"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

17‏/3‏/2010

إعلام وحرب نفسية وتجسس واغتيالات

بقلم : عشتار العراقية

في مقالة أمس التي نشرت هنا (كيف تكون صحفيا وجاسوسا دون ان تعلم أو ربما تعلم ) تناولت الصلة بين صحفي مغامر يعمل على هامش أجهزة التجسس والمخابرات اسمه روبرت يانغ بيلتون وعن الخطوات التي قادته الى مايكل د. فورلونغ والقائد الأمريكي في افغانستان الذي وعد بتمويل برنامج جمع معلومات ثم نكث بذلك وكيف ضاعت ملايين الدولارات بين بيلتون وفورلونغ. وقد وعدتكم ان اتحدث لكم عن الصلة بالعراق.

كان الخبر الذي نشر في نيويورك تايمز و أثار فضولي وبحثي فيما بعد، كما هي عادتي في التحقيقات التي أجريها لتفكيك وتحليل جرائم الإحتلال هو الآتي. واترجم لكم مقاطع منه :

(تحت غطاء برنامج حكومي لجمع المعلومات، قام مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية بإقامة شبكة من المقاولين (المرتزقة) في افغانستان وباكستان (وفي العراق كما سنعرف لاحقا) للمساعدة في مطاردة وقتل المقاومين المشتبه بهم حسب ما صرح به مسؤولون عسكريون ورجال اعمال في افغانستان والولايات المتحدة.

المسؤول المتورط اسمه مايكل د. فورلونغ (الصورة اعلاه) وقام باستئجار مرتزقة من شركات امنية خاصة تستعين بعناصر سابقة من السي آي أي والقوات الخاصة. وكان هؤلاء المرتزقة يجمعون المعلومات حول المطلوب تتبعهم واماكن معسكراتهم وترسل المعلومات للوحدات العسكرية ومسؤولي المخابرات من اجل القيام بضربات مميتة ضدهم.


في حين انه نشر على نطاق واسع ان السي آي أي والجيش الامريكي يهاجمون عناصر من القاعدة وآخرين من خلال ضربات جوية بواسطة طيارات بدون طيار يتم التحكم فيها على البعد، يقول بعض المسؤولين انهم قلقون من ان السيد فورلونغ قد اصبح يدير عمليات تجسس خارج الهيئات الرسمية بدون ان يعرفوا من يوجهه او يشرف على عمله.

ويعتبر من غير المشروع للجيش الأمريكي ان يستأجر مرتزقة للعمل في اعمال التجسس. ويقول المسؤولون ان الشبكة السرية للسيد فورلونغ قد تكون تتسلم تمويلا مريبا بواسطة توجيه الاموال من برنامج مصمم لمجرد جمع المعلومات حول المنطقة.
(وهو البرنامج الذي اتفق عليه روبرت يانغ بيرتون باقامة موقع على شبكة الانترنيت ينشر تقارير من افغانستان والباكستان)


ثم ان استخدام مرتزقة للبحث عن قادة التمرد والقاعدة في الباكستان قد ينظر اليه على انه محاولة للالتفاف حول حظر الحكومة الباكستانية لأفراد الجيش الامريكي من العمل داخل البلاد (وهذا في الواقع مبرر البنتاغون من الاستعانة بالمرتزقة وهو القيام بالأعمال القذرة التي يحاول الجيش الأمريكي ان ينأى بأفراده الرسميين عن القيام بها)

يقول المسؤولون انه يبدو ان عمليات السيد فورلونغ قد اوقفت وانه الآن يخضع لتحقيق جنائي من قبل وزارة الدفاع لعدد من الانتهاكات المحتملة بضمنها النصب التجاري. وكانت عملياته تتضمن شركة امريكية غامضة يديرها مسؤولون متقاعدون من السي آي أي والعمليات الخاصة وان هناك شخصية بارزة من السي آي أي كان لها دور في الكثير من وقائع السي آي أي الشهيرة بضمنها ايران كونترا، وهو دوين كلاريدج.

وجاءت الاتهامات بانه يدير هذه الشبكة حين كان مجتمع المخابرات الامريكي يواجه وقائع اخرى استخدم فيها مرتزقة آخرين (يقصد شركة بلاكووتر) في عمليات حساسة ومثيرة للجدل بضمنها مداهمات سرية في العراق وبرنامج اغتيالات تم ايقافه.

ويقول مسؤول حكومي "في حين انه لم تحبط اية عملية مخابرات شرعية ولكنها فكرة سيئة ان ترى بعض المرتزقة يتجولون في مناطق الحرب وهم يتظاهرون بانهم جيمس بوند" ولكن مازال مبهما ما اذا كان السيد فورلونغ يملك موافقات من قادة كبار او انه كان يقوم بعمليات خارج القانون .

والسيد فورلونغ وهو ضابط طيار متقاعد هو حاليا موظف مدني كبير في الجيش في وظيفة كاملة الوقت مقرها قاعدة لاكلاند الجوية في سان انطونيو.

للسيد فورلونغ خبرة واسعة طويلة في (العمليات السايكولوجية) وهو التعبير العسكري لاستخدام المعلومات في ميدان القتال (يقصد تزييف المعلومات والبروباغندا والتأثير على العدو بمعلومات كاذبة ) وقد اخذ خبرته من عدد من الاماكن بضمنها العراق والبلقان . وليس من الواضح متى بدأ عملياته ولكن المسؤولين يقولون انها تصاعدت في صيف 2009 وحين انتهت كان هو ورفاقه قد تمكنوا من اقامة شبكة من المخبرين في افغانستان والباكستان كان عملهم تحديد مواقع المتمردين.

من بين المرتزقة الذين استعان بهم فورلونغ لادارة عملية جمع المعلومات شركات اعلامية دولية ، وشركة "اتصالات ستراتيجية" خاصة يديرها ضباط سابقون في العمليات الخاصة . وشركة امنية امريكية دولية اخرى مقرها في بوسطن ويديرها مايك تايلور وهو من البيريهات الخضر . في مقابلة هاتفية قال السيد تايلور انه في مرحلة ما استأجر دوين كلاريدج المعروف باسم (ديوي) وهو مسؤول سي آي أي كبير سابق يرتبط اسمه بمغامرات السي آي أي ومنها فضيحة ايران كونترا.

في مقابلة انكر السيد كلاريدج انه عمل مع فورلونغ في اي عملية في افغانستان او باكستان وقال:لاعلم لي بذلك .

ولكن على ذمة مسؤولين عسكريين كان فورلونغ يتباهى بين حين وآخر بأن تحت امره خدمات السيد كلاريدج . في الصيف الماضي اخبر فورلونغ زملاءه بانه يعمل مع كلاريدج لضمان اطلاق سراح الجندي باو بيرغدال وهو جندي مختطف يعتقد المسؤولون الامريكان انه محجوز في باكستان.

في منتصف 2008 كلف وضع الجيش فورلونغ بمهمة ادارة برنامج لاستخدام شركات خاصة لجمع المعلومات السياسية والثقافية في افغانستان. وكرس مبلغ 22 مليون دولار من الاموال الحكومية لهذا الجهد وقد ذهب معظمه لشركة الاعلام الدولية ولها مكاتب في سانت بطرسبرغ و فلوريدا وسان انطونيو وغيرها . وعلى الموقع الانترنيتي تصف الشركة نفسها بانها شركة علاقات عامة .

ويبين الموقع ايضا ان العديد من المديرين التنفيذيين في الشركة هم اعضاء سابقون في القوات الخاصة في الجيش بضمنهم كوماندوز سابقون في قوة دلتا (خوش علاقات عامة) التي استخدمت على نطاق واسع منذ 11 ايلول في مطاردة وقتل الارهابيين المشتبه بهم.


وعلى ذمة السيد روبرت بيلتون فإن فورلونغ في حديث معه اشار الى اسطبل المرتزقة الذين يستأجرهم على انهم ((my jason bournes بالاشارة الى القاتل المحترف الامريكي الذي ابتدعه الروائي روبرت لودلوم ومثل شخصيته مات دامون.).


دعونا نبحث في سيرة السيد فورلونغ . لنرى أين كلمة السر التي سوف تكشف الصلة بينه والعراق.

تخرج في 1977 بشهادة في الصحافة والاعمال ونال شهادة الماجستير في ادارة الاعمال في 1979 و في 1982 تخرج من الكلية البحرية في نيوبورت بشهادة السياسة الدفاعية وصناعة القرار، وخدم في المجال العسكري 25 سنة . خلال مهنته العسكرية قام بتكليفات مع هيئة الاركان والجيش وقيادة العمليات الخاصة والقيادة الاوربية الامريكية . ايضا عمل مقاول عسكري لمدة ثمان سنوات. وكان مدير مشاريع لاقامة شبكات اذاعة وتلفزيون مستقلة ممولة من البنتاغون (لا اعرف كيف مستقلة وكيف ممولة من البنتاغون .. مستقلة عن من؟) في البوسنة وكوسوفو والعراق.

من الأعمال التي قام بها والتي تخصنا في بحثنا هذا هي كما يلي:

1991- 1992 ضابط عمليات مجموعة عمليات الحرب النفسية الرابعة المحمولة جوا - فورت براج

1992-1995 العمليات النفسية - مديرية العمليات البنتاغون

1995-1997 قائد كتيبة العمليات النفسية السادسة المحمولة جوا وقوة المهام العمليات النفسية المشتركة - البوسنة

1997-1998 مقاول - واشنطن

1998-2003 - قسم العلميات المعلوماتية والاتصالات الستراتيجية - شركة سايك - مساعد نائب الرئيس ومدير

2003 -2004 مقاول - واشنطن

2004-2005 مدير برنامج العمليات المعلوماتية في شركة بوز ألين هاملتون في ماكلين بولاية فرجينيا

2005-2008 نائب مدير قيادة الدعم المعلوماتي العسكرية المشتركة - ونائب قائد عنصر الدعم المعلوماتي السايكولوجي المشتركة - القيادة الاميركية للعمليات الخاصة - فلوريدا

2008 - الى الآن - مخطط ستراتيجي ومستشار التكامل التكنولوجي – قيادة العمليات المعلوماتية المشتركة – قاعدة لاكلاند الجوية - تكساس

ستلاحظون ثلاثة: اولا انه نموذج فذ للباب الدوارة (من مركز حكومي الى مقاول يعمل لحسابه او حساب غيره – الى مركز حكومي مرة اخرى ) . ثانيا – انه منذ 2003 الى 2005 عمل مقاولا خاصا في شركات عملت في العراق ايام نيغروبونتي. ثالثا – ان خبرته هي الحرب السايكولوجية وتعني باختصار : اثارة الرعب – فرق الموت – اغتيالات – تزييف وتزوير الحقائق.

الموضوع كبير و سوف يحتاج الى أكثر من مقالتين للإحاطة به، ولكن حين ننتهي سوف تجدون اجابات على اسئلة مثل:

1- ماهي صلة فورلونغ بالعراق ؟ وماذا فعل هناك؟ وهل استأجره أحد لإغتيالات في العراق؟
2- لماذا نجد الناس المتورطين بفضيحة ايران كونترا يتوافدون على العراق للعمل في مشاريع مريبة ؟ هل هذه مجرد صدفة ؟ أم أن هناك صلة ما ؟ هل تذكرون ماهي ايران كونترا؟ كانت باختصار مساعدة المخابرات الامريكية لإيران لشراء اسلحة من (اسرائيل) أثناء الحرب العراقية الايرانية !! ماذا يفعلون اذن في العراق الذي تحتله ايران وأمريكا؟
3- هل يعمل فورلونغ مع الجيش الأمريكي ام مع السي آي أي ؟ أم مع جهات أخرى ؟ ولماذا يزعم الجيش الآن انه قد أوقف أعماله ويحقق معه؟ هل تعدى فورلونغ الحدود الحمراء ؟
4- وأهم من كل ذلك : ماعلاقة أحمد الجلبي ؟

كلمة السر التي تجمع كل هذه الخطوط هي (سايك)، و(نيغروبونتي) ويفضح كل هذا تردد اسم دوين كلاريدج في القصة. وهذا ما سوف نبحثه في المقالة القادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق