"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

9‏/2‏/2014

جديرة بالقراءة: تاريخ ماقبل وبعد القاعدة-5

غارعشتار
 الحلقة الرابعة 
بقلم: اندرو غافن مارشال
ترجمة عشتار العراقية
نهاية الحرب الباردة وستراتيجية نظام عالمي جديد
مع نهاية الحرب الباردة كان لابد من ابتداع ستراتيجية جديدة لادارة النظام العالمي. مع انهيار الاتحاد السوفيتي تصاعدت مقولات عن (نظام عالمي جديد) مركزة على بزوغ الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في العالم. وكان هذا يعني تحديات عظيمة كثيرة اضافة الى فرص للهيمنة على العالم.
مع انهيار الاتحاد السوفيتي، تشكلت واستقلت عدد من الدول في وسط آسيا واوربا الشرقية وبهذا اصبحت مواردهم الطبيعية من الغاز والطاقة جاهزة للاستغلال. كانت افغانستان ذاتها تعتبر (محورا ستراتيجيا رئيسيا) كما كانت (البوابة الأولى لوسط آسيا وما تحويه من موارد طاقة هائلة) وبدأت شركات النفط الغربية الكبيرة مثل اكسون موبيل وتيكساكو ويونوكال والبريطانية واموكو وشيل وانرون بصب بلايين الدولارات في دول آسيا الوسطى في اوائل التسعينيات.
في 1992 سربت الى الصحافة وثيقة من البنتاغون بعنوان (دليل التخطيط الدفاعي) وفيها رسمت ستراتيجية للولايات المتحدة في النظام العالمي الجديد وكان قد كتبها ديك تشيني وزير دفاع بوش الاب.
تقول الوثيقة: مهمة امريكا السياسية والعسكرية في عصر مابعد الحرب الباردة هي ضمان عدم ظهور قوة عظمى منافسة لها  في اوربا الغربية وآسيا ومناطق الاتحاد السوفيتي السابق. وقدمت الوثيقة السرية التبريرات لعالم تهيمن عليه قوة عظمى واحدة يمكن المحافظة على موقعها بواسطة سلوك بنّاء وقوة عسكرية كافية لردع اي دولة او مجموعة من الدول من تحدي التفوق الامريكي.
علاوة على ذلك (ترسم المسودة الجديد عالما فيه قوة عسكرية مهيمنة يحافظ قادتها على آليات ردع المنافسين المحتملين من مجرد التفكير بدور اقليمي او عالمي اكبر) ومن ضمن التحديات الضرورية للتفوق الامريكي كما تقول الوثيقة (التسليم باحتمال حرب اقليمية ضد العراق وكوريا الشمالية واعتبار الصين وروسيا اخطار رئيسية) وتقترح الوثيقة (قيام الولايات المتحدة بتوسيع تعهداتها الامنية الى دول شرق ووسط اوربا اسوة بالسعودية والكويت ودول خليج اخرى)
وعلى نفس المنوال، في 1992 اقامت (وقفية كارنيجي للسلام العالمي) وهي احدى اهم المؤسسات الفكرية المؤثرة في الولايات المتحدة ، لجنة لتحديد سياسة خارجية جديدة للولايات المتحدة في اعقاب الحرب الباردة. وكان من بين المشاركين : مادلين اولبرايت وهنري سيسنروس وجون دويتش وريتشارد هولبروك واليس رفلين وديفد گرگن و ادميرال وليام كراو. في صيف 1992 نشر التقرير النهائي بعنوان (تغيير اساليبنا: امريكا والعالم الجديد) وقد حث التقريرعلى (مبدأ جديد في لعلاقات الدولية : تدمير او تهجير مجموعة من الناس داخل الدول يمكن ان يبرر تدخلا دوليا) واقترح التقرير أن تقوم الولايات المتحدة بإعادة تنظيم حلف شمالي الاطلسي (النيتو) ومنظمة الامن والتعاون الاوربي للتعامل مع المشاكل الامنية الجديدة في اوربا وحثت على التدخل العسكري تحت أغطية انسانية. وقد بذر هذا التقرير فيما بعد بذرة حرب كوسوفو، كما قدم العذر للتدخل الامريكي وكذلك التوصيات لأفضل الوسائل التي يستطيع بها النيتو شن تلك الحرب.
ونشرت مطبوعة اخرى لكارنيجي في نفس العام بعنوان (تقرير المصير في النظام العالمي الجديد) ساهمت في توسيع الاهداف الامبريالية الامريكية حيث انها وضعت معايير يستخدمهما المسؤولون في تقرير متى يدعمون جماعات اثنية انفصالية في سعيها للاستقلال والدعوة للتدخل العسكري لتحقيق ذلك الغرض. (اكيد من المعايير ان يكون لدى هذه الجماعة نفط أو غاز- ملاحظة من عندي) 
اوصى ذلك التقرير بأنه من الأفضل قيام تحالفات عسكرية دولية بقيادة أممية لارسال قوات مسلحة ليس للحفاظ على السلام وانما لصناعة السلام  من اجل منع اندلاع صراع، والبقاء في المنطقة الى أجل غير مسمى) كما نص التقرير على انه (سوف يتطلب استخدام القوة العسكرية لخلق دولة جديدة، تصرفا من الحكومة المعنية يكون من البشاعة بحيث يمحق اي حق لها لاستمرار حكم الاقلية المطالبة بتقرير المصير)
سرعان ما اتخذت الولايات المتحدة وحلفاؤها في النيتو ستراتيجية جديدة في سعيها للهيمنة على العام وتوسيع سيطرتها على المناطق التي كانت سابقا ضمن النفوذ السوفيتي ومنع صعود روسيا والصين. وأحد أوجه تلك الستراتيجية كان مايسمى (التدخل الانساني).
تفكيك يوغسلافيا المدبر
في الستعينيات اتخذت الولايات المتحدة وحلفاؤها في النيتو وخاصة المانيا وبريطانيا ستراتيجية زعزعة يوغسلافيا سعيا لتفكيكها وبالتالي تقسيمها. من اجل تحقيق ذلك ، استخدمت الخطة الاستعمارية (فرق واقهر) باستغلال التوترات العرقية المتعددة وتسليح وتدريب ميليشيات ومنظمات ارهابية مختلفة. وفي خضم هذه الستراتيجية استخدمت الداتابيز او (القاعدة) للمضي قدما بأجندة الزعزعة والتفكيك.
في 1989 اضطرت يوغسلافيا للحصول على مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين فرضا برنامج تكيف هيكلي نتج عنه رفع الدعم الحكومي مما فاقم الأوضاع الاجتماعية واشعل الميول الانفصالية وأدى بالتالي الى انفصال كرواتيا وسلوفينيا من الجمهورية في 1991
في 1990 نشرت اجهزة الاستخبارات الامريكية تقريرا يتنبأ بتقسيم يوغسلافيا واندلاع حرب اهلية، ووضع التقرير اللوم على ميلوسوفيتش للكارثة الوشيكة.
وقبل ذلك في 1988 التقى قائد كرواتيا مع المستشار الالماني هلموت كول لخلق (سياسة مشتركة لتفكيك يوغسلافيا وإلحاق سلوفينيا وكرواتيا في منطقة الاقتصاد الالماني) وهكذا تم ارسال ضباط من الجيش الامريكي الى كرواتيا والبوسنة والبانيا ومقدونيا بصفة مستشارين وادخلوا القوات الخاصة الامريكية للمساعدة.
حين اعلنت كرواتيا الانفصال عام 1991 اندلع اقتتال بينها ويوغسلافيا استمر حتى 1995 واندمج في اجزاء منه مع الحرب البوسنية. وقد دعمت الولايات المتحدة العملية وقدمت السي آي أي معلومات  استخباراتية للقوات الكرواتية مما ادى الى تهجير مابين 150 الف و200 الف صربي من خلال القتل والنهب وحرق القرى والتطهير العرقي. كان الجيش الكرواتي مدربا من قبل المستشارين الامريكان وقد مثل جنرال فيما بعد امام المحكمة الجنائية الدولية في هولندا لجرائم حرب وكان مدعوما شخصيا من قبل السي آي أي. وهكذا نرى ازدواج المعايير في مسألة التطهير العرقي والابادة: حين تقوم به الولايات المتحدة او تدعمه فهو (تدخل انساني) ومبرر سياسيا، او ببساطة يتم التعتيم عليه. ولكن حين تفعله دولة عدوة او (تتهم بفعله) فإن المجتمع الدولي يطالب بالتحرك بأي وسيلة لمنع الابادة حتى لو كان بارتكاب ابادة.
اعطت ادارة كلنتون الضوء الاخضر لايران لتسليح المسلمين البوسنيين ومن 1992 الى كانون الثاني 1996 كان هناك تدفق من الاسلحة  والمستشارين من ايران الى البوسنة. وعلاوة على ذلك ساعدت ايران ودول اسلامية اخرى لجلب مقاتلين (مجاهدين) الى البوسنة للقتال الى جانب المسلمين ضد الصرب. جاء (المجاهدون) من افغانستان والشيشان واليمن والجزائر وبعضهم كانت لديه ارتباطات بمعسكرات تدريب اسامة بن لادن في افغانستان.
++
الحلقة السادسة هنا


هناك تعليقان (2):

  1. أختي عشتار: تابعناك إلى هنا، ونحن نقول هل من مزيد. كما قلت، كتاب يستحق القراءة. بارك الله فيك على الجهد المتميز.

    ردحذف
  2. شكرا لك وبارك الله فيك
    والملاحظ ان الولايات المتحدة وحلفاءها لا يتركون حدثا او منطقة في العالم الا ولهم بها ايد خفية وايد علنية ويلعبون لعبة مع وضد في ان واحد ومن هنا تبدو للعيان ان امريكا تكيل بمكيالين فمن يتفق معها ويحقق مصالحها يكون في جانبها "الانساني "ومن يعاندها يكون في الجانب" الارهابي"
    والله يساعد كل من يقف ضدها في مرحلة التغول الحالي للولايات المتحدة وحلفائها

    ردحذف