"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

28‏/10‏/2012

حسبة برزاني - 3

 الجزء الثاني
بقلم: بن فان هيوفلن
نرجمة : عشتار العراقية
آشتي هورامي
من جانب آخر فعلت كردستان كل مايمكنها عمله من اجل خطب ود شركات النفط, وتبدو العاصمة اربيل مثل مدن الطفرة النفطية حيث الفنادق الفاخرة تقام الواحد تلو الاخر، وسماسرة العقارات يقلّبون المنازل مثل قطع الكعك للبيع بأسعار متضخمة. وفي قلب هذه الوفرة هناك وزير الموارد الطبيعية اشتي هورامي الذي ركز ستراتيجية التنمية على عقود النفط التي تعد بعوائد كبيرة تعوض عن المخاطر السياسية التي تأتي مع الإقليم.
وهذه المخاطر حقيقية لأن بغداد لاتعتبر الصفقات الكردية غير قانونية فحسب وانما هي تهيمن على شبكة انابيب التصدير في البلاد. وحتى الان فإن منتجي النفط في كردستان قد صنعوا معظم ارباحهم من بيع النفط الخام بنصف السعر لمصافي النفط المحلية في المنطقة. وهم يصدرون بشكل متقطع من خلال خطوط انابيب بغداد ولكنهم لم يستلموا الا جزء من  المبالغ مقابل ذلك الانتاج. ولا احد يعلم علم اليقين كيف او ما اذا كانت الحكومات المركزية والاقليمية سوف تتفق على ترتيبات نهائية لدعم التصدير واسع النطاق الذي تحتاجه اكسون وشيفرون.
وفي هذه اللحطة فإن وعود هورامي كافية لطمأنة المستثمرين. وهو يتحدث عن رفع الطاقة الانتاجية الكردية خلال هذا العقد الى اكثر من 2 مليون برميل في اليوم. وفي الظاهر فإن هذا العرض غريب: اي شركة تصرف مئات الملايين من الدولارات لحفر آبار نفط
بدون خطة بيع؟ ولكن في التفكير السحري الذي يحرك احيانا الرأسماليين المتفائلين  فقد قلب المنطق التقليدي رأسا على عقب.
يقول توني هايوارد رئيس مجلس الادارة السابق لشركة النفط البريطانية والذي يدير حاليا شركة انجلو تركية صغيرة تستثمر في كردستان باسم جينيل انيرجي Genel Energy في مقابلة مع رويترز"
"ان ميزان الفرص لكردستان وللعراق كبير جدا ولهذا سيكون هناك حل" ويرى هايوارد في  كثير من الأحيان إذا تراكم النفط والمال،   بكميات كافية،فسوف يخضع ذلك التراكم لنوع من القانون الطبيعي للتناضح المالي الدولي ويقول "في سنة او اثنتين سوف ترتفع قدرة الانتاج الكردية نحو مليون برميل في اليوم وهذا نفط هائل لايمكن حبسه بسبب خلاف سياسي. ولهذا بطريقة او اخرى سوف يتم حل هذه المسألة"
يمكن ان تسميها نظرية حقل الاحلام لحل الخلاف النفطي "اذا حفرت البئر فسوف يأتون اليك" وقد تحققت مصداقية هذا الوعد حين وقعت اكسون عقودا مع كردستان ، وفي الاساس كانت الشركات الصغيرة المجهولة هي التي تلبي نداء هورامي.ولكن الان جاءت اكبر شركة ناجحة  في العالم. وبتوقيع اكسون انطلق ما يسميه هورامي بلهجة انتصار "موسم الاندماج والاستحواذ". فخلال اسبوعين في تموز وقعت شركات توتال وغازبورم وشيفرون عقودا مع كردستان.
وتقف الطفرة الاستثمارية في كردستان وقفة مجيدة مقارنة بمحاولة بغداد الهزيلة لجذب حماس مماثل. في آيار 2012 جمعت وزارة النفط مرة اخرى مديري شركات النفط العالميين في قاعة من اجل عرض آخر على غرار لعبة تلفزيونية. وهذه المرة عرض العراق 12 منطقة  استكشاف جديدة وبعض الشركات التي حضرت المزادات السابقة كانت حاضرة ولكن غاب كثير من الشركات الكبيرة. وبعد افتتاح كل منطقة للمناقصة كانت تتبعها فترة من الصمت المحرج. كان امام المشاركين 15 دقيقة لوضع ظروف المناقصات في الصندوق الشفاف ولكن ثلثي  المناطق لم  تلق اية استجابة. وكان يملأ الصمت موسيقى اغنية من فيلم "العراب" التي اختارتها الوزارة بشكل غير مفهوم كخلفية موسيقية للاستعراض (شلون اختيار مناسب). وفي نهاية  الحدث، عزفوا اغنية وطنية تدعى  (نصرلبغداد) . (هل يمكن ان يقصد (منصورة يابغداد)؟  ولكن لا ارجح ان تذاع هذه الاغنية.)
وتقول(سارة اكبر) رئيسة مجلس ادارة شركة الكويت انيرجي في مقابلة مع تقرير نفط العراق Iraqi Oil Report
" اعتقد ان على العراقيين اعادة النظر في الشروط من اجل جذب اناس اخرين. وبالشروط الراهنة لن يمكن تطوير الكثير من المناطق"

شركات النفط تهاجر للشمال ومعها تنتقل الأزمة السياسية. وقد اعلنت الحكومة البريطانية مؤخرا انها في سبيلها لاغلاق قنصليتها في البصرة واحد الاسباب هو نقل الموارد الى اربيل. والاهم من كل هذا ان كردستان تتمتع حاليا بعلاقات ممتازة مع تركيا. وتاريخيا كانت الحكومة التركية تخشى مساندة حكم ذاتي كردي في العراق خوفا من تشجيع اكرادها للمطالبة بنفس المستوى من الاستقلال. ولكن سلسلة من المحركات الاقليمية دفعت بالطرفين الى علاقة وثيقة: الحرب الاهلية في سوريا وتحالف المالكي المقلق مع ايران وازدهار الاقتصاد التركي المحتاج الى الطاقة. وفي كل هذه الاسباب يمكن للاكراد العراقيين ان يكونوا حلفاء نافعين. (نسي ان يقول ان الشركات التركية هي التي تستولي اقتصاديا على كردستان)
وعلى هذه الخلفية فإن الحكومة التركية وافقت على بناء انابيب نفط وغاز الى الحدود الكردية، ومثل هذه البنى التحتية ستكون عاملا للتغيير في العراق والاقليم.( يتحدث الكاتب دائما على ان العراق شيء والاقليم شيء آخر) . من شأن ذلك ان ينقل كردستان الى حالة الاكتفاء الذاتي اقتصاديا وهذا بدوره يهدد بامكانية قطع علاقات الاعتماد المالي على بغداد وهو السبب الذي منع كردستان حتى الان من اعلان نفسها دولة مستقلة.
كل هذا يغضب ويقلق المالكي فانفصال كردستان جزء من مشكلة اكبر وهي انها تصنع سابقة لبقية مناطق العراق التي تلحظ باهتمام وحسد نجاح كردستان وتريد تقليده.وبدأ السياسيون حتى المتحالفين مع المالكي يطالبون بنوع من الحكم الذاتي ضمن نظام فدرالي فضفاض واذا حدث ذلك في محافظات مهمة مثل البصرة وهي مصدر 70% من انتاج النفط في العراق فإن ذلك سوف يضعف حكومة  المركز الى درجة كبيرة.
وحتى الان فإن الدفع باتجاه حكم ذاتي في مناطق خارج كردستان كان ضعيفا بسبب ان المالكي يحتفظ بسلطة كبيرة باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ولكن الحركة الفدرالية تعكس المخاوف التي عبر عنها طارق شفيق في 2006: العراق دولة تتنافس مع نفسها لكسب الاستثمار الاجنبي ويسكنها خوف من ان تتفجر الخلافات الداخلية في اشكال عنف او حتى حرب. والكثير من منتقدي بغداد في كردستان وداخل شركات النفط يلومون الحكومة لكونها بخيلة جدا ومسيطرة . وقد يكونون  على حق ولكن هذه فقط اعراض شلل سياسي اعمق يساهم فيه الكرد والشركات مساهمة كبيرة.

من وجهة النظر الكردية الصورة مختلفة تماما بطبيعة الحال. لقد استخدمت هذه الاقلية عوامل التنافسية الديناميكية في الرأسمالية الدولية من اجل الحصول على  مستوى  غير مسبوق من السيطرة على مصيرها بنفسها. لقد استغل الكرد القوة الكاملة للقطاع الخاص. او كما قال رئيس الاقليم مسعود برزاني مرة "اذا جاءت اكسون موبيل فسوف تعادل 10 فرق عسكرية امريكية .. سوف تدافع عن المنطقة اذا كانت مصالحها فيها"

االمصدر
* بن فان هيوفلن مدير تحرير (تقرير نفط العراق Iraqi Oil Report)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق