"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

24‏/4‏/2014

هذا العراق لا نعرفه: وين راح شط العرب؟

غارعشتار
بعثت الي أسماء الحيدري -مشكورة- موضوعا حول تغيير  اسم (شط العرب) الى الاسم الفارسي أرفند رود Arvandrud (تعني النهر العظيم)، كما جاء في الخرائط التي تدرس في الكلية البحرية العسكرية العراقية. وقد بحثت عن هذا الإسم على خرائط على الانترنيت ووجدت هذه ومكتوب فيها الاسمان شط العرب وأرفند رود، ولكن ربما هذه ليست الخارطة المقصودة التي تدرس في الكلية. ولم ترفق مع الموضوع خارطة واضحة مع تسمية يمكن قراءتها.


رابط الموضوع هنا
وقد خيل الي وأنا أقرأه أن هذا طبيعي طالما أن الكتب الدراسية العراقية تطبع في ايران. ثم قرأت تعليقا على احد المنتديات حول طمس الهوية العربية للعراق كونها الهدف الأول للاحتلال الأمريكي وفيه تفاصيل الاستيلاء الايراني على شط العرب.
وقد سبق لي أن كتبت كثيرا عن طمس الهوية العربية ابتداء من غيابها عن الدستور الاحتلالي و انتهاء بتنصيب رئيس الجمهورية (رمز العراق) من غير العرب. وقبل كل ذلك تقسيم العرب الى (سنة وشيعة) والحض على حرب اهلية بينهم لشرذمة عروبتهم.
ولكن التعليق الذي أشير اليه، أضاء فجأة ومضات في رأسي. كانت هناك مسألة أحسها ولكنها ظلت غامضة لا استطيع تفسيرها بكلمات واضحة، والآن (طخت) الفكرة . دعوني أفكر معكم بصوت عال، ربما لديكم آراء اخرى.
لقد شرحت سابقا نظريتي في أن الاحتلال البريطاني للعراق في اوائل القرن العشرين شجع مشاعر القومية  العربية من اجل ضرب (الامبراطورية  العثمانية ) الاسلامية التي كانت كل هذه الدول مجرد ولايات ملحقة بها. استخدمت (القومية  العربية) مقابل (الخلافة الاسلامية). وبهذا المد الجديد تحررت دول وتحولت من ملكيات الى جمهوريات  لها مشاريع نهضوية وجيوش كبيرة وجعلت (تحرير فلسطين ) هدفها الأساسي.
وفي الثمانينيات بدأ المسار العكسي: تم تنمية وتشجيع التيارات الاسلامية لضرب (العروبة). واستخدمت اموال النفط الخليجي لهذا الغرض، وفي التسعينيات تم اجهاض الحلم العراقي. وبعدها كما رأينا احتلال العراق ثم (ثورات الربيع العربي) للقضاء على بقية الجمهوريات العربية.
بعد التخلص من جمال عبد الناصر ونهجه في مصر خلال حكم السادات ثم مبارك، كانت المهمة هي التخلص من الفكر القومي العربي في العراق وسوريا متمثلا بحزب البعث، ومن هنا كانت اول الخطوات  بعد الاحتلال هي اصدار قانون (اجتثاث الفكر البعثي) في العراق. ومن اجل تنفيذ ذلك تم السماح لإيران بالتمدد في العراق.
هذه كانت اشكالية في تحليلاتي. كنت اسأل نفسي: كيف سمح الأمريكان للأحزاب الدينية الموالية لإيران بالنفوذ في العراق الى درجة استلام الحكم ، وأمريكا على ماهي عليه من عداوة (حقيقية او خادعة) مع ايران؟ وكنت افسر هذا على أنه نوع من صفقة؟ أو ربما جر رجل ايران في العراق من أجل لف الحبل على رقبتها فيما بعد؟
الآن أتصور أن هذا ينسجم جدا مع فكرة طمس الهوية العربية في العراق (اضرب هذا بذاك) والطريقة الوحيدة للقضاء على الهوية العربية هي تكريد العراق في شماله وتفريس العراق في وسطه وجنوبه. ولن يبق للعرب الا مساحة صغيرة في الغرب سوف يدفع اليها بجيوش المرتزقة لتظل في صراع دائم، كما ستكون منصة للهجوم على دول الخليج وأولها السعودية حين تقوم قيامتها.
في الواقع أن ايران (الرسمية) كانت حاضرة في كل مؤتمرات ترعاها الأجهزة الامريكية والتي تبحث تقسيم وفدرلة العراق قبل غزو العراق وبعده.
باختصار : العراق اليوم وغدا ليس العراق الذي عرفناه. تغيرت اسماؤه، وحدوده ، وجغرافيته وحتى لغته.
في هذا المجال أود أن اذكركم بالبروفيسورة كارول اوليري، التي درست احوالنا جيدا وتخصصت في عشائرنا، ونادت بكل قوة بتقسيم العراق على أساس عشائري لأننا مجتمع لانستطيع الخلاص من عشائريتنا. اوليري تصف نفسها بأنها عالمة انثروبولوجيا اختصاصها العراق وايران، أي جاسوسة تتقدم جيوش الاحتلال لتمهد الطريق، على طريقة لورنس العرب وعبد الله فيلبي. وقد تنبأت منذ 2008 بأن العراق سوف ينقسم الى فدراليات بفضل ائتلافات جديدة (وطنية) تضم شخصيات عشائرية (عابرة للمذاهب والعرقيات) !! وأعتقد أن نبوءتها توشك على التحقق من كثرة العگل التي نراها من حولنا، من (ثوار العشائر) الى مرشحي العشائر في الانتخابات. أي ان العراق المطلوب أمريكيا لن يكون عربيا او اسلاميا وإنما عشائريا عشائريا.
إقرأ "قل بروفيسورة ولاتقل جاسوسة"
ربما يجدر بنا متابعة آخر أخبارها لأهمية الدور الذي تلعبه.

هناك تعليقان (2):

  1. لدي بعض التحفظات على فكرة التقسيم رغم كل العلامات التي تشير الى افتراب تنفيذها.
    أولا: لااميل الى تضخيم خجم التهديد الذي تشكله القومية العربية للمعسكر الامريكي والاوربي. فباستثناء حقبة عبد الناصر القصيرة, لم تشكل الحركومات القومية يوما تهديدا يستحق الذكر. بل على العكس تماما, فقد انتجت تلك الحكومات انظمة ديكتاتورية متحاربة عمقت الهوة بين الشعوب العربية وعزلتها عن بعضها.
    ثانيا: ان المعسكر الامريكي يدرك تماما خطر التيارات الدينية ولايثق بها, رغم انها تشكل سلاحا فاعلا ضد المد الشيوعي/الاشتراكي وضد التوجوه الوحدوي العربي.
    ثالثا: اي تقسيم للمنطقة سيؤدي في النهاية الى تكتلات من نوع آخر. التقسيم الطائفي ستنتج عنه كتلة سنية كبيرة وأخرى شيعية اكبر منها. وهذه التكتلات لاتقل خطورة عن التكتل القومي. ثم ان احتمال التقارب بين الكتلتين مستقبلا على اساس رابطة الدين الواحد احتمال وارد.
    لذلك اميل الى الاعتقاد بان الدافع وراء تأجيج الصراع في المنطقة هو اضعافها اقتصاديا وعسكريا, وقبل ذلك كله اضعافها فكريا وحضاريا. في هذه النقطة تلتقي مصلحة ايران وتركيا ودول الخليج (متوهمين) مع مصالح المعسكر الرأسمالي الامريكي. من مفارقات الانظمة الديكتاتورية التي دعمها الغرب لعقود آملا استخدامها كأداة لاضعاف شعوب ودول المنطقة, انها افرزت (مختارة او مجبرة) نتائج مخالفة للتوقعات. منها مثلا بناء جيوش عقائدية متماسكة, ومنها ايضا انتشار الفكر العلماني المتنور, ناهيك عن الاستقرار وشيء من الرفاهية وكثير من الوعي. وقد تنبه الغرب الرأسمالي الى خطورة استمرار تلك الانظمة في السلطة وتطور قدرتها على تحصين نفسها ضد الزلازل السياسية.
    خلاصة القول ان الهدف ممايجري في المنطقة هو زعزعة الاستقرار والسيطرة المخابراتية على مستقبلها السياسي والاقتصادي, وضمان تخلفها, الامر الذي يضمن لعالم الرجل الابيض تفوقه لقرن آخر من الزمان.

    ردحذف
  2. ما دام في الامة اقلام ومفكرين ومحللين وينتجون فكرا ومقاومة فالامة بخير ان شاء الله
    والغرب المتسلط علينا دائما يجتهد في تقزيمنا ويحاول ايهامنا باننا لن نستطيع مجابهته او وقف مخططاته من خلال اظهار قوته الغاشمة احيانا او من خلال ادواته العميلة التي تمارس الخداع بكل ما تملك من افساد وقتل وتهجير وهي في الحقيقة اوهن من بيوت العنكبوت
    فالغرب لن يتوقف عن استغلالنا وقتلنا ولكن الذي لا تحسبه عقولهم السيطرة على النهايات والتي تتغير تبعا لصراع ارادات حقيقية بين الاستسلام للواقع التي تحاول فرضة القوى الخارجية وادواتها وبين ارادة الشعوب التي تكتنز وتثور وتقاوم دفاعا عن نفسها ومستقبلها
    فهل بعد مائة سنة من التقسيم في المنطقة على نظرية سايكس بيكو كان الانتاج هو منطقة وردية لمصالح امريكا ام انها اضطرت وستضطر الى خوض حروب جديدة لا تحسم نتائجها النهائية على حسابات غوغل والمصالح الغربية فقط
    ورب ضارة نافعه
    ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

    ردحذف