"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

22‏/12‏/2015

خارج النص: السلفيون والزمن الجميل

غارعشتار
كلنا سلفيون. ولكن لست أنا. بل أعيش في اللحظة الآنية، فكل زمن هو زمني. ولكني أرى الناس حولي فأدهش. ليس السلفيون فقط هم الذين توقفوا عند زمن يرجع إلى ماض سحيق، بل أنظروا إلى بقية الخلق الذين توقفوا عند مايسمونه (الزمن الجميل) زمن أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب،  وقبلهما سيمفونيات بتهوفن، وتشايكوفسكي،
عندي صديقة، تملأ صفحتها على الفيسبوك بأفلام الباليه وأغاني (الزمن الجميل) وقراؤها يعجبون ويتشاركون الروابط ويتأوهون على الموسيقى الراقية العذبة الحالمة الرومانسية.
صديقتي هذه فزعت حين ركبت سيارتي وشغلت لها الموسيقى التي استمتع بها. وهي  الأغاني الايقاعية الرائجة بين الشباب المصري هذه الأيام والتي نجدها عادة في سيارات (التوك توك) ، وتسمى (مهرجانات). فزعت الصديقة للابتذال والانحطاط في ذوقي. وقالت باستنكار "انت بالذمة مبدعة؟ مثقفة؟" كما سبق أن استنكرت جارتي  المتدينة التي شاهدتني أدافع عن كلاب الحي، حين أراد بعض السكان قتلها فصاحت في وجهي "انت بالذمة مسلمة؟".

قبل أن أستمر، أدعوكم لسماع أحدث وأشهر أغاني المهرجانات والتي لا أمل من سماعها:
كما ترون هذه أغنية شبابية، المغني الطويل (حسن البرنس) هو كاتبها ويبلغ من العمر 20 سنة أما الاخران (غاندي) و(فارس) فهما أصغر بكثير. وسوف تلاحظون أن كلمات الأغنية حزينة وتعبر عن حياة ضنك واحلام مسروقة ومستقبل مظلم ولكن على إيقاع راقص. ومعظم المهرجانات بهذا الشكل والمعنى. والجميع يرقص على إيقاعاتها الخفيفة مثل الطيور (ترقص مذبوحة من الألم). كان من المفروض أن يدرس (المثقفون) هذه الظاهرة بدلا من استنكارها والتعالي عليها.
لقد وجد هؤلاء الشباب غير المتعلم او المتعلم تعليما بسيطا موسيقاهم وكلماتهم بأنفسهم، وعبروا عن واقعهم. والكلمات عادة تشمل كل شيء: الحياة الصاخبة داخل الحارة، الفقر والظلم، الحياة داخل السجن، وخديعة الأصحاب، والست نبوية البائعة البسيطة، والعراك بين بلطجية، الخ . انها بالتأكيد أغان تختلف عن وقوف مغن يتأوه عن هجر الحبيب بكلمات منمقة.
تتميز هذه الأغاني بأنها جماعية، تغنيها مجموعة ، ثم يُذكر داخل الاغنية اسماء الفرقة كلها، ثم اسماء اهل الحارة التي ينتمون اليها، ويشكروهم فردا فردا، ويذكرون محاسنهم. ولهذا تستقطب المهرجانات جمهورا واسعا. ولكن أصحاب (الزمن  الجميل) يرون في هذا ابتذالا وانحطاطا.
في أمريكا وجد شباب الحارات الفقيرة أغانيهم (الراب) .
الشباب في كل عصر وأوان، هم روح المجتمع، وابداعه وعنفوانه، والطاقة الدافعة للتغيير. ولهذا أقول أن من يتمسك بأذيال (زمنه الجميل) خائف من التغيير، خائف من أن يعترف بأن لكل زمن إيقاعه، وباختصار، هو لا يعيش هذه اللحظة وإنما يتحجر على ذكريات ماض انقضى. والحياة تتجدد صباح كل يوم، وعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء أبدا. وليس من الطبيعي أن يعيش الجيل الجديد طرق حياة السلف الصالح والزمن الماضي (الجميل). إنهم يعيشون حياتهم الآنية ويبدعون وسائل جديدة وجميلة وأكثر حيوية للتعبير عنها.

هناك 22 تعليقًا:

  1. اخت عشتار انت في مصر الان ؟

    ردحذف
  2. ولدي من مواليد 1995 رأيت شعره ظويل جدًا فقلت له لماذا شعرك طويل فقال هذه تسريجة عبد الحليم جافظ فماذا تفسرين هذا ؟

    ردحذف
    الردود
    1. يبدو أن ولدك لم يشاهد فيلما او صورة لعبد الحليم، فلم يكن شعره طويلا في أي وقت. أو انه أحس انك تحب الاستماع لعبد الحليم فأراد أن يفحمك.

      حذف
  3. قيل ان الشعر هو ما هزّ الشعور والبدن ، وبذلك فان مالا يبعث على الاهتزاز ليس بشعر وإن توفر على القافية والوزن ، كذلك الغناء ، لا اريد ان اتحدث اكثر تحاشيا لعركة ارى نفسي غير كفء لها .

    ردحذف
    الردود
    1. شوف أخي علي.. لا عركة ولا يحزنون. أنا إنسانة احب الايقاعات عل الطبول، وهي النوع الفطري من الموسيقى. والالة الاولى التي عزف عليها الانسان منذ اول وجود للبشر على الارض. الموسيقى فطرة والرقص على ايقاعها فطرة. كيف نعرف هذا؟ راقب أي طفل في عمر شهور قبل ان يتعلم الكلام والغناء، كلما سمع ايقاعا تقافز فطريا في حضن امه، فأول التعبير عن الانسجام مع الايقاع هو الرقص. بعدها حين يتعلم الطفل الكلام يستطيع ان يردد الكلمات البسيطة التي تأتي مع الايقاعات. والايقاعات والرقص رافقت الانسان في الحرب والافراح والاحزان (هناك شعوب تتمايل اثناء اللطم) وكذلك في حلقات الذكر الدينية. فهذه الاغاني المسماة (المهرجانات) هي عبارة عن ايقاعات عليها كلام مسفط قد يبدو مبتذلا او بدون معنى ولكنه يصف الحياة اليومية بلغة بسيطة ، واهم مافي (المهرجان) هو الايقاع الذي يرقص الجميع عليه. وهذا ليس شيئا سيئا.
      وفي كل عصر يخرج الشباب بنغمات وايقاعات مختلقة جديدة وفي كل عصر يرفضها سلفيو الموسيقى، حتى عبد الحليم حافظ حين ظهر اول مرة على مسرح في الاسكندرية ليغني اغنية تعتبر الان من كلاسيكياته ثار الجمهور ورموه بالطماطم الفاسدة. ثم الان يعتبر عبد الحليم جزءا من (الزمن الجميل). الناس تخشى التجديد، لأن القديم يعني الاستقرار وهذا بدوره يعني الامان. التغيير يزعزع ويقلق ولهذا يخافه الناس. وكل المبدعين في التاريخ سواء في الابتكارات العلمية او النظريات الجديدة او الفن او الادب او حتى الدعوات الدينية (الى التوحيد مثلا في عصور تعدد الالهة) كانت تجابه بالرد العنيف الذي قد يصل الى القتل. انظر مثلا كيف تطور الفن التشكيلي من الكلاسيكي الى الرومانسي الى الواقعي الى السريالي الخ. لا أقول ان علينا ان نمسح الماضي (الجميل) وإنما ينبغي الا نستنكر ونحتقر المحاولات الشبابية للابتكار او الابداع إذا كانت تعبر عن حركة المجتمع الذي يعيشون فيه. وأطمئن اصدقائي أني احوي في سيارتي كل انواع الاسطوانات : موسيقى شرقية على العود، معزوفات على البيانو، موسيقى الجيتار الاسباني، اغاني الروك اند رول، موسيقى الريف الامريكي، اغاني عراقية تراثية، وكذلك اغاني المهرجانات الشبابية التي احب ان استمع اليها عند سفري على طريق خطر، فهي تبث في نفسي الشجاعة لخوض غابة سيارات النقل الكبيرة، والسيارات الطائشة الصغيرة وانفلات المرور الخ. من منطلق (حاتعورني حاأعورك) كما يقول المغني في الفيديو اعلاه.

      حذف
  4. تختلف اذواق الاجيال وطريقة تعبيرهم عن ما يدور في انفسهم ومن حولهم "وما في شخص بيقول عن زيته عكر"
    وكل جيل يرى الجيل الذي قبله افضل منه
    وهذه سنة الاجيال الولد يرى امه وابيه افضل منه
    اما في الجيل الجديد الطازج فهو لا يرى الا من خلال نفسه واناه العليا

    ردحذف
  5. أنا أرى أن الأغاني و الموسيقى بصفة عامة موجهة إلى فئة المراهقين و الشباب لعدة عوامل نفسية فحسب تجربتي الشخصية يمكنني القول أنني كنت من مدمني الاستماع إلى الموسيقى الشبابية(الراي ) حتى يلوغي سن العشرين حيث تحولت إلى الموسيقى الكلاسيكية الشرقية أو ما يصطلح عليها الفن الراقي ثم توقفت عن الاهتمام بالموسيقى بصفة عامة حين بلوغي 24 سنة من عمري بسبب إدراكي أنه لا جدوى من سماعها لكن لا أمنع نفسي من الاستماع ﻷغنية معينة حين تحدث ضجة في وسائل الإعلام و شبكات التواصل الاجتماعي لاكن لا أستطيع فهم سبب هذه الضجة

    ردحذف
    الردود
    1. يا إله السموات. هل تقول انك توقفت عن الاهتمام بالموسيقى بسبب إدراكك انه لا جدوى منن سماعها؟ وأي جدوى في أي شيء إذن؟ الموسيقى موجودة في الكون كله. ربما انت إذن لاتستمع للكون الذي تعيش فيه؟ اسمع.. العصافير تغني. من علمها الغناء؟ جداول الماء وهي تمر بين الصخور او وهي تهبط من مرتفعات لها خرير مموسق، حفيف الاشجار حين تمر بها الرياح تصنع موسيقى واحيانا صفيرا ناعما، اقدام الخيل وهي تسير، لها وقع الموسيقى. هل استمعت مثلا الى حبات المطر وهي تنقر على زجاج النافذة؟ هل رأيت كيف ينام الطفل او يسكت من البكاء لدى سماعه ترنيمة امه؟ ثم تقول لي أن الموسيقى لاجدوى منها؟
      أما لماذا الموسيقى الصاخبة ذات الايقاع الملتهب هي موسيقى الشباب؟ لإن الشباب بطبيعة الحال هم طاقة التمرد على المألوف والرغبة في تأكيد الشخصية وإسماع صوتهم عاليا، وهم طاقة الحركة والنشاط، والتغيير والثورة. وهم يشكلون الاغلبية في مجتمعاتنا العربية والاسلامية. وعلينا أن نستمع اليهم.

      حذف
    2. سيدتي العزيزة عشتار؛ إدراكي أنه لا جدوى من سماع الأغاني نابع من غياب اللأحاسيس التي كانت تختلجني سابقا أثناء الانصات إليها و لحد كتابة هذه السطور لا أعلم ما السبب

      حذف
  6. هناك بعد آخر لميول الناس غير الذائقة الموسيقية والتجديد والابداع. أعتقد ان الحنين الى "فن الزمن الجميل" مرده ارتباط تلك الاغنيات بذكريات شخصية. فاغاني عبد الحليم ربما تذكر مستمعيها بالعشق الاول او سنوات الشباب. ولهذا السبب لايتذوق جيل "الزمن الجميل" اغنيات "الزمن القبيح". لانها لاترتبط بذاكرتهم بشيئ سوى الشيخوخه واحساس الخيبة. وربما للسبب ذاته يتذوق الجميع شبانا وشيبا الاغنيات التي تتغنى بالوطن. لان الوطن ذاكرة جماعية وان اختلفت اشكالها.
    شخصيا احب سماع شعبان عبد الرحيم. ربما للاسباب ذاتها التي ذكرتها عشتار.

    ردحذف
    الردود
    1. أنت لمست مسألة (الأجيال). في كل جيل ينهض الشباب بابتكار موسيقاه، ويواجه صدا من الأجيال الأكبر سنا. اتذكر في مراهقتي ان امي (الصارمة في تربيتها) كانت تمنعني من سماع عبد الحليم حافظ (لأنه قد يثير فيّ مشاعر الحب الخ) وكأنه رجس من الشيطان. ثم تصور ! حين تجاوزت امي السبعين من العمر كتبت لي من العراق وانا في بلد الغربة انها تقضي بعض امسياتها في الاستماع الى اغاني عبد الحليم حافظ ونقول انها اكتشفت انها أغان جميلة وراقية المعاني الخ.
      وفي مصر مثلا حين طلع احمد عدوية كان يعتبره الكثيرون شيئا مبتذلا دون مستواهم، ثم الان اصبح الرجل من اركان الغناء المصري ويحتفي به الجميع ويقلده الكثيرون، وايضا شعبان عبد الرحيم. ماأفعله انا، لا انتظر ان يفوت زمان الاغاني الشبابية التي تعتبر الان من قبل بعض سلفيي الموسيقى انها انحطاط، دون ان استمتع بها، ثم يأتي زمن قادم لابدأ في جمعها والتحسر عليها. هذا ما اعنيه بالعيش في اللحظة الآنية.

      حذف
  7. لكل نوع من انواع الموسيقى والغناء اناس يطربون لسماع هذا او ذاك ولكل فنان محبية واذواق الناس مختلفة وخاصة بين الاجيال
    انا مثلا مصرى احب الموسيقى والغناء ولا يطربنى سوى الغناء الخليجى والاغانى الكلاسيكية القديمة عكس كل اصدقائى
    ربما فى المستقبل يأتى يوم نترحم فية على زمن شعبولا او(شعبان عبدالرحيم)ونقول اللة يرحم زمن الفن الجميل !
    اهلا ومرحبا بك فى مصر

    ردحذف
  8. الناس مختلفة. ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع. ولكل حبة مسوسة كيال، كما يقولون. والجمال مسألة نسبية. ولكن الخوف كل الخوف أن يكون لكل شيء موضة. فمفهوم الوطن في السابق قد يتطور وتصبح موضة الوطن هي العشيرة أو الطائفة. والاحتلال يصبح قوة صديقة وحليفة. والوحدة العربية تصبح وحدة مع الكيان الصهيوني.

    بالتأكيد ليس كل شي قديم جيد. ولا كل شيء جديد سيء. ولكن هناك قيم ومفاهيم عليا يتفق عليها الناس وقد سبقت كل الأديان. فالصدق والأمانة والمروءة لا تبلى ولا تتغير. والكذب والخيانة والسرقة والخنا لا تتبدل معانيها مع الزمن.

    ومما لا خلاف عليه أن الأخلاق في انحدار وتشبث الناس بالمعاني العالية والمبادئ قد اهتز بسبب عدة عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية. ولكن يبقى اختلاف وتنوع التعبير عن الظلم وضيق الحياة والانحراف عن المبادئ مقبولا، بل ومرحبا به.

    ويبقى أيضا أن ما تنتجه الأمم في ذروة تقدمها وازدهارها ( على الأقل في مجال الفن والأدب) أفضل بكثير مما تنتجه وهي في قاع التخلف والتشرذم. وكلنا نعرف متلازمة GIGO، أي أن جودة المخرج من جودة المدخل.

    ما استوقفني حقا أن هذه الفرقة الشبابية ينقصها العنصر النسائي. فهي أيضا سلفية في فكرها وإن جعلت صوت الإنسان يخرج وكأنه صوت روبوت خال من أي حس بشري.

    ردحذف
    الردود
    1. ملاحظتك في محلها: الافتقار الى العنصر النسائي. في الواقع انا فكرت في هذا وكل فرق اغاني (المهرجانات) ينقصها العنصر النسائي، مثل الراب الامريكي ايضا العنصر النسائي معدوم او نادر، وربما لأن اكثر هذه الاغاني تتحدث عن (الرجولة) بمعنى القوة والشهامة وطيبة اهل الحارة الخ. مايعجبني في هذه الاغاني هو مواضيعها الشاملة للحياة اليومية ، فهناك اغان عن (البياعة شلبية التي خدت حاجتها البلدية) وحنان القاعدة في البلوكة تاكل مكرونة، والست نبوية اللي عايزة تسيب الحارة، واستقبال سجين مفرج عنه (السجن للرجالة) والاولاد الواقفين يعاكسوا البنات على الناصية. والخناقة في الحارة والطلب من النساء الدخول في البيت (خشي جوة ياست) وغيرها من وصف الشارع والحياة اليومية، وهي اغان درامية جماعية تغنيها فرق وليست فردية، وكل اغنية مثل قصة حيث توصف حياة الشارع بوصف يموج بالحركة. وعليك ان تستمع الى العديد من هذه الاغاني من فرق مختلفة لتستمتع بها.
      الأزمان تتغير بطبيعة الحال ولايمكنك التشبث بزمن ماض بدعوى انه الافضل. انظر اللغة العربية وما اصبح حالها: من يتكلم باللغة الفصحى الان من العرب؟ لقد دخلت فيها كلمات الكتنولوجيا حتى تكاد اللغة كما عرفنها تندثر. هل هذا شيء جيد أم سيء؟ لا ادري ولكنه تغير لاننكره. الان انت تستخدم النيت والايفون وكل ادوات التواصل الالكتروني التي لم تكن موجودة سابقا. هل هذا جيد أم سيء؟ احيانا افكر وانا ارى كل شخص ماشي في الشارع او راكب سيارة من الفقير الى الغني وهو يتكلم بالمحمول، اقول لنفسي: كيف كنا نعيش قبل عدة سنوات بدون المحمول؟ الان تستطيع أن تضرب موعدا مع صديق، وقبل وصولك تكلمه تسأله عن مكانه او انك سوف تتأخر او انت تبحث عن مكان للسيارة ولهذا سوف تتأخر دقائق. ماذا كنا نفعل سابقا؟ تعطي الموعد بالتليفون الارضي ونذهب الى اللقاء بدون هذه المكالمات كل عشر دقائق. هل هذا جيد لحياتنا ام سيء؟ لا أدري. ولكن واقعنا اصبح مختلفا. والواحد منا اما يغير هذا بيده، او يتعايش معه، او ينزوي في مغارة بعيدا عن الحياة الجديدة. بالنسبة للمثل والقيم، مثلا في مسألة ضرب الموعد بالتليفون. سابقا إذا وصلنا متأخرين سوف يتقبل الطرف الاخر المنتظر عذرنا من زحمة المرور او حدوث عارض فجأة في الطريق، أما الان فلن يقبل مثل هذا العذر بل سوف يسألك: لماذا لم تخبرني بالمحمول انك ستتأخر؟ سيكون معه الحق في ان يزعل منك. زمان كنا نهنيء بالعيد كل فرد من اقربائنا ومعارفنا ا ما بالزيارة او بالتليفون. الان نكتب رسالة موجدة لجميع الاسماء على المحمول ونبعثها في دقيقة وانتهى الامر ويعتبر هذا تصرفا مقبولا وربما يزعل الصديق إذا نسينا ارسال المسج له ويسألنا (أليس لديك المحمول؟ لماذا لم تبعث رسالة)؟ هذه عادات وقيم تغيرت ومثلها كثير. هل هذا جيد أو سيء؟ لا أدري، ولكن الحياة تغيرت بالتأكيد.

      حذف
  9. أختي وسيدتي عشتار
    في البداية السلام عليكم بعد غيبة طويلة غبتها عن مدونتك التي أعتز بها. قد تقولين عني أصولياً أو سلفياً وفي نفس الوقت معاصر ولنرى كيف.
    التجديد والتغير هو سنة الحياة التي فطر اللهُ سبحانه الأنسان عليها فهي سنة الحياة وكذلك فطرة في الأنسان ولنقل غريزة ولكن من ناحية ثانية للحضارة الأنسانية بالعموم والمطلق( لا اقصد الليبرالية المطلقة التي بلاحدود) الأنسانية لها معايير أساسية كما الشريعة الألهية كالأسلام مثلاً حين ندرس الشريعة نبدأ في الأصول أي أصول الفقه والتشريع مثل الوحدانية والأيمان والعدالة وغيرها وبعد ذلك تدرسين الفروع مثل تفاصيل الميراث والتطهر وأداء الفرائض وغيرها المبادئ الأساسية للأصول لا تتغير,, بمعنى الجوهر الأنساني والفقهي لا يتغير فكلها حتى التشريع الأسلامي يهدف خدمة الأنسانية في طريقة خدمتها وعبادتها للخالق ( حسب المفهوم الأسلامي) ولكن في نفس الوقت يمكن وحسب الضرف المكاني وكذلك الزماني تتغير الطريقة وحتى الأحكام في المسائل والفروع بما يخدم الأنسان أي أنسان وقول الحبيب المصطفى في هذا المجال واضه (( يأتي أو قال يظهر على رأس كل مئة عام رجل من أمتي يجدد لها دينها )) وهذا الحديث مذكور في الصحيحين من الأحاديث الصحيحة المعتبرة في السنة وحتى المطبقة في الشريعة وكذلك قول العلماء الفقهي ( الضرورات تبيح المحضورات) ولهذا التجديد والتحديث مع الحفاظ على الأصول واجب وليس فقط جائز في جميع نواحي الحياة حتى ما يخص المبادئ فهذا في الفقه التشريعي فكيف في شؤون الحياة والمعيشة وكما تسمى في الفقه التشريعي ( الفروع والمسائل) أما التجديد في الأصول فهو جائز كذلك في طريقة توضيح وشرح معاني الأصول فالمظهر يجب أن يتجدد ولكن الأنسان بقيمه السماوية الأنسانية هو نفسه الأنسان وهو نفسه الله سبحانه ولكن طريقة توضيح وتسميته وتبيينه ففي هذا يكون التغيير والتجديد. هذا رأي والله أعلم

    ردحذف
    الردود
    1. أخي محمود ، أهلا ومرحبا بك مرة اخرى. ارجو ان تكون غيبتك لظروف طيبة.
      نحن نتحدث هنا عن الابداع والتعبير الفني أو الأدبي عن احوال الانسان، وليس عن القيم الاساسية مثل الخير والحب والعدالة والرحمة الخ. التي تدعو اليها كل الاديان السماوية وغيرها. لأن فطرة الانسان هي الخير والحب والسلام، وما يشذ عن هذا هو انحراف عن الفطرة. والفطرة الطيبة هي من الثوابت التي لا أحيد عنها، ولكن الابداع والتعبير عن النفس بالفن مثلا هو شيء آخر. فمثلا هل الرسم الكلاسيكي هو الثابت الذي ينبغي الا نحيد عنه الى الرسم الانطباعي او السريالي؟ وكتابة الشعر ليس بالضرورة ان تكون بالقافية، فهي ليست مقدسة، وليس من اللازم ان يكون الغناء على المقام الفلاني او العلاني. حتى تجويد القرآن اختلف قبل فترة قريبة وانحرف عن المقامات الى التلاوة المرسلة. فليس هناك قراءة معينة ينبغي الا نحيد عنها. والموهبة قد تظهر بأشكال متعددة ومختلفة من عصر الى آخر، وإذا كنت من المؤمنين بأن الخالق هو الذي غرز الموهبة لدى البشر، فهو لم يحدد كيفية استخدام الصوت الجميل مثلا في هذا المقام او ذاك، وحين اوحى للبشر بالموسيقى لم يحدد ان يكون ايقاعها سريعا او بطيئا.

      حذف
    2. تكلمت سيدتي بالعموم والمطلق في مسألة الأختلاف بين السلفية والأصولية والمجددة وهذا هو محور السؤال المطروح بالمقالة ولم أتطرق بل حتى مع الأسف لم أقرأ التعليقات وجدالها وردودك عليها دكتاتورتي عشتار وأنما قرأت مقالتك وسمعت الأغنية بكل تفاصيلها وجوارحي وعلقت طارحاً رأيي أرضاً للنقاش بالقول أن التجديد من وجهة نظري الشخصية واجب لكونه فطرة تفطر وتشقق الأنسان عليها ولولاها لما أبدع ولا تتطور ولهذا لم أناقش جواز الغناء أو التجويد أو الموسيقى أو الرتن السريع فيها أو البطئ تكلمت بحدود القواعد الرئيسية.

      حذف
  10. وعلى وزن: الأذن بالأذن و اللسان باللسان، ترى لدينا ما يماثله،
    https://m.youtube.com/watch?v=SDHESzxUbnQ
    ولكني إحتجت إلى "ترجمان" لفهم المعنى و المغزى (هذا هو النص، لمن يرغب في إستنباط "البلاغة").
    http://www.iraaq18.com/archives/35633

    ردحذف
    الردود
    1. نعم هذا نور الزين، ولكن لم يكن يحتاج الى ترجمان. اغلب الكلمات واضحة. ولكن قارن بين اغنيته الايقاعية الجماعية هذه التي حصدت اكثر من 60 مليون مشاهدة، واغانيه العاطفية الفردية الأخرى، ستجد فرقا كبيرا في الاقبال على المشاهدة. وستجد ان هذه الاغنية تحركك من مكانك، وتبعث في نفسك الفرح في حين الاغاني الاخرى تجمدك في الكرسي وانت تندب حظك. وللتسهيل على القراء اضع رابطها هنا جيناك بهاي

      حذف
    2. ومن الاغاني الايقاعية العراقية الجميلة ذات المعاني الساخرة، اغنية حسين الطيب ها يمّة

      حذف
  11. بالنسبة لي ارى ان الاغاني الجميلة، أياً كان زمنها، هي الاغاني التي تثير المخيلة وليس الاحساس او التعاطف.
    هناك الاف الاغاني المشحونة بالعاطفة لكنها لا تحرك بي ساكناً ما دامت لا تحرك لدي المخيلة.
    اذكر قبل اكثر من شهر في موسم قطاف الزيتون ونحن منهمكون في الحقل مرت اغنية على اذاعة صوت الشعب، كان من ضمن ما تقوله :
    ناحَت شِمالي
    وآني لحالي
    هبّ الدفا هبّة: ضحكة حبيبي مرَت ببالي.

    اذكر اني كنت واقفة وجلست، قلت لأحد الموجودين :هذا جميل ومؤثر.
    قال:بل تافه!الاغنية كلها تافهة.

    ويبدو ان هذا لم يزعجني، إذ أني بقيتُ لوقتٍ طويل اتخيل امرأة تجلس وحيدة في العراء وكيف ان نسمة هواء دافئة ذكرتها بضحكة حبيبها.

    ردحذف