"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

1‏/5‏/2013

بمناسبة عيدهم: نضال عمال العراق 1918-1956- الجزء ألأخير

الجزء الثالث هنا
قراءة وتحرير: عشتار العراقية

1951 إضراب عمال النسيج
في هذا العام قدمت نقابة عمال النسيج مذكرة الى ادارتي معامل فتاح باشا وصالح ابراهيم تدعوهما الى تلبية مطالب العمال المجمدة منذ 1948 الا ان الادارتين رفضتا رفضا قاطعا مما حمل العمال بقيادة نقابتهم على اعلان الاضراب . قام ارباب العمل بمحاولات لشق وحدة العمال من خلال التلويح بزيادة اجور قسم منهم الا ان العمال احبطوا ذلك برص صفوفهم والتفافهم حول نقابتهم وانتهى الاضراب الذي استمر 9 أيام بالنجاح. لم ينحصر الإضراب في بغداد وحدها بل امتد الى مناطق اخرى من البلاد ، فقد اضرب عمال النسيج في النجف والكوفة مطالبين بزيادة الاجور وتطبيق قانون العمال رقم 72 وفتح فرع لنقابتهم في النجف ومنع استيراد اليشماغ الأجنبي.
وقد حصلوا ايضا على معظم مطاليبهم.  ساهم عمال النسيج باضراباتهم في تلك الفترة بإنعاش الجو السياسي والنقابي بعد الانتكاسة التي تعرضت لها الحركة الوطنية من جراء هجوم حكومة نوري السعيد في 1949.
1951- دور مكتب النقابات
نشطت الحركة النقابية من اجل رفع الحظر عن النقابات الثورية التي استمر غلقها او تجميدها لمدة عامين كاملين. خلال فترة وجيزة تم تشكيل المجلس المركزي ومكتبه الدائم الذي ساهم في تجنيد طاقات العمال نحو الاسهام بالاضراب السياسي الذي خاضه شعبنا آنذاك دعما للشعب المصري المكافح من اجل إجلاء القوات الانكليزية عن ارضه وفي سبيل إلغاء معاهدة 1936 الاسترقاقية ونتيجة تعاظم الحركة النقابية ودورها الكفاحي في الحركة الوطنية اغلقت  السلطات  وجمدت معظم النقابات مرة اخرى وفي مقدمتها المجلس المركزي ومكتبه الدائم وسجن 7 من ابرز القادة النقابيين آنذاك ومارست السلطة تضييقا على النقابيين في كل مكان.
1952 إضراب عمال النفط (ميل لاين) في لواء الموصل
كان الوقت شتاء والعمال يعملون في مخيمات في الصحراء لمد انابيب النفط عبر الصحراء الى طرابلس حيث يخترق الاراضي السورية الى مصبه وتمتد منطقة العمل مابين محطة ضخ (ت1) الى محطة ضخ (ك 2)
كان العمال يعيشون ظروفا قاسية في المأكل والصحة والمسكن كما كانوا يتعرضون باستمرار للفصل الكيفي من جراء تدخل رؤساء العشائر في عملية التوظيف ، فإزاء تواطؤ مسؤولي الشركة والشيوخ الذين تمر الانابيب من الاراضي التي يسيطرون عليها كان العمال يفصلون باستمرار ليؤتى بدلا منهم بعمال آخرين كوسيلة لحصول الشيوخ على مصادر جديدة للرشوة (قلت لكم من قبل مرارا شيوخ العشائر لا ينفعون إلا في تحصيل مكاسب لأنفسهم) ولقرب منطقة العمل من الحدود السورية كان عمالنا على احتكاك دائم بعمال النفط السوريين وخصوصا الواعين منهم مما تسنى لهم الاطلاع  على ماكسبه اخوانهم السوريون بنضالهم من حقوق كثيرة حرموا هم منها، ونظرا لتجاهل الانكليز لمطاليبهم فقد تبلورت بينهم فكرة الاضراب. وشرع العمال بتشكيل لجنة لتنظيم الاضراب وقيادته ولجنة للمفاوضات، وقد وقت العمال اضرابهم مع قدوم مندوبي الشركة التي واجههم بعض اعضاء لجنة الاضراب وقدموا لهم مطالب العمال . ونظرا لأن الاضراب شمل جميع المخيمات في وقت واحد فقد رضخت الشركة بزيادة الاجور واعادة المفصولين وايقاف الفصل الكيفي وتخصيص سيارات  اسعاف وتحسين الطعام وظروف العمل.
1953 إضراب عمال الميناء بالفاو- البصرة
في 23 تشرين ثاني 1953 بعد إلغاء الأحكام العرفية أعلن عمال الفاو  اضرابهم عن العمل مطالبين بزيادة الاجور بنسبة 25% وتوفير سيارات النقل وإعادة المفصولين والكف عن الطرد الكيفي وتزويدهم ببدلات العمل وتثبيت العمال الوقتيين وتحسين الأرزاق.
كان الاضراب من الدقة  والتنظيم بحيث فاجأ الإدارة الانكليزية واعتصم المضربون في الحفارات (البواخر) وبدأت لجان الإضراب عملها فورا في توجيه الاضراب والقيام بعملية دعاية واسعة لاسناده من قبل العمال والجماهير . وارسل المضربون وفودهم للتفاوض ولكن المسؤولين التزموا التعنت. وكان استمرار الاضراب يلحق ضررا جسيما بالملاحة في شط العرب  وحاولت الحكومة فض الاضراب بالقوة فأرسلت 200 شرطيا تحت ذريعة المحافظة على المكائن من التخريب. وأمام اصرار العمال على مطالبهم واضرابهم ومع دعم الصحافة الوطنية والجماهير في كافة مدن العراق وبسبب الخسائر التي قدرت ب(110) آلاف دينار ، فقد رضخت مديرية مشروع الفاو الى مطاليب المضربين واعلنت زيادة الاجور بمقدار 15% اضافة الى تلبية مطالب اخرى.
وقد أثار هذا الانتصار جوا ثوريا بين عمال المدينة حيث اعقبته اضرابات عمالية اخرى ابرزها عمال النفط كما سنرى
1953 إضراب عمال  النفط في البصرة 
من اجل وضع حد للتصرفات التعسفية للشركة الاستعمارية وجه عمال شركة نفط البصرة انذارا في 3 كانون الاول 1953 للشركة ضمنوه مطالبهم وهي : زيادة الاجور بمقدار 10% - توفير سيارات لنقل العمال - توفير ادوات عمل وادوات صيانة - منح بدل ايجار للعمال ويبلغ 3 دنانير - الكف عن الاهانات والطرد الكيفي واعادة المفصولين في اضراب 1951- اجازة النقابة
بدأ الإضراب بتحرك 1000 عامل في الزبير متوجهين الى البصرة وعند وصولهم الى الساحة المقابلة للشركة التحق بهم عمال المكينة والادارة. في اليوم الثاني التحق بهم عمال الفاو وهكذا اصبح الاضراب شاملا. في اليوم الثالث توجه وفد من المضربين للتفاوض مع ادارة الشركة إلا ان الشركة رفضت  وحاولوا مقابلة المتصرف الذي رفض بدوره مقابلتهم. طيلة أيام الاضراب كان العمال يتجمعون  صباح مساء في الساحة المقابلة لمقر الشركة. في اليوم السادس حضر وزير الشؤون الاجتماعية حسن عبد الرحمن وتفاوض مع لجنة الاضراب بمحاولة لاقناع العمال بفك الاضراب لقاء تلبية بعض المطالب ماعدا اجازة النقابة ومطالب اخرى لكن العمال رفضوا.
وحين عجزت ادارة الشركة من فض الاعتصام بأساليبها الماكرة لجأت الى العنف حيث اطلق احد الموظفين الانكليز النار على عامل واصابه في ساعده. ولكن هذا لم يضعف الاضراب. في اليوم العاشر توجه وزير الداخلية سعيد القزاز وبصحبته ثلة من القوة السيارة التي طوقت فورا المراكز  الرئيسية للميناء والمعقل وبعض المؤسسات الاخرى كما احتلت مقر شركة نفط البصرة ودعا الوزير العمال الى  ارسال وفد للتفاوض في منطقة المطار بالمعقل غير ان الوفد رفض التفاوض في هذا المكان البعيد خشية الايقاع به. وكانت الشرطة قد هيأت مسبقا وفدا من صنائعها لمقابلة الوزير والتكلم باسم العمال غير ان المناورة فشلت.
في ليلة 17 كانون الاول 1953 وجهت السلطة انذارا نهائيا للعمال بفض الاضراب او انهائه بقوة النار، وعندما رفض العمال اصدر الوزير امره بإطلاق الرصاص على صدور العمال فاستشهد عامل ومواطن واصيب خمسة آخرون بجرح وتم اعتقال حوالي 200 عامل. كما اعلنت الأحكام العرفية في البصرة وزج بخيرة ابناء البصرة في السجون بأمر من المحاكم العرفية التي اطلق عليها البصريون اسم (محاكم تيسو) مدير شركة نفط البصرة آنذاك.
دام الإضراب 20 يوما ورغم انه كسر بقوة  النار ولم يحقق أهدافه إلا انه ساعد في خلق جو ثوري في البلاد وزاد من تعرية السلطة الرجعية بوصفها أداة بيد شركات النفط الاستعمارية.
1955- إضراب عمال عين زالة (بارت ثري)
كان مخيم العمال يبعد حوالي عشرة اميال عن عين زالة ويفتقر لأبسط الشروط الصحية اضافة الى الطرد الكيفي وطول ساعات العمل وعدم احتساب اجور النقل وكانت الشركات النفطية الاستعمارية تتبع اسلوب العمل الوقتي حيث ينتهي بطرد وجبة والاتيان بوجبة جديدة من العمال بين آونة وأخرى.
وهكذا بعد فصل عاملين دون مبرر شكل العمال لجان اضراب وتفاوض واعلنوا الاضراب.واجهت الشركة الاستعمارية الاضراب بحملة قمع تحت ستار (مخاطر التخريب) (تفجير مفرقعات) قريبة من المخيم والتي كانت تستخدم لضرورات العمل وفصلت الشركة 5 عمال آخرين واعتقلت 2 من شرطة الحراسة
دام الاضراب لمدة يومين فاز العمال بعدها ببعض مطالبهم وهي : احتساب الساعات الاضافية - تحسين ظروف العمل والسكن والاكل - الغاء نظام التعيين الوقتي وتثبيت جميع العمال - تخصيص سيارات لنقل العمال اثناء العطل - توفير سيارة اسعاف - دفع انتقال العمال من المخيمات الى مكان العمل.
1956 اضرابات وتظاهرات عمالية انتصارا للشعب المصري
جوبه العدوان الثلاثي على مصر في 1956 بموجة استنكار من الشعوب العربية  ومما زاد غضب العراقيين الموقف الخياني الذي وقفته حكومة نوري السعيد حيث اتاحت للمقاتلات البريطانية بالتزود بالوقود من قاعدة الحبانية لتشن غاراتها على الشعب المصري. وقد دعت الاحزاب الوطنية العراقية الجماهير الى التظاهر والاضراب السياسي العام واستجاب لهذا النداء عمال شركة الزيوت النباتية ثم عمال ومستخدمو شركات البيبسي كولا والمعادن وبذور القطن ودامت المظاهرات ساعتين داهمتها الشرطة بالاعتقالات .
++
المصدر : معارك طبقية - بقلم: عبد السلام الناصري - أبو نصير - منشورات الطريق الجديد 1973سلسلة مطالعات في الفلسفة الماركسية "نصوص مختارة"
++
تعليق: هذا بعض من تاريخ قيادة الحزب الشيوعي للحركة العمالية حين كان الحزب إبان الاحتلال  البريطاني (شيوعيا) وليس (شيعيا) كما حدث له إبان الاحتلال الأمريكي!!!

هناك 3 تعليقات:

  1. يتحدث البعض عن ان اول جمعية عمالية اجيزت عام 1929 (جمعية اصحاب الصنائع)في بغداد وصدرت عنها جريدة تحمل ذات الاسم تلتها جمعيات مهنية اخرى كما صدرت جريدة (العمال) في الموصل بعد رفض الحكومة تاسيس حزب للعمال هناك تلتها جريدة (العامل) في بغداد عام 1930 .. وفي عهد النظام الوطني صدر قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 وتعديلاته بما يضمن المستوى المعيشي المريح للعامل من خلال احتساب الاجور العادلة والضمان الصحي ومخصصات الخطورة والسكن والطعام والملبس ومخصصات ساعات العمل الاضافية ، وكنا (نحسد) العامل الذي يتقاضى اجراً شهرياً يفوق ما يتقاضاه اصحاب الدرجات الوظيفية المتقدمة ، اما الآن وبعد تدهور الاقتصاد العراقي وانهيار القدرة الشرائية للدينار فلم يعد العامل يتمتع بذلك المستوى من المعيشة سواء كان مستمراً بالعمل او متقاعداً ، ويكفي الاشارة الى ان الجهات الحكومية لم تتمكن الى الآن من التعاطي مع متقاعدي العراق بطريقة منصفة ، اذ ظهرت تشريعات هزيلة ومجحفة وحاجبة لحقوق المتقاعدين بمختلف اصنافهم خاصة العمال الذين يتقاضون الآن رواتب تقاعدية لاتتعدى المائتي الف دينار شهريا مع وعود باصدار قانون جديد للعمل مازال حبيس ادراج مجلس النواب منذ عام 2010 .. وهناك مسودة لقانون (جامع) للتقاعد يسمى قانون التامينات الاجتماعية تتولى بموجبه جهة حكومية واحدة مسؤولية التعامل مع المتقاعدين كافة ، ويبدو ان الموضوع جوبه باعتراض وزير العمل الحالي الذي يريد الابقاء على دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال لتتولى هي مسؤولية مايتعلق بالشأن التقاعدي العمالي غير ان الموضوع بحقيقته هو للاستحواذ على مبالغ الضمان المستقطعة من العمال والتصرف بها (استثمارياً) بعيدا عن وزارة المالية والجهة الحكومية المرتبطة بها والمحددة ضمن مسودة القانون الذي بمجمله لايغني ولايسمن ولا ينصف احداً .. ولا اعتقد ان الاعتراضات عليه حين يرى النور ستكون بالمستوى المرجو جراء تشظي الولاءات .

    ردحذف
  2. من المؤسف أن الحياة تسوء، ويسوء أكثر الوعي بها.
    ومن المؤسف أيضا أن من رأى النور، يقبل على الظلام برغبة وإرادة.
    العراقي القديم كان يشع نورا واليوم يدخل إلى الظلمات راضيا مرضيا!

    من اقوال الرفيق ميشيل عفلق المحببة لدي:
    ﺇﻥ ﻣﺎ ﺃﻃﻤﻊ ﺑﻪ ﻣن الاشتراكية ﻟﻴﺲ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺛﺮﻭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻤﻞ ﺑﻞ ﻓﻲ ﺛﺮﻭﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ،
    ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻤﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺴﺎﻭﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﻬﻤﻨﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺎﺡ ﻟﻜﻞ ﻓﺮﺩ ﺃﻃﻼ‌ﻕ ﻣﻮﺍﻫﺒﻪ ﻭﻗﻮﺍﻩ.
    ﻭﻗﺪ ﻻ‌ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ- ﺍﻟﺮﺍﺯﺡ ﺗﺤﺖ ﺑﺆﺳﻪ- ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ﺇﻻ‌ ﻭﻋﺪﺍً ﺑﺄﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺤﺮﻭﻡ ﻣﻨﻪ، ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﻻ‌ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﻧﺎ ﺇﻻ‌ ﻛﻌﻄﺎﺀ ﺩﺍﺋﻢ ﺳﺨﻲ، الاشتراكية أﻥ ﻧﻌﻄﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻣﺎ ﺑﺬﻟﺘﻪ ﻟﻨﺎ!

    ردحذف
  3. ايضا من الاشياء الحلوة التي قرأتها عن عيد العمال، شيء لميثم راضي :

    ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻼ‌ﺕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﺒﺔ ﺃﻭ ﻣﻬﻨﺪﺳﺔ ﺃﻭ ﻣﺤﺎﻣﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﻌﻠﻤﺔ ﺗﺰﻭﺟﺖ ﻋﺎﻣﻼ‌ً ...
    ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻫﻮ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﻣﺠﺮﺩ ﻋﻄﻠﺔ!

    ردحذف