"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

26‏/9‏/2012

حقيقة الهجوم على قنصلية أمريكا في بنغازي

بيتر فان بورين
ترجمةعشتار العراقية
حتى من لايرى ولايسمع يستطيع ان يعرف  ان ماحدث في السفارة الامريكية في بنغازي لم يكن نتيجة احتجاج غاضب عفوي.
اكره نظريات المؤامرة التي تدور على الانترنيت واكره ان اقدم لكم واحدة، ولكن كل الشواهد تؤدي الى نتيجة محددة: الهجوم كان مدبرا ومخططا له بشكل جيد وكان مثل انتقام جراحي لانشطة وكالة المخابرات المركزية الامريكية في المنطقة. لم يكن السفيرستيفنز هو الهدف بل كان فقط في المكان الخطأ والزمن الخطأ. اما مسألة نسب السبب الى غضبة الجماهير من الفيلم المسيء للنبي محمد فقد كان التغطية الأولى التي خطرت على بال الحكومة الامريكية وحين تهاوت تلك الحكاية مثلما تذوي ورقة في المطر، انتقلت وزارة الخارجية الامريكية الى رواية اخرى.
دعونا نرى مالدينا:
- الهجوم لم يكن عفويا. كان هناك عدد كبير من الرجال ربما 125 تقريبا يقاتلون باسلوب منسق مستخدمين اسلحة مثل ار بي جي وهاون على اهداف متعددة.
نعم ، نعم ، هناك الكثير من الليبيين يحملون البنادق والمسدسات ولكن ليس الار بي جي وبالتأكيد ليس الهاونات. كما يبدو ان مايسمى القوات الامنية الليبية التي تحمي القنصلية اما اختفت في الوقت المناسب حسب أوامر، او انها رأت القوة القادمة وهربت للنجاة. هذه المعلومات متوفرة خارج الولايات المتحدة ولكن في داخلها هناك تعتيم.لسبب ما.
- نصف العناصر التي تم اخلاؤها من القنصلية كانوا من السي آي أي . وفي حين انه من المعروف ان وكالة المخابرات المركزية تضع عناصرها في السفارات في الخارج ولكن لم يكن من المعتاد ان يكون نصف البعثة من الوكالة. وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز انه رغم التعاون بين السي آي أي و جهاز المخابرات الليبي في ليبيا مابعد القذافي، فإن حجم الوجود الاستخباراتي الامريكي في بنغازي كما يبدو قد ادهش الليبيين انفسهم. فقد نقل عن نائب رئيس الوزراء الليبي مصطفى ابو شقور قوله في صحيفة وول ستريت جورنال في الاسبوع الماضي انه علم عن بعض العمليات الاميركية الحساسة في بنغازي فقط بعد الهجوم على القنصلية وخاصة حين ظهر في المطار عدد كبير جدا من الأمريكيين الذين تم اخلاؤهم من بنغازي.
- في تقريرها حول العدد الكبير من عناصر السي آي أي في بنغازي وافقت صحيفة نيويورك تايمز على اخفاء مواقعهم وطبيعة مهامهم بطلب من مسؤولين في ادارة اوباما  قالوا ا ن الكشف عن مثل هذه المعلومات يمكن ان يعرض للخطر مستقبل الانشطة الحكومية الحساسة اضافة الى المجازفة بحياة الامريكان العاملين في ظروف خطرة.
- نشرت صحيفة الاندبيندانت البريطانية ان مهاجمي القنصلية هربوا بالوثائق التي تحوي على قوائم الليبيين العاملين مع الاميركان والوثائق المتعلقة بعقود النفط. وهذا يؤكد بقوة ان الهجوم كان تشتيتا  للإنتباه من اجل سرقة هذه الوثائق وان موت السفير كان من قبيل  "الاضرار الجانبية" حسب التعبير الامريكي. وكما يبدو لم يكن الهجوم المنظم يقصد نهب اوسرقة اجهزة  كومبيوتر اوغيرها.
- تساءل الكثيرون عن اسباب ايراد وسائل الاعلام في  بداية الحدث ان اربعة امريكان قتلوا في بنغازي في حين ان هيلاري كلنتون استمرت في ذكر اثنين فقط (السفير ستيفنز وفني الكومبيوتر شون سمث) حسنا. ذلك لأنها لم ترغب في اعلامنا ان الاثنين الاخرين اللذين قتلا كانا "من القوات الخاصة البحرية SEALS" سابقا ويعملان حاليا مقاولين اهليين متعاقدين مع وزارة الخارجية.وحتى حين اقرت كلنتون اخيرا بموت عنصري القوات الخاصة البحرية بعد التغطيات الصحفية الموسعة فإنها ذكرت مهمة احدهما فقط وهي حماية السفير.لم تذكر كلنتون عمدا ماكان يفعله العنصر الاخر في ليبيا. وهذا لأن هذا كان يعمل بمهمة استخباراتية. وكان هذا العنصر قد اخبر شبكة اي بي سي للانباء انه في ليبيا لتتبع وايجاد وتفجير صواريخ ارض جو المحمولة على الكتف. وكانت الولايات المتحدة قد سمحت بادخال هذه الاسلحة الى ليبيا للاستخدام ضد القذافي والان  تريد جمعها مرة اخرى خوفا من استخدامها ضدها. ومثل هذه العمليات ليست مهمة وزارة الخارجية وانما هي في منطقة السي آي أي.
- والخلط والتشويش الذي قامت به وزارة الخارجية حول هويات من يقدمون الحماية في قنصلية بنغازي قد يشير ايضا الى تورط اجهزة حكومية امريكية اخرى. فقد قالت الناطقة بلسان الخارجية الامريكية فكتوريا نولاند في اول الامر "لم يحدث ابدا ان تعاقدنا مع شركة امن خاصة في ليبيا" في حين ان سجلات التعاقد الفدرالية والتي  يمكن بسهولة البحث عنها في جوجل اوضحت ان هناك عقدا لـ"توظيف حراس وخدمات دوريات عسكرية " في 3 آيار مقابل مبلغ 38741368 دولار. والعقد يطلب "شركات امن اجنبية " فقط  فهل كان جواب نولاند نابع عن جهل بالأمر او انها كانت صادقة في قولها قاصدة ان الحراس لم يكونوا من المتعاقدين مع الخارجية؟
حسب موقع دينجر روم Danger Room فإن وزارة الخارجية تحمي سفاراتها في العالم بواسطة مقاولين اهليين تتعاقد معهم من خلال (عقد خدمات الحماية في أنحاء العالم)) حيث تتنافس شركات معينة ومحددة لحماية المرافق الدبلوماسية
في عام 2010 اختارت الوزارة 8 شركات ولم يكن من بين شركة بلو ماونتن Blue Mountain (التي عمل فيها عنصر القوات الخاصة البحرية القتيل) ولم توضح الوزارة لماذا لم يمنح عقد قنصلية بنغازي احدى هذه الشركات الثمان وغير واضح سبب قيام وزارة الخارجية بتأجير شركة اجنبية خارج مظلة العقد ذاك.
- هناك سابقة مشابهة اشهرها في 1991 حين استغلت المخابرات الروسية كي جي بي وجود حريق في السفارة الامريكية في موسكو للتغطية على تفتيشها السفارة والاستيلاء على وثائقها.
 المصدر
انظر مقالات اخرى لموظف وزارة الخارجية الأمريكية بيتر فان بورين هنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا

تعليق: الكاتب هنا لا يقول من قام بالهجوم وانما يحاول أن يبرهن على أن الهجوم لم يكن عفويا نتيجة لحظة غضب وانما مخطط له مسبقا . مسألة مهمة ذكرها هي الاستيلاء على وثائق عقود النفط وأسماء الجواسيس الليبيين. نقطة اخرى مثيرة للاهتمام دهشة المسؤولين الليبيين من حجم الوجود الاستخباراتي الأمريكي!! ولكن هذا حال الدول الجديدة (ذات السيادة والاستقلال) مثل الزوج المغفل: آخر من يعلم.

هناك تعليقان (2):

  1. هذه هي الفاية الاساسية وراء كل ما حدث ويحدث في ما يسمى الربيع العربي.أفضل وانجع وسيلة للسيطرة على سياسة دولة ما هي اختراقها استخباراتيا. هذه هي الطريقة المثلى للتحكم بسياسة العالم من خلال امتلاك القدرة على زعزعة الاستقرار وبث الرعب والفوضى عند الحاجة.
    وهذا هو بالضبط ما قصده بوش الصغير عندما اطلق تهديده الشهير: من لم يكن معنا فهو ضدنا. التهديد الذي تلقته دول العالم, واوربا على وجه الخصوص سريعا, ولكنها لم تتببه الى جديته وخطورته الا بعد فوات الاوان.
    فكلنا يذكر ما حدث في مترو مدريد عندما اعلنت الحكومة الاسبانية عن عزمها سحب قواتها من العراق. بعد اقل من 24 ساعة على تسرب الخبر حدث تفجير المترو في مدريد ليرسل رسالة واضحة الى الحكومة الاسبانية مفادها ان امنكم وامن مواطنيكم بايدينا, فاحذروا. ولكن الحكومة الاسبانية قبلت التحدي بشجاعة غير مسبوقة واصرت على تنفيذ قرارها. فاسقط بيد امريكا ولاذت بالصمت خشية ان يتطور المر ويشجع دولا اخرى على الانسحاب.
    الامر ذاته حدث في لندن مع فارق بسيط. ذلك ان تفحير لندن حدث بعلم وموافقة الساسة البريطانيين لترهيب الشارع الذي بدأ يتحرك للمطالبة بسحب القوات البريطانية من العراق.
    أما افضل مثال على هذه السياسة الخبيثة هو تهديد امن روسيا عن طريق حركة الشيشان التي كم زرعها عن طريق الدويلات المنفصلة عن الاتحاد السوفياتي. هذه الدويلات كانت جوار عبور عملاء المخابرات المريكية الى داخل روسيا مثلما كانت الفوضى في مصر جواز عبورهم الى ليبيا والفوضى في العراق جواز عبورهم الى سوريا.
    اما الدول التي تعجز الاستحبارات الامريكية عن اختراقها استخباراتيا, كما كانت الحال في العراق وفي يوغسلافيا مثلا, فعلاجها الاجتياح العسكري المباشر. وربما فسر لنا ذلك سبب التصعيد العسكري ضد ايران التي عجزت امريكا عن اختراقها استخباراتيا حتى من خلال لعبة التفتيش الشخيفة التي لم تنجح في العراق قبل ذلك.


    تحياتي
    أمير المدمنين

    ردحذف
  2. ابو ذر العربي27 سبتمبر 2012 في 7:18 ص

    كيف نستطيع ان نحكم على دولة ما انها غير مخترقة امنيا ؟ هل بالامنيات مثلا ام بالعواطف ؟
    وهل التبعية و التعاون الامني بين حكومة العمالة في العراق مع الامريكان هي حصانه امنية ايرانية من الاختراق الامريكي ؟
    وهل التخادم الامني بين ايران وعملاؤها مع الامريكان وفي معظم الساحات العربية تحت ما يسمى بالربيع العربي هو حصانة امنية ايرانية ؟
    اعتقد علينا ان نواجه الحقائق ونقولها ولو كانت مرة
    ولكم تحياتي

    ردحذف