"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

12‏/2‏/2014

جديرة بالقراءة: تاريخ ماقبل وبعد القاعدة - 9

غارعشتار
الحلقة الثامنة 
بقلم: أندرو غافن مارشال
ترجمة عشتار العراقية 
 في صيف عام 2001، تم تسريب معلومات لطالبان من اجتماعات عالية السرية، أن نظام بوش يخطط لشن عملية عسكرية ضد طالبان في تموز لاستبدال الحكومة. كانت هناك خطة طواريء للجيش الامريكي على الورق لمهاجمة أفغانستان من الشمال بحلول نهاية صيف 2001 ، أي، قبل 11/9.
  وقد ابلغ " نياز نايك، وزير الخارجية الباكستاني السابق، من قبل مسؤولين امريكان كبار في منتصف تموز  ان العمل العسكري ضد أفغانستان سيبدأ  بحلول منتصف تشرين اول.  فيما بعد وقع غزو أفغانستان في يوم 7 تشرين اول 2001 . قيلت هذه المعلومات للوزير نايك  في اجتماع  سري انعقد برعاية الامم المتحدة في برلين في تموز2001 ، مع مسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا والعديد من دول آسيا الوسطى . وذكر أيضا أن الولايات المتحدة ستشن الحرب من قواعدها في طاجيكستان   حيث كانت المستشارون الأميركان قد اتخذوا مواقعهم هناك بالفعل.
كما كشفت شبكة  MSNBC " كان من المنتظر أن يوقع الرئيس بوش خططا مفصلة لحرب في انحاء العالم ضد تنظيم القاعدة قبل يومين من وقوع 11 ايلول"، وأن  تلك الخطط  تناولت جميع جوانب الحرب ضد القاعدة، بدءا من المبادرات الدبلوماسية الى العمليات العسكرية في أفغانستان. وقد ورد  فيها بشكل أساسي نفس ماجاء بخطة الحرب التي وضعت موضع التنفيذ في أعقاب هجمات 11-9.
كما قدمت وثيقة الأمن القومي الى كوندوليزا رايس أيضا قبل الهجمات، وقد احتوت على  خطط لمهاجمة طالبان و إخراجها من السلطة في أفغانستان.  وقد صرح رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بهذا الخصوص قائلا:" لكي نكون صادقين في ذلك، لم تكن هناك طريقة لدفع الشعب للموافقة على حملة عسكرية ضد أفغانستان فجأة بدون مبرر، لولا ماحدث في 11 ايلول."
بعد بدء الحرب على أفغانستان في تشرين اول من عام 2001، كتب  جورج مونبيوت في صحيفة الجارديان أن الحرب " ​​قد تكون أيضا مغامرة استعمارية  متأخرة، لأن أفغانستان أمر لا غنى عنه للسيطرة الاقليمية على النفط ونقله  في آسيا الوسطى  كما كان وضع  مصر في الشرق الأوسط " ومن الجدير نقل ماكتبه  مونبيوت بشيء من التفصيل :
أفغانستان لديها بعض ماتملكه من النفط والغاز، ولكن ليس بما يكفي لوصفها بأنها مصدراهتمام استراتيجي رئيسي. ولكن من ناحية اخرى فإن جيرانها الشماليين يملكون احتياطيات يمكن أن تكون حاسمة في  امدادات العالم المستقبلية. في عام 1998، قال ديك تشيني، وهو حاليا (2010) نائب الرئيس الأمريكي ولكنه كان آنذاك الرئيس التنفيذي لشركة خدمات نفطية كبرى (هاليبرتون)  " لا أستطيع أن أتذكر بروز منطقة في العالم فجأة لتصبح على درجة من الأهمية الستراتيجية  مثل بحر قزوين " ولكن  النفط والغاز هناك يظل لا قيمة حتى يتم نقله. والطريق الوحيد المعقول سياسيا واقتصاديا يمر عبر أفغانستان.
أن نقل جميع الوقود الأحفوري من حوض بحر قزوين عبر روسيا أو أذربيجان يعزز إلى حد كبير السيطرة السياسية والاقتصادية لروسيا على  جمهوريات آسيا الوسطى ،  وهو  بالتحديد الأمر الذي  قضى الغرب 10 سنوات يحاول منعه.. ونقل النفط عبر ايران سوف يعزز مكانة نظام تسعى الولايات المتحدة  لعزله .أما إرساله في طريق طويل من خلال الصين ، فإنه ،بصرف النظر تماما عن الاعتبارات الاستراتيجية، سيكون مكلفا للغاية. ولكن من شأن خطوط أنابيب عبر أفغانستان أن تسمح للولايات المتحدة بأمرين:  تحقيق هدفها المتمثل في " تنويع إمدادات الطاقة " و أيضا اختراق الأسواق الأكثر ربحا في العالم. فالنمو في استهلاك اوربا للنفط بطيء والمنافسة شديدة. على النقيض من ذلك فإن الطلب مزدهر في جنوب آسيا، والمنافسة شحيحة. بعبارة اخرى، إن ضخ النفط باتجاه الجنوب و بيعه في باكستان والهند، هو أكثر ربحا بكثير من ضخه باتجاه الغرب و بيعه في أوروبا.
وكما وثق المؤلف احمد رشيد: في عام 1995 "بدأت شركة النفط الامريكية يونوكال التفاوض لبناء خطوط أنابيب النفط والغاز من تركمانستان عبر أفغانستان و إلى الموانئ الباكستانية على البحر العربي. وكان مخطط الشركة يتطلب  إدارة واحدة في أفغانستان تضمن المرور الآمن لبضائعها. بعد فترة وجيزة من سيطرة طالبان على العاصمة كابول في ايلول 1996 ، نشرت صحيفة التلغراف أن " عاملين في صناعة النفط يقولون ان حلم تأمين خط أنابيب عبر أفغانستان هو السبب الرئيسي وراء قيام باكستان وهي حليف سياسي مقرب من أميركا ، بدعم حركة طالبان ، و هو السبب الذي جعل أمريكا تذعن لهيمنة طالبان على البلاد. وقد دعت يونوكال بعض قادة طالبان إلى هيوستن، حيث كانوا موضع ترحيب فخم، واقترحت الشركة دفع 15 سنتا  لهؤلاء البرابرة (الوصف من عند الكاتب) مقابل كل ألف قدم مكعب من الغاز الذي يضخ عبر الأراضي التي استولوا عليها. .
في السنة الأولى من حكم طالبان، يبدو أن سياسة الولايات المتحدة تجاه النظام كانت تحددها  أساسا مصالح يونوكال. في عام 1997 ابلغ دبلوماسي أمريكي رشيد "ربما تتطور طالبان كما حدث في السعودية حيث سيكون هناك أرامكو [ الكونسورتيوم النفطي الأمريكي السابق في السعودية ] وأنابيب، وأمير، بدون برلمان والكثير من الشريعة الإسلامية. يمكننا أن نتعايش مع هذا "
وفي شباط عام 1998، قال  جون ماريسكا رئيس يونوكال للعلاقات الدولية  أمام اعضاء من الكونغرس أن النمو في الطلب على الطاقة في آسيا والعقوبات ضد إيران هما اللذان حددا ان تكون أفغانستان الطريق الممكن الوحيد  لنقل نفط بحر قزوين . وكانت الشركة، ماتزال تأمل انه، حالما يتم الاعتراف  بالحكومة الأفغانية من قبل الدبلوماسيين الأجانب والبنوك ، فسوف تشرع في بناء خط أنابيب بطول 1،000 ميل بطاقة مليون برميل يوميا. ولكن في  كانون الاول عام 1998، بعد أربعة أشهر من تفجيرات السفارة في شرق افريقيا ، تخلت يونوكال عن خططها.
ولكن أهمية  أفغانستان الاستراتيجية  لم تتغير. في ايلول، وقبل بضعة أيام من الهجوم على نيويورك ، ذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن " أهمية أفغانستان من وجهة نظر الطاقة تنبع من موقعها الجغرافي كنقطة عبور محتملة لصادرات النفط والغاز الطبيعي من آسيا الوسطى إلى البحر العربي. وتشمل هذه الإمكانية بناء انابيب تصدير النفط والغاز الطبيعي عبر أفغانستان"  وبالنظر إلى أن سياسات حكومة الولايات المتحدة  يحددها مسؤولون كانوا مديرين سابقين  في صناعة النفط ، فسيكون من الحماقة الافتراض أن هذه الخطط  الستراتيجية لم تعد تخطر لهم على بال.. وكما أشار الباحث كيث فيشر: تعكس   النتائج الاقتصادية المحتملة للحرب في أفغانستان نفس النتائج الاقتصادية المحتملة للحرب في البلقان، حيث  ان تطوير"ممر 8" ، وهو منطقة اقتصادية تتمحور حول خط أنابيب نقل النفط والغاز من بحر قزوين إلى أوروبا، يظل مصدر اهتمام حيوي  .

 يحكم السياسة الخارجية الامريكية مبدأ (الهيمنة كاملة الطيف) وتعني انه على امريكا ان تهيمن على التنمية العسكرية والسياسية والاقتصادية في انحاء العالم. وكان رد فعل  الصين هو السعي لتوسيع مصالحها في آسيا الوسطى. وجاء في الورقة البيضاء للدفاع التي نشرتها بكين في  العام الماضي (2009) بأن " مصالح الصين الأساسية تكمن في إقامة وصيانة نظام أمن إقليمي جديد " . في حزيران ،  ضمت الصين وروسيا أربع جمهوريات من آسيا الوسطى الى  "منظمة شنغهاي للتعاون " . والغرض منها، وفقا لجيانغ تسه مين، هو " تعزيز عالم متعدد الاستقطاب " ، والمقصود منه تحدي هيمنة امريكا كاملة الطيف.

 إذا نجحت الولايات المتحدة في إسقاط طالبان واستبدالها بحكومة مستقرة وموالية وممتنة للغرب وإذا استطاعت  الولايات المتحدة بعد ذلك ربط اقتصادات آسيا الوسطى مع حليفتها باكستان ، فإنها لن تكون قد سحقت الإرهاب فحسب، وإنما أيضا في  قطع الطريق أمام تصاعد طموحات كل من روسيا والصين. وهكذا تظل أفغانستان ،دائما، مفتاح الهيمنة الغربية  على آسيا.

كما يتضح مما نشرته صحيفة (سان فرانسيسكو  كرونكل) في  تشرين الثاني من عام 2001 " قررت الولايات المتحدة وباكستان  تنصيب نظام مستقر  في أفغانستان حوالي 1994 - نظام من شأنه أن ينهي الحرب الأهلية في البلاد ، وبالتالي ضمان سلامة مشروع خط  أنابيب يونوكال " وهكذا :
وافقت وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات الباكستانية على ضخ الأسلحة و التمويل لطالبان في حربها ضد تحالف الشمال الطاجيكي. ومنذ  عام 1999 ، دفع  الشعب الأمريكي الراتب السنوي لكل موظف في حكومة طالبان، على أمل العودة إلى أيام  كان غالون الغاز فيها بدولار واحد. وبطبيعة الحال، كانت باكستان سوف تحصل على العوائد من تسهيلات نقل النفط من ميناء كراتشي.
من الواضح أن  خطط وأهداف الحرب على أفغانستان كانت قد استقرت. ولم يبق سوى ايجاد المبرر لإقناع الشعب الأمريكي.   فإن الناس لا تدعم بسهولة حربا للسيطرة على احتياطيات الطاقة الاستراتيجي و مسارات خط الأنابيب  عبر مناطق متعددة نائية في  أنحاء العالم. بالإضافة إلى حقيقة أن هذا سيكون اعترافا بتحول امريكا الى امبراطوية وهو أمر لم يزل الكثير من الشعب الأمريكي لايستسيغه،   فإنه سيكون من العسير ان تطلب من  الأميركيين الموت من أجل يونوكال . كان المطلوب لإثارة شهية  الشعب الأمريكي  للحرب هو إعادة تشكيل الوعي الجماعي بالخوف؛ ماكان يحتاجه هو الإرهاب.
++
الحلقة 10 هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق