"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

14‏/5‏/2014

النار: هشيم الحضارة

غارعشتار
يلفت الإنتباه على مر العصور إحراق الحضارة البشرية بالنار. ويبدو أن الإنسان - حين اكتشف النار - فقد أوجد سلاح تدمير ذاته. النار تدفيء الإنسان في شتاء البراري،  وتطهو الطعام، وتسخن الماء، وتطهر الجروح ، وتذيب الحديد والزجاج لتشكيلهما فيما ينفع من أدوات، ولها عدة فوائد أخرى ولكنها في نفس الوقت سلاح دمار شامل للبشر والحجر والزرع والضرع.
عبر التاريخ، احترقت المدن الزاهرة وتحولت الى أنقاض:

سدوم وعمورة : مجموعة من القرى الاسطورية الفاسدة أحرقها الله عقابا
إحراق روما في عهد نيرون
 آثار باقية من مدينة برسيبوليس العاصمة الثقافية لآسيا القديمة ولامبراطورية فارس على يدي الاسكندر الاكبر واحرق معظم مخطوطاتها العملية والفلسفية 
إحراق موسكو على ايدي نابليون
ليس لدي صورة إحراق المغول لعاصمة الحضارة الاسلامية
ولكن هذه صورة بغداد التي احرقها المغول الجدد 2003
انقرة
كاراكاس - فنزويلا
سوق حلب في سوريا
مصر
لماذا تدمر الحواضر وارشيفها ومخطوطاتها ومتاحفها من قبل الغزاة فكأنما تمحى من الوجود ماضيا وحاضرا ومستقبلا؟  لنعرّف الغزاة أولا:
1- قبائل بدائية متخلفة تهجم على مراكز الحضارة، فتحرق وتدمر.
2- جيوش امبراطوريات متحضرة تهجم على حواضر امبراطوريات اخرى أو بلاد ناهضة متحضرة (الفرس على الرومان والإغريق والعكس، فرنسا على روسيا، امريكا على  العراق الخ) فتحرق وتدمر.
++
السلوك واحد .. لخصه جيمس بيكر حين أنذر "سنعيد العراق الى ماقبل عصر الصناعة"، وقد فعلوا. لماذا؟

سؤالي هو: لماذا لا يعتبر البشر في أي مكان أن ازدهار حضارة في مكان آخر (حتى لو كان حكامه اعداء لبعضهم) يعني بالضرورة وبالتالي كسبا للبشرية في كل مكان؟ وبهذا ينبغي الحفاظ عليه لا تدميره؟ 
أتفهم دافع القبائل البدائية في هدم مراكز الحضارة.. إنهم يعتبرونها حسب معتقداتهم (رجسا من عمل الشيطان) ينبغي تدميره ، وأن الالهة (أيا كانت) تأمرهم وتكلفهم بذلك لنيل رضاها. فهم مجرد أدوات ِلآلهتهم، مثل سودوم وعمورة التي لا نعلم مكانها جغرافيا وإنما وردت في الاساطير فقط، وقد أحرقها غضب الله (بيد بعض أدواته ولاريب) .. 
ولكن ماهو دافع شعوب متحضرة تغير على شعوب متحضرة اخرى فتدمر حضارتها وتحرق معالمها وتمحو آثارها؟ هل وراء ذلك فكرة (التسيد والهيمنة) أي لا يكون هناك منافس للحضارة المغيرة؟ أم هل يتلبس قادة تلك الحضارات لبوس الآلهة فيدمرون مدن العدو بالنار المقدسة؟ وهكذا يتماهى المتمدنين مع البدائيين؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق