"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

23‏/3‏/2013

بعد 10 سنوات : الخاسرون والرابحون

 الشعب العراقي خسر دولته وتماسك مجتمعه واستقراره ونهضته وثرواته. الرابحون كانوا : شركات النفط الأجنبية. هذه مقالة مهمة بهذه المناسبة.
قوات الاحتلال تتهيأ في الكويت للزحف على العراق
بقلم: انطونيا يوهاز
محللة في مجال النفط والطاقة ومؤلفة وصحفية . لديها 3 مؤلفات 
انطونيا يوهاز
اجندة بوش 2006
استبداد النفط 2008
الموجة السوداء 2011
وهي معنية بالتحقيقات في قضايا النفط والغاز في افغانستان والعراق 
المصدر
ترجمة : عشتار العراقية 
منذ عشر سنوات انهمرت اول القنابل على بغداد وفي حين ان اغلب القوات الامريكية قد غادرت العراق ولكن شركات النفط الغربية بالكاد تبدأ عملها الان.
قبل غزو 2003 كانت صناعة النفط العراقية مؤممة بالكامل ومغلقة امام الشركات الغربية . بعد عقد من الحرب ، تم خصخصتها في معظمها وتهيمن عليها الشركات الاجنبية هيمنة تامة.
وقد أقامت شركات اكسون موبيل وشيفرون والنفط البريطانية وشيل، وهي من أكبر شركات النفط الغربية، مقرات لها في العراق وكذلك فعلت مجموعة من شركات خدمات النفط بضمنها هاليبرتون التي كان يديرها ديك تشيني قبل ان يصبح نائبا لجورج بوش في 2000.
لم يكن النفط الهدف الوحيد للحرب على العراق ولكنه بالتأكيد كان السبب الرئيسي، كما أكدت شخصيات عسكرية وسياسية امريكية في السنوات التي اعقبت الغزو.
قال  الجنرال جون ابي زيد في 2007 "طبعا  كانت الحرب من اجل النفط، لايمكن ان ننكر ذلك" وكان هو الرئيس السابق للقيادة المركزية والعمليات الحربية في العراق . ويؤيده في ذلك رئيس الاحتياطي الفدرالي السابق آلان غرينسبان حين كتب في مذكراته "يحزنني انه من غير الصواب سياسيا الاعتراف بما يعرفه كل اانسان: حرب العراق كانت من اجل النفط" وفي 2007 قال نفس الشيء تشاك هاغل السيناتور في حينها ووزير الدفاع حاليا "يقول الناس اننا لا نحارب من اجل النفط. بالطبع نحن نفعل ذلك"
لأول مرة منذ 30 سنة ، تقوم شركات النفط الغربية بالتنقيب وانتاج النفط في العراق من بعض اكبر الحقول في العالم وتحصد ارباحا هائلة. وبينما حافظت الولايات المتحدة ايضا على مستوى ثابت نوعا ما من واردات النفط العراقي منذ الاحتلال، ولكن  لم تذهب فوائد ذلك الى الاقتصاد او المجتمع العراقي.
وكانت هذه النتائج تسير وفق خطة نتجت عن عقد من السنين زاولت فيها الحكومة وشركات النفط الامريكية  الضغط. في 1998 قال كنيث دير رئيس مجلس ادارة شيفرون "يمتلك العراق احتياطيات هائلة من النفط والغاز أود أن تكون من نصيب شيفرون" اليوم استطاع ان يحقق رغبته.
في عام 2000 صرفت شركات النفط الكبرى بضمنها اكسون وشيفرون والبريطانية وشيل المزيد من الاموال لايصال زميلهيم رجلي النفط جورج بوش وديك تشيني الى الادارة الامريكية اكثر مما صرفوا على اي انتخابات اخرى. ومنذ الاسبوع الاول لتولي بوش منصبه حصدوا ثمار جهودهم حين تشكلت مجموعة تنمية سياسات الطاقة الوطنية ، برئاسة ديك تشيني مما جمع شركات النفط الكبرى مع الحكومة للتخطيط معا لمستقبل طاقتنا. وفي مارس انكب فريق العمل هذا على دراسة خرائط وقوائم تبين امكانيات العراق الخاصة بالانتاج النفطي.
 وسرعان مابدأ التخطيط لغزو عسكري. قال بول اونيل اول وزير خزانة في عهد بوش في عام 2004 "منذ شباط 2001 كان الحديث يتركز في معظمه على اللوجستيات . ليس سبب (غزو العراق) ولكن كيف وبأي سرعة"
في تقريرها الاخير في آيار 2001 قالت مجموعة العمل ان دول الشرق الاوسط ينبغي ان تعمل "على فتح مناطق قطاعات الطاقة فيها للاستثمار الاجنبي" وهذا بالضبط الذي تم تحقيقه في العراق.
واليكم الطريقة التي تم بها ذلك.

اجتمعت مجموعة مستقبل النفط والطاقة في مشروع مستقبل العراق Future of Iraq Project التابع لوزارة الخارجية من شباط 2002 الى نيسان 2003 واتفقت انه (ينبغي فتح العراق لشركات النفط الدولية بأسرع وقت ممكن بعد الحرب)
قائمة اعضاء المجموعة بقيت سرية (ولكن شاركت الاحزاب العميلة جميعها فيها) ولكن ابراهيم بحر العلوم الذي عينه الامريكان وزيرا للنفط في العراق في ايلول 2003 كان واحدا من المجموعة. حسب جريج موتيت الصحفي ومؤلف كتاب "حطب على النار: النفط والسياسة في العراق المحتل" وقد شرع بحر العلوم بحماسة لمحاولة تنفيذ اهداف المجموعة.

في نفس الوقت ، اجتمع ممثلون من اكسون موبيل وشيفرون وكونوكو فيليبس وهاليبرتون وآخرون مع موظفي ديك تشيني في كانون ثاني 2003 لمناقشة خطط الصناعة العراقية بعد الحرب. وعلى مدى العقد التالي عمل مدراء سابقون وحاليون لشركات النفط الغربية كمديرين لوزارة نفط العراق ثم كمستشارين للحكومة العراقية المنصبة.
قبل الغزو كان هناك أمران فقط يقفان في طريق شركات النفط الغربية للاستحواذ على نفط العراق: صدام حسين والقوانين العراقية. وقد تخلص الغزو من صدام. ومن اجل معالجة القانون جادل البعض داخل وخارج ادارة بوش بأنه ينبغي تغيير قوانين النفط في العراق من قبل الادارة الامريكية التي ادارت العراق من نيسان 2003 الى حزيران 2004 ولكن اختار البيت الابيض الانتظار حتى يضغط على الحكومة المنتخبة لامرار قانون جديد للنفط.
وكان من شأن قانون النفط العراقي الذي كتب مسودته شركات النفط الغربية ، أن يحبس الشعب في ايدي الاستثمار الاجنبي الخاص بشروط مواتية جدا للشركات. وضغطت ادارة بوش على الحكومة العراقية علنا وسرا لتمرير القانون . وفي كانون الثاني 2007 حين حدثت زيادة القوات بمقدار 20 الف وضع الرئيس بوش علامات نجاح محددة للحكومة العراقية بضمنها تشريع قانون النفط الجديد من اجل (تشجيع الاستثمار ووحدة الشعب والمصالحة).
ولكن بسبب معارضة علنية شديدة وبرلمان غير موحد فشلت الحكومة المركزية في تمرير القانون.
في عام 2008 مع احتمال تمرير القانون وتوقع واقتراب الانتخابات في الولايات المتحدة والعراق، اتخذت شركات النفط سبيلا آخر.
بتجاوز البرلمان، بدأت الشركات في توقيع عقود تقدم كل ماكان سيقدمه قانون النفط من تسهيلات وشاركت ادارة بوش في كتابة نماذج العقود.
 وعند مغادرتهم مناصبهم عمل مسؤولو ادارة بوش واوباما مستشارين في شركات النفط . مثلا السفير السابق في العراق زلماي خليلزاد يدير شركة "توفر لشركات النفط الدولية ومتعددة الجنسية فرصا ورؤية ومعرفة غير مسبوقة بالعراق"
وقد افتقدت العقود الجديدة الامان الذي يقدمه هيكل قانوني جديد وقد جادل المشرعون العراقيون بان العقود تخالف القانون الحالي الذي يتطلب ان تسيطر الحكومة على تشغيل وملكية القطاع النفطي في العراق.
ولكن العقود تحقق الهدف الرئيسي لفريق عمل تشيني للطاقة : خصخصة نفط العراق وفتحه لشركات اجنبية خاصة. كما ان العقود تقدم شروطا طويلة الامد وحصص ملكية كبيرة وتقلص من متطلبات ان يبقى نفط العراق في العراق او ان تستثمر الشركات عوائدها في الاقتصاد المحلي او اشتراط تشغيل عمال محليين.
زاد انتاج النفط العراقي بمقدار اكثر من 40% في السنوات الخمسة الاخيرة الى 3 ملايين برميل  في اليوم (وهو مايزال اقل من انتاج 1979 حيث كان 3.5 مليون برميل في اليوم بواسطة شركات تملكها الدولة) ولكن 80%  من هذا الانتاج يصدر خارج البلاد في حين يعاني العراقيون من عدم تلبية الحاجات الاساسية. وقد زاد اجمالي الانتاج المحلي ولكنه بقي من ادنى معدلات الانتاج في العالم وادنى من جيران العراق الاغنياء نفطيا. والخدمات الاساسية مثل الماء والكهرباء تظل نادرة وهناك 25% من السكان فقراء.
ولم يتحقق حلم التوظيف في اعمال الطاقة  فلم يشغل قطاعا النفط والغاز سوى 2% من العمالة والشركات الاجنبية تفضل استيراد العمال من الخارج.
في الاسبابيع القليلة الماضية تظاهر اكثر من 1000 شخص في حقل القرنة الغربي العملاق الذي تستحوذ عليه اكسون موبيل وشركة لوكويل الروسية مطالبين بالوظائف وبتعويضهم عن الاراضي الخاصة التي فقدوها او التي تضررت من العمليات النفطية. وقد استدعي الجيش العراقي لاحتواء المشهد.
وبسبب التضرر من الشركات، اعلنت جماعات مجتمع مدني عراقي ونقابات بضمنها عمال النفط في 15 شباط بأن شركات النفط الدولية "حلت محل القوات الاجنبية في الانتقاص من السيادة العراقية" وينبغي "وضع جدولة للانسحاب"

نعم حرب العراق كانت من اجل النفط وهي حرب كان فيها خاسرون: الشعب العراقي وكل من قتل أو قُتل من اجل رفاهية شركات النفط الكبرى.
+++
مقالة مهمة أخرى عن نفط العراق بقلم انطونيا يوهاز. اقرأ ترجمتها هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق