"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

27‏/6‏/2014

من ينقذ العراق؟

غارعشتار
هذه وجهة نظر جديدة من كاتب نقابي مهتم بالحركات العمالية.
بقلم شيموس كوك
ترجمة : عشتار العراقية 
الاحداث الاخيرة في العراق هي مجرد نذير بالرعب القادم. نظرة الى تدمير سوريا تكشف المصير المنتظر للعراق إذا استمرت الاحداث الراهنة. وفي حين ان مثل هذه الكارثة تتطلب القيام بإجراء ما، فإن الحلول التي قدمت حتى الآن لن تجدي الا في تسريع انحدار العراق الى كابوس طويل.
لابد ان يخيف صعود داعش كل العراقيين. وللأسف هناك جماعات مناهضة للحكومة في العراق ترتكب نفس اخطاء المعارضة السورية: كلاهما يعامل داعش - او اي جماعات من هذا النوع - كحليف من اجل الاطاحة بالحكومة. ولكن تظل داعش هي القائد في هذه اللحظة وسوف تكون اية حكومة بقيادة داعش مأساة لكل العراقيين.
سوف يكون الزواج بين داعش والمعارضة العراقية  قصيرا والطلاق قاسيا. وفي النهاية تحتاج المعارضة الأوسع التي يقودها السنة الى رؤية تقدمية للوطن. أما كونك مجرد مناهض للحكومة فهو هدف هزيل إذا كانت داعش هي الي ستأتي الى السلطة.
القوة الرئيسية الاخرى في هذا الحراك هي البعثيون السابقون الذين يريدون العودة الى عراق كانوا على رأس السلطة فيه. وبين البعثيين وداعش لاشيء يمثل المعاناة الكيبرة للسكان السنة العراقيين الاوسع. والبعض يجد في وجود داعش المرعب مبررا للتدخل العسكري الامريكي لأنه سيكون حالة حقيقية من (التدخل الانساني)
وعلى اية حال فإن داعش هي وحش فرانكشتايني أنشأته دول الخليج وساعدته ورعته ادارة اوباما. وقد كتب الصحفي المتخصص بشؤون الشرق الاوسط باتريك كوكبرن مؤخرا يقول "طالما ان الولايات المتحدة تدعم المعارضة السورية التي تهيمن عليها داعش وجماعات القاعدة فإن الايرانيين يتساءلون ما إذا كانت الولايات المتحدة متورطة في صعود داعش التي زعزعت استقرار المالكي وحكومته الشيعية الموالية لايران"
نعم ان اصابع اوباما الملطخة بالدماء واضحة في هذه الجريمة ولهذا لايمكن الارتكان الى الولايات المتحدة لاحداث أي اثر ايجابي. ان الحكومة الامريكية غير قادرة على اتخاذ سياسة خارجية بطريقة (مفيدة) فهي تضع في اولوياتها (المصالح الامريكية ) التي ادت باستمرار الى خراب الشرق الاوسط. إن  مساعدات اوباما (الانسانية) في سوريا هي التي قادت الى كارثة العراق الان.
وأي تدخل امريكي سوف يقوي داعش طالما ان اغلبية العراقيين لايريدون ان يروا جنودا امريكان في بلادهم وارسال هؤلاء الجنود سوف يعني استعداء القاعدة العريضة من السكان السنة ودفعهم الى احضان المتطرفين الاسلاميين.
كما ان المجتمع الشيعي لايمكنه انقاذ العراق لنفس الاسباب. فكلما احتشد الشيعة للوقوف بوجه داعش اثارت داعش طائفية المجتمع السني الذي -لولا ذلك - لن يقبل بايديولوجية داعش. إن مواجهة التطرف بالتطرف سيودي بالبلاد الى  المزيد من الفوضى.
لنفس الاسباب لايمكن لإيران ان  تكون عونا حقيقيا لتخفيف هذه الاوضاع، لأنها قائدة المجتمع الشيعي في العالم وبهذا فإن المتطرفين السنة الذين يقودون الثورة في العراق يعادونها. اي تدخل ايراني سوف لن يساعد الا في امكانية تجنيد المزيد من العناصر لداعش. كما ان لايران مصالحها الجيو سياسية هي الاخرى والتي من اولوياتها عقد صفقة نووية  سلمية مع الولايات المتحدة في حين يُستخدم العراق وسوريا كأوراق مساومة..
من الافكار الشائعة (لإنقاذ العراق) لدى السياسيين الامريكان ولكن ربما تكون هي السبب في دماره، هو حل التقسيم. الفكرة ان يقسم العراق الى 3 مناطق سنية وشيعية وكردية بحكم ذاتي او دويلات مستقلة. الولايات المتحدة تحب فكرة التقسيم لأنه يخلق دولا ضعيفة يسهل استغلالها وفي نفس الوقت تعطي قوة اكبر لحلفاء امريكا في المنطقة.
ولكن يشهد التاريخ مرارا على ان اعادة رسم الحدود على اسس عرقية ودينية يخلق عمليات تطهير واسعة النطاق حيث ان الدول الجديدة تعمد الى الحفاظ على نقاء الاغلبية بالتخلص من الاقليات. ومن يتبقى من الاقليات يصبح مواطنا درجة ثانية طالما انهم لايدينون بنفس الديانة او يتمتعون بنفس العرق الغالب. وتقسيم يوغسلافيا والهند مثالان جيدان على مهالك التقسيم في حين ان اسرائيل والسعودية نموذجان جيدان يوضحان التمييز السايكوباثي في الدول الدينية.
يجادل الكثير من السياسيين على أن تقسيم العراق حاصل فعلا ويتساءلون : لماذا لا نشرعن الواقع برسم حدود جديدة وخلق دول جديدة؟ ولكن مثل هذه الحركة سوف تكون بداية لصراعات اعظم سوف تسرع بالتطهير العرقي الديني وتزيد من اوار الحرب في سوريا وتعطي رخصة اكبر لانواع اخرى من الحروب بالوكالة نحو تفكيك اكبر للشرق الاوسط.
كل هذه الحلول لمشاكل العراق ليست حلولا ابدا ولابد ان تواجه بمقاومة تقدمية حقيقية. إن المتطرفين الاسلاميين الذين يعملون متعاونين مع السياسيين الذين تدفعهم  مصالح الشركات الكبرى لتمزيق الشرق الاوسط لايمكن هزيمتهم بمصالح دينية وشركاتية منافسة.
من اجل قتال ايديولوجية التقسيم الديني العرقي الذي يدمر الشرق الاوسط لابد من قوة رادعة توحد الغالبية الساحقة من الناس ضد اقلية من النخب الدينية الاقتصادية التي تسعى الى ستراتيجية فرق تسد المدمرة هذه.
السنة والشيعة والكرد لديهم ما يوحدهم اكثر مما يفرقهم ولكن النخبة الدينية الرأسمالية تعتاش على اختلافاتهم وتتربح من الحفاظ على قيادتها لمكوناتهم.
الوحدة ممكنة حين يتم التركيز على  المصالح المشتركة مثل الكرامة التي يتوق اليها الناس والمتمثلة بوظيفة وتعليم وسكن ورعاية صحية الخ. ومن شأن رؤية سياسية تجعل هذه الاحتياجات اولويتها، ان تخلق حركة تقدمية جديدة مثل تلك الحركات الثورية الاشتراكية العروبية التي ساهمت في النهضة بالشرق الأوسط في الخمسينيات والستينيات. ولكن هذا يعني منع الحكومة الامريكية بمصالحها الامبريالية من التدخل.
 استخدمت نخب الشرق الاوسط الانقسامات الدينية والتدخل الاجنبي لهزيمة الحركة العروبية، ولكن النتيجة كانت كارثة مستمرة. لايمكن انقاذ الشرق الاوسط خارج ايديولوجية جديدة للوحدة السياسية والاقتصادية شبيهة بالمباديء التي حفزت الحركة الثورية الاشتراكية العروبية في الماضي.

Shamus Cooke  (www.workerscompass.org). He can be reached at shamuscooke@gmail.com

++
تعليق: مع أن أفكاره جديدة ولكنه أقامها ايضا على تقسيمة : سنة - شيعة - كرد، وأنا أرى أنه لايمكنك ان تصل الى استنتاجات منطقية بالإعتماد على هذا التقسيم (غير الطبيعي) العرقي-مذهبي في نفس الوقت. 

هناك 3 تعليقات:

  1. "كل هذه الحلول للعراق لا تشكل حلا ابدا ولا بد ان تواجة بقوى مقاومة تقدمية "
    " لا بد من قوة رادعة توحد الغالبية الساحقة من الناس ضد اقلية من النخب الاقتصادية التي تسعى الى ستراتيجية فرق تسد المدمرة "
    تشخيص دقيق للحالة التي تسعى لخلقها القوى الاقتصادية والمهيمنة على المنطقة من اجل تحقيق وابقاء سيطرتها والكاتب يضع ايضا حلول منطقية قريبة جدا من اهداف القوى العروبية التقدمية للرد على مشروع الهيمنة والتفريق والتقسيم
    اذن الكاتب قد وصل الى نتيجة صحيحة منطقية عندما وصل الى ضرورة وجود قوة رادعة تقدمية موحدة لمصالح الغالبية من الناس

    ردحذف
    الردود
    1. معك حق، ولكني ربما لم اعبر عما أريد قوله. النتيجة التي وصل اليها الكاتب بحكم انتمائه للشغيلة هي ضرورة وجود مقاومة وطنية موحدة لكل اطياف الشعب وعابرة للاعراق والاديان، وهو مانادينا به في الغار كثيرا عن الثورة التي نريدها، وربما تكون هذه النتيجة هي التي كانت في ذهنه قبل كتابة المقالة، ولكن مقدماته وتأكيده على أن الحراك سني بسبب (مظلومية السنة وتهميشهم) هي نفس التعريفات المبسطة والشكلية التي امتلأت بها الكتابات الطائفية التي وصفت هذا الحراك منذ أن بدأ في الأنبار.

      حذف
  2. اعتقد كذلك انه انطلق من واقع فرض القوى الطائفية والعميلة التي جاءت مع المحتلين وكذلك المحتلين انفسهم هم من حاول ان يعبر بمعطيات طائفية فاضطر الكاتب الى تعبيرة عما هو موجود او مفروض خلال التحليل

    ردحذف