"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

9‏/2‏/2012

سجن بريطاني سري في جنوب العراق: التحقيق في جريمة حرب

 في مساء يوم 11 نيسان 2003، قامت مروحيتان من سلاح الجو الملكي البريطاني من طراز شينوك CH47 بالتحليق فوق الصحراء الغربية العراقية من أجل الوصول إلى نقطة التقاء بجانب الطريق السريع المؤدي الى الحدود الأردنية.
وقد ابلغ طاقم المروحيتين أن عددا من المعتقلين العراقيين كانوا تحت حراسة مسلحة على جانب الطريق السريع. حيث تم اعتقالهم بعد حلول الظلام ونقلوا الى معسكر اعتقال. ولكن ما أعقب هذا الاعتقال كان مثيرا للتساؤل: ففي تلك الليلة لقي أحد المعتقلين حتفه على متن واحدة من طائرات الهليكوبتر، بعد أن تعرض للضرب حتى الموت على يد أفراد سلاح الجو الملكي البريطاني.
ولكن هذا الحادث دخل في نفق مظلم من السرية، ولم تتحدث عنه وزارة الدفاع البريطانية إلا عندما اطلعت صحيفة الغارديان عليه وبدأت في طرح الأسئلة. وقد مارست وزارة الدفاع درجة غير عادية من العرقلة والتشويش، والتهرب من الأسئلة ليس فقط لأيام بل لأسابيع وأشهر. وعلى إثر ذلك أطلقت شرطة سلاح الجو الملكي البريطاني تحقيقا يحمل الاسم الرمزي الجراف (Operation Raker)، ولكن هذا التحقيق انتهى دون أن يكشف عن أي من الحقائق المهمة التي بقيت مدفونة عميقا، ولم يواجه الجناة المزعومين أي تهم.
وعندما سئلت وزارة الدفاع البريطانية عن الوجهة التي تم اقتياد المعتقلين اليها فقد أشارت في البداية أنهم كانوا في طريقهم إلى معسكر لأسرى الحرب تتم زيارته وتفقده بشكل منتظم من قبل الصليب الأحمر الدولي. ولكن أصبح واضحا في وقت لاحق أن هذا لم يكن صحيحا: فقد تم نقل الأسرى إلى مكان سري تماما، وهو الأمر الخطير الذي يثير بعض التساؤلات حول مشروعية بعض عمليات القوات البريطانية التي نفذت بتعاون وثيق مع حلفاء الولايات المتحدة.
وقد وردت الاشارات الأولى الى أن أمرا مقلقا قد حدث على متن طائرة من طراز شينوك تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني بعد ست سنوات عندما قام المقدم (نيكولاس ميرسر) بالادلاء بشهادته في التحقيق العلني في وفاة بهاء موسى، موظف الاستقبال في فندق ابن الهيثم في البصرة الذي تعرض للتعذيب حتى الموت على يد القوات البريطانية في سبتمبر في تلك السنة. فقد قال ميرسر، والذي كان يحمل منصب المحامي الأقدم للجيش البريطاني في العراق، بأنه حتى قبل وفاة بهاء موسى فقد لقي عراقيون آخرون حتفهم في السجون العسكرية البريطانية في العراق.
وعندما طولبت وزارة الدفاع البريطانية بتوضيح موضوع الوفيات الغامضة للأسرى العاقيين، فقد أشارت الى شخص يدعى Tanik Mahmoud (والاسم الصحيح هو غير ذلك كما سيتبين)، وقالت انه تعرض لاصابة قاتلة بينما كان على متن مروحية سلاح الجو الملكي البريطاني. ولكن الوزارة أضافت بشكل يدعو للحيرة أن سبب وفاته لا يزال مجهولا، وعندما سئلت الوزارة كيف كانت متأكدة أنه كان قد تعرض لاصابة قاتلة ولكنها لم تعرف سبب وفاته، فقد استغرق رد وزارة الدفاع على هذا التساؤل خمسة أسابيع..!

في نهاية المطاف، اعترف مسؤولون بأن سلاح الجو الملكي البريطاني قد تلقى شكوى من مصدر مجهول، وقالوا ان (ثلاثة من أفراد فوج سلاح الجو الملكي البريطاني على متن المروحية قاموا بركل والاعتداء على السيد محمود مما أدى إلى قتله غير المشروع). وقد أثار هذا الاعتراف أسئلة كثيرة أخرى، وظهرت وزارة الدفاع البريطانية في بعض الأحيان مترددة في الإجابة.
وكانت إحدى الأسئلة التي أجابت عليها الوزارة على الفور - في غضون ساعات – أن المعتقلين كانوا في طريقهم الى معسكر بوكا قريبا من ميناء أم قصر، وهو المعتقل الذي كان تحت إشراف المحامين العسكريين وجرى الكشف عليه بشكل منتظم من قبل الصليب الأحمر.. ثم تبين لنا بعد ذلك أن هذه المعلومة كانت كاذبة..!

الأصل الإنجليزي هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق