المقبرة الجماعية في طرابلس: كذبة أخرى

لابد لكل دكتاتور من مقبرة جماعية واحدة على الأقل تضم  المئات والآلاف من البشر المعذبين. والكذابون وراء هذه الأساطير يفتقرون الى الخيال، لأن السرد واحد في كل الحالات. لا أقول أنه ليس هناك في تاريخ  الدكتاتوريات (والديمقراطيات ايضا) مقابر جماعية، ولكني اقول ان المبالغة والتهويل والكذب يرافقها دائما من اجل شيطنة ذلك الدكتاتور . وتذكروا  دائما في مسائل المقابر الجماعية .. تذكروا دائما .. أن الرئيس صدام حسين لم يعدم بجريمة مقابر جماعية، ولا مقبرة واحدة. السبب؟ لأنه لا أحد يريد أن ينبش حقائق هذه المقابر التي تخدم أغراض الدعاية والبروباغندا .  كل هذا كوم ، ومقبرة القذافي التي وجدت أخيرا في طرابلس كوم آخر: الدعاية تقول فيها 1270 جثة آدمية ، والحقائق تقول ان فيها شوية عظام حيوانات!! فسبحان الذي حول بقدرة المجلس الانتقالي الليبي حيوانات ميتة الى شهداء، ومعذرة لكل شهدائنا في كل مكان.

بي بي سي تكذب
ترجمة وتعليق عشتار العراقية (عن موقع PrisonPlanet)

 نشرت البي بي سي تقريرا في 25 ايلول بأن مقبرة جماعية اكتشفت في محيط سجن ابو سالم في طرابلس، وجد فيها اكثر من 1200 جثة وان الضحايا هم المعتقلون ضحايا مذبحة وقعت في السجن في عام 1996 حين تمرد السجناء بسبب سوء الاحوال في السجن فقتلهم الحراس.
واستندت البي بي سي في كذبتها على مؤتمر صحفي عقده المجلس الانتقالي الليبي ونشرت التقرير بعنوان (اكثر من 1200 جثة في مقبرة جماعية بطرابلس) وفي الواقع ليس هناك جثث ولم يعثر على اي جثة. بل لم يحدث اي حفر ونفس المجلس قال أنه وجدت ( اجزاء من بضعة عظام ) ونفس تقرير البي بي سي يقول ان (الحفر سيبدأ قريبا) فقول البي بي سي أن 1200 جثة وجدت قول كاذب.


تعليق: كذبة نموذجية 
هذه الكذبة نموذجية كما رأينا في اساطير المقابر الجماعية في العراق وفي يوغسلافيا. طريقة الكذب واحدة .
1- الكشف عن عظام مدفونة 
2- تصريح سياسي بأنها مقبرة تضم اكثر من 1200 جثة  (كيف تسنى لهم عد الجثث؟) هل تعرفون ان مقبرة جماعية بعد اكثر من عشرين سنة يعني ان العظام اختلطت مع بعضها البعض وتحتاج الى فرز وتعرف على الهويات؟ وهذا يحتاج الى اسابيع واشهر؟
3- تنسب المقبرة مباشرة الى (جرائم ضد الانسانية ارتكبها عدوهم)
4- يطلع في الاعلام شهود واهالي الضحايا (حتى قبل التعرف على العظام) وينقلب الاعلام الى مناحات للتأثير في الرأي العام العالمي.
حدث هذا كثيرا في العراق بعد الاحتلال. وفي الواقع لم نشاهد مئات الالوف من الضحايا كما كان يقال لنا، كما ان المقابر لم تفحص ولم نعرف من المدفون فيها. (راجع ملف المقابر الجماعية هنا)
مفاجأة : عظام غير بشرية
كذبت البي بي سي ولكن تكذيبها - وياللعجب- جاء من كذابة اخرى هي  السي إن إن، وهذا يعني انه لم يجر اي تنسيق بين الكذابين.
قالت السي إن إن (هنا)
"اعلن مسؤولون في الحكومة الانتقالية  الليبية يوم الاحد انهم عثروا على موقع يشكون انه قبر جماعي رغم انه لم يجر الحفر ولم يعثر على بقايا بشرية. عثر الثوار على الموقع في طرابلس يوم 20 آب كما قال كمال الشريف عضو المجلس الوطني الانتقالي " ان القبر يضم 1270 جثة لمعتقلين قتلوا في  سجن ابو سالم في 1996"
اخذ فريق السي إن إن ووسائل اعلام اخرى الى الموقع وهو ارض طينية لم يجدوا سوى عظام حيوانية.

حفر من قبل أهالي وليس متخصصين عن مقبرة حيوانية

متابعة : وقد نشر أحد المواقع ايضا هذه الصورة وفيها صور قيل انها لضحايا سجن ابو سالم. يعني أن اللعبة الإعلامية اكتملت بالصور والأهالي. ولكن لاحظوا الصورة في اقصى اسفل اليسار مكتوب عليها "مفقود" ، مما يعني ان نفس كذبة الانفال تجري في طرابلس: يعتبرون كل مفقود (لأي سبب كأن يكون قد غادر البلاد، او ربما قتل في مكان آخر) على أنه مدفون في هذه المقبرة الجماعية.