"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

23‏/2‏/2014

في أوكرانيا: إتبع انبوب الغاز-2

غارعشتار
الجزء الأول
الشركة التي تصدر الغاز الروسي الى أوربا عبر اوكرانيا هي غازبروم. وللعلم 80% من الغاز الواصل الى اوربا يأتي من هذا المصدر. والشركة الوطنية للغاز في اوكرانيا اسمها نفتوغاز.
الحقيقة التاريخية هي ان صناعة الغاز السوفيتية ولدت في اوكرانيا في الثلاثينيات والبنى التحتية بنيت هناك ومازالت اوكرانيا تشكل جزءا مركزيا في شبكة انابيب الغاز حتى مع انتقال تركيز الانشطة الى غرب سيبريا. المشكلة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي أن البنى التحتية الحيوية لشركة غاز بروم موجودة في اوكرانيا وهكذا لم تعد تحت سيطرتها المباشرة.
الآن من أجل تفادي المشاكل التي تحدثنا عنها في الجزء الأول بين روسيا وأوكرانيا، اتفق البلدان على أن تحصل اوكرانيا على الغاز من غاز بروم الروسية من خلال اطراف ثالثة. يعني سماسرة أو وسطاء، وهم عادة الشركات التي تتربح من التوفيق بين رأسين في الغاز.

المرأة الجميلة التي كانت رئيس وزراء وسجنت بتهم كثيرة وخرجت الآن من السجن وأعلنت اليوم ترشحها للرئاسة يوليا تيموشنكو، لديها مثل هذه الشركات التي كسبت البلايين (ستطاعت تيموشينكو في الفترة ما بين‏ 1995-1997‏ جمع ثروة قدرت بـ‏11‏ مليار دولار وتحوم شبهات كثيرة حول مدي شرعية تلك الأموال‏، كما ان زوجها اولكسندر مسجون حاليا بتهمة الفساد‏.)  من توسطها في الغاز بين روسيا أوكرانيا الى درجة أنها تسمى (أميرة الغاز)، وقد اصبحت تسيطر على 20% من اجمالي الناتج القومي الاوكراني. إقرأ سيرتها العطرة هنا.
وهي موالية للإتحد الأوربي وتؤمن أن اوكرانيا ينبغي ان تدور في الفلك الأمريكي الأوربي الآن.
على الجانب الآخر هناك الرئيس فكتور يانوكوفيتش الذي ترك قصره بعد المظاهرات وهرب الى المناطق الموالية له في شرق أوكرانيا، مع أنه مازال يعتبر نفسه الرئيس الشرعي ويعتقد ان ماحدث هو انقلاب. يانوكوفيتش كان مؤيدا لروسيا، وكان يمثل أكبر الشركات المشترية للغاز في شرق اوكرانيا. وفساد أبنه الكسندر  وتربحه أكبر من أن استطيع ترجمته (اقرأوه هنا). ومع أنه موال لروسيا ولكنه كان يعلن انه على الحياد وأنه لا يعارض دخول اوكرانيا الاتحاد الأوربي، ولكنه قام بعدة خطوات لتحقيق مصالح روسيا، مثلا الاتفاق على شراكة في إدارة انبوب الغاز الروسي في اوكرانيا، وفي 17 كانون الاول 2013 وسط احتجاجات ضخمة في اوكرانيا من معارضة تدعو للتقارب مع الاتحاد الاوربي، وافق الرئيس الروسي بوتين على اقراض اوكرانيا 15 بليون دولار مساعدات مالية و تخفيض 33% من سعر الغاز الطبيعي. ويقول النقاد أن هذه الاتفاقية جاءت برغبة روسية لمنع اوكرانيا من توقيع اتفاقية شراكة تجارية مع الاتحاد الاوربي.

المنطقة الشرقية والجنوبية من اوكرانيا والتي يمثلها يانوكوفيتش موالية لروسيا، والمنطقة الغربية التي تمثلها يوليا (حيث يوجد انبوب الغاز الروسي) موالية للغرب.
الحقيقة انه صراع روتيني حول المال، ولكن هذا الصراع لايجري بين روسيا واوكرانيا وانما بين مجموعة صغيرة من الروس الاثرياء ومجموعة صغيرة من الاوكرانيين الاثرياء. وهو بتعبير آخر: صراع بين روسيا والغرب على اوكرانيا .تدير الصراع   شركات الغاز، ومن يقف وراءها من القوى الكبرى.
أيضا لاتنسوا (انبوب نابوكو) المفترض لو تم بناؤه أنه سينافس انبوب الغاز الروسي في تزويد اوربا بالغاز.
++
في النهاية ربما أضيف ما كتبه بول كريج روبرتس مساعد وزير الخزانة الامريكي في عهد ريغان حول اوكرانيا:
مشكلة واشنطن في الاطاحة بالحكومة المنتخبة في اوكرانيا وتنصيب عملاء لها، ذات وجهين: لقد فقد عملاء امريكا المختارون السيطرة على الاحتجاجات واستولت عليها العناصر الراديكالية التي لها ارتباطات تاريخية بالنازية. وروسيا تعتبر أن استيلاء الاتحاد الاوربي والناتو على اوكرانيا خطر ستراتيجي يهدد استقلال روسيا.
واشنطن غفلت عن الجزء المتمكن ماليا من اوكرانيا والمتكون تاريخيا من مقاطعات روسية في الشرق والجنوب وكانت القيادة السوفيتية قد دمجتها مع اوكرانيا من اجل اغراق العناصر الفاشية في غرب اوكرانيا التي قاتلت في صف ادولف هتلر ضد الاتحاد السوفيتي. وهذه العناصر العنصرية ذات الجذور النازية، وليس عملاء واشنطن، هم الذين يتحكمون بالتمرد المسلح في غرب اوكرانيا.
إذا اطيح بالحكومة الاوكرانية المنتخبة فإن الاجزاء الشرقية والجنوبية سوف تنضم لروسيا. وسوف ينهب الصيارفة والشركات الغربية الجزء الغربي ، وسوف تكون قواعد الناتو في اوكرانيا هدفا  للصواريخ الروسية.
ستكون هزيمة لواشنطن وعملائها الاوكرانيين ان يروا نصف البلاد يرجع الى روسيا . ومن اجل انقاذ الوجه ، قد تحرض واشنطن على مواجهة بين قوى كبرى حيث ستكون نهايتنا جميعا.
++
من المصادر التي استفدت منها في هذا الموضوع هذا المصدر
++
تعليق:
لا أوافق روبرتس في حشر قضية (العناصر الراديكالية النازية) فهي تبدو أشبه بتحذير للغرب، وكأن الرأسمالية المتوحشة يهمها فعلا الراديكاليون من أي صنف: ديني او عنصري، بل أن هؤلاء يخدمون دائما مصالح الأعداء ضد بلادهم وأهلها.

هناك تعليقان (2):

  1. لاادري إن كانت هناك تتمة للمقالة أم لا. ولكنني أفتقد الربط بين ما يحدث في اوكراينا والصراع في سوريا وايران.
    في تعليق سابق لي حول مؤتمر جنيف ومباحثات النووي الايراني كتبت أن المؤتمر والمباحثات النووية لن تؤدي الى نتيجة, وبأن تلك الخطوات ليست سوى هذنة مؤقتة لحين استحداث أوراق ضغط جديدة في اللعبة. واليوم نرى أن المباحثات الايرانية الامريكية ومؤتمر جنيف تدور في دائرة مفرغة بعلم وموافقة جميع الاطراف المعنية. في الوقت ذاته بدأ الوضع في أوكراينا بالتأزم وبالتصعيد بالتزامن مع المباحثات في جنيف.
    ومع احترامي لوجهة نظرك وتحليلك للاحداث من خلال العدسة النفطية (او الغازية في حالة أوكراينا), إلا أنني أعتقد أن هناك أبعادا اخرى للصراع اكثر أهمية وخطورة من النفط ومن الغاز. المعارضة الاوكرانية وافقت (بايعاز من امريكا) على تأجيل الانتخابات الى نهاية شهر أيار (موعد انتهاء مدة الاشهر الستة في الاتفاق النووي الايراني). ألغاية في رأيي هي ترك الباب مفتوحا للتفاوض على مصير اوكراينا مقابل تنازلات في مباحثات سوريا وايران. أي ان اللعبة الاوكرانية لم تحسم بعد. وإنما هي تلويح بامكانية استخدامها كورقة ضغط.
    لننتظر بماذا سيرد بوتين على هذه النقلة.

    ردحذف
    الردود
    1. عيوني .. كلها تتعلق بالنفط والغاز. ليش ايران شنو مشكلتها؟ غير النفط والغاز ومضيق هرمز؟ طبعا كل شيء يجري على الساحة الدولية هو من اجل الهيمنة والطاقة ولا شيء غير هذا، عوفك من حجاية الديمقراطية والحرية والسنة المهمشين والشيعة المتفرسين الخ .كل الدك والمدكوك وداعتك على النفطات والغازات. طبعا كل مايجري في ايران وماحولها وروسيا وماحولها .. كلها عوامل ضغط يذهب ضحيتها الشعوب اللي ما لها لزوم في الوجود سوى خدمة السادة الكبار ومصالحهم. العالم متقسم ومترتب منذ بدء الخليقة.. سادة وعبيد، ورعاة وقطعان.. ومابين هؤلاء وهؤلاء درجات من العبودية ودرجات من الرعيان.

      حذف