"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

12‏/7‏/2013

موت الديمقراطية

الجدل القائم في مصر وغيرها من البلاد في منطقتنا العربية هو عن الشرعية والديمقراطية وقدسية صندوق الانتخابات الذي يرعاه جبريل عليه السلام، ودونه الموت الزؤام.
أعتقد أن المشكلة في وطننا العربي المنكوب أننا نتمسك بأذيال مايسمى بالديمقراطية وهي تشيع الى مثواها الأخير في كل بلاد العالم بعد أن اثبتت فشلها كنظام حكم، كما اثبتت الاشتراكية أيضا فشلها من قبل. كان الغرب وأمريكا قد نشروا (الديمقراطية) باعتبارها دينا جديدا يقاس به صلاحية وجود الانسان نفسه. قالوا لنا أن الشعب هو الذي يحكم. كيف يكون ذلك؟ عن طريق ممثلين يختارهم بواسطة صناديق الانتخابات. وبهذه الطريقة ضحكوا على الشعوب في أكبر عملية احتيال في التاريخ، لسبب بسيط:
أن الشعوب لاتختار بعقلها وإنما بقلبها.. من يستطيع دغدغة مشاعرها ونوازعها . حتى تنجح في ذلك عليك ان تملك التأثير على الناخبين، وحتى تؤثر على الناخبين عليك إما ان تملك المال لتنشر دعاياتك المضللة على أوسع نطاق، وهذا يحتم ان تكون غنيا ولديك فائض كبير من المال لتضيعه على الانتخابات، مما يعني انك اصلا جمعت المال برعاية مصالحك وليس مصالح الآخرين، أو أن تتقبل المال من جمعيات محلية او خارجية مقابل خدمة مصالحها حين نجاحك في الانتخابات. أو أن تلجأ في التأثير - حين تكون الشعوب مازالت على جهلها وبدائيتها - الى الاساطير والغيبيات لمسح العقول. وهكذا ينتهي الأمر دائما بأن تختار قطعان الشعوب الفاسدين والمرتشين والنصابين والكذابين وخدام المصالح الأجنبية، ونادرا جدا ما يختار الناس من يصلح لهم فعلا.
وهكذا ينتهي الأمر بالأمريكان دائما لاختيار نواب في الكونغرس أو رؤساء جمهورية يدينون بالولاء للكيان وليس لأمريكا، لأن المال والإعلام والتأثير في أيدي جماعات الضغط الصهيونية، وهكذا أيضا ينتهي الحال بالأمريكان لاختيار تجار الحروب لأن شركات السلاح هي أكبر ممول للانتخابات، وفي النهاية يجد الشعب نفسه يدخل حربا ويخرج من اخرى لاناقة له فيها ولا جمل. ولو حاولنا شرح وتوضيح (ديمقراطية ) أمريكا التي صارت معيارا لشعوبنا البائسة ، لن نستطيع، لأننا ببساطة لن نجدها. الشعب الأمريكي لايختار ممثليه الحقيقيين، ولايجد حرية تعبير ، إلا في حدود الخطوط التي يرسمها له النظام الصهيوني الحاكم،  والجميع - كما اتضح مؤخرا - واقع تحت طائلة مراقبة الأجهزة الأمنية، والسجون في أمريكا مكتظة بالفقراء والمحرومين (لأن النظام الديمقراطي يرعى مصالح رجال الأعمال وليس الفقراء) وكثير من قضاتهم مرتشون يدفعون بالأبرياء الى السجون اتفاقا مع إدارات السجون الخاصة التي تحتاج الى المزيد من النزلاء. نعم ، لم تعد السجون في أمريكا تابعة كلها للحكومة وانما هناك بزنس السجون الخاصة. مثل دور الأيتام ، تنشيء دارا  وتطلب تبرعات من أهل الخير. في هذه الحالة تنشيء سجنا وتطلب تبرعات ، وحتى تأتي لك التبرعات، ينبغي أن يكون لديك عدد كبير من النزلاء ، وحتى يكثر المساجين لابد أن تتفق مع القضاة على ارسال الناس اليك حتى لو لم تكن التهم الموجهة اليهم تستحق السجن. هذه هي ديمقراطية أمريكا. حكم النخبة المالكة للمال والسلاح والإعلام.
كل الجدل الدائر حول الديمقراطية هو مضيعة لأوقات الشعوب. يكفي أن ينظر الناس جميعا الى نوع الديمقراطية التي أنزلها علينا الأمريكان في العراق، الذي اصبح بحق نموذجا مصغرا من (امريكا): انتشار العصابات - السلاح بيد الجميع - التفرقة العنصرية والمذهبية والعرقية - اختفاء حرية التعبير مع زيادة ادوات التعبير وهذه من مفارقات الديمقراطية - الاغتيالات - زيادة الهوة بين الفقراء والأغنياء- تجهيل الشعب بأساليب مختلفة اقتداءا بأعظم شعب جاهل في التاريخ وهو الشعب الأمريكي- انتشار المخدرات - انتشار البغاء - انتشار الجريمة المنظمة- شركات النهب العابرة للمحيطات- السجون الخاصة-انعدام مظلة تأمين صحي للجميع - خصخصة كل المرافق الضرورية لإدامة الحياة- انتخابات مزورة - صعود الفاسدين واثرياء الخراب والحروب .
والقائمة الديمقراطية تطول. لو وجدتم حسنة ديمقراطية واحدة في العراق النموذج أرجو إعلامي بها بأقرب وقت ممكن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق