"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

25‏/8‏/2011

سر المناطق "المتنازع عليها": نفط وتجسس وأمن قومي أمريكي

 التقرير يتعلق بعقود النفط التي عقدتها حكومة اقليم الشمال منفردة مع شركات عالمية في مناطق خارج سلطتها والتي كانت حسب الدستور الصهيوني تسمى "مناطق متنازع عليها" وحسب الدستور الكردي "مناطق مستقطعة" ، وبالأخص شركة هانت أويل Hunt Oil. ونتذكر انه قد حدثت ضجة في وقتها (2007) حين وقع الاكراد العقد مع هذه الشركة ولكن الضجة كانت في معظمها بسبب قرب الشركة من جورج بوش فهي الممولة له ولحزبه الجمهوري في الحملات الانتخابية. وقد كتب البعض عن مسألة توقيع عقود في أراض لا تخضع للإقليم ، مثل هذه المقالة المهمة بقلم فؤاد قاسم الأمير (هنا). الجديد الذي نقدمه لكم اليوم هو افتضاح ان شركة هانت اويل كانت تعلم قبل توقيع العقد أن المناطق محل استثمارها (متنازع عليها) ولكنها أصرت كما اصرار القيادة الكردية (من اجل خلق أمر واقع) أي أن يخلق الإقتصاد أمرا سياسيا واقعا!! وأكثر من هذا ، يفضح هذا التقرير أن الشركة في موقعها على الانترنيت تعامل (كردستان) كدولة مستقلة. وهناك خيط رفيع سوف نكشفه في آخر المقالة.

 بقلم: بن لاندو
ترجمة عشتار العراقية
وقعت شركة هانت اويل عقد مشاركة انتاج مع حكومة كردستان وهي تعلم علم اليقين ان المنطقة محل العقد تقع خارج حدود الاقليم وستكون وتظل منطقة نزاع عرقي، طبقا لبرقية وزارة الخارجية الامريكية.

مسؤولا شركة هانت اويل ديفد ماكدونالد ومارك ايرتكر (الاثنان في وسط الصورة) يكتشفان المنطقة عند عين سفني في 2007
البرقية مؤرخة 12 ايلول 2007 وقد نشرها موقع وكيليكس وهي تدرج بالتفصيل التحذيرات الرسمية من حكومة الولايات المتحدة حول المخاطر القانونية للعقد، بسبب النزاع الذي لم ينته بعد على الارض والنفط بين بغداد والاقليم- وان مثل هذا العقد يمكن ان يزيد النزاع بين الحكومتين المركزية والاقليمية.

وتقول البرقية "هناك غموض قانوني يحيط بالعقد مع شركة هانت اويل لأن المناطق في شمال نينوى التي سوف تستكشفها الشركة مصنفة على انها (مناطق متنازع عليها) حسب الدستور العراقي. وقد ابلغ مدير كبير في الشركة مسؤولا امريكيا بأن المخزون المهم من النفط في شمال نينوى يرجح على اية مخاطر قانونية ترتبط بالعقد"

كان عقد عين سفني الذي وقع في 8 ايلول 2007 أحد سبعة عقود تشمل مناطق خارج الاقليم وكان العقد حجر زاوية في ستراتيجية النفط الكردية. لإن مشاركة شركة امريكية في تطوير نفط الاقليم عززت من مطالب الاكراد في الاستقلال النفطي ودعمت موقفهم المفاوض مع بغداد.

"لقد تغلبت الارباح الهائلة الضخمة المتوقعة على المخاوف من المشاكل السياسية واحتمال ابطال العقد لاحقا" كما تقول البرقية "ويظل مشكوكا فيه ان الحكومة الكردية تملك الحق القانوني لتوقيع عقود ملزمة مع شركة هانت اويل لتغطية التنقيب والانتاج النفطي في منطقة (المقصود شمال نينوى) لاتسيطر عليها الحكومة  الكردية . ولكن بغض النظر عن المسائل القانونية ، فإن افعال الحكومة الكردية تعرقل تشريع قانون هايدروكربوني وطني"

وكانت الحكومة الكردية قد وقعت اكثر من 40 عقدا بضمنها عقودا - مؤخرا -مع شركتي هيس كورب وماراثون اويل كورب، وقد اعتبرتها بغداد غير قانونية باعتبار أن حق توقيع عقود النفط منوط بالحكومة المركزية .ومثل هذه المشاكل القانونية كان يمكن حلها بسلسلة من قوانين النفط في بداية 2007 ولكن  التشريع في البرلمان وصل الى طريق مسدود حيث لم يتفق قادة الكتل على عدة نقاط بضمنها صلاحية توقيع العقود.

بدأ الجمود السياسي حول صفقات نفط الحكومة الكردية ينكسر في بداية هذا العام. وبموجب اتفاق هش، تقوم الحكومة الكردية الان بتصدير النفط الخام وتستلم 50% من عوائده لدفع تكاليف الشركات الاجنبية . وهذه الصفقة سوف تحتاج الى اعادة التفاوض حين يتم استعادة كل التكاليف.

كانت خطوة الحكومة الكردية بتوقيع عقد هانت اويل بعد شهور فقط من كتابة مسودة قانون النفط ، هو موقف متشدد في مواجهة بغداد ، ساهم في تسميم المفاوضات حول قانون النفط وتعميق الجدل الاكبر حول الفدرالية.
والحكومة الامريكية ، على الاقل علنا، كانت ترى ان النزاع السياسي بسبب هذه الصفقات يتغلب على اية فرص اقتصادية . 

والبرقية التي نشرتها وكيليكس تفصل نصيحة الحكومة الامريكية لشركة هانت اويل  "سياسة الحكومة الامريكية لا تشجع الشركات على توقيع عقود النفط مع الحكومة الكردية قبل أن يشرع العراق قانون النفط، لأن مثل هذه الصفقات الاقليمية يمكن ان تعرقل المفاوضات باتجاه تسوية وطنية شاملة توزع فيها الثروة النفطية بشكل عادل"

ولكن رغم النصيحة فإن الحكومة الامريكية لم تتحرك لايقاف الصفقة او منع شركة هانت اويل من الاستثمار. ورغم كل التحذيرات فإن شركة هانت اويل استمرت فيها بل انها تشير الى كردستان على موقعها على الانترنيت وكأنها بلد مستقل.فتقول " لشركة هانت حاليا عمليات مستمرة في 13 دولة حول العالم " وتدرج اسم كردستان وليس العراق وتضع العلم الكردي وليس العراقي .

تتكون حكومة الاقليم حاليا من محافظات دهوك واربيل والسليمانية حسب الحدود التي رسمها العراق والامم المتحدة. ولكن خارج هذه الحدود هناك الكثير من المناطق المتنازع عليها حيث يعيش اكراد .وقد قامت السفارة الامريكية في بغداد بعمليات مراقبة في هذه المناطق عن طريق فرق اعادة الاعمار الاقليمية PRT , RRT وهي بمثابة عيون وآذان واشنطن (يعني جواسيس)  وحسب البرقية ، التي كتبت بعد يوم من توقيع عقد هانت "ابلغ  المدير العام للشركة في اوربا وافريقيا والشرق الاوسط ديفد ماكدونالد ، قائد فريق اربيل لاعادة الاعمار في 5 ايلول بأن عمليات "منطقة دهوك" حسب العقد مع الحكومة الكردية تشمل المناطق الادارية في شمال نينوى" اي انه ضمن نطاق السلطة الكردية الواقعية ولكنه رسميا وقانونيا خارجها.

وتوضح البرقية ان ماكدونالد وكذلك رئيس الشركة راي هانت كانا على علم تام بالمخاطر القانونية وان هذه المناطق لا تتبع رسميا اقليم كردستان ولكن الارباح المتوقعة غشيت اعينهم.  وربما كانت رغبة من  الشركة في تقرير امر واقع. كانت صفقة الاكراد مع الشركة مثل انقلاب سياسي كبير فقد كانت الشركة اكبر متبرع لحملة جورج بوش الانتخابية وللحزب الجمهوري كما انها كانت اكبر شركة امريكية توقع عقد نفط في العراق (آنذاك) وكانت حكومة الاقليم قد شرعت قانون نفطها الخاص بها في 6 آب 2007 قبل الصفقة بقليل وربما كان هذا هو الغطاء القانوني الذي استندت اليه الشركة.وقانون الاكراد للنفط يعطي الاولوية للحكومة الكردية للتنقيب في المناطق المتنازع عليها ويمنع الحكومة المركزية . ففي المادة 19 منه "منع بغداد من اي عمليات نفطية جديدة في المناطق المتنازع عليها" بدون موافقة الحكومة الكردية. حتى يتم الاستفتاء على تلك المناطق . ولكن المادة 20 "تسمح للحكومة الكردية بتوقيع عقود انتاج مشترك مع شركات النفط الاجنبية في المناطق المتنازع عليها"

عقد هانت اويل كان ثالث عقد توقعه الحكومة الكردية في مناطق خارج سيطرتها ، وبعد ذلك وقعت اربعة عقود اخرى خارج مناطقها.(مع شركات اماراتية وكندية وبريطانية وروسية واسترالية ) (يعني أدخلت مصالح دول كبرى في المناطق المتنازع عليها).

أحدث العقد مع الحكومة الكردية هزة داخل اوساط واشنطن لأن راي هانت كان يشغل منصب مستشار في الهيئة الاستشارية للرئيس لشؤون الاستخبارات الخارجية (من 2002 - 2009 (وقد تغير اسمها منذ ذلك الحين الى (هيئة الرئيس الاستخباراتية الاستشارية) وفي فترة عمله خلال تلك الفترة وقع صفقة نفط الكرد وهو ايضا عضو في مجلس النفط الوطني وهي هيئة استشارية لوزير الطاقة الامريكي.

بعد الصفقة مباشرة تساءل اعضاء من الكونغرس وغيرهم عن الروابط التي تربط بين مستشار استخبارات خارجية ومتبرع رئيسي للرئيس وحزبه (بضمنها 35 مليون دولار لتمويل مكتبة بوش الرئاسية في جامعة بتكساس) وصفقة من الواضح انها تعمل ضد المصالح الامريكية لتحقيق حل سياسي في العراق.

وقد القت جلسات الاستماع في الكونغرس اللوم على وزارة الخارجية لانها لم تفعل مايكفي لمنع الصفة ودعت البيت الابيض لاتخاذ اجراءات. وفي بداية الامر انكر هانت انه او فريقه قد ناقش الصفقة مع مسؤولين امريكان قبل التوقيع وانه لم يستلم اي تحذير رسمي ، كما صرح في صحيفة وول ستريت جورنال

ولكن ناقضه  مسؤول في شركة هانت اويل حين أعلن في اتصال مع وزارة الخارجية بتاريخ 6 ايلول 2007 بعد يوم من لقاء هانت مع فريق اعادة الاعمار التابع للسفارة الامريكية وقبل توقيع العقد وقد نشر موقع (تقرير نفط العراق) هذه الحقيقة في 12 تشرين اول 2007

الآن نعلم من برقية وزارة الخارجية التي سربها موقع وكيليكس ان الشركة كانت على علم تام بمخاطر العقد .
++
سؤال غار عشتار هو : لماذا يشغل مدير شركة نفط منصبا استشاريا استخباراتيا في البيت الأبيض؟

نفط = تجسس وأمن قومي امريكي

هذه هي العلاقة التي جعلت عصابات الكرد تختار شركة هانت اويل لتطبيق الأمر الواقع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق