"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

29‏/8‏/2013

لحظة كولن باول: فيلم مكرر في سوريا

غارعشتار
منذ إتهام الحكومة السورية باستخدام الغاز الكيمياوي ضد شعبها، وكل من لديه ضمير يستذكر وقفة كولن باول وزير خارجية امريكا في 5 شباط 2003 أمام مجلس الأمن وهو يقدم (أدلة) مزيفة ضد العراق. في كتابه (خطأ شنيع لوقت طويل) So Wrong for So Long (كنت اتمنى أن اجد عنوانا أفضل ولكني اكتب هذا على عجل) يتناول الكاتب جريج ميتشيل أكاذيب بوش وإعلامه قبل وأثناء الحرب على العراق. وفيما يلي ترجمة لفصل عن لحظة كولن باول المخزية في الأمم المتحدة ولحظات الإعلام المخزية في تصديقه لما قدمه من براهين كاذبة بدون مناقشة.
ترجمة: عشتار العراقية
بقلم: جريج ميتشيل
المصدر -
بدون شك ان اللحظة الفاصلة في مسيرة الحرب على العراق قبل عشر سنوات كانت حين تحدث كولن
باول رئيس الخارجية آنذاك امام الامم المتحدة وهو يستعرض ادلة كاذبة على امتلاك العراق لإسلحة الدمار الشامل. وقد أكدت وسائل الاعلام الامريكية في معظمها تصديقها لما جاء به من أدلة. وبشكل ما، فإن العراق والولايات المتحدة ووباول والاعلام لم يفوقوا من تلك اللحظة حتى الآن. فيما يلي الفصل الذي غطيت فيه ردود افعال الاعلام في ذلك الوقت في كتابي So Wrong for So Long حول بوش والاعلام في تلك الحرب
 ++
في اليوم التالي لخطاب وزير الخارجية كولن باول امام مجلس الامن يوم الاربعاء، اعلن معلقو التفزيون وكتاب  الصحف وحتى الكثير من فطاحل اللبراليين عن دعمهم لموقف ادارة بوش المتشدد من العراق. قال بيل شنايدر من السي إن إن "لااحد" يجادل في اكتشافات باول. وقد سأل لاري كنج في سي إن إن الصحفي بوب وودوارد عما يحدث إذا ذهبنا الى الحرب ولم نجد اسلحة الدمار الشامل ، أجاب "اعتقد ان فرصة ان يحدث ذلك صفر. ثمة ادلة كثيرة على ذلك هناك"
وقبل اسبوع من خطاب باول، وفي متابعة تقرير هانز بليكس مفتش الاسلحة الى الامم المتحدة وخطاب حالة الاتحاد الذي القاه الرئيس، طالب اكثر من كتاب الصفحات التحريرية في امريكا بالمزيد من التفصيل في الادلة والمزيد من المناورات الدبلوماسية، ولكن خطاب باول الذي استغرق 80 دقيقة اخرس جميع النقاد.
تأملوا المقالات التحريرية  المصدقة لمزاعم باول، في اليوم التالي - وكلها من مصادر ليست منحازة دائما للبيت الابيض، كما عبر عنها الكاتب مارك يوركوفتز في صحيفة بوسطن غلوب، أن خطاب باول ربما لايكون قد اقنع فرنسا بضرورة إسقاط صدام ولكن "يبدو ان الخطاب صنع العجائب في صانعي الرأي وكتاب المقالات في مجال الاعلام"
وصفت صحيفة سان فرانسيسكو كرونكل الخطاب بأنه "باهر في تفاصيله وبلاغته" وصحيفة دنفر بوست شبهت باول بـ"مارشال ديلون وهو يواجه مسلحا في دوج سيتي" مضيفة انه قدم "ليس مسدسا مدخنا واحدا فقط وانما بطارية كاملة" ووصفت تامبا تربيون قضية باول بأنها"كاسحة" في حين ان صحيفة اوريجونيان في بورتلاند أطلقت على الخطاب وصف "مدمر" وبالنسبة لصحيفة هارتفورد كورانت كان الخطاب (متقنا)
واكدت صحيفة سان خوزيه ميركوري نيوز ان باول قدم ادلته "بدون اللجوء الى المبالغة وهي اداة بلاغية لم يكن في حاجة اليها" وصفت سان انطونيو اكسبريس نيوز الخطاب بأنه "لايمكن دحضه" مضيفة "فقط اولئك الذين يصدقون العراق ويفترضون ان الولايات المتحدة يمكن ان تفبرك ادلة كاذبة ضد صدام هم الذين لا يقتنعون بقضية باول"
وماذا عن الصحيفتين الكبيرتين في شرق الولايات المتحدة؟ رددت واشنطن بوست صدى الاخرين الذين وجدوا ان خطاب باول لايمكن مناقشته. ورأت مقالة رئيسية في الصحيفة أنه" من الصعب تصور كيف يمكن لاي شخص ان يشكك في امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل.. ادلة السيد باول بضمنها الصور والصوت المسجل وتقارير من المعتقلين ومخبرين اخرين كانت كاسحة"
واليكم ماكتبه جيم هوغلاند في واشنطن بوست "لقد فعل كولن باول أمس اكثر من مجرد تقديم اشعة اكس مفصلة ومقنعة للعالم لاسلحة العراق السرية وبرامجه الارهابية، بل كشف ايضا سوء النوايا لعدة اعضاء مهمين في مجلس الامن حين يصل الامر الى العراق و(شبكة اكاذيبه) حسب تعبير باول .. في الاستمرار بالقول ان ادارة بوش لم تقدم ادلة، لابد ان تتصوروا ان كولن باول كذب في اخطر خطاب له ، او انه خدع بأدلة مفبركة. لا اعتقد ذلك . واليوم لاينبغي عليكم الاعتقاد بذلك"
وكتبت كاتبة الاعمدة الليبرالية ماري ماجروري في تلك الصحيفة بأن باول "اقنعني وكنت عصية على الاقتناع مثل فرنسا" وشبهت تقرير باول باليوم الذي "هاجم" فيه جون دين الرئيس نيكسون في جلسات استماع فضيحة ووترجيت". وليبرالي آخر في تلك الصحيفة هو ريتشارد كوهين اعلن ان شهادة باول "كان عليها ان تثبت للجميع ان العراق لم يخف على الجميع اسلحة الدمار الشامل فقط وانما بدون شك مازال يحتفظ بها. الغبي فقط - او ربما الفرنسي - يمكن ان يستنتج عكس ذلك"
وتنبأ جورج ويل بأن خطاب باول سوف "يغير كل العقول المفتوحة لرؤية الادلة"
في تلك الاثناء هللت صحيفة نيويورك تايمز بخطاب باول الذي قدم  ادلة حقيقية (قوية و جادة)
 وكانت مقالاتها لكتاب متعددين منهم ستيفن وايزمان ومايكل غوردن وآدم كلايمر، تؤيد باول بحرارة بدون ان يذكر احد أن باول كان يتصرف من مقعد المدعي العام ومن مصلحته ان يشكل او حتى يخلق الوقائع لتناسب قضيته. فقد كتب ستيفن وايزمان في صحيفة نيويورك تايمز واصفا ادلة باول بانها "كتالوج انسكلوبيدي تقريبا وصل الى ابعد ما توقعه كثيرون" وقد رجع هو والكاتب آدم كلايمر بالاذهان الى ادلاي ستيفنسون في خطابه امام الامم المتحدة في 1962 حين كشف الصواريخ السوفيتية في كوبا. وقد اختتم الكاتب مايكل غوردون مقالته بالقول " سوف يكون من الصعب على المشككين ان يجادلوا بأن قضية واشنطن ضد العراق مبنية على شكوك لا اساس لها وليس معلومات استخباراتية"
وفي حين ان الصحف في اغلبها امتدحت باول وانتقدت صدام حسين ولكنها لم تتفق على كيفية التصرف ومتى. ولكن شيئا فشيئا ازداد  فصيل الصقور بين الصحف ليشمل 15 صحيفة . وقد عبرت صحيفة دلاس مورننج نيوز مشاعر الدعوة لاستخدام القوة السريعة "لقد فعل وزير الخاجية كل شيء الا عملية زرع قرنية للدول التي مازالت تزعم انها لا ترى اي سبب للتدخل العسكري لنزع سلاح العراق"

اما اولئك الاكثر حذرا ولكنهم في معسكر الحرب فقد كانوا يدعون بشكل عام للاطاحة بقوة بصدام ولكنهم يشددون على اشتراط وجود دعم عالمي واسع قبل الغزو. وكان لسان حالهم يقول كما كتبت يو اس توداي "ينبغي على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي تجنب التحرك الاحادي وخطاب باول الذي قدم ادلة مطلوبة بشدة ينبغي ان يساعد في عمل جماعي" ودعا آخرون الى اصدار قرر اممي آخر لتفويض الولايات المتحدة للتدخل العسكري.
++
هذه المقالة تفضح الدور الفاجر للإعلام الذي لا يناقش ولا يحقق ولا يستخدم عقله في تمحيص الأقوال والأفعال، عمدا أو غباء.
++
وتعرفون طبعا أن كولن باول قال فيما بعد ، وبعد خروجه من الخدمة في 2005  ثم في مذكراته التي نشرها بعد ذلك أن تلك اللحظة كانت (وصمة عار) في تاريخه وانه يظل يتذكرها مثلما يتذكر تاريخ ميلاده. وقال في حوار "من الصعب أن ننسى مثل هذه اللحظة، سيما عندما يتم الحديث عنها كل يوم، وخلال عشرة سنوات. لم أتوقف منذ أن اكتشفت بأن عددا كبيرا من المعلومات التي أبلغت بها كانت مغلوطة و غير صحيحة، عن التساؤل:ماذا الذي كان بإمكاني أن أفعله لكي أتفادى ذلك؟" (إقرأ الحوار كاملا هنا) وفي الحوار يذكر كيف ضحكت عليه الإدارة و16 جهاز استخبارات بتقديم معلومات مضللة له. وقال انهم اختاروه (لأن العالم يثق فيه ويظن ان لديه مصداقية)!!
هل تعرفون الآن لماذا تشكك عشتار في أي تصريحات لمسؤول أمريكي أو غربي ضد أي دولة عربية؟
ملاحظة لابد منها: من السخرية أن (أدلة) امريكا عن الكيمياوي السوري تشتمل على (تسجيل صوتي) بين مسؤولين حكوميين يتحدثون فيها عن استخدام الكيمياوي. تذكرون أن كولن باول في لحظته المشينة أذاع ايضا تسجيلا بين اثنين من المسؤولين العراقيين زعم انهما يتحدثان عن (نقل وتهريب) المختبرات الكيمياوية والبيولوجية من مكان الى آخر. وأذكر اني في وقتها دحضت التسجيل الذي لا اذكر تفاصيل الحديث فيه الان ولكنه كان كلاما عاما لا يتناول اي كيمياوي او اي اسلحة.. هذا دليل على أن المستعمرين الاغبياء لديهم خيال عاجز عن الابتكار. يكررون تلفيقاتهم بدون أي تعديل عليها.

هناك 7 تعليقات:

  1. لان جريمتهم الاولى والكبرى في العراق مرت دون عقاب لذلك جائتهم الجرأة لتكرارها مرة ثانية وستتكرر مرات ومرات ... ثم لاتنسوا ان هناك خزائن متضخمة الى حد الفجيعة عند اهل الخليج يجب ان تكون حرب لامتصاصها كما ان جرب سوريا لن تكون مخرج جيد للنهب .... انه( الحلب ياطويل العمر ..) كما قال صدام حسين وقتها حين خاطب ملك السعودية فهد تعلسقا على مكالمة تلفونية بين فهد والشيخ زايد حين استكثر فهد بضعة المليارات التي كان العراق يطالب بها وكان يردد ان "صدام يبي يحلبنا ....."" انه الحلب ياقصار العمر


    مظفر الخميسي

    ردحذف
    الردود
    1. لأن جريمتهم الاولى والكبرى في العراق مرت دون عقاب. أحسنت أخي مظفر. هذا هو مربط الفرس. هذه الدول المغرورة والمتعالية يجب لجمها وتحجيم استهتارها بارواح البشر. وإذا كانت هذه الدول تمنح نفسها (استخدام كل الوسائل المتاحة) متى شاءت لحماية مصالحها فعليها أن ترضى بالتعامل بالمثل عندما تمنح الشعوب المقهورة نفسها حق (اشتخدام كل الوسائل المتاحة) لحماية نفسها.

      تحياتي

      حذف
  2. هذا الكلام مؤلم ............ كم خانعون نحن و كم هزيلون ... بحيث بنفس الكذبة يتم ضربنا مرتين ......

    ردحذف
  3. لا ادري لماذا لا ارى ان هناك ما يدعو للقلق من حرب على سوريا
    لدي احساس بارد تجاه الحرب
    قد تكون احاسيسي خاطئة
    فالوضع المعقد في سوريا والمنطقة يجعل النهاية غير واضحة بالنسبة لي ولهذا اشعر بان المخطط اذا لم تكن لديه نهاية على الاقل حاسمة لصالحة فلن يغامر بشن الحرب
    ولكنني ارى ان الحدث الاهم والاولوية في هذه المرحلة هي الاوضاع في مصر
    واكرر قد تكون هذه الاحاسيس خاطئة !

    ردحذف
  4. هم تعلموا من خطأ العراق ونزولهم بوجوههم البشعة امام الاخرين خطأ لن يكرروه فهم دائما لديهم جرابيع وعملاء مستعدين لفعل اي شيء هم انهكوا الجيش السوري بواسطة جيش موزة لمدة عامين وسيقومون بعدة ضربات سيقولون امام باقي الدول التي اصبحت متفرج جيد انها مجرد ضربات تاديبية ومن جانب اخر ستكون طريقة لاتاحة الطريق امام ثوار موزة لشق الطريق والوصل للمنطقة الخضراء في دمشق


    مظفر الخميسي

    ردحذف
    الردود
    1. نعم المقصود بالضربات الجوية هو قصف اهداف القيادة والتحكم وهذه واسعة وتشمل حتى محطات المياه والجسور وكل ما يمت للحياة بصلة، كما فعلوا في العراق في الحربين 1991 و2003

      حذف
  5. مكرر بطريقة أكثر إجراما وسخفا

    ردحذف