"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

3‏/12‏/2010

وكيليكس: عملية مخابراتية ؟

أبو البراء العراقي يسألني سؤالا.. ولكن السؤال طويل شوية .. ومهم جدا.


سؤالي هو:

مالذي منح ويكيليكس كل هذه المصداقية ؟؟؟

الكل يتحدث عنه اليوم كما تحدثوا عن القاعدة حين اخترعها الامريكان لاهداف معلومة فلماذا لا يكون ويكيليكس احدى الاختراعات الجديدة للامريكان؟

عزيزتي قد طرحت التساؤل وسوف ابين لك ما جعلني اشكك بمصداقيتها:

1- ان التقدم التقني والبرمجي الذي وصل اليه الامريكان هائل لدرجة تفوق التصور خصوصاً في مجال التجسس و الاختراق والحماية فهل يصعب عليهم حماية وثائق بهذه الاهمية ؟؟؟؟ او اختراق الموقع ومحو الوثائق ومنع نشرها فضلاً عن التفوق المخابراتي والاستخباراتي فلم يعرفوا شيئاً عن تسرب الوثائق قبل نشرها ؟؟؟

2- كمية الوثائق المسربة : هل يعقل ان تسرب وثائق بهذا الكم الهائل دون ان يعلم احد الى ان نشرت على موقع ويكيليكس ؟؟؟؟ فلو انها وثيقة او اثنان لهان الامر لكنها بلغت ملايين ما يثير الشبهه من وجهت نظري

3- اللهجة التعنتية لتصريحات المسؤولين الامريكيين بخصوص التفاوض مع ناشر الوثائق والتي تذكرنا بلهجة التحدث عن القاعدة حينها

4- غرابة هذا الامر تكمن في ان الوثائق امريكية فهي لم تسرب من دولة من العالم الثالث او الثاني او حتى من دولة من دول العالم الحر كما يسمي نفسه بل من رائدة العالم الحر

بل انها لم تحدث بعد تفكك الاتحاد السوفييتي ولا حين تفككت يوغسلافيا فكيف يحدث مثل هذا الخطب الجلل لامريكا وهي في اوج عظمتها ؟

وهناك من يقول انها تطال مواطنين و جنود ومسؤولين امريكيين فكيف يفضحون انفسهم ؟

اقول لقد قتلوا رئيسهم جون كيندي و فجروا مركز التجارة العالمية لاجل اهداف معينة فما الضير من التضحية ببعض اكباش الفداء لاهداف اخرى

واخيراً انا لا اقول انها ملفقة او خالية من الحقيقة لكنها خلطت الحقيقي مع الملفق لرفع هذا و طمر ذاك وعندي بعض الامثلة لكني اطلت كثيراً فاتمنى ان يتسع صدرك لما كتبت وان اجد عندك جواب يشفيني.

ختاماً تقبلي ودي واحترامي

ابو براء العراقي

++

جوابي هو :

لقد أجبت أنت على سؤالك. انها خطة (حرب نفسية) او عملية مخابراتية في منتهى الذكاء. ولكنها تتبع أيضا بعض الخطوط العريضة لروتين المخابرات الأمريكية . منها نشر ما تريد نشره عبر شخص او جهة غير امريكية : وفي هذه الحالة كان اسانج وهو ليس مواطنا أمريكيا، وكان اختيار الصحف التي نشر فيها وثائق العراق مثلا مريبا ايضا فقد اختار من بين الصحف (دير شبيغل الألمانية) وهذه الصحيفة بالذات هي منفذ مخابراتي أمريكي ، فقد اعتادت السي آي أي نشر التلفيقات عبرها.

أيضا تستطيع أن تفهم الغرض من التسريب حين تنظر بشكل عام على طبيعة الوثائق والرسالة التي تريد ايصالها :

رسالة الوثائق الأفغانية كانت : طالبان تتعاون مع القاعدة . وبن لادن حي يرزق وقد شوهد بعد 2006 وليس كما نزعم انه ميت منذ 2001.
رسالة الوثائق العراقية : كل الجرائم والتعذيب ترتكبها الحكومة وليس الأمريكان ، وايران تتعاون مع القاعدة ، وكل الاسلحة والذخائر التي يستخدمها (المتمردون) ايرانية. الزرقاوي شخص حقيقي وليس كما نزعم وهمي، ففي احد التقارير البريطانية العسكرية فلت من بين ايديهم وكانوا يترصدونه.
رسالة البرقيات الدبلوماسية: تدخل ايران الواسع في العراق وفي افغانستان وان كل حكام منطقة الشرق الاوسط (الكبير) بضمنه الدول العربية والاسلامية وحتى الاوربية والاسيوية يشجعون ويحثون على ضرب ايران.

بمعنى آخر أن الوثائق المسربة في كل التسريبات الثلاث كانت تؤيد الدعاية الأمريكية وتسندها بوثائق. خاصة تلك التي لا تستطيع توثيقها مثل حقيقة بن لادن او الزرقاوي او رأي الحكام غير المعلن. ومن الواضح دبلوماسيا ان الرأي الخاص الذي يقال بين الحجب والاستار وفي حالات الفرفشة او التهور لايعتبر موقفا لدولة ما لم يعلن في بيانات رسمية عن طريق وزارة خارجية كل دولة .

في الوثائق المسربة اخيرا وهي برقيات السفارات الامريكية ، اصبت بالخيبة لأني لم اجد في كل برقيات سفارة امريكا في العراق سوى البرقيات التي تتناول النفوذ الايراني، وكأنك تخرج بحصيلة ان سفارة ضخمة وهائلة وبعدد موظفين لم يسبق له مثيل، لا تنشغل في الساحة العراقية الا بالنفوذ الايراني الذي جاءت به وشجعته امريكا ذاتها من خلال الاستعانة بذيول ايران في حكم العراق. لم اجد برقية واحدة حول قضايا تعج بها الساحة العراقية . ومن المعروف ان أية سفارة في أية دولة لديها ملحقون ومستشارون في كل المجالات : العسكري والثقافي والتعليمي والتجاري والزراعي والمخابراتي ايضا الخ . لم نجد برقية واحدة مثلا عن حال التعليم المتدهور في العراق، لم نجد برقية واحدة عن حالة التجارة أو الاسواق، لم نجد برقية تتحدث عن تفسخ النسيج الاجتماعي بفعل الاحتلال، لم نجد اي شيء من هذا . كانت العراق =ايران فقط. وكأن مسرب الوثائق ركز على ناحية واحدة من نواحي الساحة العراقية . لماذا ؟

السبب هو أن التسريب مقصود ومحدود برسالة موجهة الى العالم .

أما هل كانت بعض الوثائق ملفقة ؟ نعم ولكنها قليلة جدا ومدسوسة وسط الوثائق الاخرى . ولكن بشكل عام كان (التلفيق) عبر الاقتصار على وثائق معينة يعتبر نشرها توجيها معلوماتيا يخدم الرسالة المراد ايصالها. مثل اقتصار البرقيات العراقية على النفوذ الايراني فقط.

وقولك صحيح في أن الوثائق نشرت حقائق. نعم مثلا حقائق قتل المدنيين على نقاط التفتيش وكانت هذه كثيرة في الوثائق العراقية ، وهي تدين الأمريكان. ولكن :

1- قتل المدنيين عند نقاط التفتيش وعند الاقتراب من مركبات المحتل، ليس سرا ، وانما هي حقائق معروفة للضحايا واهل الضحايا ولكل العراقيين. وامريكا لا تجد في هذا جريمة ، لأنها في كل الوثائق (وقد ترجمت بعضها) تعتبر القتل جزءا من طبيعة وشروط قواعد الاشتباك ، حيث يحذر الجنود المدني العراقي مرة واثنين وثلاث فإذا لم ينتبه او لم يتوقف كان من حقهم قتله. ثم قد يدفعون الدية لارضاء الاهل او العشيرة بمبلغ لايناسب دية كلب يقتل في الشوارع الأمريكية. اي انهم يفعلون اللازم ولاغبار عليهم ، وهم يصلون الى نتيجة ان العراقيين يعرفون قواعد الاشتباك والتحذيرات فمن يقتل فهو يتحمل مسؤولية موته. اقصد ان كل الوثائق التي نشرت عن العراق لم يكن فيها سر لانعرفه. البعض من العراقيين فرح بأن امريكا (تعترف) بقتل العراقيين في نقاط التفتيش واعتبر هذه مستمسك ينفع لمحاكمتها. ولكن امريكا تعترف بذلك حتى قبل الوثائق وتعطي جنودها حصانة ، وهي تعتبر الضحايا من ضمن (الاضرار الثانوية) التي تحدث في حالة الحروب خاصة ان الوثائق جميعا تبين ان جنودها قاموا بالذي عليهم : اطلقوا طلقات تحذير في الهواء، واصابوا محرك السيارة حتى تتوقف، واذاعوا تحذيرات صوتية بالعربية والانجليزية للتوقف. ولكن العراقي لم يتوقف وهكذا اعتبروه ارهابيا يستوجب قتله.

2- كما تقول في رسالتك : هم خلطوا الوثائق بالصحيح والمدسوس او بمعنى آخر بما يدينهم ويدين غيرهم. ولكن كما بينت اعلاه: مايدينهم لايشكل دليل جريمة حيث هي حقائق منشورة ، ولكن مايدين غيرهم يغلب على تلك الحقائق في كثرته وأغلبه مما لم يعلن سابقا فهو يعتبر الكشف الذي ستوجه اليه الانظار.

من ذكاء هذا التسريب عبر شخص غير أمريكي ثم وضعه داخل زوبعة من الاتهامات ليس الخيانة من بينها لأنه ليس امريكيا ولكن تهما متهافتة بالاغتصاب ، والزعم بمطاردته والتضييق عليه . ولو ارادوا ايقافه كما قلت انت لفعلوا ، وبهذا يجعلون الناس تصدق ان التسريب حقيقي وليس مقصودا من جهات استخبارية. وهناك الان فعلا في الاوساط الاعلامية من يشكك - كما فعلت انت - بحقيقة أسانج وموقعه ، ومن يؤيده ويعتبره بطلا. وهذا شيء طبيعي من عمل المخابرات : أي انهم لو ارادوا دس شخص مخبر بين حزب من الاحزاب او فصيل مقاوم ، او عصابة مجرمة ، فسوف يصنعون له تاريخا اولا، مثلا يضعونه في السجن لمدة معينة باعتباره مناضلا او مجرما (حسب الحالة) ثم يطلقونه وآثار التعذيب بادية عليه، وهكذا تصدق الجهة التي يدس اليها ان الشخص لاعلاقة له بالشرطة او المخابرات. فمن الطبيعي ان يكون هناك مزاعم بملاحقة اسانج كشخص، وحتى اغلاق موقعه فترة من الفترات ولكن بقدرة قادر لايمنعه هذا من نشر كل تلك الوثائق.

اذا أردنا بحسن نية أن نعتبر أسانج وسيطا حياديا وجد بين أيديه اكواما من الوثائق فنشرها، لابد أن نشعر بالتأكيد - طبقا للمعطيات اعلاه - أن مسرب الوثائق ليس ذلك الجندي الأمريكي الذي يبلغ من العمر 20 سنة والذي قيل انه في السجن حاليا، وانما جهة استخباراتية في وزارة الدفاع او الخارجية الامريكية أو خارجهما، حددت وتلاعبت بالوثائق وهي التي سربتها الى وكيليكس.

هذا هو جوابي.
وفي النهاية ياريت تذكر لنا الأمثلة التي تعتبر انها ملفقة واستخدمت (لرفع هذا وطمر ذاك) فإن في ذلك فائدة لكشف الحقيقة.

وملاحظة أخيرة: اذا راجعتم الوثائق التي ترجمتها ووضعتها في ملف خاص، ستجدون أني حاولت أن أركز على الجرائم التي اقترفها الأمريكان، ولم اتوقف عند الترجمة فقط وانما ربطتها بأحداثها الواقعية حين نشرت في حينها وتناقض الاخبار مع التقارير الخ. واعتقد ان هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من الاستفادة من هذه الوثائق ومن تسريبها. ندرس طريقة كتابة جنودهم التقارير، ندرس طريقة تحليل التقارير من قبل ضابط المعلومات في نفس الوثيقة، ندرس رموز وحداتهم القتالية وغير القتالية. ندرس الوثيقة كوثيقة عسكرية وليس كناقلة لحقيقة ما او واقعة ما . علينا أيضا أن نختار ما نريده من وثائقهم ونصنع عبرها رسالتنا ضدهم ، وليس الرسالة التي يريدون هم ايصالها لنا .

عشتار العراقية

هناك 3 تعليقات:

  1. اذن وما تعليقكم على ان الموقع قد اغلق بعد تعرضه لعمليات قرصنه متكرره

    ردحذف
  2. لقد أجبت على سؤالك أعلاه في جوابي على رسالة ابو البراء، ربما يكون نوعا من تأكيد (مصداقية) الموقع في عيون الناس. ثم أن كل المواقع تتعرض لعمليات قرصنة . ولا اعلم عن موقع مثير للجدل لم يتعرض لعمليات قرصنة من جهة متضررة. وآخر المواقع التي تقرصنت هو (المتوسط اونلاين) لصاحبه الكاتب العراقي علي الصراف ، الذي انتقد القذافي ببضعة مقالات ، فهاجمته جماعة قرصنة (ليبية) ووضعت عليه صورة وكلاما يشير الى هوية القرصان الذي اغلق المكان.

    أسانج نفسه بدأ قرصانا hacker وقد كتب عن ذلك كتابا نشره في 1997 . يمكنك ان تعرف المزيد عن ذلك في وكيبيديا. ولكن رؤيته هي "اذا قرصنت لاتخرب الكومبيوتر وانما تشارك بالمعلومات". وفي سيرته انه ابتكر سوفت وير وانظمة للقرصنة، وهو يدعو الى تغيير الانظمة الظالمة عن طريق نشر معلوماتها.أي انه قرصان صاحب رؤية سياسية خاصة. ولكن ايضا بصفته قرصانا شاطرا سابقا كان من المفروض أن يحسن حماية موقعه خاصة اذا كان مطاردا من الجميع .

    ومن ناحية اخرى : كان يمكن القول انه قرصن كل تلك المعلومات والوثائق عن طريق سوفت وير وبرنامج خاص ابتكره. ولكن .. الشيء المحير هو ما كتبته اعلاه، وهي أن التسريب ليس بريئا .. أي لم يسرب كل شيء(كل الحقائق) وانما أجزاء من الحقائق.. وكل الوثائق المسربة فيها رسالة معينة تتفق مع البروباغندا الأمريكية. هذه هي التي تجلب الانتباه. حتى أن رئيس وزراء الصهاينة ابدى فرحه مؤخرا بهذه التسريبات لأنها كما يقول تتوافق مع الرؤية الصهيونية.

    ردحذف
  3. في السويد لم يتم تسريب ولا وثيقة واحدة تتعلق باحزاب اليمين. جميع الوثائق التي تم تسريبها تتعلق بفضائح قياديي الحزب الاشترنكي.
    رسالة ويكيليكس برأيي هي ذات الرسالة التي وجهها بوش 2003. ومفادها ببساطة إذا لم تكن معنا وتفعل كما نأمرك فاننا قادرين على التشهير بك. واذا لم نجد وثيقة رسمية تدينك, لفقناها.حاول ان تكذب ويكيليكس. سيسخر الجميع منك.
    لقد تم تسويق ويكيليكس كمصدر موثوق للمعلومات وقضي الامر.

    ردحذف