"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

9‏/9‏/2011

محميات البشر المنقرضين

براندون والترز قام بدور نولا 
 شاهدت امس فيلم (استراليا) بطولة نيكول كدمان. الفيلم يروي فترة مهمة من تاريخ استراليا في الثلث الاول من القرن العشرين. والتركيز على حكاية  الاجيال المسروقة stolen generations
يقصد بهم اطفال المواطنين الاصليين (السود) في استراليا الذين يطلق عليهم اسم aboriginals وكانت الحكومة تنتزع هؤلاء الاطفال من اهاليهم وتودعهم في ارساليات تبشيرية للحياة فيها ولكن ليس لخير مستقبلهم وانما كما اظن أنا للتقليل من تكاثر جنس واعراق المواطنين الاصليين والحد من التزاوج فيما بينهم.

الفيلم يروي فترة الحرب مع اليابان وكيف ان اولاد البيض ارسلوا الى أماكن بعيدة لحمايتهم من هجمات محتملة في حين ان الاطفال المسروقين اودعوا ارسالية في جزيرة كانوا يعلمون انها ستكون اول هدف لليابانيين وقد حدث فعلا ان قصفت الجزيرة . الفيلم في ظاهره ضد التمييز ويتعاطف مع السكان الاصليين من خلال رعاية نيكول كدمان (البيضاء جدا والتي لم تفلح حياتها في مزرعة كما يتطلب دورها في الفيلم في اكسابها سمرة شمس) لطفل من السكان الاصليين اسمه نولا.
ولكن الفيلم ينضح بالتمييز وبالنظرة المتعالية البيضاء للاعراق الاصلية. مثلا بعد تمسك كدمان (وهي في الفيلم امرأة عاقر) بالطفل نولا ، ترى في نهاية الفيلم أن عليها ان تنساق لقوة (الطبيعة) في ترك نولا يغادر البيت للتجول في البراري، حيث انها عادة يقوم بها اولاد السكان الاصليين كنوع من طقوس البلوغ. في آخر مشهد يخلع الولد قميصه وحذاءه (الحضاريين) ويرمي بهما وينطلق في البراري.

بماذا يذكركم هذا؟ ببعض افلام امريكية سابقة حول اطلاق دب او أسد أو نمر كان في رعاية بطل الفيلم ثم يرى في النهاية ان مكان ربيبه هو الغابة فيقوم بمشهد مؤثر في النهاية بتوديع حيوانه  الحبيب على حافة البراري ليلتقي بقطيعه وليعيش عيشة سعيدة.

أجبر الانسان الاوربي الابيض المستعمر السكان الاصليين في استراليا او امريكا على التراجع في العيش بمستعمرات او مستوطنات سميت (محميات) وكأنهم كائنات على وشك الانقراض. بالضبط كما نقيم محميات للطيور او الحيوانات البرية الآيلة للانقراض. تصف وكيبيديا حياة الهنود الحمر في محمياتهم هكذا :
"الكثير من الامريكان الاصليين الذين يعيشون في المحميات يتعاملون مع الحكومة الفدرالية من خلال وكالتين : مكتب الشؤون الهندية و جهاز الصحة الهندية "

وكأنهم ليسوا مواطنين أمريكان وانما لاجئون من مكان آخر. وفي وصفهم ايضا "نوع الحياة في المحميات تقارن بالحياة في عالم نام حيث لديهم نفس القضايا من نسبة وفيات الاطفال ومتوسط الحياة وسوء التغذية والفقر والادمان على المخدرات والكحوليات. "

والانسان لا يملك الا ان يتساءل: لماذا ياترى حين ترسل امريكا جيوشها بحجة تمدين العراقيين (المتخلفين) والى افغانستان (التي تعيش في الظلام) والى كل مناطق النفط في العالم ، لا ترسل قواتها لتمدين سكانها الاصليين؟ ولماذا لا تفعل استراليا هذا؟ لماذا يحاط هؤلاء في محميات اشبه بالسجون بحجة (المحافظة على نوع حياتهم التي توارثوها منذ آلاف السنين؟) ولماذا لا يحافظون على نوع حياة الافغان او العراقيين او غيرهم ؟

ولماذا اعتبروا ان قيام صدام حسين بتجفيف الاهوار ومحاولة نقل حياة السكان البدائية الى حياة اكثر تحضرا حيث تتوفر لهم منازل ثابتة على الأرض ومدارس ومستشفيات ، جريمة إبادة جماعية؟ وثارت ثائرة العالم لأنه يدمر (نوع حياة استمرت على وضعها منذ ايام السومريين) !! وهل المفروض ان نترك  جماعات بدائية  في بلاد ما تعيش حياة توارثتها منذ آلاف السنين دون ادماجها في حياتنا العصرية ؟ وإذا كان الأمر كذلك : لماذا نمتدح تطور الانسان من حياة البدائية والتوحش الى الحضارة والتمدن؟ لماذا يحرم البعض من الناس من هذه الميزة؟

هذا مالم ولن أفهمه.

هناك تعليقان (2):

  1. لم تفهميه ولن تفهميه كما لم ولن أفهمه انا ايضا...
    تماما مثل إسقاط النظام الوطني العراقي المستنير لإحلال نظام ظلامي متخلف مدعوم من ايران، او بالاحرى متماهي معها.
    لأن الامر، او كلا الامرين، غير خاضع لمنطق العقل السليم الذي نحاكم به الاشياء او ننظر اليها من خلاله.
    انه ببساطة خاضع لمنطق الاحتلال والهيمنة.

    ردحذف
  2. ابو ذر العربي10 سبتمبر 2011 في 12:44 م

    امريكا منذ ان قامت كدولة طمست تاريخ الهنود الهمر وابادتهم تحت مسميات الاندماج في المجتمع الجديد
    والكيان الصهيوني يعتمد في بقائه على نفس الطريقة الامريكية فهم يقولون ارض بلا شعب وكذلك كل اجناس البيض والمستعمرين لديهم نفس النظرية
    وهم الان في العراق يحاولون خلق جيل جديد ملون امه عراقية ووالده الله اعلم امريكي ايراني او اي جنسيات متعددة اخرى وهذا العمل بالاكراه للحرائر العراقيات مع كل تقديري لاخواتي العراقيات
    ولكنهم نسوا او تناسوا ان العراق هو بلد المعجزات والحضارات وهو الذي علم الامم كيف يتطورون
    فهيهات هيهات لهم وضع العراقيين في محميات
    والعراقيون عليهم من الان ان يعملوا لهؤلاء الاوغادمحميات سياحية ليتفرج عليم العالم
    واستراليا من الدول البيضاء المستعمرة لها ما لهم

    ردحذف