"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

15‏/2‏/2012

سوريا وتوازن القوى في المنطقة

بقلم: ديانا جونستون
ترجمة: عشتار العراقية
 لبّ خطاب الدعاية الامريكية  "الحكام المستبدون يقتلون شعوبهم" مكرس خصيصا لتبرير الاجراءات الغربية الشديدة ضد سوريا، وكما في البوسنة، تقوم وسائل الاعلام بإثارة مشاعر الجماهير لتدفعها لاجبار الحكومة الامريكية على فعل ما تفعله اصلا: تسليح المتمردين باسم "حماية المدنيين"
في كانون الاول الماضي، قال مستشار الامن القومي الامريكي توم دانيلون ان "نهاية حكم الاسد سوف يشكل ضربة كبرى لايران في المنطقة، ضربة استراتيجية سوف تحول توازن القوى في المنطقة ضد ايران".
 إن "حماية المدنيين" ليس الهم الوحيد في رؤوس المسؤولين الامريكان. انهم يفكرون بأشياء اخرى مثل توازن القوى، فيما بين حضور صلاة الصباح وخطب حقوق الانسان. على اية حال، فإن توازن القوى هو رفاهية محظورة على قوى مثل روسيا والصين. وبالتأكيد فإن التحول في توازن القوى في المنطقة لا يعني دولة واحدة وهي ايران. وانما يعني زيادة نفوذ اسرائيل طبعا، ولكن كذلك نفوذ الولايات المتحدة والناتو. وأيضا تقليل نفوذ روسيا. 
إن احداث فوضى عارمة في سوريا هو جزء من الحرب ضد ايران، ولكنه ايضا جزء من الدافع لتقليل نفوذ روسيا وبالتالي الصين ايضا. باختصار، الحملة الراهنة ضد سوريا هي تمهيد لحرب مستقبلية ضد ايران ولكنها ايضا نوع من عدوان طويل الامد ضد روسيا والصين.
  الفيتو الروسي الصيني الذي استخدم في مجلس الامن هو محاولة مهذبة لعرقلة هذه العملية. سبب الفيتو كان عزم الغرب على اصدار قرار يطالب القوات الامنية السورية بالانسحاب من المناطق الساخنة بدون اعتبار ان هناك جماعات متمردة مسلحة متهيئة للاستيلاء على المناطق حال انسحاب القوات السورية.    كان القرار الغربي يطالب نظام الاسد "سحب كل الجيش والقوات المسلحة السورية من المدن والعودة الى ثكناتهم الاصلية" وكان الروس يرغبون في اضافة الجملة التالية الى هذا الطلب  "بالتزامن مع نهاية هجمات الجماعات المسلحة ضد المؤسسات والمرافق الحكومية والمدن ". وكان غرض هذا الشرط منع الجماعات المسلحة من انتهاز الفراغ لاحتلال المناطق التي اخليت (كما حدث في ظروف مماثلة في يوغسلافيا خلال التسعينيات). وكان رفض الغرب لكبح جماح المتمردين المسلحين قد اعقبه استخدام الروس والصين للفيتو في 4 شباط.
   وقد اطلق استخدام الفيتو سيلا من الاهانات من "دعاة حقوق الانسان" الغربيين. في محاولة واضحة لاحداث انقسام بين القوتين المعارضتين، ظل المتحدثون الاميركان يؤكدون على ان الشرير الاول هو روسيا المتهمة بالصداقة مع نظام الاسد.


*ديانا جونستون مؤلفة كتاب "حملة الحمقى الصليبية: يوغسلافيا والناتو والأوهام الغربية

هناك تعليق واحد:

  1. العزيزة عشتار سلامي و تحياتي. المقال هام جداً و أكثر من رائع خصوصاً لجهة توجيه أنظارنا نحو رؤية اكثر شمولية و دقة و استيعاباً لأبعاد المشهد في المنطقة. الموقف يرينا حجم المأساة التي تعانيها الامة بإفتقادها قائداً وطنياً و قومياً مستقلاً (بدرجة نادرة) كالقائد الشهيد صدام حسين رحمه الله. إن واحداً من أهم أسباب سعي الإدارة الأمريكية صاحبة المشروع الإمبراطوري الشرير لإسقاط ذلك القائد إنما يكمن في أهميته القصوى في حياة الامة و في نهضتها الحقيقية المستقلة و كون إسقاطه يمثل النقلة الإفتتاحية لإنطلاق الولايات المتحدة في مشاريعها و عبثها بتوازنات المنطقة و هي مطمئنة و معها العملاء من هنا و هناك ، حكومات و معارضات. اليوم يغيب المشروع الوطني و العربي بشكل تام و تتقدم المشاريع الأجنبية لتتصارع و هي مجهزة بكل أدوات و الات القتل الجهنمية و أساليب حديثة و مبتكرة و معززة بكل فنون الدجل الاعلامي و العبث بالعقول و القلوب. اليوم حين يفوز أو ينكسر اياً من المشروعين الأجنبيين المتصارعين على أرضنا لن يفوز العرب لأنهم بالأساس بلا مشروع و لا حساب و لا وزن لهم. هم اليوم أنظمة و معارضات سقطوا في أحضان الأجانب شائوا أم أبوا و حركتهم بهذا الاتجاه تصب في مصلحة هذا الطرف أو ذاك و غدوا مجرد كلمات و شعارات رنانة طنانة تلوكها الأفواه و تعافها النفس الأبية. اليوم حين يفوز أياً من المشروعين سينطلق مهيمناً فارضاً شروطه و أجندته و استحقاقات نصره على المنطقة بشكل أكبر مما يفرضه على الخصم الذي هزمه عبر استخدامه لنا و على أرض منطقتنا. فالقوى الكبرى و القوى الإقليمية المتصارعة هي لا تخوض معركة صفرية فيما بينها و هي لا تخوض المعارك على أرضها و في هكذا معارك عادة ما تختتم في نهايتها بمفاوضات و صفقات و مساومات تكون الشعوب هنا هي الخاسر الوحيد فيها. ما شد انتباهي من عبارات و جمل المقال هذه : إن "حماية المدنيين" ليس الهم الوحيد في رؤوس المسؤولين الامريكان. و أظنها تصلح أن تكون عبارة تهكمية بإمتياز فمتى كان لـ "حماية المدنيين" وجود من الأساس في رؤوس المسؤولين الأمريكان ليكون بعد ذلك لها هم و له ترتيب سواء لجهة كونه أقل أو أكثر أهمية. من الواضح و الأكيد أن مثل هؤلاء المسؤولين الأمريكان انما يعتبرون هذا الامر مجرد مادة لتغذية التهم الاعلامية و عملية علاقات عامة يوظف في اطار حروبهم و غزواتهم. و هكذا هو أيضاً حال الطرف الأخر في المنافسة و في الصراع. فالطرف الإيراني و تابعه بعيد المدى النظام الحاكم في سوريا هو أيضاً و في إطار لعبة السياسة و الصراع ليس بأقل سوءاً أو أفضل حالاً بالنسبة للمواطن البسيط. خالص تقديري و إحترامي

    ردحذف