"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

14‏/2‏/2009

اكذوبة إعادة الإعمار: جون نيغروبنتي وعصابات آكلي لحوم البشر

ياللمفارقة نيغروبونتي الى جانب لوحة بيكاسو (جيرنيكا) التي تصور المذبحة


بقلم عشتار العراقية

كلنا نعرف ان جون نيغروبونتي كان مجرما. ما أن عين في منصب السفير حاكم العراق بعد بول بريمر حتى توالت المقالات من الكتاب الأمريكان والعراقيين للتحذير منه باعتباره مهندس فرق الموت في هندوراس وامريكا اللاتينية. وكلنا ربطنا بين وجوده في العراق وانتشار اعمال الخطف والذبح والتقاتل بين السنة والشيعة. ولكننا لم نقل كيف. وبأية طريقة. لم نجد الخيط الرفيع الذي يصله بكل هذا . كانت اتهماتنا له ظرفية وليست مباشرة.

جون نيغروبونتي ولد في بريطانيا لأبوين يونانيين ، ثم اكمل دراسته في الولايات المتحدة ولابد انه اكتسب الجنسية هناك، وتزوج واحدة تفتخر بشجرة عائلتها التي تنتهي الى (العائلة المالكة) والواقع انها تنتهي الى باربارة فيليرزعشيقة تشارلس الثاني ملك بريطانيا في القرن السابع عشر، والتي كانت على علاقة بالملك وهي متزوجة من آخر، وانجبت 6 اطفال خمسة منهم من صلب الملك والسادس مجهول الأب.. اعرف ان الناس يحبون ان يفتخروا بانتسابهم الى نبلاء او انبياء وما الى ذلك ولكن الى عشيقة ملك، فهذا شيء جديد. المهم . هذا شيء هامشي في موضوعنا. ولكن زوجته هي التي صعدت به الى علية القوم ومصاف الطبقة العليا في أوساط الاستخبارات البريطانية ثم الامريكية.

في سيرته المهنية نجد:

1960-1997 عمل في الخدمة الخارجية
1981-1996 خدم سفيرا في هندوراس والمكسيك والفلبين
بعد تركه الخدمة الخارجية خدم ادارة بوش بصفة الممثل الدائم في الامم المتحدة من 2001 - 2004
ثم سفيرا في العراق من حزيران 2004 الى نيسان 2005
2005-2007 اول مدير للاستخبارات القومية وهو منصب بمستوى وزارة مهمته التنسيق بين اجهزة الاستخبارات الامريكية .
في 2007 استقال من منصبه وعاد الى وزارة الخارجية
2007- حتى منتصف كانون الثاني 2009 نائب وزيرة الخارجية

من هندوراس التي عمل فيها سفيرا من 1981 الى 1985 تبنى 5 اطفال هم أولاده الآن : مارينا والكساندرا وجون وجورج وصوفيا.

الرجل يبدو لطيفا وعفيفا وكل مناصبه رسمية ، والرجل يترقى من منصب الى آخر. ولا علاقة له كما يبدو بأي جريمة اتهم بها ولا شركات خاصة. وليس هناك ما يربطه بأي شيء وبوش يذود عنه ويكذب الاتهامات التي لاحقته طوال حياته بسبب مافعله في هندوراس وامريكا الوسطى. وكأن كل ما قيل عنه كان مجرد إشاعات.

من أين ابدأ اذن مع مثل هذا ؟ يجب ان أبحث عن (العلاقة connection) . هذه هي طريقة بحثي وتحقيقاتي . ابحث عن العلاقة ! لابد ان هناك علاقة ما في مكان ما ، صلة وصل. لنبدأ في هندوراس. ولكن قبل ذلك دعونا نبحث عن النمط.

النمط الأمريكي في العراق. وقد حدثتكم سابقا عن بريمر وكان خبيرا (نظريا) في الارهاب. اي انه يصنع الارهاب ويدرسه على الورق. وضع الاسس والقوانين للارهاب في العراق. لابد اذن ان يأتي بعده من يجيد (صناعة الارهاب) عمليا. لاحظوا ان كل واحد من هؤلاء ياتي لمدة سنة وينجز جزءا من الخطة الأمريكية في العراق. هذه هي خطة (اعادة بناء العراق) ، ويجب ان تكون محددة بسنوات وجود بوش في الحكم ولهذا لابد أن تكون متواترة ومنتظمة ومحددة بمواقيت. الآن بعد مجيء نيغروبونتي امام بوش اربع سنوات اخرى في الحكم، وعليه ان يستغلها بسرعة .

