"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

19‏/10‏/2014

اعتراف أمريكي: لا وجود للجيش السوري الحر

غارعشتار
 بقلم: فنيان كانينغهام
ترجمة عشتار العراقية

استضاف الرئيس الامريكي براك اوباما مجلس حرب على اعلى المستويات في الاسبوع الماضي في واشنطن حضره قادة عسكريون من 21 دولة (انظر تفصيل الدول في اسفل المقالة) والهدف هو تنسيق الجهود والخطط لدحر داعش.
وقد أبلغ القائد الامريكي الاعلى (اوباما) الحضور في قاعدة اندروز الجوية قرب العاصمة واشنطن، على "ان هذه الحملة ستكون طويلة الامد ومثل كل الحملات العسكرية ستكون هناك انتصارات  واخفاقات "
الغريب في مجلس الحرب هذا (عدا ان القائد الاعلى لم يخض حربا في حياته ولم يتدرب عسكريا ولم يحصل على نوط شجاعة) ان الحضور من الحلفاء بريطانيا وفرنسا وكندا واستراليا وتركيا والسعودية والامارات وقطر، لهم علاقة لوجستية موثقة ومعروفة ومعلنة مع الدولة الاسلامية والجماعات المتطرفة المثيلة في سوريا والعراق. وكان جو بايدن نائب الرئيس قد اقر بالعلاقات  بين تركيا والسعودية وامارات النفط العربية الاخرى بالارهاب في ندوة عامة في جامعة هارفارد في اوائل هذا الشهر وإن كان قد اجبر فيما بعد  على الاعتذار من هذه الدول ولكن زلة لسانه الاولية مؤشر على المفارقة في أن التحالف ضد الارهاب يتكون من الدول الراعية للارهاب.

