كيف يبث البنتاغون دعايته ؟

في امريكا قناة يبثها البنتاغون منذ 2004 على معظم انظمة الكيبل الاساسية هناك . وقد قام احد الصحفيين بمراقبتها وجاء بهذا التقرير الذي يكشف نوع الدعاية التي ينشرها البنتاغون بين الشعب الأمريكي وقواته المسلحة .

بقلم: تشارلس يونغ
ترجمة غار عشتار

بين ساعات واخرى تبث القناة برنامجا اسمه (ميدان المعركة) وهو عبارة عن تلفيق الدعاية الكاذبة حول اسباب الحروب . مثل هذه الحلقات التي عنوانها (لماذا فيتنام؟) وهو يصور في احدى اللقطات نيفيل تشامبرلين يتعهد بالسلام ، ثم بدأ هتلر يلتهم اوربا ولو كان توقف عند اول قضمة لأمكن تجنب الكارثة . وهذا هو سبب الحرب في فيتنام . ويظهر في الفيلم ليندون جونسون ودين راسك وروبرت ماكنامارا وهم يتوسلون من الشعب الأمريكي ان يستمر في دعم الحرب لئلا يفوز (الارهابيون) ويلتهمون بقية جنوب شرق اسيا ، مثل هتلر.

من بين البرامج الاخرى ، برامج حوارية مع اشخاص يعملون في الجيش بوظائف لن تخطر على بالك : مستشار يقول للجنود المكتئبين انهم "جزء من الفريق، جزء من العائلة " او عضو كونغرس فخور بأن قاعدته البحرية في اليابان لم تقم باعتقال مرتبط بتناول الكحول منذ 11 الف يوم، فنان يصارع أعراض مابعد الصدمة برسم المحاربين القدماء ، موظفو البنتاغون المدنيون الذين يتدربون لعدة ايام في فورت بيننغ حتى يستطيعون التعرف على مايعانيه الجنود فعلا. انه مثل قضاء بعض الوقت مع بائع سجائر. فهو لديه مهارات اجتماعية جيدة وهو قد يكون جارا طيبا وهو متحمس ليعرف ماذا يشغل الشباب هذه الايام ولديه الحق في كسب العيش ولكنه ... يبيع السجائر.

معظم الموسيقى المستخدمة في القناة هي الميتال الثقيل.

كل البرامج تستمر لمدة نصف ساعة وبين كل ثلاث ساعات هناك برنامج لتقوية الجسم وبرنامج للطبيخ.

هناك برنامج اسمه (للرجال الجدد) يوضح كيف تأكل وتستمتع في واشنطن بأقل من 20 دولار في اليوم . والمضيف يسأل الجيش اسئلة سخيفة ويمنحك جوائز مالية اذا عرفت ان اللفتنانت جنرال (فريق) لديه ثلاث نجوم.

منذ ادارة بوش اعاد الجيش النظر فيما يعرضه عن نفسه. فمن المعروف ان البوشيين منعوا اي صور للتوابيت المغطاة بالعلم القادمة من العراق وبذلوا جهدهم لتقليل الحديث عن الاصابات . على قناة البنتاغون ، يعرضون احيانا تابوتا مغطى بالعلم ولكن دائما في معرض تمجيد الموتى. وعادة يكون خلف التابوت تماثيل كبيرة وجدران منقوش عليها اسماء القتلى ، ويتحدث المحاربون القدماء حول اشتياقهم الى اصدقائهم الراحلين .

وقناة البنتاغون تقدم الكثير والكثير من البرامج حول (المحاربين المصابين) فهناك اكثر من مليون جندي تواردوا على العراق وافغانستان على مدى السنوات ومئات الالاف قد اصيبوا نفسيا او جسديا ولهذا ربما يكون العدد اكبر مما يمكن اخفاؤه تحت سجادة العلاقات العامة. وتصور القناة المحاربين المعوقين وهم يلعبون الالعاب ، كرة الفولي والهوكي والسلة والتزلج والبولنج وصيد السمك - يمكنك ان تقوم بكل ذلك بدون ساقين . فالرفاق والتفكير الايجابي يقهر مشكلة تحديد اقامتك على كرسي متحرك او لوحة التزلج طوال حياتك.

اذا كانت مشكلتك كآبة مابعد الصدمة ، فهناك برنامج عن (التدريب على التأمل) حيث يساعدك طبيب نفسي على الاسترخاء.

ولكن أغرب جانب في قناة البنتاغون هي الحماية الكاملة التي تقدمها لمشاهديها ومعظمهم من الجنود المحتملين والحاليين والسابقين - مما يدافعون عنه.. اي : الرأسمالية. فليس على قناة البنتاغون اية اعلانات تجارية من رعاة رأسماليين وشركات. ليس هناك بنوك تقدم لك بطاقات ائتمان ولا عروقض لتقارير ائتمان مجانية ، ولا شركات زراعية تعرض عليك شبق تناول الوجبات السريعة، بدلا من ذلك يعرضون اعلانات داخلية ينصحون بها الجنود الشباب لمراقبة اموالهم وتغذيتهم . ويعرضون اعلانات تاريخية حول كيف وجد جون فيليب سوسا مستقبله كموسيقي وسط المارينز. ويعرضون اعلانات موت -بشكل اسماء آخر القتلى في العراق وافغانستان.

ولكن أكثر الجوانب جاذبية في الجيش ، بعيدا عن وعد المجد والشرف، هو كيف يعتنون بك ويقدمون لك خدمات متوفرة . تريد أن تكتب وصيتك قبل ان ترسل الى ميادين القتال ؟ اذهب الى الخدمات القانونية ، تريد تعليما ؟ اذهب الى الحرب واحصل على منحتك. تريد اموال رهن ؟ قد تكون مستحقا للمعونة . انها دولة المربية. انها الاشتراكية . الناس يساعدون الناس من اجل قضية عظيمة ، لوجه الله بدون اية ارباح. اذا سمحت قناة البنتاغون بالمزيد من الرأسمالية في برامجها (يقصد الدعايات التجارية للشركات) فإن الجنود قد ينتبهون الى انهم لا يقاتلون من اجل الحرية وعندها سيكون على البنتاغون ان يخوض حربا اخرى ضد جنوده .

تعليق : هناك برنامج يعرض على هذه القناة ايضا اسمه (بلد وماوراءها) Balad and Beyond ويقصد قاعدتهم في مدينة بلد بالعراق، ويتحدث البرنامج الذي يعرض افلاما دعائية عن (انجازات) جيشهم في العراق منها ثلاثة افلام حول تصليح مدرسة (المتميزات) ابتدائية في الموصل منذ 2004 .. يعني ماكو شي جديد !