خبرة نيغروبونتي في هندوراس

في عام 1981 صادق الرئيس ريغان على اجراء عمليات شبه عسكرية ضد حكومة نيكاراجوا اليسارية. وبصفته سفيرا في هندوراس لعب نيغروبونتي دورا رئيسيا في جعل تلك البلاد قاعدة لعمليات مليشيات السي آي أي (الكونترا) التي تحاول الاطاحة بحكومة نيكاراغوا. وقد جعلوا من الشريط الحدودي البالغ 450 كم مربع قاعدة للمتمردين النكاراغويين الذين تدربهم وتدعمهم امريكا. وكان ايضا له دور في حكم الارهاب الذي يشرف عليه رئيس الامن الجنرال غوستافو الفاريز مارتينيز صديقه.
وكان منسق الارهاب هو السفارة الامريكية وعلى راسها نيغروبونتي التي ساهمت في اختطاف مئات من اهل هندوراس واغتصابهم وتعذيبرهم وقتلهم من قبل الكتيبة 316 وهوجيش استخباراتي سري في هندوراس يدربه ويدعمه البنتاغون والسي آي اي.

الكتيبة 316

شاركت الكتيبة هذه بالحرب السرية الامريكية ضد نيكاراغوا واعضاؤها مدربون من السي آي اي للقيام بمهام حساسة مثل تدريب المتمردين النكاراغويين ضد حكومتهم، وحتى وضع الغام في موانيء نيكاراغوا وقد عمل نيغروبونتي بشكل وثيق مع الفاريز في الاشراف على تدريب الجنود الهندوراسيين في الحرب النفسية وفي التخريب والتعذيب والاختطاف. وكانت هندوراس ثاني اكبر مستلم للمساعدات العسكرية في هذه المنطقة بعد السلفادور. واعداد كبيرة من الجنود في هندوراس والسلفادور كانوا يرسلون الى مدرسة الامريكيتين في الجيش الامريكي للتدريب على التعذيب والاختطاف والقتل ((School of Americas وفي السلفادور كانت فرق الموت يرأسها الميجور روبرتو دوبوسون متخرج من هذه المدرسة . وكان الجنرال لويس الونزو ديسكوا الفير احد زملائه في (اكاديمية التعذيب) الامريكية هو مؤسس وقائد الكتيبة 316. ومما يثير الريب بعلاقة نيغروبونتي بهؤلاء انهم كانوا قد منحوا لجوءا في الولايات المتحدة ولكن عند تعيين نيغروبونتي ممثلا دائما في الامم المتحدة بعد احداث 11 ايلول في 2001، قامت حكومة بوش بإجلاء ديسكوا وعصابته من الولايات المتحدة خوفا من ان يعرقل وجودهم والاستشهاد بهم، مصادقة الكونغرس على تعيين نيغروبونتي في الامم المتحدة.

وبسبب هذا الاجلاء، وللنكاية، كشف ديسكوا عن علاقة وكالة المخابرات المركزية بدعم الكتيبة 316.

من خلال دعم هذه الكتيبة كان نيغروبونتي متواطئا بشكل مباشر في قتل المدنيين في هندوراس وتعذيب السجناء الذين كانوا يتركون عرايا ويقتلون بقسوة ويدفنون في مقابر مجهولة وكانت النساء تغتصب امام عائلاتهن.

كانت العمليات السرية في امريكا الوسطى تمول في جزء منها من خلال بيع الكوكايين . وحسب صحيفة نيويورك تايمز 17 تموز 1998 كان مسؤولو السي آي اي "المتورطون في برنامج التمرد لا يعبأون كثيرا بتجارة المخدرات التي يعمل بها هؤلاء المتمردون. وقد ساهم نيغروبونتي في اغلاق مكتب مكافحة المخدرات في عاصمة هندوراس حين بزغت هندوراس كقاعدة مهمة لشحن الكوكايين الى الولايات المتحدة بتسهيل من السي آي اي حيث الارباح تذهب الى الكونترا. ويقول تقرير صادر عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكية في عام 1989 (ان عناصر من الجيش الهندوراسي متورطون في حماية مهربي المخدرات).

في اول سنة من سفارة نيغروبونتي في هندوراس في 1982 سجلت الصحف 318 هجمة من الجيش على المدنيين وفي حين كانت السفارة الامريكية تنشد قصائد مديح في نظافة حكومة هندوراس من قضايا انتهاكات حقوق الانسان ويقول ريك تشايدستر وهو مساعد سابق لنيغروبونتي لصحيفة بالتيمور صن بان رؤساءه امروه بازالة اي اتهامات بالتعذيب او الاعدامات من المسودة التي كتبها لتقرير حقوق الانسان في 1982 .

في مايس 1982 ذهبت الراهبة لاتيشيا بوردس وكانت تعمل في السلفادور لمدة 10 سنوات في رحلة تقصي حقائق الى الهندوراس لبحث مصير 30 راهبة وامرأة من السلفادور كن قد هربن الى هندوراس في 1981 بعد ان قتلت فرق الموت رئيس اساقفة السلفادور اوسكار روميرو . ادعى نيغروبونتي ان السفارة لا تعلم شيئا عن مصير هذه النسوة. ولكن في مقابلة لجاك بنز السفير الامريكي في هندوراس السابق لنيغروبونتي مع صحيفة بالتيمور صن في 1996 ، قال ان مجموعة من السلفادوريين بضمنهم النساء التي بحثت عنهن بوردس اختطفوا في 22 نيسان 1981 وعذبوا بوحشية من قبل البوليس السري في هندوراس ثم تم رميهم من الجو من مروحيات وهم احياء. وان السفارة الامريكية كانت تعرف بهذا ولكنها استمرت في دعم الكتيبة 316 وفي اصدار تقارير حقوق انسان وردية عن هندوراس.

وتذكر التقارير عنه انه في بداية عام 1984 ، جاء اثنان من المرتزقة الامريكان الى نيغروبونتي وهما توماس بوزي ودانا باركر ، وقالا له انهما يريدان بيع اسلحة للكونترا بعد ان حظر الكونغرس الأمريكي المزيد من المساعدات العسكرية لهم. وتشير الوثائق ان نيغروبونتي عمل على أن يوصل الرجلان بمسؤول في القوات المسلحة الهندوراسية. . وقد افتضحت المسالة بعد تسعة شهور ولكن ادارة ريغان انكرت اية علاقة بأمريكا بهذه العملية، رغم مشاركة نيغروبونتي الموثقة.

في خلال كانون الثاني 2005 انتشرت اقوال ان نيغروبونتي يشرف على تشكيل فرق موت في العراق وتحدث بعض الكتاب والصحفيين عن (الخيار السلفادوري) وذكر تقرير لشبكة ان بي سي بتاريخ 8 كانون الثاني 2005 (يدرس البنتاغون بقوة خيارا يعود الى الستراتيجية السرية لادارة ريغان في حربها ضد رجال العصابات اليساريين في السلفادور في بدايات الثمانينات. وحينما صار يقينا ان المتمردين السلفادوريين على وشك الانتصار، مولت الحكومة الامريكية ودعمت قوات (محلية) تتضمن فرق موت موجهة لاصطياد وقتل قادة التمرد والمتعاطفين معهم. وقد تم اخماد التمرد وكثير من المحافظين الامريكان يعتبرون هذه السياسة ناجحة رغم اعداد وفيات المدنيين الابرياء). وكان احد اقتراحات البنتاغون ارسال قوات خاصة لدعم وتدريب فرق موت عراقية مختارة من البشمركة الكردية والمليشيات الشيعية لاستهداف المتمردين السنة والمتعاطفين معهم حتى عبر الحدود مع سوريا والقيام باغتيالات او مايسمى عمليات (خطف snatch) حيث يرسل المخطوفين الى مرافق واماكن سرية للاستجواب.

وقد اشارت صحيفة نيوزويك في عددها 8 كانون الثاني 2005 في حديثها عن خيار السلفادور الى قول محمد عبد الله الشهواني مدير المخابرات العراقية "ان المتمردين معظمهم من مناطق السنة و لايزيد عددهم عن 200 الف. " وقال ان العراقيين لا يتعاطفون بشكل فعلي من حيث تقديم المواد او الدعم اللوجستي ولكن بطريقة سلبية حيث لا يبلغون عنهم . وان مصدرا عسكريا اقترح القيام بعمليات هجومية جديدة لخلق الخوف في قلوب السكان فلا يؤيدون التمرد بعدها. ويقول المصدر "ان السكان السنة لا يدفعون ثمنا لدعمهم للارهابيين . ومن وجهة نظرهم هذا لا يكلفهم شيئا . علينا ان نغير هذه المعادلة"

والفكرة هي الارهاب التكتيكي. ان تكتسح قرية كاملة بالتعذيب او الموت حتى يمتنع أهلها عن دعم المقاومة. وهو ماحدث للفلوجة وتلعفر والقائم وغيرهما من المدن العراقية الباسلة.

المعروف ان هناك على الاقل فرقة موت أعلنت عن نفسها . في 11 كانون الثاني 2004 بعد ايام من الكشف عن تخطيط البنتاغون للقيام بعمليات عسكرية جديدة، بدأت مجموعة عسكرية جديدة باسم (سرايا عراقنا) بتوزيع جوائز نقدية لكل رأس من المتمردين الى حد 50 الف دولار كما نشرت صحيفة الاتحاد العراقية .

جريدة الاتحاد هي جريدة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني. شلون مصادفة ؟ بيشمركة عراقنا ؟

لم اجد اي ذكر على الانترنيت باللغة العربية لهذه المجموعة سوى مقالة كتبها (مهدي قاسم) في كتابات بعنوان "هكذا إلى الأمام يا سرايا عراقنا ، العين بالعين و السن بالسن و البادئ أظلم " ولكن حسب عادة كتابات في حذف الارشيف القديم فقد حذفت المقالة. ولكن باللغة الانجليزية كانت هناك اشارات في اكثر من مقالة واكثر من مصدر حول خبر هذه المجموعة والمكافأة التي ترصدها لكل (الارهابيين) بغض النظر عن العرق او الدين وان من يرشد الى الارهابيين يتسلم مكافأة تتراوح من 3000 الى 50 الف دولار. وقد علق احد الكتاب على ان اية مجموعة تعرض مكافآت بالدولار بهذا السخاء لابد ان تكون ممولة من الاجهزة الامريكية.

صلة الوصل : العلاقة

اذا لم نستطع ان نمسك نيغروبونتي متلبسا بدماء العراقيين. ماذا نفعل؟ نبحث عن العلاقة. نبحث عمن كان له صلة وثيقة بعمله في هندوراس، ونتقصى اذا جاء ذلك الشخص الى العراق للقيام بنفس الادوار اثناء وجود نيغروبونتي. كان علي ان ادرس تاريخ نيغروبونتي بالتفصيل في هندوراس. ابحث عن الاشخاص الذين اعتمد عليهم في عمله هناك. واتتبع مسارهم فيما بعد واذا كان ذلك المسار يقود الى العراق. احيانا ينقضي اليوم في تتبع المسار الخاطيء. ولكن فجأة ترى الضوء في نهاية النفق.

أحد هؤلاء هو دوين كلاريدج Duane R. Clarridgeويلقب تحببا باسم (مستر ماروني) او ديوي . وهو ضابط كبير في CIA ومقره هندوراس "للقيام بالعمليات السرية ضد الشيوعية في امريكا الوسطى" وحسب اقوال كلاريدج نفسه فأن نيغروبونتي كان "داعما كبيرا لمهمة الوكالة السرية".

حسب ماكتبه الصحفي كين سلفرشتاين في 26 حزيران 2004 ، فإن كلاريدج قد تقاعد من عمله في المخابرات الامريكية ويلعب الان لحسابه في العراق. لاحظ تاريخ التقرير. انه يترافق مع تعيين نيغروبونتي سفيرا في العراق. بدأ وكالة استخبارات خاصة به ويقول ان عمله سوف يكون في تتبع الصفقات المالية بين نظام صدام حسين وفرنسا وروسيا، وانه رتب اموره مع السي آي اي بحيث يبلغهم بأي نتائج يتوصل اليها. ويعتبر كلاريدج انه لو توصل الى حقيقة الصفقات فستكون مثل قنبلة . وقال انه يتعاون مع عدة اشخاص لا يود الاشارة اليهم. ويبدو ان شخصيته من النوع الذي لا يتورع عن شيء يريد عمله. فقد سبق للكونغرس الامريكي ان ادانه بتهمة تلغيم الموانيء في نيكارغوا في الثمانينات وهو مايتجاوز مهماته ، وتقاعد مع توبيخ، ثم في 1991 بعد ثلاث سنوات من تقاعده ادين ايضا بالكذب على الكونغرس حول قضية ضلوعه في ايران كونترا. ولكن جورج بوش الاب عفا عنه قبل ان تصل القضية الى المحكمة. وسنراه بعد ذلك يتورط في كذبة اخرى خاصة بالعراق. ولكن انتظروا شوية. ولكن طبعا تعرفون ان نيغروبونتي تورط ايضا في عملية ايران كونترا. يعني اينما تجد هذا الرجل ستجد صاحبنا نغروبونتي والعكس بالعكس.

كلاريدج صديق بعض السياسيين العراقيين العملاء ومنهم احمد الجلبي. وهو يقدم لهم النصائح مجانا حول كيفية بناء جهاز استخبارات افضل من السي آي اي لأن مخابرات بلاده ينقصها الان الشجاعة والاقدام وهي شديدة الحذر في حين انه يرى ان الاستخبارات يجب ان تغامر وتجازف وحتى تتورط بالمشاكل.

بعد تقاعده من السي آي اي، صار مديرا تنفيذيا في شركة سلاح ودفاع اسمها General Dynamics في قسم التسويق الدولي. وهي الشركة التي تزود الجيش الامريكي بالمعدات والاسلحة والمركبات بالعراق ومنها السترايكر. هذا أول خيط التربح.

منذ 1996 والرجل كان يعمل مع مجموعة من اشكاله لدعم ودفع الجلبي من اجل الاطاحة بحكومة العراق وتنصيبه رئيسا عليها.

خلال ادارة كلنتون عمل كلايردج مع جنرال متقاعد اسمه وين داوننج وهو خبير عمليات خاصة ، من اجل تطوير خطة لتدريب قوة عسكرية من عراقيي المنفى للاطاحة بحكومة صدام حسين مع دعم جوي امريكي. ادارة كلنتون لم تعجبها الخطة ولكن يبدو ان الرجل استمر في تدريب عصابة الجلبي.

وكلاريدج الان يسعى الى الربح ايضا الى جانب أهدافه السياسية في كشف تورط روسيا وفرنسا في تسلم رشى من الحكومة العراقية بشكل نفط كما يقول من اجل الوقوف ضد الحرب. فهو يقول "اعرف ان الحكومة الامريكية تريد الان مقاولين لتدريب حراس للمسؤولين العراقيين وانا اعرف الكثير من الناس ومن الشركات التي يمكنها ان تقوم بهذا العمل ، وانا كنت احاول ان اوفق بين هذه الشركات بدلا من ان تنافس احدها الاخرى" ويقول ان ربحا من هذه العملية قد يصيبه.

ومن اجل هذا الهدف (التوفيق بين راسين في الحلال) اقام شركتين استشاريتين لتقديم النصح للشركات التي تريد العمل في المناطق الساخنة مثل العراق. اسم الشركتين :
Dax Resources Corp ومقرها خارج واشنطن قرب مقر السي آي أي
و Dax & Associates ومقرها سان دياجو حيث يقيم . والاسم مستوحى من اسمه الحركي لدى السي آي أي وكان Dax P. Lebaron.

أي ان هذا المرتزق يتربح من العراق بوصاية نيغروبونتي بكل انواع الشركات، فهل لا يمكن ان يصيب نيغربونتي جانبا من الربح؟ الى جانب المساعدة في بلوغ اهدافه السياسية والعسكرية في العراق.

يقول عنه زملاؤه ان مستر ماروني يحب الابتكار والتجاوز على القوانين لتحقيق اغراضه.

الابتكار ومخالفة القوانين ؟ لقد تجلت هاتان الخصلتان بأفضل صورهما حين تبين انه تعاون مع الجلبي في تزوير وثيقة النايجر.

تذكرون انه في خطاب الاتحاد لعام 2003 ، قال الرئيس بوش انه يعرف "ان العراق سعى للحصول على اليورانيوم من دولة افريقية من اجل صنع القنبلة النووية". والدولة التي قصدها هي النايجر التي تنتج معظم اليورانيوم في العالم تحت حراسة كونسورتيوم فرنسي.

في تشرين اول 2002 قامت صحفية ايطالية اسمها اليزابيتا بوربا بتسليم بعض الوثائق للسفارة الامريكية في روما: رسائل واوراق اخرى تشير الى مراسلات مع مسؤولين من حكومة النايجر والعراقيين فيما يخص الحصول على (الكعكة الصفراء) . وصلت الوثائق الى واشنطن واستخدمها بوش بسرعة في دعايته من اجل التحشيد للحرب. بعد ان اطلعت وكالة الطاقة الذرية على الوثائق قالت انها كانت مزورة تزويرا خائبا حتى ان اي هاو يمكن ان يكشفها باستخدام آلة البحث في جوجل. ثم بعد ذلك حدثت ضجة اخرى للتعمية على هذا الموضوع المفضوح وذلك باعلان اسم عميلة السي آي أي فاليري بليم على الملأ . ثم ضجة من الذي سرب اسمها من رجال الادارة الامريكية . ولكن هذه قصة اخرى. ولكن يبقى السؤال : من كان وراء التزوير؟

اتضح بعد التقصي من ان الذين ساهموا في التزوير هم مايكل ليدين من المحافظين الجدد وهو الذي كان وراء فكرة التزوير وأن المزورين الفعليين كانا صاحبنا دوين كلاريدج وواحد اسمه آلان وولف والثلاثة هؤلاء أصدقاء للجلبي.

وقد سبق لكل من كلاريدج وآلان وولف ان تناوبا رئاسة محطة السي آي اي في روما. كما عملا معا في القسم الافريقي والاثنان وثيقا الصلة بمايكل ليدين الذي كان متورطا ايضا في قضية ايران كونترا. ونعلم ان ليدين من اشد المحافظين الجدد دعوة للحرب على العراق ولتغيير الانظمة وهو صاحب فكرة (الدمار الخلاق) .