وعلى رأس رعاة الإرهاب: الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين صنعتا شبكة الارهاب القاعدية في مختبرات الاحتلال غير الشرعي للعراق من 2003 ومابعده. وتحولت القاعدة في العراق الى الدولة الاسلامية خلال حرب الغرب السرية لقلب النظام في سوريا الجارية مند مارس 2011 مع حصيلة حوالي 200 الف قتيل و6 ملايين مشرد، ونصف سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون يعيشون في ظروف انسانية صعبة حسب الامم المتحدة.
ولم يعد السر المعلن حول تزويد المتطرفين في سوريا بالاسلحة من الولايات المتحدة وبالتنسيق مع CIA لنقلها من خلال تركيا والسعودية وقطر والاردن، مثار جدل او شك في الاعلام الغربي،  فطالما نشرت اخبار ذلك في الصحف الكبرى مثل نيويورك تايمز وديلي تليغراف.
الأغرب في هذا الاجتماع الحربي في واشنطن - والذي لم تركز عليه وسائل الاعلام الغربية لأسباب مفهومة - كان الغياب الكامل لاي ممثل عسكري من "المعارضة السورية المعتدلة" التي طالما صدعوا رؤوسنا بها.
تذكر أن ستراتيجية اوباما للقضاء على متطرفي داعش تعتمد على جبهتين: الأولى قصف جوي منسق يتضمن طائرات حربية من امريكا وبريطانيا وفرنسا واستراليا وكل دول الخليج المذكورة اعلاه. الثانية تدريب الثوار السوريين (المعتدلين) الذين سيقاتلون الجهاديين على الارض. ومع الهزيمة المتوقعة لداعش والجماعات الاسلامية المتطرفة مثل جبهة النصرة وانصار الشام، سوف يمكن الغرب صنائعه من الثوار (المعتدلين) لاستئناف الحرب (النبيلة) ضد نظام (الطاغية) بشار الاسد ، اوعلى الاقل هذه هي النظرية.
وقد فاز الرئيس اوباما فعلا بتأييد الكونغرس لتدريب ثوار سوريين معتدلين بميزانية 500 مليون دولار لتجديد الجيش السوري الحر. وسوف يكون التدريب العسكري الامريكي في معسكرات في السعودية وتركيا.
انتظروا دقيقة، الكونغرس وافق على 500 مليون دولار لتدريب وحدات جديدة من الجيش السوري الحر المعتدل والعلماني كما هو مفروض؟ والسعودية وتركيا يقدمان القواعد لهذا المجهود؟ ولكن في مجلس حرب اوباما لتنسيق الخطط لم يكن هناك احد من الثوار المعتدلين هؤلاء والذين سيلقى على اكتافهم هذا الدور العسكري الحيوي والخطير.
مسؤول امريكي حاول ان يفسر هذا الغياب بالقول ان مثل هذه المشاركة (غير جاهزة في هذه المرحلة وهناك الكثير من التدريب اللازم)
بتعبير آخر : الثوار المعتدلون كما يطلق عليهم والذين (تهتم) بهم واشنطن كل هذا الاهتمام لا وجود لهم في الواقع. ومايسمى الجيش السوري الحر هو اصلا (الجيش السوري الخيالي).
وقد لاحظ الكثير من المراقبين للصراع السوري منذ البداية ان فكرة جيش سوري حر معتدل يخوض حربا فاضلة ضد نظام دكتاتوري ماهو الا ابتكار وخيال حكومي واعلامي غربي الهدف منه اعطاء غطاء سياسي واخلاقي للقوى الغربية الضالعة في جريمة تغيير نظام بالقوة.
الكثير من كتائب وألوية الجيش السوري الحر المفترضة هي في الواقع مدمجة بالشبكات المتطرفة لداعش وجبهة النصرة وانصار الشام. ليس المقاتلون فحسب وانما الاسلحة والتمويل يعود تدويره في علاقة (باب دوار) بين هذه الجماعات. نعم كان بينهم صراعات ولكن القتال الداخلي هو نتيجة للتكالب على الغنائم وليس لاسباب اخلاقية ايديولوجية.
ولكن هذه حقيقة لا يمكن الاقرار بها سواء من الحكومات الغربية والاعلام الموالي لا يستطيع ان يقر بهذه الحقيفة والا تعرض الجميع الى الجلد الشعبي، ومن هنا اشاعوا هذا الوهم من خلال وسائل الاعلام الغربية في ان هناك معارضة سورية شرعية (معتدلة) يسندها الغرب ويهتم بتصعيدها فوق الجماعات الارهابية (الضالة) .
ويتوضح هذا الخيال من غياب اي ممثل عن جماعة معتدلة في قمة واشنطن .
وقد أكد هذه الحقيقة ايضا تقرير من مكتب صحف ماكلاتشي في واشنطن نشر يوم الاربعاء بعد يوم من مجلس حرب اوباما بعنوان (رسميا: امريكا سوف تبني قوة ثورية سورية جديدة لقتال داعش) قالت الصحيفة "الولايات المتحدة تنبذ الجيش السوري الحر القديم وتبني قوتها المحلية الخاصة بها على الارض لاستخدامها بشكل رئيسي للقتال ضد المتطرفين الاسلاميين"
دعك من التسمية الخاطئة (الجيش السوري الحر القديم) لأنه لم يكن هناك  مثل هذا الجيش في الاصل. الفكرة التي ينبغي اخذها بنظر الاعتبار هي ان الولايات المتحدة تعترف بأنه ليس هناك قوة تستحق الحديث عنها.
وتقتبس ماكلاتشي من الجنرال جون الين (منسق الحرب على داعش) قوله (في هذه المرحلة ليس هناك تنسيق رسمي مع الجيش السوري الحر). ويجدر بنا ان نعرض هذه الفقرة من نفس تقرير ماكلاتشي:
"طوال معظم  السنوات الثلاث من عمر الصراع السوري، كانت اللعبة الامريكية على الارض مرتبطة بالمليشيات المتمردة التي لا يربطها رابط ولكنها تتحرك تحت اسم الجيش السوري الحر"
"كانت مشاكلهم معروفة : افتقار الى التماسك ، مهارات قتالية متراوحة وتنسيق ميداني متكرر مع جماعة القاعدة المسماة جبهة النصرة. ويقول  الين انه في هذه المرة فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يعملون على تقوية المعارضة السياسية والتأكد من ارتباطها بقوة ميدانية (معقولة) سوف يكون عليها الخضوع لعملية فحص مكثفة. وهذا لن يحدث فورا كما يقول الين "نحن نعمل على اقامة مواقع تدريب الان وسوف نمر بعملية تدقيق وفحص ثم نبدأ بجلب المتدربين والمقاتلين للبدء ببناء تلك القوة"
وهذا اعتراف مدهش لم تلتقطه وسائل الاعلام الغربية . واشنطن تؤكد انه ليس هناك الان شيء اسمه قوة ثورية معتدلة في سوريا ولكن ما تفعله وا شنطن وحلفاؤها من رعاة الارهاب هو رمي 500 مليون دولار في مشروع خلق مايشبه (قوة ميدانية معقولة)  ثم يضفي هذا الخلق على القوى الغربية والعربية المتحالفة شرعية تصعيد حربها الاجرامية المعلنة لتغيير النظام في سوريا.
لاعجب ان اوباما حذر مجلس حربه في واشنطن من ان هذه ستكون (حملة طويلة)، لأن مشعل الحرائق اصبح الاطفائي والصياد اصبح حارس الغابة والمجنون صار الطبيب.
المصدر
ملاحظة: الضباط المشاركون في مجلس الحرب  كانوا من:
استراليا- البحرين - بلجيكا- بريطانيا - كندا - الدنمارك - مصر - فرنسا- المانيا - العراق- ايطاليا - الاردن- الكويت- لبنان - هولندة - نيو زيلندة - قطر - السعودية - اسبانيا - تركيا - الامارات
++
ملاحظة ثانية: في غار عشتار كتبنا عن بدايات ظهور  خرافة الجيش السوري الحر (انظر هنا وهنا) وبداية ظهور اسطورة جبهة النصرة الافتراضية (انظر هنا)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق