"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

23‏/12‏/2008

قراصنة البحار و قچغچية البر

بقلم: عشتار العراقية
إذا اردت أن تفهم حالة العراق، ادرس حالة الصومال، وإذا اردت ان تفهم حالة الصومال، ادرس حالة اثيوبيا، وإذا اردت ان تفهم إثيوبيا ، لابد أن تدرس حالة ارتريا، وحتى تفهم كل هذا لابد أن تدرس حالة التدخل الصهيوني والأمريكي والصيني والإيراني والأوربي في القرن الأفريقي، وحتى تفهم القرن الأفريقي، ادرس حالة أوباما اللي كان أصله (بالصدفة) من كينيا ياللعجب وهي جارة الصومال الغربية. وقد جاء انتخاب أوباما الكيني أيضا بالصدفة، في الوقت الذي تبحث فيه الولايات المتحدة عن سبب لإقناع الدول الأفريقية لإستضافة مكان لمركز القيادة الأمريكي في أفريقيا AFRICOM ، قرب منابع النفط، قرب منابع النيل، قرب باب المندب المؤدي من ناحية الى قناة السويس، ومن ناحية الى المحيط الهندي، ممر ناقلات النفط العملاقة، وياللصدف ايضا قرب جزيرة سوقطرة اليمنية المشرفة على باب المندب اللي أمريكا حاطة عيونها عليها من زمان، لاستئجارها او احتلالها كما فعلت في جزيرة دياغو غارسيا في المحيط الهندي أيضا، (بالمناسبة تقول مصادري ان السفير الأمريكي في اليمن يقضي في سوقطرة الساعات الطوال للغوص والبحث عن الشعب المرجانية) وإذا هيمنت أمريكا على مضيق هرمز من الشرق ومضيق باب المندب من الغرب، تكون قد أمسكت بيديها الشريفتين أهم طريق للتجارة ، ونقل الطاقة في العالم.
دخلت غرفة العمليات في سردابي تحت ألارض وفرشت خريطة العالم على المنضدة والكثير من المصادر.
جلست اقرأ مئات الصفحات، ولكني لن أثقل عليكم . القصة باختصار، ان الصومال كانت عبارة عن قبائل واقعة تحت احتلالين بريطاني وايطالي كما كانت ثمة اجزاء من الصومال مقتطعة من قبل دول مجاورة هي كينيا واثيوبيا وجيبوتي.
ولكن لما اخذت استقلالها من الاحتلالين في 1960 ، ظلت في حالة تشرذم قبائلي حتى تولى الحكم الدكتاتور محمد سياد بري في 1969 الذي عمل على توحيد البلاد والقبائل بالقوة وبالحديد والنار كما حارب اثيوبيا لارجاع بعض الاراضي المحتلة منها، ونشر التعليم وأدخل الصومال كدولة موحدة في عضوية الجامعة العربية. ولكن گبت العيطة عليه على اساس حقوق الانسان والدكتاتورية وإبادة الإنفصاليين، ونجح انقلاب عام 1991 في إسقاطه ، وقامت حرب أهلية وعادت البلاد ستين سنة الى الوراء، الى حالتها البدوية القبائلية، وأعلنت الاقاليم الانفصال منها اقليم (صومال لاند ، بلغتنا الاسيوية صومال ستان) في شمال البلاد (صدفة لا أكثر) ومنه انفصل اقليم آخر سمى نفسه (بونت لاند يعني بونت ستان بواو واحدة وليس بوونت)، كل هذا لأن بعض الشعوب تحب ان تكون (مكونات) موز وليس دولا قوية محترمة.
الان عندك في الصومال حكومة لا تحكم سوى العاصمة مقديشو يسندها احتلال إثيوبي تسنده القوة الأمريكية، وهناك مقاومة اسلامية، واقليمان منفصلان. وفي كل هذه المناطق وخارجها قبائل متناحرة وأمراء حروب يتقاتلون من أجل السيطرة والمكاسب. ومن اقليم بونت ستان خرج قراصنة البحار. فحين تنتفي الدولة المدنية، يعود الشعب الى بداوته، فيصبح مجرد قبائل تعيش بالغزوات والنهب والسلب، ويتحول المواطن الى قرصان بحر او قچغچي بر حسب طبيعة منطقته، اذا كانت على حدود بحرية او برية.
( في عام 2001 تمكن صيادون محليون في سواحل "بونت لاند" شمال شرقي الصومال، من خطف أول سفينة صيد أجنبية، وتسلموا مقابل إطلاق سراحها فدية مالية بلغت 500 ألف دولار.
وعقب العملية أنشأ منفذوها فندقين ضخمين وسط مدينة جروي، عاصمة بونت لاند، ليتركوا ورءاهم مهنة الصيد والقرصنة. تلك العملية الناجحة أغرت صيادين آخرين لخوض البحر بحثا عن سفينة أجنبية تبحر قبالة الصومال، وبالفعل تم آنذاك خطف العديد من السفن، وجنى الصيادون أموالا طائلة مقابل إطلاق سراحها.
وبرغم الأموال الكثيرة التي يجنيها القراصنة فإن إنفاقهم غالبا لا يتجاوز شراء المنازل والسيارات الفاخرة وتعاطي القات.
ويسكن القراصنة الأحياء الراقية في مدينتي "جروي" و"غالكعيو" بولاية "بونت لاند"، الأمر الذي جعل حلم كثير من الفتيات الزواج من قرصان.
وبحسب شهود عيان في منطقة حرطيري، فإن "عشرات الشبان، بينهم أمراء حرب، وصلوا المدينة من المناطق الأخرى بما فيها مقديشو من أجل الانضمام للقراصنة") - منقول
وهكذا ازدهرت مدن القراصنة ونشأت تجارات وصناعات قامت على تزويد القراصنة بالطعام والمؤن من أجل الرهائن . واصبح للقراصنة وكلاء يمتدون من الهند الى دبي يزودونهم بالمعلومات عن السفن الصالحة للاختطاف مقابل نسبة كريمة من اموال الفدية.
وبعمليات الاختطاف الأخيرة، يصل عدد الأحداث المماثلة، التي يشهدها شرق إفريقيا من جانب قراصنة صوماليين في المحيط الهندي وخليج عدن، إلى 95 عملية قرصنة هذا العام ما يعد رقما قياسيا، بعد أن كانت 31 العام الماضي و10 فقط في العام الذي سبقه.
وآخر العمليات الضخمة كان خطف الناقلة السعودية "سيريوس ستار" البالغ طولها 330 مترا والمحملة بمليوني برميل نفط خام وسط المحيط الهندي على مسافة أكثر من 800 كم جنوب شرق مدينة مومباسا في كينيا في عملية غير مسبوقة. والفدية المطلوبة 25 مليون دولار.
يأتي ذلك في الوقت الذي يرفض فيه حلف شمال الأطلسي (ناتو) بالتدخل لتحرير الناقلة السعودية المختطفة، وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى القرار رقم 1838 في السابع من الشهر الماضي حول إمكانية القيام بعملية بحرية عسكرية لمكافحة القرصنة.
وكانت عدة جهات قد حذرت من تنامي ظاهرة القرصنة في القرن الإفريقي، آخرها الدراسة التي أعدها معهد أبحاث "شاتام هاوس" البريطاني الشهر الماضي، والذي حذر في دراسته من إمكانية ارتباط القرصنة بالحركات الإرهابية.
**
يسأل احد الكتاب الأمريكان : ماهو الفرق بين استيلاء جورج بوش على العراق واستيلاء القراصنة الصوماليين على الناقلة السعودية؟
الجواب: حوالي 4 الاف ترليون برميل نفط
++
أين الأصابع المريبة؟
القرن الافريقي يقع في شرق افريقيا ويضم جغرافيا : الصومال وجيبوتي واريتريا واثيوبيا ، وسياسيا يضم القرن الافريقي ايضا السودان وكينيا واوغندا وتنزانيا وغيرها.
الموقع الإستراتيجي الهام للمنطقة، يجعل من يتحكم فيه يهيمن على عدة منافذ بحرية هامة هي: البحر الأحمر، والبحر الأبيض، وقناة السويس، وخليج عدن، والمحيط الهندي، وبالتالي يتحكم في طرق التجارة الدولية وطرق نقل النفط من الخليج العربي إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة، وبما ان المنطقة تشتمل على غالبية دول حوض نهر النيل، فسوف يمكن التحكم ايضا في منابع نهر النيل.
