"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

4‏/12‏/2014

عصر الطوائف: جنوب السودان ليس الآخير

غارعشتار
تفكير بصوت عال: عشتار العراقية 
ملاحظة "وجدت هذا الموضوع وقد كتبت مسودته في 2013 ولم انشره في حينها"
  مايحدث في جنوب السودان من صراع القبائل شيء متوقع وهو ماسوف يحدث في (كردستان) إذا أعلنت انفصالها وقد بدأت بوادر الصراع تقريبا. وهو مايحدث في ليبيا، وفي مصر تحت مسميات (قبائل الاخوان وقبائل اللااخوان بكل فصائلهم) وفي تونس وفي اليمن وفي سوريا وفي العراق . باختصار عدنا راكبين عربانة الزمن 100 عاما الى عصر ماقبل الدولة. ياخسارة كل ذلك الجهد والدماء والعرق الذي بذلته أجيال قرن كامل من الزمن للخروج من عصر القبائل والطوائف للدخول الى عصر المدينة والدولة، وياخسارة النهضة العلمية والفكرية التي حدثت في كل تلك البلاد، وياخسارة رجال العلم والأدب والفن والفكر جيلا بعد جيل، والذين وصلوا بنا الى أعلى التل (ليس الجبل) ثم تدحرجنا الى السفح بسرعة البرق. هل علينا ان نعاود الصعود مرة أخرى؟
ماهو المشترك بين جنوب السودان ومصر والعراق وسوريا واليمن وليبيا؟

النفط والغاز وممراتها الدولية.
شركات النفط الأجنبية
شركات الآمن الخاصة التي تحرس مصالح الدول الكبرى وشركاتها للطاقة.
++
المرتزقة (وهم قوات خاصة وجنود سابقون) في شركات الأمن هم الذين يقومون بالواجب في تهريب السلاح وتشكيل فرق الموت وإثارة النعرات بين القبائل والطوائف. قد يبدو هذا لا يتسق مع أهمية (الاستقرار) من أجل استمرار النهب الاستعماري لموارد البلاد. ولكن لننظر الى خارطة منطقتنا لنرى ماذا لدينا:
1- قوى صناعية غربية كبرى متحالفة تسعى للاستحواذ على مواطن الطاقة في العالم من أجل إدامة حياتها ونفوذها.
2- قوى صاعدة كبرى منافسة تحتاج الى موارد الطاقة من أجل بسط نفوذها.
3- دويلات (اغلبها إمارات وملكيات) غنية بموارد الطاقة التي تم الاستحواذ عليها غربيا. شعوب قليلة العدد، جيوش ضعيفة وقواعد عسكرية امريكية وبريطانية. اشبه بمراكز تجارية ، تبيع النفط والغاز للغرب ثم تستخدم العائد في شراء المنتجات الغربية. لاصناعات ولا نهضة سوى بذخ شديد في بناء الأبراج والمولات.
4- دول كبيرة بعدد السكان والجيوش غنية بالموارد وتسعى بعوائدها لتنمية اقتصادها وإقامة نهضة علمية وصناعية وزراعية الخ تتخذ قراراتها بعيدا عن الخضوع للغرب. يصفها الغرب بأنها دول مارقة (عن طاعته).
++
 المشكلة في هذه التشكيلة هي :
 المناقسة بين القوى الكبرى الغربية والقوى الكبرى الشرقية الصاعدة (الصين - روسيا)
المنافسة بين دويلات النفط والدول العربية الناهضة الاخرى.
القوى الكبرى الغربية تريد منع القوى الكبرى الشرقية من الاستحواذ على موارد الطاقة وطرق نقلها، ودويلات النفط تريد منع الدول الناهضة من المنافسة في بيع نفطها وغازها. حجب موارد هذه الدول لفترة من الزمن يزيد من سعر تصدير النفط والغاز في تلك الدويلات.
القوى الغربية الكبرى لقطع الطريق على القوى الكبرى الصاعدة والمنافسة تحتل الدول المارقة بطريقة أو بأخرى. تقلب أنظمتها وتنصب عملاءها الفاسدين وتحل جيوشها وتعمل على تقسيمها الى كانتونات حول مناطق آبار النفط والغاز، عملا بالنموذج الناجح في دويلات الخليج . تأتي بشركاتها ومرتزقتها وتبدأ في شفط الموارد بشروط ملائمة لها ومجحفة بالدول المنتجة التي تعمل على إبقائها بحالة تخلف ، مجرد سوق مفتوحة لمنتجات القوى المحتلة. ويتكفل بذلك الحكام الفاسدون المنصبون من قبل قوى الاستعمار.
الآن دويلات الخليج ترى أن استغلال الغرب لموارد هذه الدول يعني انخفاضا في سعر النفط والغاز. لهذا تعمل بكل طاقتها لتعطيل ذلك عبر تسليح وتمويل عشائر وقبائل وميليشيات لقتال بعضها البعض فتهرب الشركات الأجنبية او على الأقل تؤجل أعمالها.

هناك 6 تعليقات:

  1. ليس هذا فقط عزيزتي عشتار، بل أن المأساة أننا حين نتحدث مع أشخاص كانوا يحملون الفكر القومي العروبي من بعثيين أو ناصريين، نرى أغلبيتهم اليوم يقولون إن الإسلام هو الحل. بل أن بعضهم يقول إن تجربة البعث في العراق كان خاطئة! ولهذا فبعضهم يؤيد داعش بل وأن قيادة الحزب تشكر القاعدة وتمدح أنظمة دول الخليج الرجعية التي كان وراء خراب العراق...
    أما الناصريون والقوميون فنراهم اليوم في سوريا مثلاً يحاربون مع داعش وجبهة النصرة ويقيمون في تركيا وقطر.
    ولست أريد الحديث عن الشيوعيين واليساريين العرب!
    هي مأساة كل الأمة وهي انعكاس لجهل الأمة ونفاقها. فكيف يتحول القومي إلى سلفي في غمضة عين، وكيف يصبح ملك السعودية صاحب موقف قومي؟؟

    ردحذف
    الردود
    1. مشكلتك انك مثالي اكثر من اللازم. لا أخلاق في السياسة... فقط مصالح. والمصالح تتطلب النفاق والتقلب ويعبر عنها احسن تعبير المثل الذي يقول "من يتزوج امي اقول له ياعمي" أو المثل "لو عندك حاجة عند الجلب سميه حجي جليب"

      حذف
  2. ربما أكون مثالياً، لكن المبدأ عندي أغلى من كل شيء. فما قيمة الإنسان دون مبدأ؟ وكيف يحترم نفسه من يؤمن بالمثلين اللذين ذكرت؟ هل نقبل الآن من يقول لنا أننا كنا ضحية كذبة كبيرة منذ عام 1968 حتى الآن وأن حزب البعث كان يكذب علينا بادعائه الالتزام بمباديء تخلى عنها الآن؟؟ وإلا ما معنى مديح الرجعية العربية والتحالف مع داعش لأجل استلام السلطة؟

    ردحذف
    الردود
    1. اخي ابو هاشم .. المثاليون من امثالنا ، لايشتغلون بالسياسة. خلينا نفكر ونكتب مانؤمن به دون ان نلوث نفسنا بالسياسة. أما مسألة كذبة كبرى ، بيني وبينك : البشرية جمعاء تعيش كذبة كبيرة وخدعة مهولة من ساعة الولادة الى الممات، والناس الوحيدة التي تموت وهي على علم وعلى نور ، هم من يستخدمون نعمة العقل والفكر بعيدا عن اي غسيل دماغ.

      حذف
  3. صدقت، ولهذا لا أعمل في السياسة بل أقرأ وأكتب ما أؤمن به وأبتعد عن قذارة السياسة والاعيبها. فأنا لا أطيق الاستحمام مائة مرة في اليوم!

    ردحذف
    الردود
    1. وكما قالت ليدي ماكبث : هل ستكون كل مياه محيط نبتون العظيم قادرة على تنظيف يدي (من الدم)

      حذف