"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

27‏/7‏/2014

العشائر العراقية من وجهة نظر عسكرية امريكية - 4

غارعشتار
الحلقة الثالثة
بقلم: مايكل آيزنشتات
ترجمة: عشتار العراقية
الوعود الخائبة لتحالفات العشائر في العراق
رأى بعض المحللين ان التحالفات العشائرية هي مفتاح هزيمة التمرد السني العربي في العراق. وفي حين ان جهودا للتعامل مع العشائر والتأثير عليها انتجت بعض النجاحات خاصة في محافظة الانبار، ولكن الجهد الكلي كان اقل من التوقعات. وليس واضحا إذا كان ذلك بسبب اخطاء في سياسة تعامل قوات التحالف مع العشائر، او الظروف الامنية التي تجعل التواصل مع العشائر صعبا وخطرا، أو افتراضات غير واقعية حول نفوذ الشيوخ والعشائر..
من الواضح انه في اوقات مختلفة كان لدى التحالف توقعات غير واقعية فيما يخص نفوذ الشيوخ والعشائر. وكانت فعاليات التواصل المبكر للتحالف قد عكست قلة ادراك - على سبيل المثال، في التحضير لمعركة الفلوجة حين التقى ضباط من قوات التحالف مع شيوخ على امل ان يساهموا في تهدئة العنف الذي يهز المدينة . وفي كتابه (لامجد حقيقي: تقرير من الخطوط الأولى لمعركة الفلوجة) يصف بنج ويست عددا من الوقائع :
التقى الجنرال ابي زيد مع الشيوخ وطالبهم ان يمارسوا نفوذهم ويوقفوا العنف. كانت هناك هجمات في اطراف الفلوجة حيث يحكم الشيوخ بقدر الهجمات وسط المدينة حيث يهيمن رجال الدين.. وفي مقابلة منفصلة مع الشيوخ تحدث الجنرال تشارلس سواناك قائد الفرقة 82 المحمولة جوا بقوة :"لقد نفد صبري على هذه الهجمات ولن اتحملها بعد  اليوم وانا اعرف ان للشيوخ القدرة للسيطرة على عشائرهم" وقد احتج الشيوخ بأن الفرقة 82 لا تقدر محدودية سلطة الشيوخ، وأن تهديدهم لن ينفع. وان مشاريع التطوير لا تجدي مع المسلحين. وفي رأي الشيوخ فإن السلطة انتقلت منهم الى رجال الدين الشبان في الفلوجة الذين يفتون الناس أن امريكا تشن حربا ضد الاسلام وانها تأتي باليهود لحكم العراق.
وكان التوتر بين العناصر القبلية والاسلاميين واضحا في مناطق شيعية ايضا، حيث كان الصدريون الذين اكتسبوا القوة حديثا ينافسون السلطة الراسخة للعشائر. وحسب مارك ايثرنجتون وهو موظف سابق في سلطة الائتلاف المؤقتة والذي خدم في محافظة واسط في 2003-2004:
حين تزايد خطر اتباع مقتدى الصدر وقد اصدروا تهديدات بالموت ضد العاملين مع سلطة الائتلاف ، قامت العشائر بنصح المترجمين المنتمين لتلك العشائر بترك الخدمة و استجاب الكثيرون فورا. وقد يبدو هذا تراجعا معنويا غريبا، باعتبار ان العشائر معروفة بمقاومة اي تدخل خارجي في شؤونها، وفي الواقع يعكس هذا السلطة التي مارسها اتباع الصدر على العراقيين العاديين في مزج  الاسلام بالوطنية. وإذا استنتج المرء من هذه الظاهرة ان العشائر كانت فعلا اضعف مما يبدو عليها ، فإن استفتاء حديثا اجرته سلطة الائتلاف أكد الفكرة. من بين 1531 شخصا في 5 مدن عراقية قال1%  منهم فقط انهم سوف ينتخبون حزبا عشائريا، و4.8% قالوا انهم سوف يصوتون لحزب من نفس العشيرة ، ولكن 95.2% قالوا انهم لن يفعلوا ذلك و 98.6% قالوا انهم لن يستجيبوا للتصويت حسب اوامر شيخ العشيرة إذا طلب منهم انتخاب شخص او حزب معين.
ولكن على اية حال، جاءت جهود التحالف للتواصل مع العشائر بفوائد متواضعة ولكنها مهمة. لأن الشيوخ بشكل عام لهم صلات جيدة ومتداخلون في شبكات مختلفة قبلية وغير قبلية (وهو شيء مهم بالنسبة لهم لتحقيق مصالح عشائرهم) فقد اثبتوا اهميتهم كمصادر للمعلومات وللنصيحة (للاحتلال) وبسبب نفوذهم لدى عشائرهم فقد ساعد الشيوخ ايضا في مطاردة واعتقال المتمردين ومسؤولي النظام السابق، وساعدوا في التحقيق في هويات المعتقلين للبحث عن ارتباطاتهم مع المتمردين واستعادة ضحايا الاختطاف (مثل الصحفية جيل كارول) (انظر هنا عن جيل كارول)، وعلاوة على ذلك فإن جهود العمل مع شيوخ  العشائر لتقليل نشاط  المتمردين في مناطق نفوذهم مقابل حوافز (مثلا عقود بناء ومشاريع اعادة اعمار وتحرير المعتقلين) جاءت بنتئاج مبهرة - اهمها تقليل عدد الهجمات الفتاكة على قوات التحالف (انخفضت بنسبة 50% او اكثر)
ولكن من الجانب الآخر لم تنجح عمليات التواصل مع العشائر في ايقاف الهجمات في مناطق نفوذ  العشائر . وليس من الواضح ما إذا كان ذلك بسبب عجز الشيوخ عن التأثير على المقاتلين الشباب الذين يشكلون غالبية المتمردين او العجز عن السيطرة على بعض افرع العشيرة.
إضافة الى ذلك فإن الجهود لاستخدام العشائر لحماية بنى تحتية ستراتيجية مثل انابيب النفط وخطوط الكهرباء قد فشلت، وحتى مؤخرا لم يستطع  الشيوخ  الوفاء بوعودهم في تجنيد رجالهم في ميليشيات محاربة للقاعدة مثل (حماة الصحراء) في الحصيبة و شرطة البو نمر في الفرات او تقديم مجندين للقوات الامنية العراقية، وهذا يوحي بالكثير، في ظل نسب البطالة العالية في العراق اليوم.
إن نجاح (صحوة الانبار) القائمة على قوة عشائرية ، والتي جندت حوالي 12 الف متطوع للشرطة المحلية في هذا العام يمثل تغييرا كبيرا في جهود التحالف. وقد انعشت الامال في ان يعمل التواصل مع العشائر على قلب الطاولة على المتمردين السنة العرب وربما يقلل من الدعم الشعبي لجيش المهدي.وكجزء من الجهود، عقد التحالف عددا من اتفاقيات غير رسمية لوقف اطلاق النار مع جماعات التمرد السنية المحلية، وتحرير المعتقلين بعد انتزاع تعهدات حسن سلوكهم من شيوخ العشائر، واستخدام ميليشيات عشائرية وشيوخهم كمقاولين أمنيين.
وهناك عوامل عديدة تفسر ظهور صحوة الانبار، بضمنها النفور  الشعبي من ايديولوجية واساليب  القاعدة، والخطر الذي تشكله القاعدة على الحكم الذاتي للعشائر وطريقة حياتهم والضرر الذي ألحقته القاعدة بالاقتصاد المحلي. وكما قال مؤخرا الجنرال ديفد بترايوس ان جميع شيوخ الانبار (لديهم شركة نقل وشحن، وكلهم يملكون شركات بناء وكلهم يديرون شركة استيراد وتصدير) والدمار الذي تنشره القاعدة اضر كثيرا بأعمالهم التجارية.
ويبقى أن  نرى إذا ماكانت صحوة الانبار سوف تتماسك وتستمر بالعمل مع قوات التحالف او في النهاية تنقلب عليهم، وما إذا كان يمكن للنجاح في الانبار ان يستنسخ في مكان آخر او ما إذا كان جهود التحالف للتواصل والعمل مع العشائر وتسليحها إنما يمهد الطريق في الواقع الى حرب اهلية اكثر ضراوة.

الحلقة الخامسة: الدروس المستفادة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق