"المدونة محمية بميثاق الشرف. أرجو الإشارة الى اسم (غار عشتار) والكاتبة (عشتار العراقية) عند إعادة النشر"

31‏/8‏/2011

هجمة الإستيلاء على الأراضي الزراعية حول العالم-3

الحلقات السابقة: الأولى - الثانية
ترجمة عشتار العراقية
فلاحون من اثيوبيا
 تحديد المصطلحات كان موضع جدل كبير. رغم ان كلا من المستثمرين والدول المضيفة غالبا مايشيرون الى الارض المشتراة على انها (بور او جرداء)، فإن الصفقات تقوم بتهجير رعاة الاغنام والفلاحين الصغار، الذين لا يؤخذ رأيهم وهم في كل الحالات لايملكون الاوراق  القانونية المثبتة لحقهم. ويقدر البنك الدولي انه بين 2-10 بالمائة من اراضي افريقيا تخضع لحيازة رسمية ومعظمها يقع في المناطق الحضرية. وقد ابلغ الاثيوبي نايكو اوشالا الكاتب فيدال "الشركات الاجنبية تأتي بأعداد كبيرة وتحرم الناس من الارض التي استغلوها لقرون" والصفقات تعقد سرا "الشيء الوحيد الذي يراه المحليون هو مجيء اشخاص مع الكثير من  التراكتورات لغزو اراضيهم"

وفيما يتهافت المستثمرون الاجانب من المشيخات العربية والهند وكوريا الجنوبية والصين ودول اخرى، يتم تهجير مئات الالوف من الاثيوبيين وينظر للكثير منهم على انهم (مستقطنون) ويطردون بالقوة بدون تعويضات. كما قال فريدريك موسو مدير السياسة في معهد اوكلاند في بيان صحفي.

وللمفارقة فإن الاهداف الرئيسية للاستثمار الزراعي الاجنبي يشمل افقر بلاد العالم : اثيوبيا حيث يتسلم 13 مليون انسان معونات غذائية دولية و 41% يعانون من سوء التغذية. والذي يشرف على النقل الهائل لموارد البلاد الى الشركات الاجنبية هو رئيس الوزراء ميليس زيناوي . ويملك أحد الاحزاب التي يهيمن عليها وهو جبهة تحرير شعب تجرايان ، على الاقل 5 شركات شبه رسمية تمتلك أكبر الأسهم في سوق الانتاج الزراعي. ويقول تقرير كتب بعناية صادر عن البنك الدولي في 2009 "في اثيوبيا هناك انطباع بأن مشاريع الوقف وتلك المملوكة للدولة تنتفع من امتيازات القرب من صانعي السياسة وامكانية الحصول على الموارد وهم قادرون نتيجة لذلك على رجحان كفتهم في منافسة غير عادلة."

وقد منح نظام زيناوي 1.48 مليون هكتارا لهيئات اجنبية . ومنذ 2007 وافق على 815 مشروعا زراعيا اجنبي التمويل ويعرض الان على الاقل 7.4 مليون هكتارا بعضها مقابل 40 سنت لكل هكتار في السنة حسبما نشرت صحيفتا ميل والجارديان.
وطبقا للكاتب نبيو اياسو في بامبازوكا للاخبار "كاروتوري وهي شركة هندية تملك مناطق شاسعة ومتورطة بقوة في حرق غابات واراض رعوية لتفسح المجال لاقامة مزرعة وقود حيوي"

والتعويض إذا دفع فهو زهيد. في منطقة غامبيلا في اثيوبيا هجرت 45 الف عائلة من 49 قرية  كما قال الكاتب الاثيوبي الاصل فكري تولوسا "سوف يعاد تسكينهم ليس بعيدا عن الاراضي التي انتزعت منهم لأنهم سيكونون مورد قوة عاملة رخيصة اذا تطلب الامر . بعد ان فقدوا مساحات واسعة من الارض يملكون الان قطعة صغيرة جدا منها لكل عائلة "

الاستعمار في القرن الواحد والعشرين

بينما تسلب الاراضي من الفقراء ، يغتني المستثمرون الاجانب حيث يحصلون على 25% من  الارباح ويتمتعون بانعدام قوانين البيئة والعمالة كما هو مألوف في الدول الفقيرة والفاسدة ويقول تقرير الفاو "انعدام الشفافية والمراقبة في مفاوضات التعاقد يخلق ارض خصبة للفساد وينتج عن  ذلك صفقات لا تراعي مصالح الجماهير"
وإذا كان يمكن الاستدلال بالتاريخ فإن الزراعة الأحادية الصناعية سوف تستنزف التربة والمياه واستخدام الكيماويات بشكل اسمدة و مبيدات حشرات ومبيدات اعشاب سوف تسمم البيئة، كما أن الأمراض سوف تساهم في خنق التنوع البيولوجي.
ولكن حتى حين تفرض الحكومات المضيفة قيودا واجراءات حماية في العقود فإنها لا تطبق . ويقول مستثمر اجنبي في اثيوبيا "اتفاقنا مع الحكومة تجاري بحت. الحكومة تطلب منا ايجارا ومانفعله في الارض لاغراضنا التجارية لا يعني احدا غيرنا. ليس هناك قيود ، ولا عقود ولا اي شيء آخر"
شروط صفقات الاراضي في اثيوبيا خاضعة لارادة زيناوي الذي (اعيد انتخابه) العام الماضي بنسبة 99.6%، اقل من 99.9% في 2008. وكانت وزارة الخارجية الامريكية قد اتهمت نظامه الشمولي بانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان بضمنها الاغتيال السياسي والتعذيب لدى اجهزة الامن الرسمية .

وكان للاستيلاء على الاراضي في مقاطعات غامبيلا واوروميا في اثيوبيا عناصر التطهير العرقي كما يقول رشيد سنغولو رئيس جمعية اورومو في ايرلندة وهي رابطة غير ربحية تسعى الى دمج المتحدرين من اوروميا في المجتمع الايرلندي. "فالممتلكات التي في حوزة الاوروميين وهم اكبر جماعة اثنية في اثيوبيا قد بيعت انتقائيا للمستثمرين الاجانب "كنوع من العقاب والنهب لهذه المجتمعات التي تتعاطف مع جماعات سياسية معارضة مثل اولف (جبهة التحرير الاورومية) وقد شرد وهجر الاوروميون وفرضت عليهم الحياة في معسكرات اللاجئين في انحاء العالم وفي شكل من اشكال عبودية العصر الحديث نتيجة  للاستعمار في القرن الواحد والعشرين"

للحديث بقية .. في الحلقة القادمة امبراطورية السعودي محمد العمودي في اثيوبيا.

هناك تعليق واحد:

  1. جياد التميمي2 سبتمبر 2011 في 12:03 ص

    كم أبغض هذا الغول الكبير المسمى " الاستثمار الأجنبي " لا يأتي بخير أبدا في جميع المجالات .. خاصة و هو يحدث في ظل تواطئ السلطات المحلية .

    و ياريت هذا الاستثمار الأجنبي يفيد أهل الأرض .. سنجد إن مستعمرات الاستثمار الاجنبي في أثيوبيا قرى تعصرها المجاعة !! ثم يتصدق عليها الاجنبي بما يسمى بالتبرعات !!

    يستغلون الأرض و طينها الخصب ، يشعلون الحروب الأهلية و النزعات القبلية ، يسرقون الثروات و يستهلكون المياة ... يتاجرون بالبشر كعمالة رخيصة ! ثم يتصدقون بالفتات ..!

    حقيقة هذا الموضوع مؤلم جدا .. شكرا استاذة عشتار لفتحه و التذكير به .

    ردحذف