"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

2‏/4‏/2013

يوم زرعت النخلة

منذ أخبرتكم أنه اصبحت لدي حديقة صغيرة، وأنا أحاول أن ازرع نخلة، دون جدوى. كلفت اربعة فلاحين في المنطقة أن يأتوني بنخلة صغيرة. كل منهم أتاني بفسيل نخل طوله لا يتعدى شبرين. كل منهم أتى وشمر عن أكمامه وحفر وزرع الشبرين، وأخذ مبلغا كبيرا إزاء مهمته، ولكن الفسائل يبست ثم ماتت. ولأني عراقية، اؤمن أن الحديقة لاتكون حديقة حقا بدون نخلة واحدة على الأقل، فقد ظل الأمل يحدوني أن أجد نخلة يمكنها أن تعيش. للعلم هنا لا أحد يبيع النخل العربي كما نعرفه، وإنما يبيعون نخلا هنديا، أو تايوانيا ، ولا أعرف من أين يأتي النخل الذي اراه في الشوارع والحدائق من حولي. أخيرا ، التقيت بالفلاح المصري محمد.
كنت اشتري كمية من الخبز من أحد الأفران، حين جاء محمد وهو رجل أشيب ، متين البنيان، يرتدي دشداشة ممزقة، وطلب أن أهبه بعض الخبز. وقال وهو يقدم نفسه ان اسمه محمد وهو يعمل (جنايني) في الحديقة العامة القريبة. تراءت لي النخلة مرة أخرى. سألته:" هل تستطيع أن تأتي لي بنخلة صغيرة بجذورها؟" وشرحت له مشكلتي مع الفسائل السابقة. قال انه لا يستطيع ان يقلع نخلة الان (من الحديقة العامة بطبيعة الحال) ولكن بعد انتهاء دوامه بعد عدة ساعات يمكنه ان يحقق طلبي. واشترط أن يزرعها بنفسه لضمان زراعتها بشكل صحيح. فكرت إنه يريد أن يرفع السعر. لابأس .. اتفقنا على ان ألتقيه في الساعة الثالثة بعد الظهر. وأكدت عليه وأنا انطلق بالسيارة "نخلة صغيرة ".
حين جئت في الوقت المحدد، وجدته يقف مع اكبر نخلة (صغيرة) يمكن تخيلها. طولها على الأقل متر ونصف، ومحيط جذعها كبير. بصراحة لا استطيع تخيل كيف استطاع قلعها بمفرده. دبرنا وضع النخلة في السيارة، وانطلقنا. في الحديقة، خلع الجلابية، وأمسك بالمسحاة وحفر أكبر حفرة بأسرع وقت. وأنزل النخلة وقد ربط سعفها بحبل قائلا حين سألته عن السبب "لازم تتكتف". بعد أن ردمها بالتراب، جلس قربها وقال لي "نقرأ الفاتحة" ورفع كفيه وقرأ السورة بصوت عال. ثم سألني "قرأت الفاتحة؟" قلت له "نعم". قال مفسرا "احنا نزرع ولكن ربنا هو اللي يحيي او يميت الزرع".
هكذا زرعنا النخلة. أراها شامخة في وسط الحديقة. مازالت متكتفة بالحبل، وهذا لحمايتها من التقلقل في وقفتها ولن يزال الحبل حتى تثبت النخلة في الارض. هل تعتقدون انها سوف تعيش هذه المرة؟

هناك 7 تعليقات:

  1. الطريقة صحيحه مع امالتها قليلا نحو القبلة هكذا زرعناها في العراق .. ان شاء الله تنجح هاي المرة

    ردحذف
  2. لدي نخلتان يا عشتار
    وحدهما تقفان في حديقة واسعة، ووحدهما حيتان ترزقان وكل ما عداهما يموت.
    لم أفلح طيلة 4 أعوام بابقاء نبتة واحدة على قيد الحياة في فناء شقتي الأرضية رغم التزامي بكل الظروف المطلوبة لتعيش النبتة. حتى النباتات الداخلية تموت لدي.

    وأخيرا جاء "شحاتة" شاب مصري دارس للزراعة ويعمل في مشتل في عمان. اشتريت منه كمية من النباتات لزراعتها لعل وعسى تحيا في منزلي.
    وحين شرحت له الحال نظر إلي مليا، ثم قال لي :هزرعلك دول بإيدي بس انتي ما تلمسهومش أبدا ولا حتى تسقيهم. خلي غيرك يسقيهم حارس العمارة مثلا. داه النبات زي الأكل عاوز نفس حلوة و حد إيده خضرا والأهم ألبه أخضر!!!

    كان كلامه لي، وبروده وقناعته وهو يقوله، مثل منجل يجز الروح.
    وربما لمح تأثري بما قاله فأضاف: ما تزعليش يا ستي، ديه القلوب برضو حظوظ من عند ربنا، مالناش يد فيها!

    منذ شهر تعيش النباتات التي زرعها ورواها شحادة والحارس أصحاب الأيادي والقلوب الخضراء والأنفس الحلوة.
    أما أنا وقلبي اليابس فنكتفي بالنظر الى النخلتان اللتان يبدو أنهما تعوضان اليباس في القلب وتعدلان مشيئة الرب!

    مبروكة النخلة عساها ترطب قلبك وتزيد من نوره.

    ردحذف
  3. شكرا وادي الذئاب.. هذه معلومة جديدة.

    ردحذف
  4. عزيزتي افتراضية (هل الاسم صحيح؟)
    عندي الاشجار والزهور إما تموت او تظل على حالها لا تكبر ولا تزدهر.
    يبدو أن نقلها من مكان الى آخر يؤثر كما يساعد في نموها استخدام الاسمدة في اوقات محددة.

    ردحذف
    الردود
    1. إيه افتراضية. كرمى لعيون الحقيقة.
      وشكرا على الرد اليباسي، أقصد الدبلوماسي :(

      حذف
  5. أذكر أحد أسئلة الامتحان العام في اللغة العربية حين كنت طالباً أن سؤال الإنشاء كان (السنابل الملأى بالحب تبجو محنية الرؤوس أما الفارغة فتشمخ برؤوسها في الهواء).
    والشاعر جرجيس بن العميد يقول:

    ملأى السنابل تنحني بتواضع *
    والفارغات رؤوسهن شوامخ

    فلا بأس أن ينحني الظهر ويصبح القلب يابساً بعض الشئ فليس كل منحن بميت ولا كل شامخ بطيب!

    مع تحياتي

    ردحذف
  6. عزيزي ابو هاشم
    تعودت على مختلف أنواع الردود، وردود الاخت (افتراضية) كانت افتراضية، وتقبلتها على هذا الأساس.

    ردحذف