"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

11‏/12‏/2015

الوجود التركي في شمال العراق .. رأي

غارعشتار
(ملاحظة: أرسل الكاتب أحمد الهرمزي هذه المقالة إلي وهو يتوقع أن يكون لي رأي آخر حولها. وقد وعدت بنشرها والتعليق عليها، وها أنا أفي بوعدي)
بقلم أحمد الهرمزي
تساؤلات كثيرة تدور في الاذهان هذه الايام بعد نشر معلومات عن دخول قوات قتالية تركيه الى شمال العراق ، فكما هو معلوم بان لدى تركيا قوة محدودة تشمل مدربين وقوات خاصة واستخبارات بالاضافة الى معدات بسيطه لتغطيه نشاط هذة القوات في اربيل (معسكر سوران) والسليمانية (معسكر قره جولان) وهذا الامر معروف للكل منذ عام 1992 وازداد عام 1995. التواجد التركي في العراق لديه دعم من دول المنطقة والدول الكبرى، وما سمعنا ان احدا اعترض، بل بالعكس عن ذلك الى حد اول أمس، فماذا الذي حدث الان!

دخلت قوات عسكرية قتالية مع معدات ثقيله، الى شمال العراق الى منطقة قريبه من الموصل، وبالتحديد معسكر زليكان (تتدرب فيه قوات الحشد الوطني من اهالي الموصل) في ناحية بعشيقة يقدرعددها بحوالي فوج مشاة مدعم بعدد من الدبابات وكاسحات الغام. ومع مضي بعض ساعات ،حتى بدأت التصريحات تنطلق من كل صوب وناحية من جميع المستويات في الدولة العراقية، من التحالف الوطني بشكل تدريجي من المطالبه بالانسحاب الفوري، الى خرق السيادة فاستدعاء السفير، ومن ثم التوجه الى مجلس الامن، واعتبارها قوات في حالة حرب مع العراق.
دون الدخول في تأويلات ما يدور في الاعلام من زيارات السيد اردوغان الى دول الخليج، وموضوع ولاية الموصل، واعقبتها زيارات مسعود البرزاني، ومسألة اسقاط الطائرة الروسية، والتدخل الروسي بالمنطقة، بالاضافة الى الدور الامريكي الجديد المتمثل بالتخلي عن شرط تنازل الرئيس بشار الاسد قبل الدخول في فترة انتقالية، وطرح فكرة انشاء قوة عربية مشتركة لدحر داعش هناك، والدور الايراني في العراق، ودور الحرس الثوري والمليشيات المنضبطة او المنفلتة في القتال ضد داعش، وبغض النظر عن القوانين والاعراف الدولية فان الكل يعلم بان عراق ما بعد ظهور داعش هو ليس عراق ما قبل ظهور داعش، ولنكون اكثر صريحين بان بعد التعديلات الاخيرة للسيد العبادي ودور الحشد الشعبي وشبة الانفلات الامني للقرار الخاص ببعض التنظيمات المسلحة، فان هناك تخوف كبير للسنة في العراق من التهميش وعدم احترام مشاركتهم في ادارة الدولة، وخصوصا ان الغرب بدأ يتحدث علنا عن الحدود الجديدة لدول الشرق الاوسط.
ان دخول القوات التركية تم على اساس تفويض سابق لاسامة النجيفي بالتنسيق مع الاتراك في دعم عملية تحرير الموصل، وكما تم بدعم من السنة والاكراد في العراق، وحتى اطراف في التحالف الوطني العراقي، وبعلم امريكا ودول التحالف الدولي. وما يدور في الاعلام ماهو الا لغط وخلط للاوراق، ولكن يبدو ان هناك تغييرا خارجيا أدى الى تبديل المواقف الرسمية لممثلي التحالف الوطني.
كلنا ندعو الى احترام سيادة العراق ونرفض اي تدخل اجنبي بدون تنسيق او مشاورة مع الحكومة العراقية، ولكننا في نفس الوقت نرحب بجميع الجهود لمحاربة تنظيم داعش الارهابي، وندعم اي جهد دولي لمحاربة داعش واعادة المهجرين الى منازلهم وندعو الى حل اي سوء فهم أوخلاف بطرق دبلوماسية وتروّ،  ووضع مصلحة العراق اولا، لا مصالح دول الجوار!
فمن العيب ان تتحدث الحكومة المركزية بانها لاتعلم بوجود قوات تركية سابقا...... ولكن السؤال هو: هل الموصل مقابل كركوك ومن سيقايض من ومع من؟ هنا نريد جواب الحكومة المركزية: لماذا تركت اهل كركوك والموصل لحالهم والان تتباكى على تربة العراق وسيادته؟
سبق نشر المقالة هنا
***
تعليق: نشرت المقالة لأن فيها تلخيصا لبعض جوانب مايحدث مؤخرا في العراق. الكاتب - بسبب اهتمامه بقضية التركمان - أوجز التحركات الأخيرة للأطراف المعنية في المنطقة، وهذه معلومات جيدة لنا. ولكني - وكما توقع الكاتب السيد الهرمزي- اختلف عنه في أني لا أعترف بالنظام القائم في العراق، فيما يبدو أنه يعترف به، كما أني ضد التقوقع في الهويات الثانوية، وضد مايوصف بالمظلومية. ورغم أنه لم يركز على هذا في مقالته اعلاه، ولكنه من الناشطين التركمان في مايسمى (المظلومية) وما أن تذكر هذه الكلمة حتى يقصد بها (إقامة كيان مستقل) بأي شكل من الأشكال. مظلومية جماعة ما تعني بالضرورة خلع الهوية الوطنية (العراقية). وبغير هذا القصد، لماذا لانتحدث عن (مظلومية الشعب العراقي بكامله) ضد الغزو والاحتلال والتدمير؟ لماذا تريد كل جماعة ملتحفة بهويتها الضيقة، النجاة بنفسها من الفيضان الذي يغرق الجميع؟ (المظلومية) تعني بالضرورة الإلتجاء الى قوة خارجية تعينك في تحصيل حقوقك المسلوبة كما تتصورها. باختصار هي الإنسلاخ عن الوطن. 
كنت طوال حياتي أرفض أن أطالب بحقوق المرأة أو أن أسعى في هذا المجال، لأني أرى من يفعل ذلك يقسم المجتمع ويضع المرأة أمام الرجل في عداء، في حين أن وضع المرأة يرتقي بتنمية المجتمع والارتقاء بالرجل والمرأة معا، وعندها ينال الإثنان حقوقهما. فوضع الاكراد او التركمان او بقية الطوائف العرقية والدينية سوف يتحسن حين يسترد الشعب كله حقوقه. وباختصار، لا اعتبر من يطالب بحقوق فئة معينة من المجتمع باعتبار (خصوصيتها) عراقيا حقيقيا. من يعرف نفسه على أنه شيعي أو سني أو كردي أو تركماني أو يزيدي الخ فقد انسلخ من عراقيته. لنأخذ بلادا مثل امريكا التي تكونت من هجرات جماعات مختلفة عرقيا ودينيا ومذهبيا. هل وجدنا مثل هذه المطالبات بالمظلومية؟ الكل يعتبرون أنفسهم أمريكان ويتحدثون اللغة الرسمية الواحدة، بل أن من يشير إليهم بأصلهم أو باختلافهم، ينعتونه بالعنصرية وربما يقاضونه أمام المحاكم. طبعا هذا لا يعني أن يتخلوا عن تراثهم ودياناتهم ومعتقداتهم وطرق معيشتهم في بيوتهم، ولكنهم ينصهرون جميعا في بوتقة (الأمركة) خارج البيت وأمام الجميع. هذه هي المواطنة. فأين هذا مما يحدث في العراق؟ أمريكا عمرها 300 سنة والعراق عمره آلاف السنين. ياخسارة.
التركمان في العراق كانوا يتكلون على تركيا، ويبدو أن تركيا خذلتهم بتقربها من الأكراد ومشاركتهم في (اضطهاد) التركمان ومحاولة الاستيلاء على (أراضيهم) في كركوك ومناطق أخرى (طافحة بالنفط والغاز)، وهكذا فقد انقسم التركمان على أنفسهم، البعض مازال مع تركيا والبعض ضدها. الشيعة في العراق اتكلوا على ايران ولم تخذلهم حتى الآن، والسنة اتكلوا على دول الخليج، وقد أوردتهم المهالك حتى الآن. الشيء المثير للسخرية أن كل هذه الدول الخارجية جندت المتكلين عليها في جيوش وميليشيات للدفاع عن مصالحها، فإيران لديها  حشدها الشعبي، ودول الخليج لديهم دواعشهم، وتركيا اختارت البيشمركة لتحقيق مصالحها. 
من سوف  ينتصر في هذه المعركة الطاحنة؟ في رأيي: لايهم من ينتصر، ففي كل  الأحوال الخاسر الأكبر هو العراق وماتبقى من شعبه.
**
موضوع ذو علاقة (خطة تركيا في العراق)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق