"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

31‏/3‏/2012

فاحشة الحرب War Porn - الجزء 1

بقلم: بيبي اسكوبار
ترجمة عشتار العراقية
(ألحقنا بالسرد لقطات من أفلام الفواحش الحربية)
بدأ إدمان القرن الواحد والعشرين على الفواحش الحربية في مساء 11 ايلول 2001 حين اطلقت ادارة جورج بوش "الحرب على الارهاب" التي فسرها الكثيرون على انها شرعنة خبيثة لارهاب الدولة الامريكية ضد الدول التي يدين اغلب سكانها بالاسلام. كانت هذه حرب ارهابية تستخدم فيها الدولة تفوقها التقني الحضري ضد الدول او المجموعات القروية اساسا والاقل حظا من التكنولوجيا. ولم تحتكر الولايات المتحدة هذه الحرب وانما استخدمتها بكين ضد زنجيانغ وروسيا ضد الشيشان.
ومثل الافلام الجنسية، فإن فواحش الحرب تستند الى خيال يصنع فيلما ركيكا. ولكن على عكس تلك الافلام فإن فاحشة الحرب هي الشيء الحقيقي، وعلى عكس الافلام الركيكة الرخيصة ، فإن الناس في الفاحشة العسكرية  يموتون فعلا بأعداد كبيرة.

وقد ترسخت الكذبة التي تختم كل الاكاذيب في جوهر الفحش هذا، مع تسريب مذكرة الحكومة البريطانية في 2005 والتي يؤكد فيها رئيس جهاز المخابرات البريطاني MI6 ان ادارة بوش ارادت ان تطيح بصدام حسين بربط الارهاب الاسلامي بأسلحة دمار شامل غير موجودة. وهكذا وكما تنص المذكرة "تم ترتيب المعلومات الاستخباراتية والحقائق حول هذه السياسة"
في النهاية برز جورج بوش بعقيدته (اما معنا او ضدنا) باعتباره النجم الاوحد في فيلم فاحش ضخم لغزو وتدمير البوابة الشرقية للامة العربية.
الجرنيكا الجديدة *
يمكن النظر الى العراق باعتباره فعلا حرب نجوم الفواحش الحربية- مقدمة لمتتاليات. انظر الى الهجوم الثاني على الفلوجة في اواخر 2004. في ذلك الوقت وصفتها بانها جرنيكا الجديدة. كما سمحت لنفسي ان اقتبس من جان بول سارتر وهو يكتب عن الحرب الجزائرية "بعد الفلوجة لن يلتقي اثنان من الامريكان بدون ان تتمدد بينهما جثة". وللاقتباس من فيلم كوبولا "نهاية العالم الان" كان هناك جثث، جثث في كل مكان.
فرانشسكو فرانكو في الفلوجة كان اياد علاوي، رئيس الوزراء المنصب امريكيا. علاوي هو الذي "طلب" من البنتاغون ان يقصف الفلوجة. في جرنيكا كما في الفلوجة لم يكن هناك تمييز بين المدنيين والمسلحين: كانت القاعدة المطبقة هي "يعيش الموت"
وقد وصف قادة فيالق المارينز الاميركية كما هو مدون الفلوجة على أنها (دار الشيطان). وقد انكر فرانكو المذبحة في جرنيكا والقى باللائمة على السكان المحليين كما فعل علاوي والبنتاغون حين انكرا موت اي مدني واصرا على ان "المتمردين" هم المذنبون.
تحولت الفلوجة الى انقاض وتشرد على الاقل 200 الف من سكانها وقتل الاف المدنيين من اجل "انقاذها" (صدى فيتنام) لم يقل احد في وسائل الاعلام الامريكية السائدة ان الفلوجة هي في الواقع "حلبجة" الأمريكية .
شاهد اطباء الفلوجة جثثا منتفخة ومصفرة بدون اي اصابات ، اضافة الى "أجساد ذائبة" ضحايا النابالم وكوكتيل بوليسترين ووقود النفاثات. وتحدث الناجون عن قصف بغازات سامة وقنابل غريبة يتصاعد منها دخان مثل سحابة بشكل عش الغراب، ثم قطع صغيرة تتساقط من الهواء لها ذيول طويلة من الدخان خلفها. القطع هذه كانت تنفجر متحولة الى نيران كبيرة تحرق الجلد حتى لو رميت مياه 
عليها. (1)
هذا بالضبط مايحدث للناس حين تقصفهم بالنابالم او الفوسفور الابيض.  وكانت الامم المتحدة قد حرمت قصف المدنيين بالنابالم في 1980. والولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي مازالت تستخدم النابالم.
كما قدمت الفلوجة لقطة سينمائية جانبية في هذا الفيلم الفاحش: اعدام المصابين والعزل داخل مسجد. وقد سجل الاعدام في فيلم شاهده الملايين في يوتيوب(2)، وهو يصور القواعد "الخاصة " للاشتباك. كان قادة المارينز يقولون لجنودهم حينها "اطلقوا النار على اي شيء يتحرك واي شيء لا يتحرك" اطلقوا "طلقتين في كل جسد" وفي حالة رؤية رجال في سن التجنيد في شوارع الفلوجة "اقتلوهم" ثم رشوا كل بيت بنيران الرشاشات الالية ومدفعية الدبابات قبل دخوله.
كانت قواعد الاشتباك مدونة بكتيب من 182 صفحة وزع على كل جندي في تشرين اول 2004 من قبل البنتاغون. وكان الدليل يشدد على خمسة قواعد في مكافحة التمرد:"احموا السكان، اقيموا مؤسسات سياسية محلية، عززوا الحكومات المحلية،  اقضوا على قدرات التمرد، واستغلوا المعلومات من المصادر المحلية"
اذا عدنا الى الواقع على الارض: لم تتم حماية سكان الفلوجة بل قصفوا وشردوا خارج مدينتهم. كانت المؤسسات السياسية موجودة: كان مجلس شورى الفلوجة يدير المكان. ولم تكن تقدر حينذاك اي حكومة محلية ان تدير كوم من الانقاض. اما قدرات التمرد فقد زادت وانتشرت الى 22 مدينة اخرى خارجة عن سيطرة الاحتلال. وظل الامريكان بدون اية معلومات او استخبارات من "مصادر محلية" لأنهم استعدوا عليهم كل عقل وكل قلب.
وفي هذه الاثناء في الولايات المتحدة كان معظم السكان لديهم حصانة ضد القواحش الحربية. حين اندلعت فضيحة ابي غريب في ربيع 2004 كنت اتجول حينها في تكساس، استطلع ولاية بوش. تقريبا كل من صادفته وتحدثت اليه من السكان كان يعزو اطلال الاسرى العراقيين الى "تفاحات معطوبة قليلة"  او يدافع عن الجرم لاسباب وطنية قائلا "علينا ان نعلم الارهابيين درسا"
ابو غريب كما خلدها الفنان الكولومبي فرناندو بوتيرو
---------
* جرنيكا هي قرية أسبانية دكها الطيران الألماني عام 1938م أثناء الحرب الأهلية الأسبانية؛ لمصلحة قوات فرانكو الديكتاتور الفاشي، ولتجريب السلاح الكيماوي أيضا. خلدها الرسام بابلو بيكاسو في لوحة شهيرة.
(1) فاحشة الفلوجة
(2) فاحشة جريمة المسجد


الجزء الثاني هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق