"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

24‏/4‏/2015

الحرب والدين

غارعشتار
بقلم: فيليب جيرالدي
ترجمة وتعليق: عشتار العراقية
لاتقل لي "الانجيل أمرني بذلك"
ميشيل باخمان
لم يعد اصدقائي المحافظون التقليديون يشيرون هذه الايام الى الجمهوريين بدون اضافة وصف (الجهلة المجانين) انهم يدبرون شيئا. في الاسبوع الماضي ظهرت النائبة السابقة ميشيل باخمان التي كانت حتى وقت قصير مرشحا مناسبا للرئاسة الامريكية عن الحزب الجمهوري في الاذاعة ، لمناقشة سياسات الرئيس اوباما. قالت ان الصفقة النووية مع ايران و(اعلانه الحرب) على اسرائيل سوف يعجلان بالارماجدون ومايسمى (نهاية الزمان) . باخمان التي تزعم انها باحثة في الشؤون الاسلامية قالت ان "كل من القرآن والحديث ومؤلفات الفقه الاسلامي يقول حقيقة واحدة ثابتة وهي انهم يريدون حيازة السلاح النووي"
سوف يندهش كثيرون من اكتشاف باخمان بأن برنامج الاسلحة النووية الايرانية بدأ في القرن السابع، ولكن مما يبث الطمأنينة هو ان نعلم منها ان "العالم في طريقه الى النهاية (و ).. لم يعد لدينا الا وقت قصير قبل ظهورالمسيح مرة ثانية . وهذا خبر جيد".
ومن حسن حظ باخمان ان هناك من يحاول ان يفعل شيئا بهذا الخصوص. يرى دانيل لاريسون ان الجمهوريين في الكونغرس وربما ايضا يحتلون البيت الابيض بعد 2016 سوف يفعلون ما يهددون به وهو رفض  اي اتفاقية توقعها ادارة اوباما، من  اجل الضغط على ايران. وهذا سوف يشكل سياسة حرب. ومثل هذه الحرب ستكون في المعنى والجغرافية ارماجدون مما يعني انها قد تأتي بأسرع مما يعتقد معظم الناس. وايضا هذا يؤكد ان باخمان قد تكون على حق. ويرى لاريسون ان العداء لايران منتشر جدا في اوساط الحزب الجمهوري على كل المستويات حتى ان ذلك اصبح اقرب مايكون الى عقيدة وعهد بأن اي مرشح جمهوري اذا تم انتخابه فسوف يجبر على ان يحافظ عليه على الاقل للحفاظ على السيطرة على حزبه في هذه القضية.
ويناقش في دوائر اخرى وحتى بين القادة الايرانيين انه لن يهم حقا ما يفعله الكونغرس واي رئيس جديد لان اتفاقية الخمسة +1 مع طهران سوف تقلل - إذا ما اثمرت المفاوضات الاخيرة ، وبوجود اطراف متعددة- من شان اي استمرار محتمل للعقوبات الامريكية . فإن المجتمع الدولي سوف يهمش العقوبات الامريكية واي فعل انتقامي ، حيث ان روسيا قد وافقت من الان على بيع نظام صواريخ دفاعي لايران وتركيا تضع الترتيبات لشراء النفط والغاز.
ولكن هذا التفكير يتجاهل امرين: الاول - ان لواشنطن نفوذا هائلا على مايمكن للبنوك الاخرى - خاصة البنوك المركزية  فعله إذا قررت امريكا ابقاء الضغط الكبير على ايران في الاسواق المالية. الثاني - عداء كبير تجاه ايران هو منحدر خطر يمكن ان يؤدي الى الاسوأ لو وقعت حادثة بطريق الصدفة او التدبير مما تؤدي الى رد فعل عسكري . وحتى لو لم يرد معظم الجمهوريين في الكونغرس الحرب مع ايران فقد ينتهي بهم الامر الى الدخول في حرب بسبب سوء حسابات او نتيجة لتدبير اسرائيلي سري.
ولسوء حظنا، ليس الكونغرس والمرشحون الصقور فقط من يمكن وصفهم بالمجانين. بل  انه بين صفوف الجمهوريين الكثير من ميشيل باخمان . لقد انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي بعض الدردشات حول استفتاء رأي قامت به بلومبيرغ يتضمن اسئلة حول رأي الامريكان تجاه اسرائيل. وقد كتب غلين غرينوالد مقالة حول الموضوع بعنوان (التطرف الديني عامل كبير وراء الدعم الامريكي لاسرائيل)
وبشكل عام يرى الاستفتاء ان 2 من كل 3 جمهوريين مستعدان لدعم اسرائيل (حتى لو كانت مصالحها على الضد من المصالح الامريكية) اما بالنسبة للديمقراطيين فإن ثلثين قالوا (كلا) وبمزج النتيجتين على اية حال نصل الى ان 47% من الامريكان فقط يعتقدون ان مصالح امريكا تتقدم على مصالح اسرائيل.
في نظر غرينوالد فإن هذا المستوى الغريب من دعم  اسرائيل يرتبط بالدين، وعلى الاخص آراء 37% من المسيحيين الذين يعتبرون انفسهم (مولودين ثانية) او Evangelists. كلما زاد تطرف المرء كان الارتباط  اقوى.ويشير الى ان الميل الى الدعم الاعمى لاسرائيل يرتبط مباشرة بالانجيل. والقس جون هاجي من جماعة (مسيحيون متحدون من اجل اسرائيل) يقول عن ذلك "اننا ندعم اسرائيل لان كل الدول الاخرى خلقها الانسان إلا اسرائيل فقد خلقها الرب"
من الصعب الجدال مع هذا المنطق الذي يقول به ايضا اليهود الامريكان وقد لاحظ غرينوالد ان دعم اسرائيل بين اليهود الامريكان اللبراليين والديمقراطيين عادة ، يطابق المتشددين. اربعة من كل عشرة يهودي يؤمنون بان اسرائيل عطية الله لهم، ولكن بين الارثوذكس فإن النسبة المئوية في هذا الاعتقاد تتضاعف.
لابد من الاعتراف ان الكثير من ردود الافعال في ذلك الاستفتاء تعكس الاسئلة ذاتها وكيف صيغت. فيما يتعلق باسرائيل كان الاختيار بين (اسرائيل حليف مهم وهي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وينبغي ان ندعمها حتى لو تناقضت مصالحنا) مقابل (اسرائيل حليف ولكن ينبغي ان نسعى لتحقيق مصالح امريكا حين نختلف معهم) السؤال طبعا محمل بالتلميحات وخاطيء لأن اسرائيل لم تكن حليفة الولايات المتحدة لا الان ولا سابقا. أما فيما ي تعلق بديمقراطيتها  فهذه موضع شك إذا تأملنا معاملة مواطنيها العرب وكأنهم من الدرجة الثانية واحتلالها العسكري للقدس الشرقية والكثير من الضفة الغربية.
لو كان السؤال (هل تؤيد اسرائيل حتى لو كان ذلك يعني شن الحرب على ايران؟) ربما كان الاختيار سيكون مختلفا ، أو "اسرائيل والولايات المتحدة لهما مصالح وطنية مختلفة. مصلحة من ينبغي ان تكون اكثر اهمية للسياسيين وصناع السياسة الامريكان؟"
وعلى  اية حال ينبغي ان  تكون مسألة إيمان اغلبية في الحزب الجمهوري وفي الناخبين بأنه لايمكن المساس باسرائيل في السياسات الامريكية لابد ان تكون مقلقة لاي امريكي يعتبر نفسه على شيء من الوطنية. والمفارقة ان المسيحيين (المولودين ثانية) الذين يضحون بدماءهم من اجل اسرائيل يؤيدون الحرب على الارهاب واستخدام التعذيب، مما يوحي بأن العهد الجديد ليس هو كتابهم المقدس الذي يقرأونه. في رأيي، باخمان ونسخها المليونية يتركون اناجيلهم تفكر بدلا عنهم وهو شيء لابأس به طالما لا يطالبون ان تكون الاستعارات الانجيلية الغيبية اساس تعريف السياسة الخارجية الامريكية. ويمكن ملاحظة انها ورفاقها قد يمثلون خطرا حقيقيا للاخرين لأن قضية اسرائيل وايران يمكن ان تصل بسهولة الى سفك الدم الامريكي إذا ذهبت في الطريق الخطأ.
المصدر
--
فيليب جيرالدي- ضابط سابق في السي آي أي وفي المخابرات العسكرية قضى 20 سنة في اوربا والشرق الاوسط يعمل على قضايا ارهاب. ويحمل شهادة دكتوراه في التاريخ الحديث من جامعة لندن.
++
 تعليق: رغم اننا سنرى الكثير من هذه المقالات في الصحافة الامريكية هذه الايام و الايام المقبلة فهي جزء من الضرب تحت الحزام في معركة الانتخابات الرئاسية القادمة ، فالرئيس اوباما امامه 564 يوما فقط ، وهي المدة التي تبدأ فيها الحملات الرئاسية، لكن في نفس الوقت الكاتب يشير الى تفاصيل تستحق المعرفة من ارتباط الدين بالحروب التي تشنها امريكا بتأثير الكيان الصهيوني واستخدام الاساطير الدينية (نهاية الزمان - المعركة الحاسمة بين الشر والخير - ظهور المسيح الثاني - ظهور المهدي - الرايات القادمة من خراسان - الخلافة الخ ) من اجل تحقيق مقاصد سياسية. وفي رأيي يحتاج العالم حتى ينتهي الى العدم طرفين متطرفين كل منهما يعتقد أنه مكلف من قبل الإله، وأنه يمثل الخير والطرف الاخر هو الشر. فليس المتطرفون الاسلاميون وحدهم في الميدان وإنما هناك  المتطرفون المسيحيون، واعتقد أن من يحرك الخيوط لم يعد خافيا على أحد. وفي كل هذه الاثناء ، يرتاح العقل البشري في اجازة مفتوحة على شواطيء الجهل والخرافة والخوف والضعف.

هناك تعليق واحد:

  1. السيطرة المطلقة للوبي الصهيوني على الاعلام والسياسة والمال والثقافة والامن في امريكا يجعل التناقض بين المصالح الامريكية ودولة الكيان الصهيوني هامشيا ويجعل القوى الامريكية التي تحاول تغليب المصالح الامريكية على الاسرائيلية في حالة دفاع دائم عن نفسها ومتهمة بسلاح اللوبي الصهيوني السحري معاداة السامية ومن هنا لا اعتقد ان الفرصة سانحة للمطالبين بفصل مصالح امريكااو تقديمها على مصالح اسراائيل في الوقت الراهن او الانتخابات القادمة

    ردحذف