"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

27‏/7‏/2012

ريموت كونترول

 بقلم عشتار العراقية
نعيش حاليا انعطافة تاريخية حيث يعاد تشكيل عالمنا. لا ادري اذا كان هذا شيئا باهرا: اقصد الحياة وسط معمعة اعادة كتابة التاريخ ورسم الجغرافية، بحبر أحمر من دم البشر. هل علينا ان نتفرج أم نشارك بقوة؟ وفي أي اتجاه؟ هل نتوارى؟ هل نستمر في فضح الحقائق كما نراها؟ وهل تهم الحقائق أحدا بعد الآن؟ بعد أن ساهمت تكنولوجيا المعلومات في تزييف الوعي وتوجيه العقل؟ أسألكم سؤالا واحدا: هل لاحظ أحدكم بماذا يلعب الأطفال في هذا الجيل؟ حتى الأطفال الذين عمرهم  سنة واحدة ، المرحلة التي يبدأ تشكيل الوعي لديهم بما حولهم ؟
كان الأطفال يفرحون بلعبة عروسة او دبدوب من القطن او مسدس من البلاستيك او مجرد طرق أواني المطبخ لإصدار أصوات مغرية. ولكن لاحظوا الآن كيف يترك ابن السنة الواحدة كل الألعاب التقليدية التي انهالت عليه في عيد ميلاده، ويمسك برموت كونترول التلفزيون او الهاتف النقال الذي يجده في طريقه. مفتونا بمسألة الضغط على الأزرار. صدقوني، كل المعلومات التي سوف تستمدها الأجيال القادمة لن تكون عبر الطبيعة او حكايات  الجدات او الكتب أو نصائح الأمهات أوخبرات الآباء، بل عبر هذه الشاشات  المضيئة الملونة المتحركة الغريبة الساحرة.. الآن نعيش نحن  الأجيال القديمة هذه اللحظة التاريخية حيث  يعاد رسم عالمنا بالدم والفوضى، وحيث يبدو كل شيء مشوشا، فلا نعرف على وجه اليقين اذا ماكان مانراه ونسمعه هو حقيقة أم خيال يتلبس لبوس الواقع. كل ذلك يطل علينا من تلك الشاشات  الساحرة، ولأننا مازلنا نقيس مايحيطنا بنفس أدوات القياس القديمة، حين كنا نظن مثلا أن الصورة لا تكذب، وان الصورة بألف كلمة، فإننا ربما لا نعلم أن الصورة الآن يمكن ان تكذب بكل اشكال الكذب التي لايصدقها عقل. الآن هناك الفوتوشوب والهولوغرام وكل تقنيات التأثيرات التي تخلق واقعا من خيال. يحيرني كيف ستتمكن الأجيال القادمة من التفريق بين الزيف والحقيقة، او حتى إذا كان مهما بالنسبة لهم التمييز. سوف يريحهم  ان تفكر لهم تلك الشاشات اللامعة  التي يديرها لاعبون على الكيبورد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق