"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

25‏/2‏/2015

إيران وميليشياتها وأمريكا ودواعشها - 3

غارعشتار
الحلقة الثانية
عودا على دول التحالف ضد داعش المذكورة اسماؤها في الحلقة الماضية، تختفي اسماء دول في داخل المنطقة وهي معنية جدا بإرهاب داعش، مثل ايران وسوريا والعراق (لاحظ أن كردستان رسميا مع التحالف وغرب العراق من الموصل الى الانبار مع التحالف بشكل غير رسمي ، ولكن حكومة العراق مع الحلف الايراني) بمعنى أن العراق يتناهبه الان حلفان متضادان؟ وكذلك لبنان (الحكومة مع حلف امريكا وحزب الله مع حلف ايران). ولو كان الحلف العالمي ضد داعش مخلصا لنواياه المعلنة (الحرب ضد التطرف والارهاب) لتضمن كل دول العالم او على الاقل الدول التي يصيبها الإرهاب بالدرجة الأولى (العراق وسوريا) ولضم ايران لإن خطاب (داعش) انها ضد (الشيعة).
وبالتأكيد ليس هناك روسيا او الصين او الهند أو بقية دول البريكس Brics والتي يمكن ان نستتنتج أنها قد تدعم الحلف المضاد لامريكا والناتو.
في الحرب العراقية الايرانية، كان إعلام الحرب في العراق يركز على انها القادسية الثانية وهي حرب بين العرب والفرس وبين الاسلام والمجوس. وكانت هذه هي الالفاظ السائدة من اجل ضمان احتشاد الشيعة الى جانب السنة في حرب استمرت 8 سنوات.
بعدها وكما تقول شرمين نيرواني في مقالتها (لعبة الفريق الأحمر: الاسلام ضد الاسلام) فإن القيادة الأمريكية ظلت سنوات تفكر في الخطاب المناسب لتأجيج العرب ضد ايران: هل هو العرب ضد الفرس ام الشيعة ضد السنة؟
وأعتقد أن فترة استخدام المفردات ذات المضامين القومية (العرب X المجوس) كانت ضرورية بسبب ديموغرافية العراق وبقية دول الخليج التي ساعدت في تمويل الحرب العراقية الايرانية، ولأنها كانت مازالت فترة المد القومي العروبي. وكما قلت سابقا في الكثير من مواضيعي : وضعت القومية في تضاد مع الاسلام. الآن الجميع يلعب لعبة: الاسلام ضد الاسلام ،الآن تحول خطاب العرب في المعسكر المضاد، من (المجوس) الى (الصفويين) اشارة الى اسماعيل الصفوي الذي نشر التشيع في القرن السادس عشر، وصارت المعركة بين السنة والشيعة.
ايران بعمائمها وملاليها وطبيعة تركيبة المذهب الشيعي القريب من الكاثوليكية حيث ينصاع الجميع الى تعاليم واوامر المرجع الديني الاكبر، الذي يعتبر ظل الله في ارضه وكلمته نافذة وهي التي تدخل القطيع الجنة او النار، فإيران تعتمد على عنصري انتشار الجهل والالتزام بطاعة المرجعية لدى جماهير الشيعة والاحساس بالمظلومية لتحشيد الجموع، وتوجيههم يمينا وشمالا، حتى لأظن أن المرجع لو طلب منهم ان يرموا انفسهم في البحر لأنه الاقرب الى الجنة لفعلوا. ايران إذن لا تحتاج الى جيوش مرتزقة يرتدون الأقنعة والملابس السوداء ويحتذون بساطيل الصحراء الموحدة، وإنما ينخرط في الدفاع عن (الحسين) فقراء العراق بملابسهم العشوائية محتذين النعالات أو ماتيسر. وقد رأينا قدرة ايران على حشد الجماهير وهم يمشون على الأقدام اطفالا وشبابا ونساء وكبار السن أميالا من جنوب العراق الى وسطه لزيارة المراقد (المقدسة) في المناسبات الدينية مثل عاشوراء وغيرها، وكيف يجلدون أنفسهم بالزناجيل ويضربون أنفسهم واطفالهم بالقامات والسكاكين حتى تسيل الدماء انهارا، ثم رأيناهم وهم يتسلقون اللوريات ذاهبين الى المجهول لمحاربة داعش وهم يلبون نداء المرجعية الايرانية.
ومن يحتاج الى مرتزقة مثل داعش ومن يحتاج الى اقنعة وملابس سوداء واستعراضات بالسيوف والخناجر وعلى ظهور الخيل مثل قوات داعش الهوليوودية ، حين يكون لديك مثل هذا الظهير الحقيقي من الشيعة مغسولي الدماغ ؟
على الجانب الآخر اخترعت امريكا وحلفها جيشا (اسلاميا سنيا) كامل الأوصاف قادما من بطون التاريخ: اللحى والشعور الطويلة، والملابس والعمائم ورفع السيوف على ظهور المركبات رباعية الدفع، واحيانا لمزيد من الايحاء يتقدمهم فارس على حصان، ترفرف فوقه الرايات السود، ولاستكمال المنظر، هناك خليفة عباسي بساعة رولكس ظهر مرة واحدة في العمر في مشهد درامي انطبع في الأذهان.
وهذا الجيش السينمائي يبدو وكأنه لايعادي ايران فقط وإنما هو ضد العالم كله: وخطابه يتجاوز (السنة x الشيعة) الى (الخلافة الاسلامية ضد الكفار) وكانت اول عملياته ضد (الكفار) في العراق من المسيحيين والإيزديين اللذين يقطنون في المناطق (المتنازع عليها) مع الأكراد والتي يجاهد هؤلاء على ضمها الى (كردستانهم) لأنها (بالصدفة) مناطق طافحة بالنفط ايضا. ثم انتقلت داعش الى مناطق الأكراد في سوريا والتي يرغب هؤلاء في فصلها عن سوريا الأم لضمها الى جمهورية كردستان العظمى. وهكذا نفهم أن وظيفة داعش الأساسية هي تحقيق الأماني في التقسيم والإنفصال لدى بعض أقليات العراق وسوريا، وهو مطلب يلاقي هوى في نفوس القوى الاقليمية والدولية. ومن اجل التقسيم والتفكيك لابد من حرب كبرى ، والحرب هذه المرة لاتنفذها جيوش اجنبية نظامية وإنما: شعوب المنطقة بشكل ثورات فوضوية، فتتغيرانظمة وتحل جيوش وتفتح مخازن الاسلحة والحدود ثم ميليشيات طائفية ثم قوى مسلحة مدربة مرتزقة عابرة للحدود تغزو البلدان من الخارج. ثم طائرات قاصفة تدير  الفوضى على الآرض من السماء يساعدها إعلام يضخم ويهول ويخلط الأوراق ويصطنع وقائع او يمحو حقائق وينفذ ماتعجز عنه جيوش الاحتلال.
كيري وزير خارجية امريكا مع جواد ظريف وزير خارجية ايران
في وسط كل هذا يقال لنا أن امريكا تفاوض ايران وأن اوباما يمانع فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها. وفي نفس الوقت، تظهر ايران - بعد انكارها الطويل - نفوذها العسكري في العراق بعدة أشكال منها هذه الصورة الرمزية التي تصور بأفضل مايكون إحكام قبضة ايران على العراق الذي تديره أحزاب وميليشيات موالية: قاسم سليماني يحيط بذراعيه هادي العامري الذي خلع الملابس المدنية وارتدى الميليشياوية.


ولكن ماهي القوى الداخلية والاقليمية التي تبرز في هذه (الملحمة) المصطنعة المستدعاة من بطون الكتب المقدسة ؟ من سوف يذهب ومن سوف يبقى؟

الحلقة الرابعة هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق