلتون وهو مؤلف ومغامر وصانع افلام وثائقية من اماكن الخطر والقتال، من الجنرال ديفد ماك كيرنان والذي كان على وشك ان يصبح القائد الأعلى في أفغانستان بمقترح إقامة شبكة تقارير وبحوث في أفغانستان لخدمة الجيش الأمريكي ومن له مصلحة من زبائن آخرين لفهم اكبر لثقافة وتفكير الشعب الأفغاني !

وكانت فكرة المشروع هو اطلاق
موقع على الانترنيت باسم أفباكس. وكان للمغامرين قبل ذلك تجربة إقامة موقع مماثل للعراق كان يرسل التقارير اليه من ضمن آخرين ، صحفيون عراقيون، وكان تمويله من جهات خاصة مختلفة ! ولكن ذلك لم يكن مربحا لهما ، ولهذا اتجها الى الجيش الأمريكي هذه المرة للحصول على التمويل..

ويمكن الذهاب الى رابط الموقع العراقي لمن يريد الاطلاع على اسماء الصحفيين الذين راسلوا الموقع بتقارير حسنة النية ولاشك ! وكانت من المراسلين المستديمين له الصحفية جين عراف، ولاشك يعرفها الكثير من رجال ونساء الصحافة في العراق فهي تعمل في العراق منذ 1998 ثم طردت وعادت بعد الاحتلال. كانت مديرة مكتب سي إن إن في بغداد (ربما من هنا صلة الوصل مع ايسون جوردان الذي كان يعمل ايضا في سي إن إن ) ، ثم التحقت بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور ، وهي تركز في عملها على (مكافحة التمرد) في العراق. ويمكن القول انها نظيرة بيلتون في كتابة التقارير من مناطق النزاع ، او بالأحرى المناطق التي تشن امريكا فيها الحروب. والغربان على أشكالها تقع.

حين عرض السيد جوردان الموضوع امام الجنرال ماك كيرنان كان هناك شخص آخر يحضر الاجتماع هو مايكل د. فورلونغ وهو ضابط طيار متقاعد ويعمل حاليا موظفا مدنيا كبيرا في الجيش في قاعدة لاكلاند الجوية في سان انطونيو وحسب جوردان فإن الجنرال وافق على المقترح وقال فورلونغ انه سوف يبحث عن تمويل للموقع وطلب الإثنان من جوردان وبيلتون ان يبدآ العمل في الموقع.

ويبدو انه تم الإتفاق على دفع ملايين الدولارات على هذا المشروع. (لا أدري لماذا يحتاج إقامة موقع الى هذا المبلغ المهول، الا اذا كان المطلوب دفع أجور للصحفيين الذين سيرسلون التقارير)

ولكن يقول جوردان ان مساعدة فورلونغ توقفت بعد تعاون محدود فقد دفع لهما مرتين : مرة عند اقامة الموقع ومرة مقابل تقرير . وكان المبلغ اقل بكثير من المتفق عليه. وكان كلما سأل جوردان السيد فورلونغ عن التمويل يقول له ان المال قد استنفد في مجال آخر.

ثم بدأ يقول لهما ان عملها غير مرض وغير مطلوب.

ويقول الادميرال سمث المدير العسكري للاتصالات الستراتيجية في افغانستان بانه حين وصل كابول السنة الماضية في حزيران 2009 عارض تمويل موقع افباكس وقال انه لا يحتاج لما يقدمه السيدان بيلتون وجوردان ، بل ان هذه الخدمة تبدو محرجة لأنها تشبه عمل المخابرات في جمع الاخبار ويمكن ان ينتج عنها ايذاء لأفراد . ويقول سمث ان السي آي أي كانت ضد المشروع لنفس الاسباب. ولكن فورلونغ اصر على دفع المشروع فاضطر سمث الى ان يقول له اخيرا "اقرأ شفتي . نحن غير مهتمين بالمشروع"

ولكن ماحدث بعد ذلك غير واضح. يقول
سمث انه حين رفض مشروع افباكس اراد فورلونغ ان يستخدم ماتبقى من اموال في مكان آخر وهنا وافق فورلونغ ان يقدم بعض المال لشركات اعلام دولية لانتداب بعض موظفيها لمكتب الأدميرال سمث للاتصالات الستراتيجية . ولكن مع ذلك بقي مبلغ 15 مليون دولار مجهولة المصير، فقد تبخرت ، ويقول سمث "لافكرة لدي اين ذهبت هذه الأموال "

المقاول روبرت يانغ بيلتون يقول بان الحكومة استأجرته لجمع المعلومات حول افغانستان وان فورلونغ استخدم المعلومات التي زوده بها بطريقة غير مناسبة "كنا نجمع المعلومات حتى يمكن تحسين فهم الاوضاع في افغانستان ولكنها استخدمت لقتل الناس "

يقول السيد بيلتون ان ملايين الدولارات كان من المفترض ان تذهب الى الموقع على الانترنيت ولكنها وجهت من قبل فورلونغ الى جمع المعلومات لغرض مهاجمة المقاتلين . ويذكر بيلتون كمثال ، فيلم فيديو كان قد صوره ووضعه على الموقع ، وقد استخدم كما قال له رفاق افغان في تحديد ضربة امريكية على منطقة وزيرستان جنوب باكستان.

بيلتون هذا سبق له ان عمل مع شركة بلاكووتر في العراق كما يذكر في موقعه الخاص (العودة حيا) فهل هناك رجل بمثل هذه التجربة الواسعة في مناطق القتال والذي يبحث عن تمويل من الجيش الأمريكي لنشر معلومات عن البلاد المحتلة واهلها ، والذي يتفق على ملايين الدولارات من اجل (موقع) لا يكلف صاحبه 7 دولارات في الشهر، يمكن ان يكون حسن النية في عرض معلومات أدت فيما بعد الى قتل واغتيالات وضربات جوية ؟ وهل يحتاج الجيش الأمريكي بكل معاهده ومراكز دراساته الى موقع انترنيتي للتعرف على ثقافة شعب من الشعوب ؟

هذا فيما يخص السيد بيلتون وصاحبه جوردان وماجرى لهما من مغامر آخر سرق اللقمة من فميهما. نعود الآن الى السيد مايكل فورلونغ الذي تصدرت اخباره اليوم عناوين الصحف الأمريكية .


تذكرون انه قبل فترة كان السيد المحترم الاخر ايريك برنس صاحب شركة بلاكووتر سابقا وزي لاحقا قد اعترف بأن السي آي أي استخدمته ورجاله الميامين في عمليات اغتيال في أفغانستان . وطبعا بما ان بلاكووتر عملت كثيرا في العراق ومازالت، فلنا أن نتصور عدد الذين اغتيلوا (حسب الطلب) من العراقيين ووضعت التهمة على عاتق (الإرهابيين والقاعدة والبعثيين ) ! لأن الأصل في المسدس المستأجر هو ان يمارس عمله في اي مكان ، واذا ذكرت افغانستان فليس من المنطق ان نتصور ان قتلة بلاكووتر كانوا في منتهى الأخلاق والفضيلة في العراق وانهم لم يمارسوا نفس الاحتراف لمن يدفع.

أثناء التحقيق الذي تقوم به وزارة الدفاع الأمريكية في موضوع اغتيالات بلاكووتر وشركات المرتزقة بصفة عامة ، وقع السيد مايكل فورلونغ في الشبكة . فماذا فعل في أفغانستان بعد أن سرق فكرة جمع المعلومات من بيلتون وجوردان، وماهي صلة الوصل التي سوف تربطه بالعراق لنعلم الى أي مدى تتسع الجريمة وتتشابك خيوطها .

سوف أحل لكم خيوطها بما لن تجدوه في الأخبار. 


الحلقة الثانية من هذا المسلسل هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق