"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

24‏/9‏/2009

هزيمة اليورانيوم المنضب أمام القضاء البريطاني

عشتار: أتمنى أن نحتفظ بهذه الأدلة والقرائن والحجج التي يظهرها الله بين حين وآخر حتى نتمكن من المطالبة بالتعويضات لأهلنا في العراق لما أصابهم من ظلم وحيف من قبل المجتمع الدولي.


بقلم: د.هيثم الشيباني

المدخل :

صار معروفا هول الخسائر البشريه والبيئيه التي أحدثها سلاح اليورانيوم المنضب الذي تصدرت في استخدامه بشكل مروع وبشع دول عدوانيه ساديه مستهتره فوق القانون الدولي وحقوق الأنسان وقحة المبررات دونية الوسائل سفيهة المنطق مثل الولايات المتحده الأمريكيه والمملكة المتحده والكيان الصهيوني والبعض من من على شاكلتهم.

وصار معروفا أن هذا االسلاح استخدم بشكل محدد ضد شعب العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان والبلقان. لم يعد صعبا ربط الصلة بين استخدام اليورانيوم المنضب ضد العراق في عدوان عام 1991 وما تلا ذلك خلال فترة الحصار وما تخللها من موجات القصف الصاروخي بالطائرات وقذائف الكروز ثم أحتلال العراق في عام 2003 وما أعقبها من عمليات عسكريه عدوانيه أبرزها ما حصل في معارك الفلوجه وديالى ومدينة الثوره ومدينة تلعفر وجنوب العراق ووسطه بل وعموم مساحته المقاومه للأحتلال.

صار معروفا أيضا ما نشرته تقارير العراق الرسميه والمتخصصه حول الآثار الصحيه الكارثيه منذ عدوان عام 1991 وحتى اليوم و أذكر منها :

- زياده كبيره جدا في حالات الأصابة بالسرطان.
- زياده كبيره في حالات مرض اللوكيميا عند الأطفال.
- ظهور حالات غريبه من التشوهات الخلقيه في المواليد الجدد.
- زياده كبيره في حالات الأجهاض المبكر لدى الحوامل.
- زيادة أمراض الجهاز البولي خصوصا أمراض الكليه.
- زيادة حالات الموت المفاجئ والشيخوخة المبكره.
- حالات أخرى ذكرتها التقارير المنشوره.

من المؤكد أن هذه الأصابات طالت عموم سكان العراق وخصوصا المناطق المنكوبه دون تمييز بين العسكري والمدني.

الى جانب الأعراض الصحيه المنظوره بسبب اليورانيوم المنضب فان التلوث البيئي في هواء العراق وتربته وماءه سوف يشكل كوارث مستقبليه بالنسبة للأجيال القادمه وأن أعداء العراق برهنوا على كراهيتهم ضد سكان هذه البقعة من أرض المعموره.

لقد شن المحافظون الجدد واللوبي الصهيوني وأمراء الحروب المحليون والأقليميون والأمميون حملة اعلاميه واسعه من أجل تخفيف مخاوف أضرار اليورانيوم المنضب على طريقة حرب الأعلام الأستباقي لمنع ردود الأفعال الطبيعيه وأبسطها المطالبه بالحقوق والتعويضات.
الا أن تسريبات الغرب فضحت المستور بسبب الشفافية المتاحه وسعة المساحة الأعلاميه والقضاء المستقل بالنسبة لمواطنيهم قد ساعدت المتضررين منهم الذين تعاملوا مع اليورانيوم المنضب سواء كان ذلك في ميدان المعارك أو خلال مراحل تداول السلاح منذ المصنع وحتى جبهات الحرب.

ساهم بعض الغربيين في فضح جرائم سلاح اليورانيوم المنضب مثل البروفسور الألماني كونثر الذي أشرت اليه في أحد مقالاتي االسابقه .
بين لنا الدبلوماسي العراقي ناجي حرج عن الجنرال الأميركي المتقاعد (داك روي) الذي كان مسؤولاً عن وحدة اليورانيوم في البنتاغون خلال عدوان عام 1991، ثم إستقال بعد ذلك محاولا التكفير عن ذنوبه حيث قدّم شهادات ممتازة في ندوات مشتركة منها داخل ألأمم المتحدّة اقيمت في العام الماضي ويمتلك هذا الرجل خزينا زاخرا من المعلومات خاصة بالوثائق الرسمية للبنتاغون والمخاطبات داخل الإدارة الأميركية عن خطورة الموضوع في حين انها تنفي اية خطورة.

ساهمت أيضا العديد من منظمات حقوق الأنسان ومؤسسات البحث العلمي المستقله في فضح اليورانيوم المنضب ومخاطره الكارثيه على الأنسان والبيئه وفي مقدمتها مجموعة محاكمة بروكسل التي شكلها ناشطون أوربيون وعراقيون شرفاء بامكانيات ذاتيه.

هناك أيضا الناشط البريطاني نيكالوس وود والسياسي البريطاني جورج كالاوي وآخرون لا يسعني تعدادهم في هذا المقال.

لعب بعض أبناء العراق من الأكاديميين والباحثين النجباء دورا مهما وبارزا في هذا الصدد.

الحدث المدوي:

في العاشر من أيلول عام 2009 قررت هيئة المحلفين الخاصه بالتحقيق في أسباب الوفيات في منطقة مدلاندز الغربيه في بريطانيا أن اليورانيوم المنضب قد سبب السرطان القاتل للجندي البريطاني ستيوارت دايسون الذي خدم ضمن قوات العدوان على العراق في عام 1991
قدم البروفسور كرس بوسبي المستشار العلمي لمنظمة الأشعاع المنخفض والسكرتير العلمي للجنة الأوربيه لمخاطر الأشعاع دليلا مفصلا استغرق شرحه على مدى ساعتين ونصف. في اجابته للمحقق عن أسباب الوفيات والى محامي عائلة الجندي المتوفى انتقد بوسبي ضعف موديل(نموذج) المخاطر الرياضي الذي قدمته اللجنه الدوليه للوقاية من الأشعاع حول مخاطر اليورانيوم المنضب والذي كان يستبعد تلك المخاطر.

في شهر آذار قدم بوسبي تقرير احتمالات و أسباب مخاطر اليورانيوم المنضب وذلك قبل عشرة أيام من الأستماع الى مهاجمة وزارة الدفاع البريطانيه لشروحات بوسبي دون تقديم مسوغات علميه عدا استنادها على الرأي الضعيف علميا المقدم من اللجنه الدوليه للوقاية من الأشعاع. لم يحضر ممثل وزارة الدفاع في جلسة الأستماع الى قرار الحكم وفشلت الوزاره في ارسال شاهد متخصص للدفاع عن موقفها في استخدام سلاح اليورانيوم المنضب.

قررت هيئة المحلفين أن تعرض الجندي المتوفي دايسون لليورانيوم المنضب هو الذي أدى الى وفاته. وبموجب هذا القرار كسبت عائلة الجندي حقها في التعويضات من وزارة الدفاع البريطانيه.

حيث أن هذا النوع من المحلفين يتواجد في 2% من محاكم التحقيق في بريطانيا. لذلك فقد قرر المحقق في هذه القضيه مفاتحة وزير الدفاع لأن قرار الحكم كان فيه انعكاسات على سلامة أشخاص آخرين يعملون في نفس المجال الذي كان يعمل فيه الجندي الضحيه.

كان هذا القرار أول حالة تقوم بها محكمة بريطانيه لتسليط الضوء على دليل يتعلق بتأثيرات هذا السلاح على صحة الأنسان وحياته.
ان قرار الحكم الخاص بالجندي دايسون يمكن أن يشمل المترتبات القانونيه لعموم الفعاليات ذات العلاقه بصناعة اليورانيوم المنضب والمعادن الثقيله الأخرى.

من جانبها فان لجنة الأشعاع منخفض المستوى* وهي الجهة التي تهتم بتأثيرات كافة مصادر الأشعاع مثل اليورانيوم المنضب الذي تتضاعف مخاطره في حالات الأستنشاق والدخول الى الجسم عن طريق الجهاز الهضمي والجروح قد وجدت ان اللجنه الدوليه للوقايه من الأشعاع وهي مؤسسة شبه رسميه ** لم تأخذ على عاتقها عملية جمع المعلومات بشكل دقيق ومفصل كي تجري عمليات التحقق. اذ أن عمليات التحقق تتطلب توفير معطيات مهمة في اجراء التخمينات الرياضيه لحسابات المخاطر المؤكده والتنبؤ بما سوف يحصل لاحقا على صحة الأنسان والدوره البيئيه المتكونه من الماء والتربه والمحاصيل الزراعيه والحيوانات التي يعيش منها الأنسان وبالتالي الأنسان نفسه مع الأخذ بعين الأعتبار عوامل المناخ والجغرافيا والجيولوجيا. حاولت وكالة الوقايه الصحيه في بريطانيا اجراء بعض الحسابات الا أنها كانت خاطئة بموجب الرأي الذي بينته لجنة الأشعاع منخفض المستوى في كانون الثاني 2009.

الدروس المستنبطه والمقترحات :

- ان هزيمة وزارة الدفاع أمام القضاء البريطاني في 10 أيلول عام 2009 الذي أنصف أحد ضحايا تداول سلاح اليورانيوم المنضب من جنودهم يشكل نقطة ارتكاز مهمة يمكن الوثوب منها من أجل مقاضاة أعداء العراق والأمة العربية والأسلاميه عن جريمة استخدام هذا السلاح ضد البشر والبيئة في هذه المناطق من أرض المعموره التي لا ذنب لها سوى الهوية والأنتماء والعقيده.

- ينبغي أن تتولى الهيئات الرسميه في العراق وفي مقدمتها الحكومه ووزارات البيئه وحقوق الأنسان والصحه والعلوم والتكنولوجيا توحيد وتجميع ملفات كافة الخسائر البشريه والماديه والبيئيه على مستوى الأفراد والجغرافيا في العراق بشكل مؤسسي مدعوم بالحقائق والصور الموثقه مستندين على قرار المحكمه البريطانيه ومثلها في العالم أن وجدت من أجل مقاضاة ومحاسبة الأدارات الأمريكيه والبريطانيه وكافة الجهات التي استخدمت سلاح اليورانيوم المنضب منذ عدوان عام 1991 وحتى احتلال العراق في عام في عام 2003 والى وقتنا الحاضر.

- لقد برهن العالم البريطاني البروفسور كرس بوسبي أن انتزاع حقوق ضحايا اليورانيوم المنضب ممكن وذلك بالحجة العلميه حتى ضد أكبر المراجع الحكوميه المتخصصه في مجال الوقايه من مخاطر الأشعاع المؤين. وفي هذا الصدد فان علماء العراق والباحثين فيه استطاعوا منذ تسعينيات القرن الماضي أن يقدموا البرهان العلمي للربط بين آلاف الأعراض الصحية القاتلة والمعوقه التي أصيب بها العراقيون من جراء اليورانيوم المنضب وذلك باستخدام الطرق الرياضيه في حسابات المخاطر الآنيه المقرونه بالقياسات الميدانيه وكذلك التنبؤات المستقبليه لتلك المخاطر.

- هناك حاجة ماسة الى اعادة تشكيل منظمة الطاقة الذريه بكامل برنامجها النووي السلمي ومجلس البحث العلمي وقيام وزارة التعليم العالي بدعم الدراسات الجامعيه المتخصصه في مجال البيئه الأشعاعيه والفيزياء الصحيه والفيزياء الطبيه وطب الأشعاع والطب النووي بمختلف فروعه وتطبيقات الأشعاع من أجل الصناعه والزراعه وفحوص المواد والتنقيب الجيولوجي وغير ذلك.

- ان اعادة التشكيل المشار اليها أعلاه ضمانة أكيدة لايجاد الأرضية العلميه المقتدره ومراجعة وتحديث وتفعيل التشريعات البيئيه المستنده الى الدساتير والقوانين والتعليمات والتوصيات العالميه و رفد القضاء العراقي والعالمي بكل ما ينبغي من أجل مقاضاة الدول المارقه العدوانيه ومسائلة رموزها وقادتها و محاسبتهم على جرائم القتل العمد والتشويه الخلقي والتدمير البيئي ومطالبتها بالتعويضات المجزيه لكافة الضحايا أوعوائلهم وتكاليف ازالة تلوث الأرض والمياه وفق المعايير العالميه.

22 أيلول 2009

المصدر/ شبكة البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق