"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

21‏/8‏/2011

محاربو الظل

بقلم كون هالينان
ترجمة عشتار العراقية

على مدى عقود شن الجيش الامريكي حربا سرية في كل قارة على الكرة الارضية تقريبا ولكن للمرة الاولى ، يتحرك كبار ضباط القوات الخاصة SOF خارج الظل الى مراكز القيادة العامة. ويوحي ظهورهم بان الولايات المتحدة تنوي اجراء تغيير هائل في الجيش حيث يحل محل نشر الجنود في العراق وافغانستان: الهجمات الليلية المتسللة والاغتيالات السرية والطائرات بدون طيار.
 
في اوائل هذا الشهر، عين نائب الادميرال روبرت هاروارد - وهو قائد سابق في القوات الخاصة البحرية SEAL التي قتلت مؤخرا اسامة بن لادن -  نائبا لقائد القيادة المركزية ، وهي المنطقة العسكرية التي تضم الشرق اوسط ووسط آسيا . وقائد SEAL آخر هو نائب الادميرال جوزف كرنان استلم المنصب رقم 2 في القيادة الجنوبية التي تغطي امريكا اللاتينية والكاريبي.

ادارة اوباما معجبة جدا بالقوات الخاصة وحسب المراسلين كارين دي يونغ وجريج جاف من الواشنطن بوست فإن الادارة تقوم حاليا بعملية مضاعفة عدد الدول التي تنشط فيها هذه الوحدات من 60 دولة الى 120. وقد ابلغ المتحدث باسم قيادة العمليات الخاصة الكولونيل تيم ناي مراسل موقع صالون بان القوات الخاصة سوف تنشر في 60% من دول العالم. مضيفا "اننا نسافر كثيرا"


وهذا صحيح"لأن قيادة القوات الخاصة تقر بان لديها قوات في كل دولة في الشرق الاوسط تقريبا وفي وسط آسيا اضافة الى دول كثيرة في افريقيا وجنوب شرق آسيا وامريكا اللاتينية . ولكنها تبقي اسماء تلك الدول سرية.

وقد تضاعف عديد هذه القوات في العقدين الاخيرين من 37 ألف الى مايقارب 60 الف وهناك خطط مستقبلية لزيادة القوات . وقد قفزت ميزانيتهم من 2.3 بليون دولار الى 9.8 بليون دولار على مدى العشر سنوات الاخيرة.

وتشمل هذه القوات الخاصة
القوات الخاصة البحرية SEAL
وفرق العمليات الخاصة البحرية
وقوة دلتا في الجيش
كوماندوز القوة الجوية
رينجرز وبيريهات خضر
وهناك ايضا السي آي أي التي تدير حروب الطيارات بدون طيار في باكستان واليمن والصومال.

تزداد صعوبة التمييز بين العمليات المدنية والعسكرية فإن ليون بانيتا المديرالسابق للسي آي أي اصبح الان وزيرا للدفاع في حين ان القائد في افغانستان الجنرال ديفد بترايوس وهو خبير في عمليات مكافحة الارهاب اصبح مديرا لوكالة المخابرات المركزية ، وكلا الرجلين عملا بشكل وثيق مع وحدات القوات الخاصة. خاصة بترايوس ال>ي زاد منعمليات المداهمات الليلية في العراق وافغانستان وهي عمليات تهدف الى قتل قيادات المتمردين ولكنها ادت الى غضب في كلا البلدين.

وتقوم هذه العمليات اساسا على بلاغات واخباريات من امراء الحرب المحليين وهم عادة يهدفون منها الى الخلاص من اعدائهم او منافسيهم. وبسبب سرية العمليات يستحيل تقريبا التحقيق فيها حين تحدث اخطاء.

يقول تقرير صدر اخيرا عن السي آي اي ان حرب طيارات بدون طيار في باكستان قتلت منذ آيار 2010 اكثر من 600 متمرد ليس فيهم مدني واحد. ولكن تقرير من مكتب الصحافة التحقيقية في جامعة سيتي في لندن يقول ان هناك شواهد صادقة انه على الاقل 45 من العزل قد قتلوا خلال هذه الفترة والارقام الباكستانية اعلى بكثير.
وبدلا من اعادة النظر في سياسة الهجمات الليلية واستخدام الطائرات بدون طيار فإن هذه التكتيكات تتوسع الى اماكن مثل اليمن والصومال وليبيا ، والسؤال هو : من التالي على القائمة ؟

امريكا اللاتينية هي احد المرشحين.
في وثائق سربها موقع وكيليكس اتضح  ان هناك تنسيقا وثيقا بين الجناح اليمين وهم جماعات انفصالية في شرق بوليفيا (حيث معظم احتياطيات الغاز الطبيعي موجودة . شلون مصادفة ) والسفارة الامريكية . تشر البرقيات ان السفارة التقت بجنرالات معارضين وافقوا على الوقوف جانبا في حال حدث انقلاب يميني ضد حكومة ايفو موراليس التي تميل الى اليسار. اطيح بالانقلاب وطردت بوليفيا السفير الامريكي فيليب غولدبيرغ بسبب تدخله بالسياسة الداخلية.

وللولايات المتحدة تاريخ طويل اسود في دعم الانقلابات في امريكا  اللاتينية واحيانا هندستها والكثير في المنطقة قلقون من اعادة موضعة الاسطول الامريكي الرابع وهو اداة من ايام الحرب الباردة ويراقب 30 بلدا في المنطقة . وبسبب دعم ادارة اوباما للحكومة الانقلابية في هندوراس والعدائية الاميركية الظاهرة تجاه هيوجو شافيز في فنزويلا والان تسريبات وكيليكس حول بوليفيا وفكرة تعيين (محارب ظل) قائدا ثانيا في القيادة الجنوبية كل هذا من دواعي قلق الحكومات في المنطقة.

لقد اصبحت القوات الخاصة جيشا موازيا. في 2002 منحت العمليات الخاصة صلاحية خلق قوات مهامهم بانفسهم ، بعيدا عن تشكيلات الجيش مثل القيادة المركزية والجنوبية. في 2011 سمح لهم بالتصرف والسيطرة على ميزانيتهم وتدريبهم ومعداتهم بالاستقلال عن ادارات الجيش والبحرية والقوة الجوية . واذا بحثنا عن مناظر تاريخي ، يخطر على الذهن الحرس البريتوري لاباطرة روما.
هناك دعاية اشبه بعبادة للقوات الخاصة غذتها وسائط الاعلام و هوليوود وهي ان القوات الخاصة قوية ومستقلة ولايمكن القضاء عليها. وقد داعبت قصة قتل بن لادن الخيال وحسب نيويورك تايمز سوف تتحول القصة الى فيلم تلفزيوني يطلق قبل انتخابات 2012. وقد قال ضابط كبير في وزارة الدفاع للمؤلف نيكولاس شمدل متبجحا ان مهمة بن لادن كانت مجرد "واحدة من الفين مهمة خلال السنتين الاخريتين ليلة بعد ليلة" واضاف ان هذه الهجمات مجرد روتين وليس شيئا فريدا "إنها مثل قص حشيش الحديقة"

ولكن الحرب لا يمكن ان تكون مثل قص حشيش الحديقة كما ادرك 38 عنصرا نم قوات خاصة امريكية وافغانية في ليلة 6 آب حين وقعت مروحيتهم الشينوك في فخ مرسوم بعناية جنوب العاصمة كابول.

قال مسؤول حكومي افغاني كبير لوكالة الاخبار الفرنسية "كان فخا نصبه قائد من طالبان هو قاري طاهر الذي روج قصة اجتماع لطالبان يجري في ذلك المكان وحين ذهبت وحدة الرينجرز لمهاجمة الاجتماع وجدوا مقاتلي طالبان ينتظرونهم .

لقد قضت طالبان سنوات عدة في التدريب على مثل هذا الحدث في وادي كورينغال المحادد لباكستان. وطبقا لتقرير الواشنطن بوست في 2009 "بعنوان "طالبان تفاجيء القوات الامريكية بتكتيكات مطورة" وحسب التقرير فإن الوادي كان ميدان تدريب للتعرف على الوقت الذي يستغرقه الرد الامريكي بالمدفعية وبالضربات الجوية وهجمات المروحيات.كانت طالبان تعرف الطريق الذيسوف تسلكه المروحية وهو الطريق الوحيد ولهذا تمركزوا على جانبي الوادي بين الجبال وحين اقتربت المروحية هاجموها بالصواريخ. وحالما سقطت المروحية توقفت قوات طالبان عن الهجوم واختفت.

إن القوات الخاصة ليست عصية على الدمير وليست حلا للعالم الخطر الذي نعيش فيه والصفات التي تجعلهم قوة فعالة : التسلل والسرية هي في صراع عميق مع القوات المسلحة التي يقودها المدنيون، وهذه الاخيرة هي حجر الزاوية في ديمقراطيتنا.

وكما قال الادميرال اريك اولسون الرئيس السابق للعمليات الخاصة مؤخرا في منتدى الامن في معهد اسبين ان وجود قوات خاصة في 120 دولة "يعتمد على قدرتنا على عدم التحدث حولها" وكل الذي يريده الجيش هو "رجوعنا الى الظل"

وهذه هي بالضبط المشكلة.

 

هناك تعليق واحد:

  1. يبدو ان الادارة الامريكية وبعدتجربيها المرة وخسائرها الجسيمة في الجنود والمعدات والاقتصاد في حربها في العراق وافغانستان قد وصلت الى قناعة انها لن تحسم الحرب لصالحها ولهذا لجات الى وسيلة القوات الخاصة السرية كي تشعر المقاومات ضدها بانها لا زالت قوية وتستطيع الاستمرار في الحرب خوفا من هزيمتها المدوية0 وبالمقابل على القوى الثورية ان تغير من اساليب عملها ايضا طبقا للمعطى الجديد لسحب هذه الورقة من ايدي امريكا وجعلها تقعد ملومة مخذولة 0وتشدشد الضربات على قواتها بعد كشف مواقعها السرية0 وما النصر الا من عتد الله العزيز الحميد0

    ردحذف