"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

10‏/8‏/2015

ما الجديد في خطة تفكيك سوريا؟

غارعشتار
 ملاحظة أولية: اعتبر كاتب المقالة مايك ويتني أن الخطة المقترحة جديدة ولا أراها كذلك ولي عليها تعليق.
بقلم: مايك ويتني
ترجمة عشتار العراقية

اليكم السؤال اللغز في السياسة الخارجية الامريكية الراهنة: متى يكون تغيير النظام ليس تغييرا للنظام؟
الجواب: حين يبقى النظام في السلطة ولكن مع فقدان القدرة على الحكم. هذا هو الهدف الراهن للسياسة الامريكية في سوريا: اضعاف قدرة الرئيس السوري بشار الاسد على حكم البلاد بدون الاطاحة به.

الفكرة ببساطة: انشر وكلاء امريكا (الجهاديين) لاحتلال وامساك مناطق كبيرة من البلاد مما يجعل من المستحيل على الحكومة المركزية السيطرة على الدولة. هذه هي خطة ادارة اوباما للتعامل مع الاسد: جعل وجوده مثل عدمه. الخطة موضحة بالتفصيل في دراسة كتبها مايكل اوهانلون من معهد بروكنجز بعنوان (تفكيك سوريا: خطة جديدة لحرب امريكا اليائسة) (أوهانلون: مدير مركز القرن الواحد والعشرين للامن والمخابرات ومدير البحث في فورين بوليسي) واليكم مقطعا منها:
"السبيل الواقعي الوحيد قد يكون خطة من شأنها أن تفكك سوريا .. على المجتمع الدولي العمل مع مرور الوقت على خلق جيوب داخل سوريا آمنة وصالحة ولها القدرة على الادارة. الفكرة هي مساعدة العناصرالمعتدلة لاقامة مناطقة آمنة يعتمد عليها داخل سوريا حالما تمكنوا من ذلك. وسوف تدعمها القوات الامريكية والسعودية والتركية والبريطانية والاردنية والعربية الاخرى ليس فقط من الجو ولكن بقوات خاصة على الارض. سوف يستفيد هذا المقترح من صحراء سوريا المفتوحة التي تسمح باقامة مناطق عازلة يمكن مراقبة تحركات العدو من خلالها. ويمكن للقوات الغربية ان تبقى في اكثر المواضع أمنا بشكل عام داخل المناطق الامنة ولكن بعيدا عن خطوط المواجهة - على الاقل حتى تسمح مثل  جاهزية هذه الدفاعات وايضا القوات المتحالفة المحلية بالتواجد في مواضع متقدمة.
إقامة هذه الملاذات سوف ينتج عن مناطق حكم ذاتي لاتخضع للاسد او داعش مرة اخرى. الهدف القريب قد يكون خلق سوريا كونفدرالية بمناطق متعددة بحكم ذاتي. وسوف تتطلب الكونفدرالية دعما من قوات حفظ السلام الدولية.. لتمكين هذه المناطق من الحماية والحكم وللمساعدة في تقديم المعونات للسكان داخلها ولتدريب وتسليح المزيد من المجندين حتى يمكن بث الاستقرار في هذه المناطق ومن ثم التوسع تدريجيا"- المصدر
أليس هذا مايحدث في سوريا حاليا؟
لاحظوا كيف ان اوهانلون لا يأخذ بعين الاعتبار المضمون اللااخلاقي في محو دولة ذات سيادة، وقتل عشرات الالاف من المدنيين وتشريد الملايين. مثل هذه الاشياء عادة لا تعني شيئا لواضعي الخطط الامبريالية. لاحظوا ايضا كيف يشير الكاتب الى "مناطق عازلة ومناطق آمنة" نفس المصطلحات التي  استخدمت فيما يتعلق باتفاقية تركيا مع الولايات المتحدة لاستخدام قاعدة انجرليك الجوية. تركيا تريد من الولايات المتحدة المساعدة في خلق هذه المناطقة الامنة على طول الحدود التركية السورية لحمايتها من الهجمات ولخلق ملاذ لتدريب من يصفونهم بالمقاتلين (المعتدلين) لاستخدامهم في الحرب ضد داعش. وفي الواقع ان هذه المناطق الامنة المقترحة هي جزء مهم من خطة اوسع لاوهانلون لتفكيك الدولة الى مليون ملاذ مستقل يحكم كل منها مرتزقة مسلحون، يرتبطون بالقاعدة وامراء الحرب المحليين. هذا هو حلم اوباما عن (سوريا المحررة) دولة فاشلة تعمها الفوضى وتنتشر القواعد العسكرية الامريكية حول موارد الطاقة فيها من اجل الاستيلاء عليها بدون مقاومة. مايريد اوباما تجنبه بأي ثمن هو احراج آخر كما حدث في العراق حيث خلقت الاطاحة بصدام حسين فراغا امنيا ادى الى مقاومة عنيفة كلفت امريكا غاليا بالارواح والاموال والمصداقية. وهذا هو السبب انه استقر على الخطة الحالية التي يعتقد انها اذكى من اجل تحقيق نفس الاهداف. بكلمات اخرى، الاهداف لم تتغير وانما تغيرت الاساليب. ويوضح اوهانلون المزيد عن الخطة:
" لن توجه الخطة ضد داعش فقط ولكن ايضا ضد الاسد . ولكن في الواقع لن تسعى الخطة بشكل واضح للاطاحة به ، وانما افقاده السيطرة على مناطق مازال يتطلع الى استرجاعها. سوف تحرر مناطق الحكم الذاتي بمفهوم واضح انها لن تعود لحكم الاسد او من يخلفه. وعلى اية حال لن يكون الاسد هدفا عسكريا حسب هذا المفهوم ولكن المناطق التي يسيطر عليها ستكون هي الاهداف. وإذا تأخر الاسد كثيرا في قبول صفقة المنفى ، فسوف يواجه اخطارا مباشرة لحكمه وحتى شخصه."
ماذا يعني هذا؟
يعني ان سوريا ستكون حقل تجارب خطة اوهانلون الجديدة لتغيير الانظمة، خطة سيكون الاسد فيها فأر التجارب رقم واحد. وحتى لا يكون هناك اي سوء فهم حول الهدف الحقيقي من العملية يعترف اوهانلون بهذا الاعتراف المدهش:
"ستختلف هذه الخطة عن الخطة الراهنة في ثلاثة امور: الاول ، ستعلن الخطة كهدف تتعهد به الولايات المتحدة... كما ستساعد على طرد  الشك الذي يراود البعض في ان واشنطن تتقبل حكومة الاسد الان كأهون الشرين"
إذن على الادارة ان تتخلى عن الادعاء بان الولايات المتحدة تدير حربا ضد داعش وتعترف بوضوح وفي العلن ان على الاسد ان يرحل. وحسب اوهانلون سوف يساعد ذلك في تهدئة خواطر اعضاء التحالف الاخرين الذين يشكون في النوايا الامريكية . واليكم المزيد من اوهانلون:
"فرق دعم متعددة الجنسية ، بشكل قوات خاصة وقدرات دفاع جوي حسب الحاجة تكون على اهبة الاستعداد للنشر في اجزاء من سوريا حالما تتمكن عناصر المعارضة من الاستيلاء عليها والامساك بها.. وبما ان النقطة الاخيرة هي الاهم فينبغي التمهل في نشر مثل هذه الفرق.ولكنها جزء مهم من المجهود"
الترجمة: ستكون هناك قوات امريكية على الارض في سوريا. يمكنك ان تراهن على ذلك. وفي حين انه لابأس من نشر الجهاديين لقيادة الهجوم و(تليين) العدو، في النهاية لابد لك من وضع علامتك لختم المسألة. وهذا يعني : قوات خاصة ومناطق حظر طيران وقواعد عسكرية  متقدمة وبروباغندا موجهة لاقناع الاغنام (في امريكا) بأنه لابد من تدمير سوريا للدفاع عن الامن القومي الامريكي.
وكل هذا سوف يتضح في المرحلة الثانية من مهزلة الحرب السورية والتي على وشك ان تبدأ.
اخيرا اليكم مايقوله اوهانلون اخيرا عن خطته للتغيير:
"هذا النوع من الخطط قد يكون الطريق الوحيد الواقعي للتقدم.. اكثر من ذلك: بينما لا يخلو الطريق من مخاطر للولايات المتحدة فإن معدل التدخل العسكري المرسوم ليس اكبر مما كنا نفعله السنة الماضية في افغانستان .. على الرئيس اوباما الا يرى في سوريا مشكلة يسلمها لخلفه، ولكن ان ينظر اليها  كأزمة تتطلب منه اهتماما وخطة جديدة"
وهكذا ترون ان خطة تمزيق سوريا والتسبب في ازمة انسانية اكبر والاطاحة بالاسد بدون ازالته فعليا من المنصب. وكل هذا الخراب والدمار جاء في مقالة لاتتجاوز 1100 كلمة . مارأيكم بهذا مثالا على "ماقل ودل"؟
 المصدر
+++
تعليق:
ما الجديد في هذه الخطة؟ ألم تطبق في العراق منذ 1991 حين فرضت امريكا بشكل انفرادي تعاونها بريطانيا مناطق حظرالطيران على شمال وجنوب الوطن (عند حدود مناطق النفط)، ألم تخلق (ملاذا آمنا للأكراد بحجة اضطهادهم) وفي الواقع خلقت من (كردستان) منطقة عازلة وقاعدة متقدمة لقواتها استخدمتها فيما بعد عند احتلال العراق؟ وماذا عن ليبيا؟ ألم تكرر تجربة عزل بنغازي وانزال القوات الخاصة المتلبسة بلبوس الثوار؟ ألم تكن بنغازي ايضا منطقة نفط وطاقة؟ أليس مايجري في سيناء هو محاولة اخرى لخلق منطقة عازلة في مكان حيوي لمصر (بمحاذاة قناة السويس) والقناة هي مجرى نقل الطاقة والتجارة الدولية؟ 

هناك 3 تعليقات:

  1. ما زالت الاهداف الامريكية والصهيونية للتقسيم الطائفي والاثني في الوطن العربي والشرق الاوسط لم تنته بعد ولم تنضج والعملية قيد التنفيذ وهي على النار تطبخ

    ردحذف
  2. الجديد في هذه الخظة الجديدة انها لم تعد جديدة. هذا ما فات الكاتب والادارة الامريكية.
    عندما احتلت امريكا العراق تمكنت من تمرير (أو تبرير) خطتها باختزال المشكلة تحت مسمى "الابادة الجماعية" في الشمال, و "المظلومية" في الجنوب. وبذلك امتلكت وحدها مفاتيح واسباب الصراع.
    في ليبيا اختزلت المعارضة تحت مسمى "الثوار". وفي مصر حاولت اختزال المشكلة تحت مسمى " 25 يناير". في تونس كان تحرك الشارع من عفويا وتلقائيا بحيث نفى الحاجة الى "اختراع" مسمى له.
    أما في سوريا فقد تعلم العالم الدرس واستعد له. في البدء حاولت الادارة الامريكية اختزال المشكلة تحت مسمى "الجيش السوري الحر". ولكن المعسكر الروسي (ايران, روسياو الصين وبعض دول امريكا اللاتينية) "اخترعوا" بدورهم جيشا حرا مضادا. هو الآخر معارض (أو يدعي ذلك) للنظام, ولكن بلا تبعية امريكية. ولعلنا نذكر التشكيلا تالعسكرية المتتالية التي كانت تخرج علينا كل يوم بتسمية جديدة قبل عام أو اكثر بقليل. الامر الذي اضطر امريكا الى التخلي عن فكرة الجيش الحر (لم يعد له دور يذكر الآن). وبدلا عن ذلك اختارت الادارة الامريكية تصعيد الموقف وتحويل الصراع الى صراع طائفي (سني/علوي). فاعادت احياء القاعدة (وربما جبهة النصرة أو داعش). وبالطريقة ذلتها رد المعسكر الروسي باختراع حركات سنية متطرفة لاحصر لها, ولكنها لا تدين بالولاء لامريكا (ولا تصرح علنا بولائها للمعسكر الروسي).
    بعد هذا المأزق أرتأت الادارة الامريكية اختراع تسمية مطاطة وهلامية, ضننا منها أن المعسكر الآخر لن يتمكن من استنساخها. فأخترعت تسمية "المعارضة المعتدلة". وماطلت في البدء في تسليحها وتدريبها (بالتعاون مع تركيا), تحسبا لرد فعل الطرف الآخر على ذلك. فجاء الرد بتشكيل معارضة اكثر اعتدالا بدأت التحاور مع النظام في موسكو ملوحة بقدرتها على اخذ المبادرة. ومرة أخرى تفشل خطة الادارة الامريكية "الجديدة" في اختزال وامتلاك مفاتيح الصراع. الامر الذي دفعها الى تصعيد الصراع مرة اخرى (وهذا دليل تطرف وعناد وغباء). فاختارت استخدام كلبها اردوغان لتصعيد القتال والتدخل عسكريا علنا وبوقاحة. واردوغان. كما هو معلوم, مهووس بعدائه الازلي لحزب العمال الكردستاني, فقد اشترط ربط تواطئه مع امريكا بتصفية اعدائه التقليديين. وإلا ما علاقة الحرب على داعش التي يدعيها اردوغان بالحرب على العمال الكردستاني وحملة الاعتقالات المسعورة التي يمارسها ضد معارضيه في الداخل والخارج؟
    المعسكر الروسي كان اكثر ذكاءا باسباقه الاحداث من خلال تسويق "بسالة" الاكراد في مقاتلة داعش (عين العرب مثالا). الامر الذي وضع اردوغان في مأزق عندما اراد ربط حربه على حزب العمال بالحرب على داعش.
    هذا هو بالضبط الجديد الذي لم يعد جديدا في خطة الادارة الامريكية.أمريكا فقدت احتكارها للعبة "الارهلب" و "التضرف". ولكنها لشدة غبائها تصر على الاستمرار في في محاولة استعادة احتكارها لمفاتيح اللعبة وتصعيد الصراع بدلا من الاعتراف بالهزيمة.
    حدسي أن أمريكا سستضطر قريبا الى نوع من التهدئة قصيرة المدى تحت ضغط أوربا التي تشارف على الانهيار الاقتصادي والديمغرافي بسبب اعصار اللاجئين الذي بات تهديدا حقيقيا لاستقرارها. وهذا سلاح روسي آخر لم يكن في حسبان المعسكر الامريكي.
    وللعبة بقية.

    ردحذف
  3. تعليقك في محله يا أختي عشتار. الإستراتيجية الأمريكية الصهيونية المتبعة في سوريا هي ذاتها التي طبقت في العراق منذ 1991. و نفس الأمر ينطبق على مصر و ليبيا. لقد أدرك منظروا الإستعمار الحديث أن أسلافهم الإنكليز و الفرنسيين أخطأوا في حساباتهم لأن تقسيم سايكس بيكو الذي فرضوه على الشرق العربي تولدت عنده دول وطنية كبيرة الحجم و القوة نسبيا و هذا ما لا ترضى به اسرائيل التي لن يهنأ لها بال الا عندما يتم تقسيم هذه الدول الوطنية الى كيانات صغيرة متناحرة و بعضها تابع كليا للإرادة الصهيونية كـ"دولة" كردستان في شمال العرق و دويلة نصرتستان (نسبة الى جبهة النصرة) في درعا و القنيطرة السوريتين...

    ردحذف