وأدى اكتشاف النفط داخل المنطقة (السودان و غيرها) إلى زيادة الاهتمام الدولي بها؛ وزيادة بؤس الدول بسبب استمرار الصراعات الداخلية والحدودية بتشجيع من القوى الكبرى الطامعة.
وبات التنافس الدولي داخل منطقة القرن الإفريقي واضحًا خلال مرحلة ما بعد الحرب الباردة، خاصة بين الولايات المتحدة والصين وايران واسرائيل والاتحاد الأوروبي.
الولايات المتحدة الأمريكية
يتوقع انه بحلول 2015 ستكون نسبة واردات النفط الامريكية من أفريقيا لتصل الى 25% على مستوى العالم. ومن ثم تتوجه الأنطار الأمريكية الى السودان حيث النفط والى القرن الأفريقي.
بعد وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، شنت الولايات المتحدة حربًا ضارية ضد (الإرهاب)، وأعلن مسئولون أمريكيون أن الصومال والسودان (واليمن) تقع على قمة المرحلة الثانية للحرب الأمريكية على (الإرهاب)، وذلك بدعوى أنها وفرت الملجأ لفلول تنظيم القاعدة الفارين من أفغانستان. ونحن نعرف ان (القاعدة) تظهر في الخطاب الاستعماري الامريكي اينما أرادت امريكا ان تبني (قواعدها) وهي عادة قرب مصادر الطاقة او طرق نقلها.
الصين
تحصل الصين على 25% من إجمالي وارداتها النفطية من القارة الإفريقية. وبعد اكتشاف النفط داخل السودان دخلت الصين وبقوة في مجال استخراج وإنتاج النفط السوداني، ففي عام 1996 حصلت شركة النفط الوطنية الصينية CNPC على 40% من أسهم شركة بترول النيل الأعظم السودانية GNPOC. وفى العام التالي حصلت نفس الشركة الصينية على مشروع لإنتاج ونقل النفط لمدة عشرين عاما في غرب كردفان في ثلاث مناطق في حوض موجلد، ووصل إنتاج هذه المناطق الثلاث في كانون ثان عام 2005 إلى 325 ألف برميل يوميًا.
وعلى الجانب الآخر، كانت الصين مصدرًا مهمًا للأسلحة التي حصلت عليها بعض دول القرن الإفريقي مثل الصومال، وإريتريا، وإثيوبيا. ووفقا لبعض الإحصاءات فقد وصلت قيمة الأسلحة التي حصلت عليها إثيوبيا وإريتريا من الصين خلال فترة الحرب الحدودية بينهما (من عام 1998 وحتى عام 2000) نحو مليار دولار، وكان ذلك تجاوزًا للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على مبيعات السلاح للطرفين.
كما حرصت الصين على تعميق التعاون العسكري بينها وبين جيبوتي، خاصة بعد إقامة قاعدة عسكرية أمريكية داخلها.
اسرائيل:
اهتمامها بالقرن الأفريقي بسبب :
-الموقع والذي يمكن من خلالها تحكم إسرائيل في التجارة العالمية.
- حماية الأمن القومي، حيث تعدّ القارة من وجهة نظر السياسة الخارجية الإسرائيلية بمثابة طوق النجاة من حالة العزلة العربية والإقليمية المفروض عليها (وصل التمثيل الدبلوماسي الاسرائيلي في افريقيا اليوم إلى 42 بعثة، ولا يوجد حاليًّا سوى ثلاث دول إفريقية لم تقم علاقات دبلوماسية مع تل أبيب.) كما تحقق لها في الوقت نفسه السيطرة على اقتصاديات الدول العربية وتهديد الأمن المائي العربي.
- أهداف أيديولوجية ، اليهود الأفارقة يشكلون ما نسبته 17.3% من مجموع اليهود في الدولة العبرية، وهي نفس النسبة تقريباً لعدد اليهود الروس، الذين تُعد هجرتهم إلى إسرائيل من أكبر الهجرات التي حدثت في القرن الماضي
ايران:
تركز إيران علي مشروعات إقامة السدود والكهرباء والمياه في أفريقيا و تقوم بتحركات واسعة في القارة الأفريقية بما في ذلك دول حوض النيل، علي المستوي الثقافي والاقتصادي والسياسي .
اهتمام ايران بالقرن الأفريقي نابع من أن هناك طريقاً قديماً ودائماً من الخليج مروراً بالقرن الأفريقي وباب المندب منذ ٢٥٠٠ عام.
تقوم ايران حاليا بالوساطة بين جيبوتي واريتريا . و الملاحظ هو تنامى العلاقة بين النظام الحاكم فى أريتريا مع اسرائيل ، وتنامى المعارضة الأريترية الإسلامية وحدوث تقارب بينها وبين إيران ، وهذا قد يجعل من المنطقة ساحة صراع بين اسرائيل وإيران. في نفس الوقت تقوم اريتريا بدعم المعارضة الصومالية ضد الحكومة المدعومة اثيوبيا.
لا تغفلوا في تحليلاتكم لوضع ايران في العراق وتفاهماتها او تقاطعاتها مع الولايات المتحدة ، مسألة تغلغلها في القرن الأفريقي والى أي مدى يمكن ان يكون هذا على طاولة الصفقات الى جانب العراق؟
الان .. كيف ترون الوضع؟ دول كبرى واقليمية تشجع (الفوضى الخلاقة) في الصومال الذي قسم بعد توحده الى قبائل وأقاليم ، انتهت الى هذه القرصنة التي تبدو أن هناك قوى دولية سمحت وتسمح بها حاليا في انتظار تجميع (تحالف الراغبين والمذعورين) يسندهم قرار من الامم المتحدة (اين رأينا مثل هذا من قبل؟) طبعا الجهد سوف تتزعمه الولايات المتحدة، وأمام قرصنة (ارهابية فظيعة) مثل هذه تمس امن العالم القومي والاقتصادي ، لابد ان تتعاون الدول كلها لتسهيل اقامة قواعد عسكرية أمريكية في القرن الأفريقي وأولها في جزيرة سوقطرة اليمنية. وسوف تتربع امريكا في الصومال (ربما في ارض بونت ستان) لتشرف على باب المندب من جناحيه. ستقيم مركز القيادة في كينيا بلد المحبوب.
**
ويبقى أن انقل لكم ما كتبه أحد مواطني دولة بونت لاند (شمال الصومال) ، وهو يعلق على موضوع يخص الصومال في احد المواقع:
(على السياسيين البونتلانديين ان يعودوا لبلدهم .عندنا ثروات لا نريد احدا ان يشاركنا فيها، نحن لانحتاج الى احد بعد اليوم،كونوا وطنيين مرة واحدة واعرفوا مصلحتكم يا بونتلانديين الله يهديكم الله يلعن مقديشو عاصمة الخراب والتخلف والقبلية والاقتتال والدمار والاغتصاب والنهب والسرقة،هي ليست بلدنا وهي ليست عاصمتنا فلا تبكوا عليها)

واحد آخر يكتب في موقع آخر تعليقا على خبر يقول " تفيد الأنباء الواردة من مدينة بوصاصو المطلة على خليج عدن –العاصمة التجارية في بونت لاند -أن حكومة بونت لاند على وشك التعاقد مع شركة جبل علي الإماراتية المتخصصة في مجالات إنشاء وتسيير أعمال الموانئ لإسنادها تسيير أعمال مطار وميناء بوصاصو"

" ماشاء الله هذا انجاز جديد لبونتلاند وشعبنا الابي الصامد في وجه الريح،الله اكبر على سمعة بلدنا الصغير نسبيا والغني بثرواته قريبا البترول سيستخرج ويتمتع البونتلانديون بخيرات بلدهم ،اعداء بونتلاند يحترقون الما على انجازاتنا العملاقة،سيروا يا بونتلانديين على طريق البناء والسلام،واغلقوا الحدود امام الارهابيين الغوغائيين الحقودين،الذين لا حياة لهم الا الموت والخراب والقتل، نهج طاهر اويس وعشيرته،حاربوهم ودققوا في هوياتهم لا تسمحوا لهم بالدخول او الاقامة لانهم مجرمين يحقدون عليكم"
أين سمعنا مثل هذا الخطاب من قبل؟
ياسبحان الله ! من العراق الى الصومال .. تاريخ يكاد يتطابق !! والمفارقة ان العراقيين يگولولك ان العراق مو مثل الصومال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق