"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

1‏/2‏/2013

عودا الى مالي والجزائر

كنت قد وعدتكم هنا  بترجمة مقالة حول التدخل الفرنسي في مالي وأثره على الجزائر، وها أني أفي بوعدي ولو متأخرة فمعذرة عن هذا التأخير.
بقلم توني كارتلوجي
ترجمة عشتار العراقية
الأصل نشر في 17 كانون الثاني 2013
بالضبط كما كان متوقعا، امتد التدخل الفرنسي في مالي الى الجزائر - وهي الهدف التالي الاكثر احتمالا للمصالح الغربية الجيوسياسية في المنطقة منذ العملية الناجحة في زعزعة ليبيا في 2011.
في مقالتي للاسبوع الماضي المعنونة (النفاق الفرنسي والقنابل تتساقط على مالي) ، والتي قلت فيها بالتحديد:
"في آب 2011 كتب بروس ريدل من معهد بروكنجز الممول من الشركات العملاقة يقول "الجزائر هي التالية" حيث بشر بأن النجاح في ليبيا سوف يقوي العناصر المتطرفة في الجزائر وخاصة القاعدة في بلاد المغرب،  ومابين العنف المتطرف وتوقع ضربات جوية فرنسية تمنى ريدذل ان يشهد سقوط الحكومة الجزائرية. وقد كتب  يقول " عبرت الجزائر عن قلقها من ان الفوضى في ليبيا قد تؤدي الى ايجاد ملاذ آمن للقاعدة والجهاديين المتطرفين الاخرين. وبفضل الناتو هذا ماحدث فعلا في ليبيا (ملاذ آمن للقاعدة برعاية غربية). القاعدة في بلاد المغرب توجهت الى شمال مالي والان  التدخل الفرنسي سوف يؤدي الى امتداد النزاع الى الحزائر. ومن المهم ملاحظة ان ريدل شارك في تأليف دراسة "اي الطرق الى فارس؟" الذي يدعو علنيا لتسليح منظمة اخرى تعتبرها الولايات المتحدة ارهابية وهي مجاهدي خلق لزعزعة ايران واسقاط الحكومة هناك - وهذا ما يوضح خطة استخدام منظمات ارهابية حسب مقاييس وزارة الخارجية الامريكية لتنفيذ السياسة الخارجية الامريكية "

والآن تقول الاخبار ان (ارهابيين ذوي صلة بالقاعدة) احتجزوا رهائن امريكان في الجزائر فيما يوصف في الصحافة الغربية على انه "امتداد للعمليات الفرنسية في مالي"
ونشرت واشنطن بوست في مقالة (مقاتلون ذو صلة بالقاعدة يحتلون مدمع شركة النفط البريطانية في الجزائر ويحتجزون رهائن انتقاما لمالي) قالت فيه :
"بينما حلقت المروحيات العسكرية الجزائرية في عمق الصحارى ، بات المقاتلون الاسلاميون في مجمع غاز طبيعي هاجموه صباح الاربعاء بعد قتل شخصين واحتجاز عشرات الرهائن الاجانب فيما يعتبر اول امتداد للتدخل الفرنسي في مالي"
وفي مقالتها (مسلحون يحتجزون رهائن امريكان في الزائر) قالت صحيفة وول ستريت جورنال :
"مسلحون لهم علاقة محتملة مع القاعدة احتجزوا 40 رهينة اجنبية بضمنهم عدة امريكان في حقل غاز طبيعي في الجزائر، وهو مستوى جديد من الاخطار تواجه دول تحاول ايقاف النفوذ المتنامي للمتطرفين الاسلاميين في افريقيا"
"وقال وزير الدفاع ليون بانيتا بان الولايات المتحدة سوف تتخذ خطوات ضرورية ومناسبة في قضية الرهائن ولم يستبعد عملية عسكرية. وقال ان الهجوم في الجزائر يمثل امتدادا للعمليات في مالي"
(ملاحظة مني: انظر ماحدث فعلا في ازمة الرهائن هنا حيث قتل اغلب الرهائن مع الارهابيين وقد بلعت الدول الغربية الصدمة ووضعت اللوم على الارهابيين وليس على العملية الفجة للأمن الجزائري)

والعمليات العسكرية العلنية والسرية هي التي سوف تدفع المتطرفين عملاء الغرب وجهود الغرب الكاذبة لايقافهم الى الاقتراب   حثيثا من الحدود المالية - الجزائرية حيث يجري امام اعيننا اعادة رسم الخرائط الاستعمارية الاوربية القديمة.

الامبراطورية الفرنسية ايام مجدها الغابر قبل الحربين العالميتين . المناطق التي اصبحت الان ليبيا والجزائر ومالي وساحل العاج تواجه مرة اخرى غزوا فرنسيا وانجلو امريكي، حيث تحتل القوات الفرنسية فعليا المنطقة وتلعب دورا رئيسيا في تنصيب انظمة عميلة للغرب. ولاحظ سوريا ايضا كانت مستعمرة فرنسية والان تحت الغزو الامريكي البريطاني الفرنسي عن طريق تمويل مسلحين وارهابيين - نفس الارهابيين الذين يزعمون محاربتهم في مالي والان في الجزائر.

في هذه الاثناء، هؤلاء نفس القوى الارهابية التي تستمر في تلقي التمويل والاسلحة والدعم العسكري السري والاعتراف الدبلوماسي من قبل الناتو خاصة الولايات المتحدة وفرنسا اللذين يزعمان محاربة حلفاء "الجيش السوري الحر" الايديولوجيين في شمال افريقيا.

في الواقع ان القاعدة تتيح لامريكا وفرنسا التدخل في الجزائر بعد محاولات في 2011 لاشعال فتيل سياسي قضت عليه الحكومة الجزائرية. القاعدة هي حجة وهي قوات مرتزقة يرسلها الغرب الى الدول المستهدفة . من الواضح ان العمليات الفرنسية تحاول اشعال صراع مسلح في الجزائر اضافة الى احتمال تدخل عسكري غربي يجعل من صراع مالي تبريرا لذلك التدخل.
++
الكاتب والناشط البلجيكي  ميشيل كولون لديه نفس الافكار في حوار نشر اليوم هنا باللغة الفرنسية بعنوان (من الواضح أن الجزائر التالية على القائمة)
لكنه يرى مفارقة جديرة بالتأمل في موضوع فرنسا ومالي والجزائر حيث يقول :
اساسا هناك امران يبدوان غريبين في هذه القضية: في مالي فرنسا هاجمت القوات الاسلامية المتطرفة ولكن هذه ردت بمهاجمة الجزائر وهي الدولة التي عارضت الحرب اصلا ودعت الى الحوار بين الاطراف.
وهذا شيء غير منطقي.
والامر الثاني انهم ارادوا الرد على الهجوم الفرنسي ولكنهم هاجموا شركة النفط البريطانية الخصم والمنافس لشركة توتال الفرنسية وهذا ايضا غير منطقي.
وفي نفس الوقت نعرف ان امريكا وفرنسا والناتو عموما عقدوا تحالفا مع الجماعة الليبية المقاتلة وهي جزء من القاعدة للاطاحة  بحكم القذافي.

هناك تعليقان (2):

  1. لقد كتبتِها مرارا و تكرارا في مدونتك يا عشتار، إن ظهور تنظيم القاعدة بمختلف مسمياته في أي بقعة من العالم يمهد بالضرورة للإحتلال الغربي و الأمريكي على وجه الخصوص، و مايحدث الآن في مالي ليس سوى تمهيدا لتوسيع "الأمبراطورية" في افريقيا.
    بودي اضافة بعض الملاحظات على وجه السرعة فيما تخص الموضوع المطروح:
    أولا: حسب رأيي، ان الولايات المتحدة هي التي تدير المخطط برمته في الشرق الأوسط طبعا و في افريقيا من خلف ستار. و ما فرنسا التي اعادت اندماجها داخل حلف الناتو في عهد ساركوزي سوى احدى الأدوات المنفذة لهذا المخطط...
    الرأي العام الأمريكي، بعد تجربتي افغانستان و العراق اصبح لا يطيق رؤية توابيت المارينز العائدة من جبهات القتال. و هذا ما يفسر تغير الأسلوب مع الرئيس أوباما (جائزة نوبل للسلام) الذي يفضل استخدام الطائرات بدون طيار و ترك لفرنسا لعب دور المحافظين الجددعلى خطى بوش وتشيني و رامسفيلد.

    ثانيا: فرنسا أعلنت رسميا انها تدخلت في مالي في اطار "الحرب على الإرهاب"... و لكن برز مؤخرا خطابا جديدا في بعض الأوساط الإعلامية الفرنسية مثل صحيفة لوموند يؤكد على حق فرنسا في الدفاع عن مصالحها في افريقيا...
    و على كل، فإن أولئك الذين يبررون الحرب بضرورة "مكافحة الإرهاب" أو "حماية المصالح" هم نفس الأشخاص الذين برروا الحرب البشعة ضد ليبيا (000،160 قتيلا) و مساعدة الإرهابيين في كل من ليبيا و سوريا "لأسباب إنسانية"... هذه هي قمة الوقاحة !
    ثالثا: إن عملية اختطاف العشرات من العاملين بمصفاة إن أميناس الجزائرية كان فخا لتوريط الجزائر مباشرة في الحرب الدائرة على حدودها ... و كانت فرنسا و الولايات المتحدة و بريطانيا تعول على استعمال أزمة الرهائن كورقة ضغط على السلطات الجزائرية لحملها على طلب المساعدة لتحرير الرهائن.
    غير ان السرعة التي رد بها الجيش الجزائري على المختطفين بدون اشعار المخابرات الأجنبية فاجأت القوى الإستعمارية و تسبب في امتعاضها و لكنها سرعان ما تراجعت و اقرت بمشروعية "حق الجزائر في الدفاع عن نفسها"... بانتظار فرص جديدة لزعزعة الإستقرار بهذا البلد.

    ردحذف
  2. نعم القاعدة المصنوعة امريكيا هي التبرير العبقري لشن حروب واحتلالات واقامة قواعد قرب اماكن الموارد والثروات في أي مكان. بهذه الطريقة لا يحتاج الغرب الاستعماري ان يختلق تبريرات في كل مرة يريد ان يستولي فيها على منابع الطاقة او ممرات نقلها، بل هي ذريعة واحدة مقنعة: محاربة الارهاب في كل مكان.

    ردحذف