اليكم الآن هذه القصة التي تربط بين الخيوط.

مقالة بقلم سكوت شين بتاريخ 29 مارس 2005

(حين زار دوين كلاريدج جون نيغروبونتي في الصيف الماضي (اي بعد استلام نيغروبونتي المنصب في صيف 2004) في حصنه في بغداد ، حيا السفير نيغروبونتي زائره باسم (مستر ماروني) . وكانا قد التقيا معا قبل 20 سنة حين كان ماروني يدير الحرب السرية ضد الشيوعية من اراضي هندوراس وكان نيغروبونتي سفيرا هناك.

كان اللقاء يذكر بان السيد نيغروبونتي طوال عمله لأربعة عقود كان دائما على حافة العالم السري للاستخبارات . والان والولايات المتحدة تحارب حربا اخرى بلا حدود ضد عدو مختلف وهو الارهاب، فإنه على وشك ان يتحرك الى وسط ذلك العالم (السري).)

في العر اق حوّل نيغروبونتي بليون دولار من اموال اعادة الاعمار لبناء (جيش عراقي) !!

لا اعتقد اننا نحتاج الى أكثر من علاقة مع رجل مثل دوين كلاريدج لتوريط نيغروبونتي. نعرف الان انه كان في العراق في صيف 2004 في نفس الشهر الذي تولى فيه نيغروبونتي حكم العراق. دعونا اذن نفهم ماحدث في العراق منذ ذلك الصيف حتى منتصف 2005 حيث انتهت مهمة نيغروبونتي بالعراق.

علما ان الادارة الامريكية ، عندما عينت نيغروبونتي وبسبب سمعته الموحلة في طين امريكا اللاتينية- فقد طلبت منه ان يقلل من الظهور الاعلامي ، اي ما يسمونه بالانجليزية to keep low profile ويقال ان ميزة نيغروبونتي الذي يجيد اربع لغات انه يعرف متى يصمت. ومن اسباب ذلك الطلب هو ان العراق كان قد استلم لتوه السيادة (على الورق) من بول بريمر ، واصبح الان له رئيس وزراء صاحب ارادة وسيادة ورقية هو اياد علاوي. ولهذا لم نكن نسمع كثيرا عن أخبار نيغروبونتي في عامي 2004 و 2005 . ولكن أثناء حكمه الفعلي في العراق حدثت الفلوجة الثانية والنجف. وهما جريمتان من صلب الاعمال السوداء للجيش الأمريكي الذي يتبع دليلا استرشاديا في مكافحة التمرد كان اصدقاء نيغروبونتي قد كتبوه لأمريكا اللاتينية وغيرها ، ويتلخص في ابادة الحاضن الشعبي للمقاومة بقسوة ووحشية حتى لا يفكر الناس بعد ذلك بتأييدها. بل يصبح من المنطقي بالنسبة لرجل الشارع العادي ان وجود المقاومة وسط الناس سبب من اسباب الخراب والدمار. توضح هذا جيدا في الفلوجة.

وكذلك في عامي 2004 و 2005 ازدادت اعمال التفجيرات بين اوساط الناس المدنيين ، وفي الاسواق والمدارس. كما ازدادت اعمال الخطف للعراقيين من قبل قوات ترتدي ملابس الشرطة ، حيث تسوق مجموعات كبيرة من الناس يعثر عليهم فيما بعد مقتولين بوحشية . وبدأ اللوم يلقى على اجهزة الشرطة وعلى لواء الذيب وقوات بدر . وازدحمت المشارح في الوطن واتسعت المقابر المجهولة . وتمت تصفية المئات من علماء وأكاديميي واطباء العراق.. وبدأت العمليات التفجيرية بين السنة والشيعة. وبرز اسم القاعدة والزرقاوي وفصائل اخرى مريبة لا تعرف اصلها وفصلها.

يقول الكاتب كرس فلويد "من المثير للشك انه في الوقت الذي ظهر ان البنتاغون يدرس امكانية استخدام طريقة (سيف غلاديو) في العراق (وهي مهاجمة المدنيين الذين لا علاقة لهم بأية لعبة سياسية والسبب بسيط: لإجبارهم الى اللجوء الى الدولة او السلطة او القوات الغازية لمزيد من الحماية) ، وقعت اعمال ارهابية مفاجئة وكبيرة على اهداف مدنية مستفزة مثل المستشفيات والمدارس ، وذلك بعد انتخابات انتخبت فيها اغلبية العراقيين من دعا الى انهاء الاحتلال. فهذه الهجمات المفاجئة على المدنيين توحي بأن هناك (حاجة ملحة) للوجود الأمريكي في العراق الى مالانهاية لحماية الناس. ربما يكون مصادفة ، ولكن في تاريخ الولايات المتحدة فإن ادارة وتشكيل هجمات ارهابية ضد سكان مدنيين هي نمط متسع ومفروغ منه ، حتى انه يثير السؤال عند وقوع اي عمل ارهابي في العالم : هل هو من عمل ارهابيين (حقيقيين) ام من العمليات السوداء للاجهزة الاستخبارية ؟ وحتى نعرف الإجابة لابد ان نسترشد بالسؤال "من المستفيد" في النهاية؟
http://www.prisonplanet.com/articles/february2005/290205swordplay.htm

تذكرون ان الخطاب الاعلامي للاحتلال في حينه كان (إن الارهابيين ينتقمون من الناس المدنيين لأنهم شاركوا في الانتخابات)، مما يزيد من اصطفاف الناس ضد المقاومة. أو ان الشرطة العراقية مخترقة من قبل المليشيات الشيعية التي تقوم بهذه الاعمال. مما يمهد لحرب طائفية. والسؤال هو : كيف يمكن لأي من هؤلاء القيام بمثل هذه الجرائم والعراق يعتبر اكبر محطة في العالم لوكالة المخابرات المركزية؟

نيغروبونتي لم يكتف باصطحاب مستر ماروني معه وانما جاء بكل طاقم الإرهاب وصناعة فرق الموت : جيمس ستيل وستيفن كاستيل.

أما وين داوننگ Wayne Downing الذي ورد اسمه آنفا باعتباره عمل مع كلاريدج في تدريب ميليشيا الجلبي. فحكايته حكاية ، فقد انتقل هذا الضابط المتقاعد من المشاركة في لجنة تحرير العراق الى تدريب عصابة الجلبي، الى المشاركة في برنامج الحرب النفسية التابع للبنتاغون الى إنشاء شبكة اعلام العراق. ولم ينس في طريقه أن يصطحب شركتين دفاعيتين يرأسهما لنهش شريحة من الكعكة.

ولكن قصص هؤلاء الضباع اصدقاء نيغروبونتي الذين ساعدوه في تشكيل فرق الموت، وتزييف الاخبار بشأن الجرائم التي حدثت في العراق وغسل ادمغة العراقيين، من خلال الهيمنة على شبكة الاعلام العراقية سيكون حديث الغد.

لكن قبل أن أنهي هذا الفصل من كفاح نيغروبونتي في العراق، لابد أن اضيف - قبل أن انسى – انه حين تقاعد من العمل في الخدمة الخارجية منذ 1997 وحتى تعيينه في الامم المتحدة ، عين مديرا تنفيذيا في شركة معروفة هي MacGraw Hill . شنو اختصاصها؟ التعليم والاذاعة والنشر والمساعدات المالية وادارة الاعمال، والبناء.

إذاعة ؟ هل لها علاقة بشبكة الاعلام العراقية ايضا ؟ سوف نرى غدا !! وحتى ذلك الوقت اترككم في احلام الحرية والديمقراطية التي جلبها لكم هذا النوع من آكلي لحوم البشر.

  الحلقة القادمة هنا


هناك 4 تعليقات:

  1. لقد اجريت شبه بحث حول هذا الرجل ولم اجد كثير مصادر حوله على الرغم من تسنمه الكثير من المناصب الادارية الامريكية المهمة. لقد قرأت مقالتك اليوم في كتابات اذ انها تنشر هناك قبل المدونة وهي مقالة رائعة تزيل كثير من الغموض والضبابية عن النشاط الامريكي السري في العراق. وسؤالي هو كيف ننتصر اذا؟ 3 مليارات دولار لتغيير ديمغرافية العراق وضرب المقاومة, وجهد اكبر في ضرب الثوابت الاسلامية والقومية. اذا لقد نجحوا في تغييرنا, لقد كانوا مخلصين في عملهم مخلصين في مؤامراتهم وبذلك نجحوا. لقد اصبحنا افرادا مشتتين ولا ارى الا اننا ننساق الى المسار الذي حددوه لنا وبنجاح. لا بد ان ندعو الله بقلوب تائبة ان تفشل مخططاتهم وان يحفظ العراقيين وليس ذلك ضعفا بل لان العدو اقوى منا بكثير ونحن اضعف بكثير مما صور الينا. زادك الله توفيقا

    عراقي

    ردحذف
  2. نعم اخي عراقي . كما قلت انه يخفي آثاره جيدا. ولهذا عليك ان تدرك كم اتعب في تتبع مثل هؤلاء الناس. ولكني ما أن امسك خيطا حتى احاول ان اصل به الى النهاية.

    اما بالنسبة لنجاحهم. فلا يجب أن نيأس. المهم ان نكشفهم وبعد ذلك نعرف كيف نهزمهم.

    وتذكر دائما ان الشعوب هي التي تنتصر في النهاية. هذه هي حكمة التاريخ.

    تحياتي

    ردحذف
  3. عشتورة....
    انت حچيتي على هذا السفاح (نيغروبونتي ) من جانب المنفعة السياسية (العامة) والمادية الشخصية اللي حققها من اجرامه في امريكا الوسطى ... تسمحيلي اكمل المقال مالتچ فيما يخص المنفعة المادية العامة (لاقتصاد امريكا) من ورا المأساة اللي سببها في هندوراس و نيكاراغوا و السلفادور..

    منين ابدي...؟

    راح ابدي من عدد المهاجرين من الدول آنفة الذكر لامريكا نتيجة الاوضاع السياسية المتردية وهم حوالي 2,597,000 مهاجر من سنة 1980 الى 2007 و راح اسوٌي الاحصائية مالتي بس لسنة 2007 وانتوا حسٌبوا الواردات العامة مال 26 سنة اللي قبلها.....!

    لان الدوائر الرسمية الامريكية وحدة تافله بحلگ اللُخ , فالـ السي آي أي طلبت من وزارة العدل(دائرة الهجرة) أن (تفصٌل) قانون حماية مؤقتة لهذوله المهاجرين( خطيه) , واللي يريد يقدم لازم يدفع 50$ لمرة واحدة فقط (يعني اول تقديم) وبعدين لازم يقدم على اذن عمل ( والا .. اشلون ايعيش..؟) والرسوم مال اذن العمل هي( 340$ + رسوم طبع الاصابع 80$ ) يعني 420$ وهذي الرسوم لازم تندفع سنويا من قبل المستفيدين من هذه القانون.!

    هسه عاد نجي نشغٌل علم الرياضيات :
    50 في 2597000 اشگد يساوي...؟ حسبوا ويايه .... أيجوز 129,850,000$ ..؟ وهم هذا رقم بسيط .. زين هسه نضرب 420$ سنويا في 2597000 , اذا آني × 50 $ بالگوة عرفتها زين هاي اشلون..؟ ........دقيقة خلي احاول, يمكن الناتج يطلع 1,090,740,000$ هذا سنويا ها ومال سنة 2007 بس ...زين اذا نحسب مال الـ 26 سنة اللي قبل , والسنتين اللي بعد 2007 ...! والله آني ممستغني عن الكومبيوتر مالتي لان اخاف ينفجر من الناتج النهائي .... اذا تريدون ؟ روحوا انتوا حسبوها !

    اللي صعب عليه يقرا هذي الارقام خللي يروح على هذي المواقع ويگلهم خلي إما ايقللون الاحصائيات مالتهم او يقللون رسوم الهجرة !!!


    http://www.cis.org/immigrants_profile_2007

    http://www.uscis.gov/portal/site/uscis/menuitem.5af9bb95919f35e66f614176543f6d1a/?vgnextoid=455bb875771be110VgnVCM1000004718190aRCRD&vgnextchannel=17dcb6f2cae63110VgnVCM1000004718190aRCRD

    http://www.uscis.gov/portal/site/uscis/menuitem.5af9bb95919f35e66f614176543f6d1a/?vgnextoid=80283796f8a5d010VgnVCM10000048f3d6a1RCRD&vgnextchannel=db029c7755cb9010VgnVCM10000045f3d6a1RCRD

    http://www.uscis.gov/portal/site/uscis/menuitem.5af9bb95919f35e66f614176543f6d1a/?vgnextoid=73ddd59cb7a5d010VgnVCM10000048f3d6a1RCRD&vgnextchannel=db029c7755cb9010VgnVCM10000045f3d6a1RCRD

    ملاحظة: عشتورة ..انت ليش استخدمت الكوكايين (هو صح غالي) بدل استخدام كلمة المخدرات ..؟ لان آني حسب ما عرفت هذا السفاح كان يتعامل ويه كل الاصناف و يدزها بطيارات امريكية رسمية الى المروٌجين لها.




    عراق

    ردحذف
  4. اخي عراق
    مو بس هاي. اذا اردنا ان نفتح تاريخ العصابات الامريكية في امريكا اللاتينية فإننا سنجد وراءها الشركات الكبرى الامريكية ايضا هي المتربح الحقيقي وربحها بالتأكيد يصب بعدئذ في الاقتصاد الامريكي. ولكن العراق مثال جيد وانا افتح اسراره واسرار الشركات المتربحة والنمط واحد في كل البلاد المسكينة التي تحوي ارضها موارد تحتاجها امريكا الشمالية.

    ردحذف