"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

20‏/12‏/2011

وجه ليون!

بقلم : علي السوداني
(عنوان المقالة الأصلي: بانيتا يا بانيتا)
سنعرج الليلة - عزوتي وأسانيد روحي - عروجاَ مبروكاَ على واقعة حفلة توديع الأمريكان من بلاد مابين القهرين. ربما اكتفينا بلقطة واحدة من تلك الصبحية التي لا شبيه لها في المذلة والمهانة وفقدان الهيبة، الّا لقطة أختها المفزعة التي شاف فيها شعب أمريكا كله، رئيسه جورج دبليو بوش وهو ينضرب بالقندرة، في واقعة تأريخية مهولة حدثت في بغداد العباسية المحتلة قبل سنوات ثلاث. الوجه الذي قدامي الليلة البائرة ، هو وجه بانيتا. أقصد الضابط ليون بانيتا، وزير دفاع أمريكا الوغدة. كان الجنرال الهرم، قعيد دكة عالية ممسرحة قائمة في أخير قواعد الغزاة. على يمينه عسكر أمريكان، وعند شماله عسكر عراقيون، وفي حوش القاعدة، جنود أمريكيون محبطون، وجنديات أمريكيات مكدرات عابسات مصفرات، كأن واحدتهن، عائدة من قضية " حرشة وفض بكارة عزيزة ". جمع قليل من جنده وجندياته السبايا، ينزلون علم النجوم الكثيرة. العلم يهبط الى القاع ببطء مزعج، وبانيتا يرقب المشهد الساقط نحو الأرض. لم أر في حياتي وجهاَ يرسم الحقيقة، كما هو الآن وجه الجنرال بانيتا. أربعة من أصابع شماله، تحكّ قفا رسغه، ورجفة مباغتة تندلع من مكمن تحت عينه اليمنى، ولمعان سائل لاصف -  لم أتيقن منه بقوة - يسيح من منخره السالك. كانت ذروة المنظر، هي في اللحيظة التي تلقّف فيها الجند الأمريكان، علم بلادهم، فلملموه وطووه وصففوه، حتى اذا انخمد وانهمد ونام في صندوق الذكرى، أرتفع من نفس الدكة، علم بلادي الممكنة حتى الآن. في هذه الذروة التي تشبه تنويمة أمّ رافدينية بديعة، صار وجه الجنرال المكسور، بانيتا ابن ام بانيتا، مثل وجه امرأة حائض وفقيرة وسمينة وحلوة، رأيتها مرة تفترش رصيفاَ معلناَ من رصائف علوة سمك علاوي الحلة، التي يصلها بعض القوم الباطرين، بوساطة حنطور الحب المجيد - ثمة سينما زبيدة كما أذكر -. ألمرأة الحلوة القاعدة " ركبة ونص " خلف طشت السمك، كانت توزع الأبتسامات المريحة على زبائن العصر، حيث سيصير سعر السمك قبل انطفاء الشمس، بسعر التراب. ألمرأة الطيبة التي يستعير الوزير بانيتا اليوم وجهها بقوة، كانت لا تبخل على السامعين الشارين الذين في جيوبهم علة، بتنويمة العصر التي يضوع منها، نفح السمك المسكوف " يا لقمة الشبّوط أول طلعته من الشط " حتى تأتيها ابنة حلال دلوعة مغناج ، تحب بعلها، وبعلها يموت عليها، وهي تموت على أمه، فتشيل طشت السمك الجليل، وتفرغه في كونية خيش ام قلم الأحمر، وتدس سعره بيمين المبروكة، دنانير رضا وحلال لا تبور. ثمة مشكلة عظمى في شكل الجنرال بانيتا ابن أبي بانيتا، فوجهه لم يكن مستلاَ من باب الوجه الأمريكاني المتعجرف الشايل خشمه جبلاَ فوق البشر. عندما رأيته أول مرة، ظننته، صاحب كشك صمّون، منزرعاَ بباب المكسيك العليا، أو مالك بانزينخانة مرتفعة على تدويرة صحراء، مرّ به ليلة، الثنائي الجميل ، ترانس هيل وبود سبنسر، وطلبا منه وقوداَ ببلاش، فحرن وعاند، فقام الكاوبويان، بسحله على جهة قفاه، ثم أوقفاه على قائمتيه، وترسا خزان وقود مركوبتهما الرخيصة، بالبانزين وبالضحك، وبكوشر طلقات غير مستردة. شكراَ عملاقة، للمقاومة العراقية الشريفة الشجاعة التي كنست الغزاة، بالبارود أولاَ، وأيضاَ، بالقنادر وبالبصقات، وبالأغنيات، وبشريف الحرف المبين. أللعنة على الغزاة، وبنادق الأيجار التي حولت العراق الى فرجة مجانية ومناحة متصلة. أللعنة عليهم، حتى يرعووا ويعودوا الى بقيا آدميتهم، فيفتحوا باب الأعتذار المعلن، ودفع ثمن كل قطرة دم عراقية طاهرة، فأن لم يصنعوا، فلا حق لهم - الحرامية السماسرة - بذرة واحدة من طعم الكيكة الرافدينية المزينة بالنفط الثمين، أو بالسلاح حتى، أو بالشعر وبالفن الجميل.

alialsoudani2011@gmail.com
عمّان حتى الآن

هناك تعليقان (2):

  1. عشتار العزيزة
    ارجوا الاطلاع على هاذين الفلمين
    للمرة الثانية ارسله لك

    http://www.youtube.com/watch?v=mPahc3_ZmkQ&feature=related

    http://www.youtube.com/watch?v=GxJTwbHdH6k&feature=youtu.be

    ردحذف