"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

29‏/7‏/2014

العشائر العراقية من وجهة نظر عسكرية أمريكية - 6

غارعشتار
الحلقة الخامسة
بقلم: مايكل آيزنشتات
ترجمة عشتار العراقية
 بسبب إتساع صلاتهم، فإن الشيوخ مصادر مفيدة للمعلومات، والبصيرة، والمشورة. كما أنهم يؤثرون على رجال عشائرهم،  ولكن رغم قدرتهم  على التأثير على كثير من رجالهم ولكنهم عادة لايستطيعون التأثيرعلى الجميع ولا يستطيعون "السيطرة" على كل العشيرة. إضافة الى ذلك ، كما أن الشيخ الذي يوافق على العمل مع قوات التحالف لايستطيع أن يجبر كل رجال قبيلته للتعاون مع (الاحتلال) ، فإن وجود متمردين في عشيرته لايعني بالضرورة انه يدعم قضية التمرد، ولكنه للاحتياط يغمض عينيه عن انشطة التمرد وهو على علم بها.
ونظرا لمحدودية نفوذهم ، وفي الوقت الذي يكون من  المنطق مطالبتهم ببذل  100% من الجهود  مقابل رعايتنا ومساعدتها لهم، فإنه من غير الواقعي أن نتوقع  100% من النتائج. فمعظم الشيوخ في موقف هش أمام التخويف والإرهاب مثلهم مثل أي عراقي؛ وقد قضى العشرات منهم،  إن لم يكن المئات على أيدي  المتمردين والإرهابيين.
استراتيجيات التواصل المفصلة (على المقاس) 
يجب أن تعكس استراتيجيات التواصل العشائري الاختلافات المحلية في السلطة والنفوذ القبلي. ولأن هناك الآلاف من العشائر، ومئات من القبائل، وحوالي عشرين من الاتحادات القبلية في العراق، ولكل منها شيخها، فعملية التواصل مع العشائر تلتهم الوقت كله. وقد تكون اللقاءات الجماهيرية مع الشيوخ مفيدة، ولكن هذه ليست دائما مناسبة حيث أن الشيوخ الأكثر شهرة في هذه الاجتماعات غالبا مايطغون على الشيوخ في المستويات المتوسطة أو الأدنى، الذين قد يشعرون حينذاك بالمهان . من ناحية أخرى، قد لا يكون مجديا من الناحية العملية إشراك  جميع المشايخ في منطقة معينة من العمليات؛ وهنا، سوف تقرر خطة قائد العمليات من من الشيوخ ينبغي ان يحصل على عناية خاصة في منطقة ومرحلة معينة.
 لأن كل السلطات القبلية محلية النطاق، فليس هناك بديل لإشراك شيوخ في المستوى المتوسط أو الأقل من الذين يرأسون افرع واقسام العشائر. ومع ذلك، فإن التواصل مع الشيوخ   البارزين أو المهيمنين (في الاتحادات القبيلة) قد يفيد هذا المسعى لأسباب رمزية وموضوعية على حد سواء. سوف تتطلب كل قبيلة نهجا مختلفا من المقاربة يعتمد على فهم دقيق للظروف المحلية وتاريخ القبيلة وسياساتها.
وهذا النوع من المعرفة لا يمكن الحصول عليه إلا عن طريق قضاء بعض الوقت على أرض الواقع مع العراقيين.
تجنب مزالق السياسة القبلية 
 العمل مع القبائل يطرح تحديات خاصة. أهم مايسعى اليه رجال القبائل هو الحفاظ على مكانتهم. ولهذا فإن مايميز سياسات القبائل هو التنافس والتآمر، مما يجعل التواصل مع القبائل عملية توازن دقيقة بين الشيوخ والقبائل والجماعات غير القبلية لتجنب خلق او تعميق المنافسات والصراعات.
هناك عدد من المزالق  المرتبطة بالسياسة القبلية:
 - أخطاء بسبب الجهل.
 فمن السهل وقوع الخطأ بسبب عدم معرفة التاريخ والسياسة المحلية والقبلية. تعاملت قوات التحالف في البداية مع عدد من المشايخ الذين تم تعيينهم في مناصبهم من قبل النظام السابق، وبالتالي يفتقرون إلى الشرعية في نظر رجال القبائل وبالمثل، فإن قوات التحالف عينت شيخا لا يحظى بشعبية محافظا للبصرة، وهي مدينة كبيرة لها عدد سكان كبير من غير القبليين. خلقت هذه الإجراءات استياء وقوضت مصداقية التحالف. ولذا فمن الضروري أن تتعرف اولا على تاريخ ونهج القبائل في منطقة ما من  العمليات، وعلاقاتها مع القبائل الأخرى، والعناصر غير قبلية، والسلطات، من أجل تجنب مثل هذه الأخطاء.
- المنافسات والعداوات.
 إقامة علاقة وثيقة مع شيخ أو قبيلة معينة قد تكون في كثير من الأحيان ضرورية، لكنها قد تنطوي على خطر التورط في المنافسات والعداوات. في حين أنه من الأفضل عادة البقاء فوق هذه الصراعات ولكن من ناحية اخرى يمكن لعناصر قوات التحالف التوسط في حل النزاعات المحلية مما يعزز الأمن في المنطقة وكذلك مكانة قوات (الاحتلال) في نظر السكان المحليين.علاوة على ذلك، في بعض الحالات قد يكون من الممكن استخدام العلاقة مع شيخ قبيلة واحدة لتحفيز شيخ قبيلة منافسة للعمل بشكل وثيق مع قوات التحالف أو الحكومة المحلية.
- الفساد والمحسوبية.
 ضخ المال للقبائل من خلال مشايخهم هو أحد السبل للاستفادة من الشبكات القبلية، لكنه يمكن أن يسبب في بعض الأحيان العديد من المشاكل بقدر ما يحل. قد لايوزع الشيوخ الأموال بين رجال عشائرهم بالعدل، وبالتالي يتولد الاستياء من الشيخ وقوات الائتلاف. التدخل لضمان توزيع أكثر إنصافا للأموال حلا للمشكلة، محفوف بالمخاطر، ويتطلب معرفة وثيقة بسياسات القبيلة ولمسة دبلوماسية
بارعة. ولكن إذا تم ذلك بطريقة صائبة، فإن التدخل يمكن أن يساعد قادة التحالف في  تعزيزتأييد رجال القبائل لهم.
- الثأر العشائري
إهانة أو اصابة أو قتل أحد رجال القبائل يمكن أن يورط قوات التحالف في دائرة ثأر أسرته أو أقاربه، وبالتالي اتساع دائرة العنف. هناك العديد من التقارير عن وقائع انضمام الواقفين على الحياد في العراق الى التمرد بسبب حوادث تضمنت قوات التحالف وافراد من العائلة او الأقارب.  وهذا ما يؤكد ارتفاع تكلفة عدم الالتزام بشكل صارم بقواعد الاشتباك في المناطق القبلية أو في المجتمعات التي تقوم على القيم القبلية.
التواصل مع القبائل والمصالح الامريكية على المدى الطويل 
 لفترة من الزمن بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، كان هناك نقاش مستمر بين مسؤولي التحالف عن الرغبة في العمل مع القبائل. جادل البعض بأنه كلما كان ذلك ممكنا، ينبغي التأثيرعلى القبائل لهزيمة التمرد وخلق حالة من الاستقرار. وذهب آخرون إلى أن القبائل نظام عفى عليه الزمن وسيكون عقبة أمام هدف بناء الديمقراطية في العراق على المدى البعيد.
مع انخراط التحالف في التواصل مع القبائل باعتباره  ضرورة، طغت الأحداث على النقاش. ومازالت المخاوف التي دفعت الى النقاش أساسا،  قائمة. ولايستطيع الائتلاف إغفال الفوائد المحتملة للتواصل مع القبائل: شيء من الاستقرار وإضعاف تنظيم القاعدة في أجزاء كبيرة من العراق. ولكن لا يمكنه تجاهل التكاليف المحتملة على المدى الطويل لهذه السياسة: تقوية القبائل والميليشيات القبلية (التي تضم العديد من المتمردين السابقين) على حساب التنمية في  مجتمع مدني عريض و مؤسسات حكومية.
ويتمثل التحدي في امكانية تحقيق التوازن بين هذين الهدفين المتنافسين. وينبغي أن يكون التواصل مع العشائر جزءا من جهد أوسع لإشراك قطاعات متعددة من المجتمع العراقي من أجل دعم وتعزيز ليس  العشائر وحدها وإنما المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية التي تجمع العراقيين من خلفيات متنوعة للعمل معا نحو تحقيق أهداف مشتركة.
++
  الحلقة القادمة : خلاصة الدروس المستفادة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق